الأساس المنطقي
إن تحليل الوضع أمر ضروري حتى يتسنى تقديم تدخلات رعاية عالية الجودة في المرافق الصحية، وتخطيط كل العناصر الأساسية الداعمة لها. وقد يمثل الوقت المُستغرق للالتزام ببروتوكول الإدارة المتكاملة لصحة الطفل عائقاً في المرافق الصحية المثقلة بعبء مرتفع من الحالات المرضية إذا قام بذلك شخص واحد فقط من مقدمي الرعاية الصحية بدون مشاركة المسئوليات مع الآخرين في نفس المرفق الصحي.
وتوجد عدة نُهج مطبقة في الإقليم في هذا الشأن، من ضمنها إعادة تنظيم العمل في المرفق الصحي الذي يعمل به أكثر من مقدم رعاية صحية واحد - ويشمل ذلك الأطباء، والمساعدين الطبيين، والممرضات، والقابلات، والمتطوعين في مجال الصحة - حيث يُعاد توزيع المهام من أجل تقديم رعاية عالية الجودة في حدود الموارد المتاحة.
ولقد تم تحديد 3 خطوات أساسية لهذا الغرض، ألا وهي: الفرز، والتدبير العلاجي السريري، والمشورة.
الفرز
عندما يصل الأطفال إلى المرفق الصحي، ينبغي تقييم حالتهم سريعاً لتحديد الأطفال المشتد عليهم المرض، والذين يجب أن يفحصهم الطبيب أو المساعد الطبي دون أي تأخير. فعلى سبيل المثال، الطفل الذي يعاني من النُّوام، أو الذي يكون فاقد الوعي، أو غير القادر على الشرب أو الرضاعة الطبيعية، أو الذي يعاني من الاختلاج، أو القيء يلزمه الحصول على الاهتمام على نحو عاجل.
ويمكن تعلم المهارات الأساسية للقيام بتلك المهام من خلال دورة تدريبية لموظفي المهن الطبية المساعدة، تركز بشكل خاص على الفرز.
وتوجد بعض المهام الأخرى التي يمكن إجراؤها للطفل قبل أن يفحصه الطبيب السريري، مثل القيام بوزن الطفل، وفحص حرارته، وفحص الوضع التمنيعي، وغيرها. وبهذا، يتم مسبقاً تحديد الأطفال الذين يتدنى وزنهم عن الوزن الطبيعي المناسب لأعمارهم ويحتاجون إلى مشورة بشأن التغذية، وكذلك تحديد الأطفال المصابين بالحمى ويلزم تقييم بعض العلامات والأعراض لديهم.
ولقد تلقت فئات مختارة من مقدمي الرعاية الصحية في بعض بلدان الإقليم تدريباً على المهام المكلفين بها حديثاً من خلال دورات تدريبية أقصر من حيث المدة أو قائمة على الكفاءة.
ويساهم الفحص المسبق للأطفال المرضى، والذي تم التمكن من تطبيقه من خلال التدريب وإعادة توزيع المهام، في توفير الوقت وقد يكون له أيضاً أثر إيجابي على التدبير العلاجي الشامل للطفل.
التدبير العلاجي السريري
من المفيد إدراج البروتوكولات السريرية بقدر الإمكان. عادةً ما يكون مقدم الرعاية الصحية الذي يقدم خدمات على مستوى الرعاية الصحية الأولية شخص واحد، بغض النظر عما إذا كانت المبادئ التوجيهية من برنامجٍ أو آخر.
وتمثل جهود إدراج المبادئ التوجيهية للتدبير العلاجي السريري إحدى خصائص الإدارة المتكاملة لصحة الطفل، حيث تستخدم الإدارة المتكاملة لصحة الطفل نهجاً شاملاً للتدبير العلاجي للطفل ومبادئ توجيهية يسترشد بها مقدم الرعاية الصحية من خلال خطوات أساسية لعملية الفحص السريري، بدءاً من التقييم إلى التصنيف، والعلاج، والمشورة.
وإذا تم تطبيق الفرز بالنسبة للأطفال، يستطيع الطبيب أو المساعد الطبي أن يستغل وقته في التركيز على الفحص السريري للطفل المريض ووصف العلاج اللازم لحالته.
ويتم حالياً اتباع بروتوكولات الإدارة المتكاملة لصحة الطفل التي تم تكييفها قطرياً بوصفها معيار للتدبير العلاجي للأطفال دون سن الخامسة، وذلك في البلدان والمناطق التي تطبق الإدارة المتكاملة لصحة الطفل.
وتأكيداً على أهمية المشورة بوصفها مهمة أساسية في التدبير العلاجي للحالات، تطلب العديد من بلدان الإقليم قيام الطبيب أو المساعد الطبي بهذه المهمة كجزء من نهج الإدارة المتكاملة لصحة الطفل، بينما في بلدان أخرى يتم إسناد هذه المهمة لموظفي المهن الطبية المساعدة. ويعتمد أيضاً قرار تحديد المنوط به القيام بهذه المهمة على وضع التوظيف في المرفق الصحي.
كتيب مخطط الإدارة المتكاملة لصحة الطفل
المشورة
إن إسداء المشورة للمنوط بهم تقديم الرعاية للأطفال هو أحد الجوانب الأساسية للتدبير العلاجي الشامل. وعادةً ما يتم إسناد رعاية الطفل إلى المنوط بهم تقديم الرعاية له في المنزل، سواء كان ذلك مرتبطاً بإعطاء الأدوية (المضادات الحيوية، ومضادات الملاريا)، والتغذية، وإعطاء السوائل، أو الحصول على الرعاية في حينها. وعليه، ينبغي إسداء المشورة على النحو الصحيح للمنوط بهم تقديم الرعاية.
وقد يتطلب إسداء المشورة مهارات تواصل شخصية لا يتم عادةً تعلمها بصورة كافية في الكليات الطبية وكليات المهن الصحية المساعدة. وقد يُنظَر أحياناً إلى مهمة مقدمي الرعاية الصحية على أنها مضيعة للوقت وليست على نفس الدرجة من الأهمية مقارنة بمهام أخرى.
ونتيجةً لذلك، يوجد قصور في إسداء المشورة للمنوط بهم تقديم الرعاية بشأن كيفية رعاية أطفالهم في المنزل، وبالتالي لا يقدمون لهم الرعاية كما ينبغي أن تكون.
وعلى الرغم من احتمال الحصول على المشورة من مقدم الرعاية الصحية، إلا أنه قد لا يتسنى للطفل الحصول على الرعاية الواجبة، وبالتالي تكون النتيجة سيئة. وقد يلزم بناءً على ذلك طلب مزيد من المشاورات إذا لم يطرأ أي تحسن على حالة الطفل، وإهدار موارد الأسرة والنظام الصحي.
ويؤكد التدريب الخاص بالإدارة المتكاملة لصحة الطفل ومتابعته على أهمية المشورة. ويمكن أن تُقدَّم المشورة بواسطة الطبيب أو المساعد الطبي أو أي من الموظفين المتواجدين في المرفق الصحي، مثل الممرضات، أو معلمي التغذية، أو المتطوعين في مجال الصحة عقب تلقيهم التدريب المناسب.