المقدمة
يشهد إقليم شرق المتوسط بعض أكبر حالات الطوارئ في العالم، ومن ثمَّ يتحمَّل الإقليم العبء الأكبر من الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة، حيث يعيش به أكثر من 76 مليون نسمة متضررين بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشرٍ بالنزاعات، والتهديدات البيئية، والكوارث الطبيعية.
ففي عام 2017، دخل الصراع في الجمهورية العربية السورية عامه السابع، ليزداد معه تفاقم الوضع الإنساني للسكان الذين يعيشون في المناطق المحاصرة. وأدى مُضيّ أكثر من عامين على الصراع في اليمن إلى اندلاع أكبر أزمة غذائية على مستوى العالم، وتفشي أكبر وباء للكوليرا في العالم، فضلاً عن فاشية للدفتريا آخذة في الانتشار بوتيرة سريعة، والانهيار الوشيك للنظام الصحي. وفي العراق، تسببت العمليات العسكرية من أجل تحرير مدينة الموصل في تشريد مليون نسمة تقريباً. وواجه الصومال تهديداً ثلاثياً من الجفاف، وخطر المجاعة الـمُحْدِق، وفاشيات الأمراض. في الوقت الذي بذلت فيه ليبيا وفلسطين وأفغانستان جهداً شديداً من أجل توفير خدمات الرعاية الصحية في الأماكن التي ينعدم فيها الأمن وتقل بها الموارد.
وفي عام 2017، استجابت المنظمة لعشر حالات طوارئ مُصنَّفة في الإقليم، منها أربع حالات طوارئ كبرى من المستوى الثالث في العراق، والصومال، والجمهورية العربية السورية، واليمن. وفي أيار/مايو 2017، صنَّفت المنظمة حالة الطوارئ في الصومال على أنها طارئة من المستوى الثالث، وهو الأمر الذي استدعى تعزيز الاستجابة لها على مستوى المنظمة كلها. وفي إطار استجابة المنظمة للطوارئ في سوريا برمتها، خُصِّص محور غازي عنتاب في كانون الأول/ديسمبر 2017 للعمل في سياق الأزمة السورية الـمُصنَّفة على أنها طارئة من المستوى الثالث، من أجل الإسراع بوتيرة توفير الرعاية الصحية عبر الحدود من تركيا للسكان في شمال سوريا. وصُنِّفَت فاشية حمى الضنك في باكستان على أنها طارئة من المستوى الأول من تموز/يوليو 2017 حتى كانون الثاني/يناير 2018. وتمر بلدان أخرى بحالات طوارئ مُصَنَّفة مثل أفغانستان، وليبيا، وباكستان، وفلسطين.
وما زالت تهديدات الأمن الصحي في الإقليم تُعرِّض السكان لخطرٍ متزايد. وفي 2017، أُبلغ عن فاشيات الكوليرا في اليمن والصومال، في حين أُبلغ عن فاشية لحمى الضنك وغيرها من الفيروسات المفصلية التي تسبب أوبئة مثل الشيكونغونيا من باكستان، والصومال، والسودان. وأبلغت كل من عُمان، وقطر، والإمارات العربية المتحدة عن استمرار سراية فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية وإن كان بشكلٍ متقطع، في حين أبلغ لبنان عن حالة واحدة لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية واردة من الخارج، كما أبلغت المملكة العربية السعودية عن ثماني فاشيات محدودة لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية في المستشفيات. وأبلغت مصر عن حالات إنفلونزا الطيور بين البشر، بالرغم من انخفاض حالات الإصابة مقارنةً بالحالات الـمُبَلَّغ عنها في 2015-2014. وأُبلِغ عن حالات إصابة بحمى القرم-الكونغو النزفية في أفغانستان وباكستان، وأبلغت الإمارات العربية المتحدة عن حالات إصابة بداء الفَيالِقَة مرتبطة بالسفر خلال الربع الأول من 2017. كما أبلغ عدد من البلدان، وهي أفغانستان، وباكستان، وفلسطين، وتونس، عن عددٍ كبيرٍ من حالات الإنفلونزا الموسمية. وتندرج ثمانية بلدان على الأقل في الإقليم (جيبوتي، ومصر، وعُمان، وباكستان، والمملكة العربية السعودية، والصومال، والسودان، واليمن) ضمن الفئة الرابعة من تصنيف المنظمة الجديد للبلدان فيما يتعلق بفيروس زيكا؛ أي أن هذه البلدان قد أرست برامج فعالة لمكافحة نواقل الأمراض، دون أن تُوَثَّق بها سراية للمرض في الماضي أو في الحاضر.
استجابة المنظمة
شملت العقبات، التي تُعرقل استجابة قطاع الصحة في حالات الطوارئ الكبرى في الإقليم، استمرار انعدام الأمن، والفرص المحدودة لوصول المساعدات الإنسانية للأشخاص المحتاجين إليها، والقُدُرات المحدودة للنُظُم الصحية الوطنية والجهات الشريكة، والنقص في عدد الموظفين الصحيين، والقيود البيروقراطية، وعدم كفاية التمويل. ولا تزال أجواء العمل غير مستقرة في عددٍ من البلدان، مع تعرُّض مرافق الرعاية الصحية لاعتداءاتٍ متكررة. وأفادت المنظمة بتعرُّض مرافق الرعاية الصحية على المستوى العالمي لهجماتٍ بلغ إجمالها 212 هجوماً في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2017، وقع منها 170 هجوماً (80%) في إقليم شرق المتوسط، وحدثت الغالبية العظمى منها في الجمهورية العربية السورية. وبالرغم من حياد الصحة، أدت التطورات السياسية في عددٍ من البلدان إلى فرض قيودٍ على إتاحة الخدمات الصحية وتزايد العنف، الأمر الذي أعاق قدرة المنظمة على الوصول إلى الأشخاص المحتاجين. وأجبر تصاعد الاشتباكات في اليمن، في كانون الأول/ديسمبر 2017، المنظمة والكثير من الجهات الشريكة على تقليص عملياتها في البلاد. وشملت التحديات التشغيلية، التي واجهتها المنظمة في البلدان التي تشهد حالات الطوارئ، قلة توافر الخبرات الماهرة في مجال الصحة العامة لنشرها على نحوٍ عاجل في حالات الطوارئ. وهو ما سلَّط الضوء على الفجوات الموجودة في القوائم الحالية للخبراء القادرين على تلبية الاحتياجات في حالات الطوارئ، وعلى الحاجة إلى تقوية النظم لتحديد مجموعة أكبر من خبراء الصحة العامة الأكثر مهارة الذين يقفون على أهبة الاستعداد لنشرهم فوراً عند الضرورة، وتدريبهم والحفاظ عليهم.
وبالرغم من هذه التحديات، سلَّم مركز الإمدادات اللوجستية التابع للمنظمة في دبي، باستخدام أموال إقليمية، إمداداتٍ للسلطات الصحية الوطنية خلال 72 ساعة من التفجيرين المميتين في الصومال في تشرين الأول/أكتوبر، والزلزال الذي وقع على الحدود بين جمهورية إيران الإسلامية والعراق في كانون الأول/ديسمبر. كما سلَّم مركز الإمدادات اللوجستية التابع للمنظمة في دبي في عام 2017 ما إجماليه 85 شحنةً من الأدوية والإمدادات الطبية (بزنة 791 طناً) إلى 20 بلداً داخل الإقليم وخارجه. ووصلت هذه الإمدادات بنجاحٍ إلى أكثر من 23.5 مليون مستفيدٍ في العراق، والصومال، والجمهورية العربية السورية، واليمن. وبينما تزايدت الاحتياجات إلى الأدوية الـمُنْقِذَة للحياة والإمدادات الطبية في البلدان التي تمر بحالات الطوارئ، لم يستطع الموردون الدوليون الوفاء بالطلبات المتنامية من المنظمة. وقد أبرز ذلك الحاجة إلى زيادة عدد الموردين بالجملة من داخل الإقليم. وتمشياً مع ما سبق، تعمل المنظمة على توسيع دور مركز الإمدادات اللوجستية التابع لها في دبي ليضطلع بدور تنفيذي، ما يجعله أفضل تجهيزاً للوفاء بالاحتياجات المستمرة والمتزايدة في ظل عمليةٍ أكثر سلاسة وسرعة. ومن المقرر أن تُجري جميع البلدان، التي تمر بحالات الطوارئ وتحظى بالأولوية، تقييماً استراتيجياً للإمدادات الصحية الـمُقْدّرة، وعليه ستشتري المنظمة الإمدادات وتُجهِّزها بشكلٍ مسبق في المركز استعداداً لتوزيعها عند الضرورة. وسيضمن ذلك أن تصل الإمدادات الطبية المطلوبة على وجه السرعة إلى وجهتها خلال أسابيع بدلاً من أشهر.
ووفقاً لمبادئ الإطار المنقَّح للاستجابة للطوارئ، فَعَّلت المنظمة نظام إدارة الأحداث في كل بلدان الإقليم التي صُنِّفت حالات الطوارئ بها عند المستوى الثالث للاضطلاع بوظائفها الحاسمة الست. وشمل هذا نشر مدير للأحداث، ومسؤول للصحة العامة، ومسؤول معني بإدارة المعلومات بغية دعم أنشطة الاستجابة على الأرض وتوسيع نطاق الدعم التشغيلي والتقني الذي تقدمه المنظمة لتلبية الاحتياجات الصحية العاجلة ومجابهة المخاطر التي تواجه السكان. وفي سياق تنفيذ الإطار أيضاً، شرعت المنظمة في تشرين الثاني/نوفمبر 2017 في وضع خارطة طريق إقليمية، ودليل استراتيجي، وخطط لعمليات الطوارئ بغية تفعيل مركز إقليمي لعمليات الطوارئ. وفي تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر 2017، جرى تفعيل المركز الإقليمي لعمليات الطوارئ لتنسيق الاستجابة لفاشيات الإسهال المائي الحاد/الكوليرا في الصومال، والسودان، واليمن، ولمواجهة عواقب الزلزال الذي وقع على الحدود الإيرانية/العراقية.
كما قادت المنظمة، أو شاركت في قيادة، عملية تنسيق قطاع الصحة في ثمانية بلدان في الإقليم فُعِّلت فيها مجموعة الصحة. وحقَّقت مجموعة الصحة إنجازات في 2017، منها منع انهيار النظام الصحي والحيلولة دون إغلاق 14 مستشفًى عاماً و18 مستشفًى تابعاً لمنظمات غير حكومية في غزة من خلال توفير إمدادات الوقود اللازمة لتشغيل مولدات الكهرباء الاحتياطية خلال فترات انقطاع الكهرباء التي امتدت إلى 20 ساعة. وفي العراق، فَعَّلت مجموعة الصحة مسار إحالة الإصابات الشديدة (الرضوح)، ولعبت دوراً جوهرياً في إنقاذ حياة 24000 من المصابين بإصابات بالغة. وفي ذات السياق، قامت الجهات الشريكة لمجموعة الصحة بتمنيع 99% من الأطفال المستهدفين في مناطق تيسَّر الوصول إليها مؤخراً. وفي اليمن، استطاع الشركاء في مجال الصحة الوصول إلى 6 ملايين نسمة بخدمات صحية مُنْقِذَة للحياة كما دعموا النظام الصحي المتهاوي بتوفير الأدوية الأساسية، والحوافز للعاملين الصحيين، وتحمُّل تكاليف تشغيله وإعادة تأهيله حفاظاً على استمرار عمل أكثر من 2500 مرفق صحي. وفي باكستان، أجرى الشركاء في مجال الصحة تقييماً لهشاشة الوضع في المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية، واستُخدِمت النتائج لوضع خطة انتقالية للفترة 2020-2018 تكون أساساً تستند إليه المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية في تحولها من حالة الطوارئ إلى التنمية. وفي الجمهورية العربية السورية، دعم شركاء مجموعة الصحة 14.4 مليون إجراء طبي، ووفروا 8.6 ملايين مقرر علاجي.
وأُطلِقت مبادرة الفِرَق الطبية في حالات الطوارئ في الإقليم في أيلول/سبتمبر 2017 بهدف إنشاء كادر من الفرق الطبية الوطنية الماهرة متعددة التخصصات للعمل بصفتهم مستجيبين أوائل عند حدوث حالات الطوارئ. كما وُضِعت الاستراتيجية الإقليمية للفِرَق الطبية في حالات الطوارئ وفق نهْج له ثلاثة جوانب، هي: تعزيز قُدُرات الفِرَق الطبية الوطنية في حالات الطوارئ داخل البلاد؛ ونشر الفرق الطبية الوطنية من بلدٍ إلى آخر داخل الإقليم حسب الضرورة؛ وإنشاء خلية تنسيق مُخصَّصة للفرق الطبية في حالات الطوارئ في المراكز الوطنية لعمليات الطوارئ. ويُقرِّر كل بلدٍ عدد الفِرَق التي يحتاج إليها وأنواعها. كما تُحدِّد البلدان الفرق المراد إنشاؤها بغرض نشرها في بلدان أخرى. ومتى التزمت هذه الفرق الدولية بمعايير منظمة الصحة العالمية، فإنها تصبح جزءاً من النظام الإقليمي للفِرَق الطبية في حالات الطوارئ. ومنذ أيلول/سبتمبر حتى كانون الأول/ديسمبر 2017، عمل خبراء معنيون بالإصابات الشديدة (الرضوح) من المكتب الإقليمي مع 15 بلداً للبدء في عملية إنشاء هذه الفِرَق، كما عقدوا اجتماعات مع المسؤولين في وزارات الصحة في مصر، وجمهورية إيران الإسلامية، والأردن، وعُمان، وفلسطين، وقطر، لتقديم لمحة عامة عن المبادرة. وعُقِدَت في جمهورية إيران الإسلامية حلقة عمل على مدار يومين حول مبادرة الفرق الطبية في حالات الطوارئ مع جميع أصحاب المصلحة بغية إنشاء فرقة عمل وطنية معنية بالفرق الطبية في حالات الطوارئ للإشراف على إنشاء فريق طبي وطني في حالات الطوارئ متعدد التخصصات.
وفي 2017، مُوِّلت 80% في المتوسط من عمل المنظمة في مجال الطوارئ، وجاء هذا التمويل من خلال دعم قدمه عددٌ من الجهات المانحة الرئيسية. وشملت هذه الجهات المانحة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، ووزارة الخارجية الأمريكية، وإدارة المساعدات الإنسانية والحماية المدنية التابعة للمفوضية الأوروبية (إيكو)، وألمانيا، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، واليابان، وجمهورية كوريا، وصندوق الأمم المتحدة المركزي لمواجهة الطوارئ، والمملكة المتحدة، والنرويج، وقطر، والكويت، والبنك الدولي، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وعُمان، والصين، وإيطاليا، وفرنسا، وكندا، والجزائر، وليتوانيا. ولكن، بالرغم من تلقِّي بعض الدول دعماً كبيراً من الجهات المانحة في 2017، فإن هناك بلداناً أخرى، لا سيَّما الصومال والسودان والبلدان التي تستضيف اللاجئين، ما زالت تعاني من نقصٍ شديدٍ في التمويل بالرغم من أن هذه البلدان تواجه هي الأخرى حالات طوارئ منْسِية، وتكتسي الاحتياجات الصحية بها ذات الأهمية البالغة لتلك التي في البلدان التي حصلت على الدعم. كما تأثرت حالة الطوارئ في الجمهورية العربية السورية بنقص التمويل في 2017. ومنذ تفعيل صندوق التضامن الإقليمي في كانون الثاني/يناير 2016، كانت تبرعات البلدان للصندوق محدودة، وما تزال المنظمة تعتمد على التمويل الداخلي لتلبية الاحتياجات الفورية للاستجابة لحالات الطوارئ. وفي 2017، خصَّصت المنظمة 1.6 مليون دولار أمريكي من التمويل الداخلي لدعم أنشطة الاستجابة للطوارئ في العراق، والصومال، والجمهورية العربية السورية، واليمن. ومن الأنشطة التي شملها الدعم الاستجابة للكوليرا، وتقديم الخدمات الصحية للنازحين داخلياً، وإطلاق حملات التمنيع ضد الأمراض.
وتسعى المنظمة، من أجل تدعيم قاعدة تمويل أنشطتها، إلى تعزيز المشاركة والحوار مع الشركاء الحاليين وشركاء جُدد بغية تعبئة الموارد اللازمة للاستجابة للطوارئ، إذ تهدف المنظمة إلى زيادة إجمالي المساهمات الخاصة بالطوارئ الصحية بمقدار النصف، بما في ذلك المساهمات الـمُوجَّهة للبلدان شحيحة الموارد. ومن أجل تحقيق هذه الغاية، ستُعزِّز المنظمة الحوار المؤسسي وحضورها في الإقليم، وستُقيم شراكاتٍ إقليمية لتشجيع التمويل متعدد السنوات، حتى تستطيع أن تُلبِّي احتياجات الاستثمار على المدى الأبعد في البلدان التي تعاني من نقص التمويل وحالات الطوارئ الـمُعقَّدة. ويشمل هذا إقامة شراكات جديدة ووضع نماذج جديدة للتمويل.
كما ستستمر الجهود الرامية إلى توسيع نطاق الاستجابة والتعافي المبكر من خلال إنشاء نُظُمٍ لإدارة الأحداث ومراكز لعمليات الطوارئ، وتشجيع استخدام نماذج العمل القُطْرية، وتوسيع نطاق عمل مركز الإمدادات اللوجستية التابع للمنظمة في دبي، وتحسين التنسيق من خلال مجموعات الصحة.
الأمراض المُعدية المُستجدة
ازدادت احتمالات ظهور الأمراض التي تُسببها مُمرِضات شديدة الخطورة وانتقالها بسرعة في الإقليم بسبب حالات الطوارئ الإنسانية الحادة وطويلة الأمد التي تؤثر على الكثير من البلدان بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشر، الأمر الذي خلَّف وراءه أعداداً كبيرة من النازحين داخلياً واللاجئين الذين يعيشون في مساحات مكتظة ومُثقَلة بالأعباء، في ظل نقص فرص الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية والبنية التحتية البيئية أو انعدامها. وتشمل عوامل الخطر الأخرى التحضُّر السريع، وتغيُّر المناخ، وضعف الترصُّد، والقُدُرات المختبرية التشخيصية المحدودة، وزيادة التفاعل بين البشر والحيوانات. وفي الوقت نفسه، لا تزال هناك تحدِّيات تواجه جهود الوقاية من الأمراض المستجدة والأمراض التي يمكن أن تتحول إلى أوبئة ومكافحتهما في الإقليم بسبب الثغرات المعرفية عن عوامل الخطر الخاصة بسريان عددٍ من الأمراض المستجدة والأمراض التي يمكن أن تتحول إلى أوبئة الشائعة في الإقليم وخصائصها الوبائية، فضلاً عن أنظمة الترصُّد الضعيفة أو الـمُجزَّأة للكشف المبكر عن التهديدات الصحية، والقُدُرات المختبرية التشخيصية المحدودة بسبب النُظُم الصحية الهشّة في البلدان المتضررة من جراء الأزمات. وتُعزَى هذه التحدِّيات إلى عدم كفاية الاستثمار في أنشطة ترصُّد الأمراض والاستجابة لها، والافتقار إلى استراتيجيةٍ متماسكة وشاملة تُركِّز على البلدان للوقاية من الأمراض المستجدة والأمراض التي يمكن أن تتحول إلى أوبئة واحتوائها ومكافحتها.
وفي 2017، جرى احتواء عددٍ من الفاشيات الناجمة عن الأمراض الـمُعدية المستجدة بنجاح، بما في ذلك احتواء حالات لحمى الضنك في باكستان، والكوليرا في الصومال، وداء الفَيالِقَة المرتبط بالسفر في الإمارات العربية المتحدة، والإسهال المائي الحاد في السودان، وعدد محدود لفاشيات متلازمة الشرق الأوسط التنفسية في المستشفيات بالمملكة العربية السعودية. وكان ذلك ممكناً بفضل الاستقصاء الميداني السريع ونشر موظفي الاستجابة السريعة من المكتب الإقليمي، والاستعانة بالشركاء من الشبكة العالمية للإنذار بحدوث الفاشيات ومواجهتها لتقديم الدعم للاستجابة الميدانية، كما ساعد فيه تقديم الإرشاد والنصح إلى البلدان المتضررة كي تطبق تدابير الصحة العامة السريعة لاحتواء الفاشيات.
وأنشأت المنظمة شبكتها لمختبرات الـمُمرِضات المستجدَّة والخطرة في 2017 بهدف إنشاء مختبرات ذات مستويات أمن عالية من أجل الكشف عن الفاشيات التي تُسبِّبها مُمرِضات جديدة ومستجدة وخطرة، وتدبيرها علاجياً، واحتوائها في الوقت المناسب. وقدّمت الشبكة بالفعل تدريباً حول الكشف عن الأمراض المستجدة وتشخيصها. وفي 2017، عزَّزت جمهورية إيران الإسلامية، وفلسطين، والمملكة العربية السعودية، والصومال، والسودان، والجمهورية العربية السورية، والإمارات العربية المتحدة نُظُمها لترصُّد الأمراض الـمُستجدة، كما أنشأت نُظُم الإنذار المبكر للكشف عن التهديدات الصحية. بالإضافة إلى ذلك، وتمشياً مع القرار ش م/ل إ 62/ق-1، أُنشئ نظام الترصُّد الخافر للعدوى التنفسية الحادة الوخيمة وجرى تفعيله في 19 بلداً من بين 22 بلداً، ما عزَّز قُدُرات هذه البلدان على الكشف عن التهديدات الناجمة عن فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، وإنفلونزا الطيور A (H5N1) وغيرها من فيروسات الجهاز التنفسي الجديدة وتخفيف آثارها.
وجرى توسيع نطاق شبكة شرق المتوسط للإنفلونزا، وهي عبارة عن قاعدة بيانات إقليمية لتبادل البيانات حول الإنفلونزا، بغية تلقِّي بيانات ترصُّد العدوى التنفسية الحادة الوخيمة الواردة من 13 بلداً من بين 19 بلداً لديها نظام جيد لترصُّد الإنفلونزا. وبالإضافة إلى ذلك، أُنشئ فريق استشاري تقني من أجل تحديد مبادرات البحوث ذات الأولوية عن متلازمة الشرق الأوسط التنفسية في الإقليم، بهدف سد الثغرات المعرفية الحرجة والمساهمة في تحسين استجابة الصحة العامة لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية. ونظَّمت المنظمة كذلك أول مؤتمر علمي من نوعه عن العدوى التنفسية الحادة لاستعراض التقدُّم الـمُحرَز في ترصُّد الإنفلونزا، وإبراز المعرفة الجديدة الـمُكتسبة في مجال الترصُّد للكشف عن فيروسات الإنفلونزا وفيروسات الجهاز التنفسي الأخرى المستجدة في الإقليم. وخلال 2017، أشرفت المنظمة أيضاً على تنفيذ تدابير التأهُّب والاستعداد في مجال الصحة العامة وتدابير التخفيف من وطأة المخاطر في المملكة العربية السعودية خلال موسم الحج في عام 2017 (1438 بعد الهجرة)، وفق ما تشترطه اللوائح الصحية الدولية 2005. وفي إطار الخطة الإقليمية الخاصة بتحديد البؤر الساخنة المحتملة للعدوى بفيروس زيكا، استُكمِل رسم خرائط بمخاطر توزيع نواقل الأمراض من جنس البعوضة الزاعجة في الوقت الحالي وفي المستقبل، من أجل تعزيز تدابير التأهُّب والاستعداد للوقاية من العدوى بفيروس زيكا والكشف عنها والاستجابة المبكرة لها. وجرى التنسيق بين الاستراتيجيات التنفيذية لتعزيز التأهُّب للكوليرا وسائر تدابير المكافحة من أجل تنفيذها بسرعة في البلدان المتضررة والبلدان الـمُعرَّضة للخطر، وجاء ذلك في أعقاب اجتماع تشاوري عُقِد في منتصف 2017 في بيروت، لبنان. ويجري حالياً، من خلال استعراض منهجي، تجميع البيّنات عن عبء الأخطار الصحية الناجمة عن الأمراض المستجدة وعوامل الخطر المرتبطة بها، فضلاً عن أفضل الممارسات بشأن تدخلات المكافحة.
ومستقبلاً، ستُعزِّز المنظمة الوقاية من الأمراض المستجدة والأمراض التي يمكن أن تتحول إلى أوبئة ومكافحتهما، من خلال مساعدة البلدان على التنبؤ بمخاطر الأحداث الصحية واكتشافها وتقييمها وتعزيز استجابات سريعة للفاشيات، وإعداد خرائط بالبؤر الساخنة، وإنشاء أنظمة ترصُّدٍ فعالة، وإجراء تقييم للمخاطر في البلدان ذات المخاطر العالية لتكون الأساس الذي تقوم عليه خطط التأهُّب والاستجابة.
التأهُّب
في 2017، قدمت المنظمة الدعم لمصر، والعراق، والأردن، وباكستان، لإجراء تقييم للمخاطر ولإعداد خطط التأهُّب لكل الأخطار والاستجابة لها. كما عزَّزت المنظمة قائمة الخبراء الإقليميين بعقْد دورة إقليمية للجهات النظيرة الوطنية والموظفين في المكاتب القُطْرية للمنظمة قبل نشرهم لتقديم الاستجابة في حالات طوارئ الصحة العامة. وبالإضافة إلى ذلك، دعمت المنظمة اللجنة الدولية للصليب الأحمر لعقد دورة إقليمية عن حالات الطوارئ الصحية التي تؤثر على أعداد كبيرة من السكان، وأتاح هذا الدعم فرصة أخرى لتدريب المزيد من الموظفين من داخل الإقليم بفاعلية. وأُجريت دورة تدريبية عن طوارئ المستشفيات في البحرين وليبيا والسودان، وذلك في إطار سلسلة من الدورات المزمع تكرارها عبر الإقليم. كما شارك المكتب الإقليمي في أول اجتماع عالمي يجري وجهاً لوجه لفرقة عمل المنظمة المعنية بالاستعداد الميداني.
وعُقِدت مشاورة للخبراء على مدار يومين هدفت إلى جمع الجهات صاحبة المصلحة الدولية والوطنية لمناقشة صحة المهاجرين والنازحين. وعُرِض تحليل عن الآثار الصحية على النازحين داخلياً، واللاجئين، والمهاجرين والعائدين في الإقليم، كما نُوقشت خطة عمل إقليمية مقتَرَحة في هذا الصدد.
وفي إطار تنفيذ قراري اللجنة الإقليمية ش م/ل إ 62/ق-3 لعام 2015 وش م/ل إ 63/ق-1 لعام 2016، واصل المكتب الإقليمي دعم إجراء التقييمات الخارجية المشتركة الطوعية الإضافية، فقدم الدعم في هذا الصدد في عام 2017 إلى الكويت وعُمان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وتواصلت المنظمة باستمرار مع البلدان المتبقية، وقدّمت التدريب إلى عددٍ منها للبدء في عملية التقييم الذاتي تمهيداً لإجراء التقييم الخارجي المشترك. كما أعدّ المكتب الإقليمي إرشادات إقليمية حول إجراء التقييم الخارجي المشترك في البلدان التي تعاني من أزمات، إلى جانب توفير التدريب لكل من ليبيا والعراق والجمهورية العربية السورية واليمن. وقدَّم التدريب فرصة متميزة للمشاركين لتبادل الخبرات والعودة إلى بلدانهم للدعوة لهذه العملية.
وحيث إن استكمال التقييم الخارجي المشترك هو خطوة أولى فحسب، فقد تحول الاهتمام صوب مساعدة البلدان في وضع خطط عمل وطنية للأمن الصحي وتحديد تكلفتها في مرحلة ما بعد التقييم الخارجي المشترك. وتنتهج الخطط نهجاً متعدد القطاعات من أجل تعزيز الأمن الصحي الوطني طبقاً للوائح الصحية الدولية، مستفيدة في ذلك من نتائج التقييم الخارجي المشترك وغيره من التقييمات وكذلك النتائج التي يسفر عنها إطار رصد اللوائح الصحية الدولية وتقييمها. وفي 2017، عُقِدت حلقات عمل وطنية في الأردن والمملكة العربية السعودية شاركت فيها كل القطاعات المعنية الملتزمة باللوائح الصحية الدولية. وحددت حلقات العمل الإجراءات التي تحظى بالأولوية في 19 مجالاً تقنياً من مجالات التقييم الخارجي المشترك. كما قدمت المنظمة الدعم التقني لأفغانستان والسودان لوضع خطط العمل الوطنية للأمن الصحي بهما.
وبموجب إطار رصد اللوائح الصحية الدولية وتقييمها، قدمت المنظمة الدعم التقني إلى البلدان لتنفيذ القُدُرات المطلوبة بموجب اللوائح الصحية الدولية. وعقدت كل من مصر، والعراق، وباكستان مجموعة متنوعة من التمارين تراوحت بين تمارين المحاكاة "النظرية" إلى تمارين المحاكاة "واسعة النطاق" بغية اختبار تنفيذ قُدُراتها الوطنية وتحسين عملية التنفيذ هذه. وأُجري استعراض لاحق من أجل إجراء مراجعة نقدية للاستجابة للفاشيات بحثاً عن الثغرات المنهجية في المغرب (داءُ البرُوسِيلات)، مع إجراء استعراضات إضافية مخطط لها في باكستان (حمى الضنك) وفي السودان (الإسهال المائي الحاد). وعقد المكتب الإقليمي الاجتماع الإقليمي السادس للجهات صاحبة المصلحة لاستعراض تنفيذ اللوائح الصحية الدولية في كانون الأول/ديسمبر 2017، الذي جمع قطاعات وطنية متنوعة وشركاء تقنيين. واتسع نطاق الاجتماع هذا العام لتشارك فيه أطراف عالمية احتفالاً بالذكرى العاشرة للوائح الصحية الدولية. كما عُقِدَت في الأردن والمغرب حلقتا عمل وطنيتان انتقاليتان ناقشتا عملية التقييم الخارجي المشترك وأداة منظمة صحة الحيوان، وهدفتا إلى تعزيز أواصر التعاون بين قطاعات صحة الإنسان والحيوان، وتحديد الأنشطة المشتركة والتخطيط لها كي يتسنَّى إدراجها في خطط العمل الوطنية للأمن الصحي.
وستواصل المنظمة دعم البلدان للوفاء بالمتطلبات التي توجبها اللوائح الصحية الدولية من خلال بناء قُدُراتها وصونها في مجالات الترصُّد لجميع الأخطار والاستجابة لها، ودعمها في رصد امتثالها للوائح الصحية الدولية، ووضع خطط العمل الوطنية للأمن الصحي، وبناء قُدُرات مسؤولي التنسيق المعنيين باللوائح الصحية الدولية، وتعبئة الموارد، وتعزيز التنسيق والحوار مع الشركاء، والحصول على الدعم من البلدان الأخرى.