استئصال شلل الأطفال
اندلعَت فاشيات شلل الأطفال في الجمهورية العربية السورية وفي الصومال، وقد كان ذلك بمثابة ضربة خطيرة لما حققه البرنامج العالمي لاستئصال شلل الأطفال من تقدم، وتهديد يتربص بجميع البلدان. وفي واقع الحال، فإن فاشية شلل الأطفال في الصومال، والتي نجمَت عن وفادة الفيروس من نيجيريا، قد ضربت أيضاً جارتيها كينيا وأوغندا. واستجابةً لهذه الأوضاع، اعتمدَت اللجنة الإقليمية قراراً حول تكثيف الجهود المبذولة لاستئصال شلل الأطفال في الإقليم؛ وهو القرار الذي أعلن انتشار الفيروس البري طارئة لجميع الدول الأعضاء في الإقليم، وأعاد التأكيد على الأهمية البالغة لإيقاف السراية المتواصلة للفيروس في باكستان وأفغانستان.
وتماشياً مع هذا القرار، فقد أُعدَّت خطط استراتيجية شاملة بالتنسيق مع الحكومات الوطنية والشركاء من أجل مكافحة الفاشيات. وقد تم مراجعة الاستجابات لهذه الفاشية المتعددة البلدان، وأُعدَّت خطط الاستجابة للمرحلة الثانية استناداً إلى تطوُّر الخصائص الوبائية للمرض وإلى الدروس المستفادة.
وشهد كل من الصومال والجمهورية العربية السورية تفعيل عدد من الاستراتيجيات التي تستهدف رفع مستوى مناعة السكان المباشرة، ومكافحة الفاشيات، بما في ذلك استخدام اللقاح الثنائي التكافؤ، وإعطاء جرعات إضافية بفواصل زمنية قصيرة، وإنشاء نقاط دائمة للتطعيم في مناطق العبور الحدودية، وفرق التطعيم التي تعمل دون لفت الأنظار إليها، والتجهيز المسبق للقاح، وتوسيع نطاق الفئات العمرية التي تتلقَّى التطعيم. وقد كانت الشراكة القوية في العمل بين جميع الشركاء أمراً مهماً في التصدِّي للتطورات الوبائية المستجدَّة والمتغيرة. كما كان للتنسيق بين المكتبين الإقليميين للمنظمة لشرق المتوسط ولأفريقيا أثر إيجابي في مكافحة الفاشية. وتم تنفيذ حملات تطعيم وقائية في البلدان المعرضة لمخاطر خاصة، ومنها مصر والأردن والعراق ولبنان وفلسطين واليمن، مع التركيز بشكل خاص على اللاجئين والمهاجرين النازحين داخلياً.
أما في ما يتعلق بالبلدَيْن اللذَيْن تتواصل فيهما سراية فيروس شلل الأطفال، فقد تحقَّق تقدُّم واضح في أفغانستان الذي أضحت السراية تخضع لسيطرة جيدة في الجزء الجنوبي الموطون في البلاد. ولم يتم الإبلاغ إلا عن حالة واحدة من الجزء الموطون في المنطقة الجنوبية؛ أما الحالات الأخرى فقد أبلغ عنها في المنطقة الشرقية للبلاد، وأظهر تحليل االتسلسل الوراثي وجود رابطٍ قوي مع فيروس شلل الأطفال في باكستان. ولا يزال التحدِّي الرئيسي يتمثَّل في تعذُّر الحفاظ على معدل مرتفع للتغطية بلقاح شلل الأطفال الفموي في الأقاليم الشرقية، ولاسيّما كونار. أما في باكستان، فقد تدهور الوضع، ويعود ذلك بصورة كبيرة إلى الصراعات وتواصل حظر الجماعات المسلحة للتمنيع، وانعدام الأمن، وتواصل قتل العاملين الميدانيين في استئصال شلل الأطفال. وتواصل وجود شلل الأطفال في المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية، وفي ولاية خيبر باختونخوا المجاورة، إذ كانت المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية مصدراً لـ 66 حالة من مجمل الحالات التي أبلغت عنها باكستان وعددها 93 حالة. وقد أسفرت العملية العسكرية في وكالة وزيرستان الشمالية بالمناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية عن هجرة سكانية هائلة إلى المناطق المتاخمة لباكستان وأفغانستان. والبرنامج يعمل على رصد هذه التنقلات ويوفر التمنيع في نقاط العبور، وفي المخيمات، وفي المجتمعات المضيفة.
وقدَّمَت منظمة الصحة العالمية الدعم بموارد بشرية إضافية إلى كل من أفغانستان وباكستان والصومال والجمهورية العربية السورية والدول المجاورة لها، واعتمدت جميع المختبرات الوطنية لشلل الأطفال، وتواصل تقديم الدعم لخدمات إعادة التأهيل في باكستان للأطفال الذين أصيبوا بالشلل.
وقد وضعَت منظمة الصحة العالمية المزيد من التركيز في عام 2013 على البلدان ذات الأولوية في استئصال شلل الأطفال. فقد أرسل المدير الإقليمي بعثات للدعوة في المناطق المتضررة، وتم تشكيل فريق استشاري إسلامي رفيع المستوى. كما تمت تقوية التنسيق عبر الحدود والتعاون بين الأقاليم، فأُجريَت مشاورات متعددة بغرض تنسيق الدعم الذي يقدِّمه الشركاء، فضلاً عن تقديم المزيد من الدعم المالي المباشر.
الإيدز والسل والملاريا والأمراض المدارية
تشير التقديرات إلى أن عدد المتعايشين مع فيروس الإيدز في إقليم شرق المتوسط في عام 2012 بلغ 280 ألف نسمة، فيهم 17 ألفاً من الأطفال، وأن هناك 42 ألف حالة عدوى جديدة بالإيدز حدثت في عام 2013، وهذا ما يشير إلى تفاقم وباء الإيدز بوتيرة أسرع من التحسينات التي تحقَّقت من حيث إتاحة الوقاية من الإيدز وتشخيصه ورعاية مرضاه وتقديم خدمات المعالجة لهم. ولا تزال التغطية بالمعالجة بالأدوية المضادة للفيروسات القهقرية في الإقليم في أقل مستوى لها في العالم، إذ وصلت إلى 20% ممن يحتاجون إليها، وهذا الانخفاض يعزَى إلى تراكم الفجوات ومواطن القصور في برامج واستراتيجيات مكافحة الإيدز المعمول بها في الوقت الراهن. وتكمن أكبر الفجوات في القدرة على خلق وتلبية الطلب على خدمات اختبار فيروس الإيدز، الذي يعدُّ السبيل إلى نجاح المعالجة. ولسد هذه الفجوات، لابد من تقوية الالتزام السياسي، وأساليب تقديم الخدمات، والنظام الصحي، كما ينبغي التصدِّي على نحوٍ عاجل للوصم والتمييز المستمرين، بما في ذلك الوصم والتمييز في مواقع تقديم الرعاية الصحية.
وفي عام 2013، أطلقت منظمة الصحة العالمية المبادرة الإقليمية لوضع نهاية لأزمة معالجة الإيدز، والتي تستهدف الوصول إلى تغطية شاملة تصل إلى 80% بالمعالجة بالأدوية المضادة للفيروسات القهقرية بحلول عام 2020. والهدف المباشر لهذه المبادرة هو استنهاض الإجراءات العاجلة لتسريع وتيرة الوصول إلى المعالجة. وسعياً منها للوصول إلى هذا الهدف، أعدَّت المنظمة دليلاً وأدوات بقصد مساعدة البلدان على تحليل الفجوات والفرص الضائعة، إلى جانب مواصلة الوقاية والاختبار والرعاية والمعالجة، من أجل التعرف على الإجراءات التي قد تؤدي إلى تسريع وتيرة الوصول إلى تلك الخدمات. وقد عُرِفت هذه المبادرة بالتحليل التسلسلي لاختبار ومعالجة واستبقاء المتعايشين مع فيروس الإيدز، وقد أجرى هذا التحليل حتى الآن 5 بلدان. وأعدَّت المنظمة بمشاركة برنامج الأمم المتحدة المشتَرَك لمكافحة الإيدز وثيقة إعلامية مشتركة توضح الأسباب الرئيسية لانخفاض معدلات التغطية بالمعالجة في الإقليم، وتوصي بالاستراتيجيات والإجراءات الأساسية اللازمة لتسريع وتيرة التوسع في جهود التشخيص والمعالجة.
كما أعدَّت منظمة الصحة العالمية دلائل إرشادية موحَّدة للمعالجة بالأدوية المضادة للفيروسات القهقرية، وقد انتهت 15 بلداً من تحديث، أو لم تزل بصدد تحديث، الدلائل الإرشادية السارية لديها حول معالجة الإيدز وفقاً لهذه الدلائل الإرشادية. كما أعدَّت المنظمة وحدات تدريبية للعاملين الصحيين حول المعارف الأساسية والحدّ من الوصم، وتم اختبار تلك الوحدات التدريبية في بلدَيْن اثنَيْن. وواصلت المنظمة تقديم الدعم للبلدان ولمنظمات المجتمع المدني في مجال جمع وتحليل المعلومات الاستراتيجية، وإعداد خطط استراتيجية وطنية، وتنفيذ إجراءات فعَّالة ومُسْنَدة بالبيِّنات للوقاية من فيروس الإيدز بين المجموعات السكانية الرئيسية المعرضة لمخاطر مرتفعة للعدوى بالفيروس.
وخلال عام 20121، تلقَّت المنظمة إخطارات بما يزيد على 430 ألف حالة من جميع أشكال السل في الإقليم، ولا يزال اكتشاف الحالات من جميع أشكال السل والسل المقاوم للأدوية المتعددة يشكِّل تحدياً كبيراً في الإقليم وفي العالم بأسره، كما هو الحال مع التباطؤ في وتيرة خفض معدلات وقوع المرض. وقد وصل المعدل الإقليمي لاكتشاف الحالات من كل أشكال السل في الإقليم عام 2012 إلى 63%، (مقابل 62% عام 2011). وقد حقق 12 بلداً هدف المتمثل في الوصول لمعدل كشف الحالات البالغ 70% أو تمكنت تجاوز هذا المعدل . أما معدل نجاح معالجة الحالات الجديدة فقد استقر عند 88% للسنة الخامسة على التوالي، مع وصول 13 بلداً للهدف العالمي البالغ 85% أو تجاوزته. ويتواصل دعم منظمة الصحة العالمية للبلدان مع التركيز على ضمان الجودة في رعاية مرضى السل من خلال تقديم الدعم التقني، ومراقبة تنفيذ البرامج الخاصة بالبلدان، وإرسال بعثات المراجعة المعمقة وبناء القدرات.
ويعد الوضع الخاص بالسل المقاوم لأدوية متعددة مثار قلق رئيسي، فمن بين الحالات التي يقدر عددها بـ 18 ألف حالة من السل المقاوم لأدوية متعددة، تم اكتشاف ما يقرب من 300 2 فقط في عام 2012. ومن بين هذه الحالات المكتشفة خضع للمعالجة 1602 حالة، وبلغ معدل النجاح في معالجة حالات السل المقاوم للأدوية المتعددة 56%. وهناك عوامل تحول دون التوسع في نطاق مكافحة السل المقاوم للأدوية المتعددة على نحو كافٍ، مثل الحاجة لتقوية النُظُم الصحية وتخصيص الموارد المالية الموجّهة وتحديداً لمجابهة هذه المشكلة المتفاقمة. وعملت المنظمة مع عشرة بلدان لإعداد خطط الرعاية الجوالة القائمة على مجموعة أدوات التخطيط في مجال السل المقاوم للأدوية المتعددة.
وقد أبلغ ثمانية بلدان في الإقليم عن سراية محلية للملاريا في عام 2013. وفي عام 2012، تجاوز عدد حالات الملاريا المؤكدة بكشف الطفيليات 1.3 مليون حالة؛ وهي لا تمثل سوى 10% من العدد التقديري للحالات في الإقليم. وقد بلغ عدد بلاغات الوفيات التي عزيت إلى الملاريا 2307 وفاة، وكان 84% منها في السودان وجنوب السودان (الجدول 1)2 . ولم تزل الحاجة لتقوية نُظُم التشخيص والرصد تمثل تحدياً رئيسياً في مواجهة البلدان ذات العبء الثقيل من الملاريا، ولاسيَّما باكستان، والسودان، والصومال. ذلك في الوقت الذي شهدت فيه أفغانستان واليمن بعض جوانب التحسُّن، ولاسيَّما في مجال التوسُّع في نظام المعلومات الخاص بالملاريا. وقد أبرزت فاشية الملاريا التي اندلعت في جيبوتي مدى الحاجة الملحَّة لتعزيز قدرات البرامج وتقوية التأهب للأوبئة، ولاسيّما ما يتعلق بتوافر المواد التشخيصية، والأدوية المضادة للملاريا، ومواد مكافحة النواقل، والعاملين المدرَّبين.
الجدول 1 حالات الملاريا المُبلَّغ عنها في البلدان ذات العبء المرتفع من الملاريا
البلد |
2011 |
2012 |
2013 |
|||
إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها |
إجمالي الحالات المؤكدة |
إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها |
إجمالي الحالات المؤكدة |
إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها |
إجمالي الحالات المؤكدة |
|
أفغانستان |
482748 |
77549 |
391365 |
54840 |
319742 |
46114 |
جيبوتي |
232 |
NA |
25 |
25 |
1674 |
1674 |
باكستان |
4065802 |
334589 |
4285449 |
290781 |
NA |
NA |
الصومال |
41167 |
3351 |
59709 |
18842 |
NA |
NA |
جنوب السودان |
795784 |
112024 |
1125039 |
225371 |
||
السودان |
1246833 |
506806 |
1001571 |
526931 |
NA |
NA |
الجمهورية اليمنية |
142147 |
90410 |
165678 |
109908 |
149451 |
102778 |
ويقوم بَلدَان اثنان هما جمهورية إيران الإسلامية والمملكة العربية السعودية حالياً بتنفيذ استراتيجية للتخلص من الملاريا بنجاح، برغم التحدِّيات التي تواجههما في المناطق الحدودية مع باكستان ومع اليمن، وتتزايد التحركات السكانية من البلدان الموطونة بالملاريا إلى البلدان الخالية منها، مما يؤدِّي إلى زيادة أكبر في أعداد المصابين بالملاريا الوافدة، ويرفع مخاطر عودة دخول السراية المحلية أو وقوع فاشيات محدودة لحالات محلية، مثلما أُبلِغ عنه في كلٍ من سلطنة عُمان وتونس. وقد قامت ستة بلدان، بدعم من المنظمة، بتنفيذ مراجعات معمقة مشتركة للبرامج شارك بها الأطراف المعنية والشركاء الرئيسيون.
الجدول 2 الحالات المؤكَّدة بتحليل الطفيلي في البلدان التي تعاني من سراية متقطعة للملاريا أو لا توجد بها سراية أصلاً، والبلدان التي ينخفض فيها توطن الملاريا
الجدول 2 الحالات المؤكَّدة بتحليل الطفيلي في البلدان التي تعاني من سراية متقطعة للملاريا أو لا توجد بها سراية أصلاً، والبلدان التي ينخفض فيها توطن الملاريا
البلد |
2011 |
2012 |
2013 |
|||
إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها |
عدد الحالات المحلية الأصل |
إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها |
عدد الحالات المحلية الأصل |
إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها |
عدد الحالات المحلية الأصل |
|
البحرين |
186 |
0 |
233 |
0 |
NA |
NA |
مصر |
116 |
0 |
206 |
0 |
262 |
0 |
العراق |
11 |
0 |
8 |
0 |
8 |
0 |
جمهورية إيران الإسلامية |
3239 |
1710 |
1629 |
787 |
1387 |
NA |
الأردن |
58 |
0 |
117 |
0 |
56 |
0 |
الكويت |
476 |
0 |
358 |
0 |
291 |
0 |
لبنان |
83 |
NA |
115 |
0 |
133 |
0 |
ليبيا |
NA |
NA |
88 |
0 |
NA |
NA |
المغرب |
312 |
0 |
364 |
0 |
314 |
0 |
فلسطين |
NA |
NA |
0 |
0 |
NA |
NA |
عُمان |
1531 |
13 |
2051 |
22 |
NA |
NA |
قطر |
673 |
0 |
708 |
0 |
728 |
0 |
المملكة العربية السعودية |
2788 |
69 |
3406 |
82 |
2513 |
34 |
الجمهورية العربية السورية |
48 |
0 |
42 |
0 |
22 |
0 |
تونس |
67 |
0 |
70 |
0 |
68 |
4 |
الإمارات العربية المتحدة |
5242 |
0 |
5165 |
0 |
4380 |
0 |
ويتواصل إحراز التحسُّن في جميع البلدان الموطونة من حيث إتاحة المعالجة المضادة للملاريا ومبيدات الحشرات والناموسيات المعالَجة بمبيدات الحشرات الطويلة الأمد. وقد تم توزيع ما يقرب من 11 مليون ناموسية معالَجة بمبيدات الحشرات الطويلة الأمد خلال عامي 2011 و2012 في البلدان الموطونة. وفي أفغانستان يتوقع أن تتجاوز التغطية الميدانية بالناموسيات في المناطق المستهدفة ذات معدلات السراية العالية 70%. وفي باكستان، وصلت التغطية الميدانية بالناموسيات في المناطق المستهدفة إلى 41% في نهاية عام 2013. ولا يزال الوصول إلى تأكيد تشخيص الإصابة بالملاريا، سواءً بالفحص المجهري أم بالاختبارات التشخيصية السريعة، من التحدِّيات الرئيسية، وذلك رغم إحراز تقدم مُشجع في كل من اليمن وأفغانستان.
واستمر تنفيذ المشروع المشترك بين منظمة الصحة العالمية ومرفق البيئة العالمي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة بشأن البدائل المستدامة لمادة "دي.دي.تي" لمكافحة النواقل بنجاح في كلٍ من جمهورية إيران الإسلامية، والمغرب، والسودان، واليمن. كما تمت تقوية القدرات الوطنية للتدبير المتكامل للنواقل في العديد من البلدان.
وقد لوحظت نجاحات ملموسة في مجالات تتعلق بالأمراض المدارية المهملة، فقد انخفض عدد حالات داء الدودة الغينية في جنوب السودان في عام 2013 بمقدار 78% (121 حالة)، مقارنة بما كان عليه في عام 2012، وذلك رغم اكتشاف ثلاث حالات في السودان (ولاية جنوب دارفور) بعد مضي ما يقرب من 10 سنوات دون تسجيل أي حالة. وتشير المسوحات الأولية إلى عودة دخول هذا الطفيلي من جنوب السودان. أما فيما يتعلق بداء الفيلاريات اللمفي، فقد تم استكمال التحقق من التخلص من سرايته في اليمن وفي 80% من المناطق التي كانت مصابة سابقاً في مصر. ولا يزال هناك أمل في تحقيق نجاحات مماثلة في السودان. وقد دخل أكبر برنامج في العالم لمكافحة داء البلهارسيا عامه الثالث في اليمن بتسجيل رقم قياسي في التدخلات في عام 2013، وذلك بتوزيع ما يقرب من 40 مليون قرص من البرازيكوانتيل على ما يقرب من 13 مليون نسمة. وقد أظهر تقييم للأثر أُجري في بعض المناطق الخافرة المختارة أن مستويات العدوى قد انخفضت بمقدار يزيد على نصف ما كانت عليه في بدء تنفيذ المشروع، ومن المأمول أن يواصل البرنامج عمله الناجح وأن يحقق أهدافه، وأن يقدّم حالة دراسة تسترشد بها البرامج الأخرى في الإقليم، كالبرامج المنفذة في السودان، وخارجه.
وفي الربع الأخير من عام 2013، أتاح المرصَد الصحي الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية البيانات الخاصة بداء الليشمانيات تغطي الخمسة عشر عاماً الماضية، إلى جانب الخرائط التفاعلية والأشكال التوضيحية. كما أنشأت عدة بلدان دلائل إرشادية وطنية حول مكافحة داء الليشمانيات والتدبير العلاجي للحالات. وإلى جانب ذلك، شهد المغرب انطلاق مشروع لتقييم أثر الدلائل الإرشادية التقنية لمنظمة الصحة العالمية حول داء الليشمانيات.
التمنيع واللقاحات
تمثل التحدي الرئيسي الذي واجه برامج التمنيع في عام 2013 في عدم الاستقرار السياسي وانعدام الأمن، مما أثر على تنفيذ الأنشطة الجوَّالة والأنشطة التي تستهدف إيصال الخدمات للناس في كل من أفغانستان وباكستان واليمن، وألحق ضرراً شديداً بالتمنيع الروتيني في الجمهورية العربية السورية. كما تعتبر الحاجة إلى تقوية القدرات الإدارية والالتزام بالتمنيع الروتيني، بالإضافة إلى الأولويات المتنافسة، من التحدِّيات التي تواجهها بعض البلدان. وينبغي ضمان توافر الموارد المالية اللازمة لتنفيذ أنشطة التمنيع التكميلي ضد مرضي الحصبة والتيتانوس، وإدخال لقاحات جديدة إلى البلدان المتوسطة الدخل، وللمشاركة في تمويل البلدان المؤهلة للاستفادة من التحالف العالمي للقاحات والتمنيع، إلى جانب الأنشطة المتعلقة بتحسين التغطية بالتطعيم في البلدان ذات مستويات الأداء المنخفض.
وبرغم هذه التحدِّيات، فقد ظل إحراز النتائج المتوقعة إقليمياً بالنسبة للتمنيع الروتيني في المسار الصحيح فيما يتعلق بمعظم المؤشرات في عام 2013. وقد حقق 14 بلداً في الإقليم هدف التغطية بالتطعيم بثلاث جرعات من اللقاح الثلاثي المضاد للدفتريا والتيتانوس والسعال الديكي البالغ 90%. ويقترب اليمن من تحقيق هذا الهدف.
لقد حقق 11 بلداً تغطية بنسبة 95% على الأقل بالجرعة الأولى من اللقاح المحتوي على الحصبة على الصعيد الوطني، وفي معظم المناطق، كما قدَّم 21 بلداً الجرعة الروتينية الثانية بمستويات متفاوتة من التغطية. وبهدف تعزيز مناعة السكان، أجريت حملات تمنيع ضد الحصبة على المستوى الوطني استهدفت نطاق واسع من الفئات العمرية في كل من الأردن وباكستان والسودان والجمهورية العربية السورية والعراق ولبنان والمغرب، فضلاً عن تنظيم أيام لصحة الطفل في الصومال. ويتم تنفيذ ترصُّد مختبري مستند إلى الحالات حول الحصبة في جميع البلدان. ورغم التحدِّيات الراهنة التي يواجهها الإقليم، أبلغت سبعة بلدان عن معدلات انتشار منخفضة جداً من الحصبة (أقل من 5 حالات لكل مليون نسمة)، ومنها ثلاث بلدان تحافظ على معدل الانتشار الصفري وتقترب التخلص نهائياً من الحصبة. وقد أدت الأزمة في الجمهورية العربية السورية إلى حدوث فاشيات الحصبة في العراق ولبنان والجمهورية العربية السورية والأردن التي ظلت قبل ذلك خالية من الحصبة على مدى 3 سنوات. واستجابة لهذا الأمر، فقد أُجريت أنشطة للتمنيع التكميلي ضد الحصبة بدعمٍ قوي قدَّمَته منظمة الصحة العالمية وبالتعاون الوثيق مع العديد من الشركاء. وتماشياً مع السعي لتوحيد الجهود الرامية إلى تحقيق هدف التخلص من الحصبة، فقد ركّز الأسبوع الإقليمي الثالث للتطعيم على التخلص من الحصبة تحت شعار "أوقفوا الحصبة الآن".
وقد تم توثيق التخلص من تيتانوس الأمهات وحديثي الولادة في العراق، بينما لم تحقق حتى الآن خمسة بلدان هذا التخلص (أفغانستان وباكستان والصومال والسودان واليمن)، ولا يزال على جيبوتي بذل الجهد لتوثيق التخلص من هذا المرض.
وقد كان التقدُّم المحرَز في إدخال اللقاحات الجديدة تقدُّماً كبيراً، حيث أصبح اللقاح المضاد لجراثيم المستدميات النزلية من النمط "ب" مستخدماً في 20 بلداً، واللقاح المضاد للمكورات الرئوية في 14 بلداً، واللقاح المضاد للفيروسات العَجَلية في 8 بلدان؛ وتتجاوز هذه الأرقام الأهداف الموضوعة لعام 2013. كما تم إدخال اللقاح المضاد للمستدمية النزلية من النمط "ب" إلى الصومال، واللقاح المضاد للمكوّرات الرئوية إلى أفغانستان والسودان، واللقاح المضاد للفيروسات العَجَلية إلى المملكة العربية السعودية. وأدخلت ليبيا كلاً من اللقاحات المضادة للمكورات الرئوية، وللفيروسات العَجَلية، وللفيروسات الورمية الحليمية البشرية، وللمكورات السحائية، كما نفّذت السودان بنجاح المرحلة الثانية من حملة اللقاح المتقارن للمكورات السحائية من النمط "أ" (إذ وصلت إلى معدل تغطية تجاوز 95%).
ومن أجل المحافظة على ما تحقق من إنجازات، قدَّمَت منظمة الصحة العالمية دعماً كبيراً للبلدان، حيث أُجري في العديد من البلدان مراجعات شاملة لبرامج التمنيع، ومراجعات شبكات ترصُّد اللقاحات، وتقييم الإدارة الفعّالة للقاحات. كما قدَّمَت المنظمة دعماً كبيراً للبلدان التي تتأهب لإدخال اللقاحات الجديدة. كما تم تعزيز القدرات في البلدان في ما يتعلق بجودة البيانات والترصُّد للأمراض التي يمكن توقّيها باللقاحات، وبرصد هذه البيانات وتقييمها، إلى جانب الترصُّد المختبري للحصبة ولالتهاب السحايا الجرثومي، وللالتهاب الرئوي الجرثومي، وللفيروسات العَجَلية. وواصلت منظمة الصحة العالمية تنسيقها لنظام مراقبة جودة المختبرات الخارجية واعتماد المختبرات الخاصة بالحصبة.
ويواجه تنظيم اللقاحات وإنتاجها عدداً من التحدِّيات المتعلقة بنقص الموارد البشرية ذات المهارات الملائمة، إلى جانب قلة الموارد المالية. وقد تمت تقوية القدرات في المجالات التنظيمية في البلدان الخمسة المنتِجة للقاحات، ولاسيَّما في مجال التيقُّظ الدوائي للقاحات، والتواصل حول سلامة اللقاحات، ومنح التراخيص للقاحات. وفي ما يتعلق بالترصُّد التالي للتسويق، تساهم حالياً أربعة بلدان، وهي جمهورية إيران الإسلامية، وتونس، والسودان، والمغرب، في المبادرة العالمية لسلامة اللقاحات التي أُطلِقت في عام 2012.
الأمن الصحي واللوائح الصحية الدولية
يمثِّل حدوث الأمراض المعدية المستجدَّة والتي عاودت الظهور تهديداً مستديماً للأمن الصحي الإقليمي. وقد قدَّمَت منظمة الصحة العالمية دعماً ضخماً من أجل تدبير فاشيات الالتهاب الكبدي "E" في جنوب السودان، وفاشيات الالتهاب الكبدي A في الأردن وفي شمال العراق، وحمّى الضنك في باكستان، والتهاب السحايا بالمكوّرات السحائية في جنوب السودان، والحمى الصفراء في السودان، وحمى القرم – الكونغو النزفية في أفغانستان وباكستان. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الفيروس التاجي "كورونا" الذي يسبِّب متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، وهو فيروس تنفّسي جديد ظهَر عام 2012، واصل انتشاره جغرافياً، وأبلغت ستة بلدان حتى الآن عن حالات مؤكَّدة مختبرياً لفيروس كورونا.
وفي عام 2013، قدَّمَت منظمة الصحة العالمية دعماً استراتيجياً وتقنياً لتقييم المخاطر، وإجراء البحوث الميدانية، وكشف الفاشيات الواسعة الانتشار في العديد من البلدان، مما أدّى إلى تقييد مدى انتشارها والإقلال من آثارها الصحية. وقد أرسَلَت المنظمة البعثات الميدانية إلى قَطَر، والمملكة العربية السعودية، وتونس لمكافحة الفاشيات التي سببها الفيروس كورونا الجديد المسبِّب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية. كما تم احتواء فاشيات الالتهاب الكبدي A بكفاءة في الأردن وفي شمال العراق من قِبَل السلطات الصحية الوطنية التي اتبعت تنفيذ تدابير الصحة العمومية التي أوصَت بها منظمة الصحة العالمية عقب إجراء البحوث الميدانية المشتركة. وقد تم توسيع نطاق تدابير التأهب لمواجهة الأوبئة في جميع البلدان التي تأثرت بالأزمة السورية، وذلك من خلال إنشاء نُظُم الإنذار الباكر لترصُّد فاشيات الأمراض في الأردن، والجمهورية العربية السورية، والعراق، ولبنان، إلى جانب تقوية القدرات التشخيصية في المختبرات في مجال اكتشاف الأوبئة.
وفي ضوء التهديد المتواصل لفيروس كورونا الجديد المسبِّب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، تم توسيع نطاق نظام الترصُّد الخافر لحالات العدوى التنفسية الحادة الوخيمة (سارس) في عدد من البلدان بُغْيَة ضمان استمرار القدرات اللازمة لاكتشاف وتشخيص الفاشيات التي يسببها أي فيروسات جديدة، سواء فيروسات الأنفلونزا أو الفيروسات التنفسية، والتصدِّي لها. واستمرت المحافظة على التيقظ في الصحة العمومية لفيروس كورونا الجديد المسبِّب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية على مدار العام عبر تعزيز الترصُّد وتحسين التدابير الإقليمية للتأهُّب في الصحة العمومية؛ فتم تنظيم اجتماعات تقنية، ومشاورات، ودورات تدريبية، كما تم إعداد الإرشادات الاستراتيجية والتوجيهات بشكل جماعي بالتعاون مع السلطات الصحية الأخرى، من أجل تحسين مدى تأهب الإقليم للتصدِّي لهذا الفيروس الجديد.
ونتيجة لنقص البيانات الممثلة، يظل عبء وحجم أنماط مقاومة المُمرضات للكائنات الدقيقة غير مفهوم على النحو الجيد. واستجابة لقرار اللجنة الإقليمية الستين (ش م/ل إ 60/ق-1)، تم إعداد مجموعة من التوجُّهات الاستراتيجية من خلال عملية تشاورية تستهدف ترجمة حزمة السياسات السِت في منظمة الصحة العالمية والمتعلقة بالمقاومة لمضادات المكروبات إلى إطار عمل لاحتواء المقاومة لمضادات المكروبات. وقد تم إعداد إطار عمل استراتيجي للكشف المبكِّر عن الأمراض الحيوانية المصدر وتشخيصها ومكافحتها. وتم إحراز تقدُّم أيضاً في إعداد إطار استراتيجي للوقاية من الكوليرا وأمراض الإسهال الوبائية الأخرى ومكافحتها، إلى جانب إطارٍ استراتيجي للوقاية من الإصابات التنفسية الحادة ذات إمكانية التحول إلى أوبئة ومكافحتها.
وبحلول شهر حزيران/يونيو عام 2013، كانت جمهورية إيران الإسلامية هي الدولة الوحيدة الجاهزة لتنفيذ اللوائح الصحية الدولية (2005)، أما بقية البلدان الأخرى فقد حصلت جميعها على تمديد لسنتين لتنفيذ تلك اللوائح، باستثناء الصومال التي لم تتمكَّن من تلبية المتطلبات اللازمة للتمديد. ورغم التقدُّم المحرَز في تلبية المتطلبات (المقدَّر بـ 70% في مجمل الإقليم بنهاية عام 2013)، ولاسيَّما في مجال القدرات الخاصة بالترصُّد والاستجابة والمختبرات وموجهة الأمراض الحيوانية المصدَر، فإن الكثير من تلك المتطلبات لم تزَل تشكِّل تحدّياً. وهذه هي الحالة على وجه الخصوص عند الحديث عن القدرات في مجال التعامل مع الأحداث الكيميائية والإشعاعية والنووية. ويعود ذلك إلى نقص التشريعات والصكوك القانونية والإدارية الأخرى الداعمة في مجال الصحة العمومية، وإلى نقص التنسيق بين مختلف الأطراف المعنية على الصعيد الوطني ومع البلدان المجاورة، وإلى سرعة وتيرة تغيير الموظفين ذوي الكفاءة، وإلى عدم كافية القدرات المالية اللازمة لتغطية الأنشطة المخطط لتنفيذها، وإلى عدم الاستقرار الجغرافي السياسي في بعض الدول الأطراف. ويُوضِّح الشكل 2 مستوى التنفيذ في ما يتعلق بالقدرات اللازمة لتنفيذ اللوائح الصحية الدولية في الإقليم بنهاية 2013.
لقد أبرَز ظهور فيروس كورونا بصورة أكبر مدى أهمية اللوائح الصحية الدولية، ومدى تزايد التهديدات بالأوبئة وبالجائحات. وقد عملت منظمة الصحة العالمية بتعاونٍ وثيقٍ مع الدول الأطراف من أجل رفع مستوى الوعي باللوائح الصحية الدولية، وما يرتبط بها من التزامات، كما سهَّلَت المنظمة تبادل الخبرات المكتسبة بين البلدان ومع الأقاليم الأخرى للمنظمة. وقد تم تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية، ووكالات الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية، والمراكز المتعاونة مع منظمة الصحة العالمية، وشبكات التميُّز، وذلك بهدف دعم البلدان في الإسراع بوتيرة تنفيذ اللوائح الصحية الدولية؛ كما تمَّت، في إطار اللوائح الصحية الدولية، إدارة الدعم المقدَّم للسلطات الوطنية في ما تبذله من جهود للاستجابة للفاشيات، ومنها فاشية فيروس كورونا الجديد.
وواصلَت منظمة الصحة العالمية تقديمها للدعم التقني للدول الأطراف من أجل مراجعة أوضاعها من تنفيذ اللوائح الصحية الدولية، ومن إعداد الخطط الوطنية لمواجهة الفجوات في القدرات المطلوبة. ومن المتوقع أن يطلب عدد ليس بالقليل من الدول الأعضاء بالإقليم فترة تمديد أخرى لتنفيذ متطلبات اللوائح الصحية الدولية بحلول حزيران/يونيو 2016.
1 بالنسة لاكتشاف حالات السل، تتلقى المنظمة البيانات في العام التالي، ومن ثمَّ فبيانات اكتشاف الحالات هنا تتعلق بعام 2012، أما بيانات حصائل المعالجة فتتعلق بعام 2013.
2 أصبحت جنوب السودان دولة عضواً في الإقليم الأفريقي لمنظمة الصحة العالمية اعتباراً من أيار/مايو 2013.