يسرُّني أن أقدِّم تقريري السنوي عن أعمال منظمة الصحة العالمية في إقليم شرق المتوسط، الذي يغطي عام 2014 والفترة الأولى من عام 2015. وعلى غرار ما حدث في العامين الماضيَيْن، يركِّز التقرير على الأولويات الاستراتيجية التي أقرّتها اللجنة الإقليمية لشرق المتوسط عندما تولَّيت مهام منصبي في عام 2012( )، وتتمثَّل هذه الأولويات الاستراتيجية في تقوية النُظُم الصحية صَوْب تحقيق التغطية الصحية الشاملة، وصحة الأمومة والطفولة، والوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها، والأمن الصحي ومكافحة الأمراض السارية، والتأهُّب لحالات الطوارئ والاستجابة لها. وإلى جانب هذه الأولويات الاستراتيجية الخمس، التي تمثِّل التحدّيات الرئيسية التي تواجه التنمية الصحية في هذا الإقليم، أُولِي اهتمام كبير بعملية الإصلاح الإداري، وتحسين العمليات الإدارية، وتعزيز الامتثال والشفافية.
وظلَّت أعمال المنظمة خلال العام المنصرم تهيمِن عليها أوضاع الطوارئ والحالات الإنسانية المتصاعدة. وغنيٌّ عن القول أن حجم الأزمات التي يمرُّ بها هذا الإقليم هو حجم غير مسبوق، حيث يُقدَّر عدد المتضرِّرين حالياً من هذه الأزمات بـ 58 مليون شخص، من بينهم نحو 16 مليون لاجئ أو نازح داخلي. ودعَّمت المنظمة الاستجابات الإنسانية الجادَّة في الأردن، وفلسطين، والجمهورية العربية السورية، والعراق، ولبنان، وليبيا، واليمن، في الوقت الذي تحافظ فيه على الجهود التي تبذُلها بالتعاون مع شركائها، من أجل تعزيز مرونة النُظُم الصحية وقدرتها على التكيُّف في البلدان التي تَمُرّ بحالات طوارئ معقّدة طويلة الأمد. وكان للتدمير الذي طال المرافق الصحية، وعدم إمكانية الوصول إلى مناطق كثيرة للحفاظ على وجود إمدادات طبية كافية للحالات المرضية الحادّة والمزمنة، فضلاً عن هروب العاملين في مجال الرعاية الصحية وأسرهم، تداعيات خطيرة خلال العام المنصرم على قُدرة عدد من البلدان على مواصلة تقديم الخدمات. وعلى حين واصَل بعض المانحين التزامهم الإنساني ودعمهم السخي، فإن التحدِّي الرئيسي أمام قدرتنا على الحفاظ على وجود استجابة كافية، نحن وشركاؤنا في مجال الصحة، يتمثَّل في غياب التمويل المستدام. وقد نجم عن ذلك إيقاف عدد من البرامج والأنشطة الصحية، في 2015، في العراق، كما أن تقديم الخدمات والبرامج الصحية، في أماكن أخرى، مهددٌ أيضاً بالتوقُّف.
ومع ذلك، فقد واصلنا تكثيف دعمنا، مع تكشُّف فصول الأزمات، حيث قامت المنظمة بتيسير تسليم الأدوية والمستلزمات الطبية إلى المستشفيات والمرافق الصحية في غزَّة في 2014، سواء إبَّان النزاع أو بعده، كما قادت مجموعة الصحة في إجراء التقييم المشتَرَك للقطاع الصحي بالتعاون مع الشركاء. وعلى جانب آخر، تم تعزيز قدرات مكتب المنظمة القُطري في العراق من خلال نشر عدد إضافي لموظفين دوليين من ذوي الخبرة في جميع المجالات، وإنشاء محاور و/أو مراكز اتصال للمنظمة في جميع المحافظات التسعة عشر. هذا إلى جانب نشر 10 عيادات متنقلة في شمال العراق، حيث تم، مع حلول أيار/مايو 2015، تمكين 3.5 ملايين شخص للحصول المباشر على الأدوية الأساسية والمعدات الطبية، كما تم تطعيم ما يزيد على 5 ملايين طفل ضد شلل الأطفال. وفي الجمهورية العربية السورية، اتَّخذت المنظمة نَهْجاً مبتكراً بشأن العمل مع طيف من الشركاء لضمان الوصول إلى المناطق التي كان يصعب الوصول إليها، حيث جرى توفير العلاج الطبي لأكثر من 13.8 مليون حالة؛ ثلثها في مناطق يصعب الوصول إليها. وتمكنَّا من حشد ما يربو على 17.000 من العاملين في الرعاية الصحية للقيام بحملات التمنيع ضد الحصبة وشلل الأطفال. أما في اليمن، ففي أعقاب تصاعُد النزاع، قامت المنظمة، في الفترة ما بين آذار/مارس ونهاية تموز/يوليو 2015، بتوزيع 181 طناً من الأدوية والمستلزمات الطبية، وما يزيد على 500.000 لتر من الوقود، بالإضافة إلى توفير المياه المأمونة ومجموعات من لوازم النظافة الصحية، لضمان استمرار عمل البنية الأساسية والمنشآت الصحية لخدمة المجتمعات السكانية والنازحين الداخليين.
وأقرَّت اللجنة الإقليمية أهمية الحاجة إلى تعزيز التأهُّب للطوارئ والاستجابة لها، من خلال اعتماد نهج مواجهة جميع الأخطار وتبنِّي نهج متعدد القطاعات. وكانت 19 بلداً قد تلقَّت، بنهاية 2015، دعم المنظمة في مجال مراجعة خططها الوطنية القائمة، بهدف اعتماد النهج الشامل في هذا الشأن. وقد أكمل بَلَدان اثنان الآن خططهما الوطنية في هذا المجال. وأبرَمَت المنظمة، من خلال عملها الوثيق مع المدينة العالمية للخدمات الإنسانية، في دبي، اتفاقاً مع الإمارات العربية المتحدة لإنشاء مركز للمنظمة مخصص للعمليات الإنسانية/ الخدمات اللوجستية، والذي سيدعم عمليات الشراء السريع وتوفير المستلزمات والمعدات الطبية الحيوية للبلدان التي تمرّ بحالات طوارئ داخل هذا الإقليم وخارجه. وأنشئ الصندوق الإقليمي للتضامُن في حالات الطوارئ، والذي سيتم تمويله بمبلغ 4.9 ملايين دولار أمريكي للثنائية 2016 – 2017، أي ما يوازي نسبة 1% من ميزانية المنظمة التي تخصص للبلدان، وسيُترك المجال مفتوحاً لأي مساهمات طوعية أخرى. وفي سياق متصل، تم بناء قدرات مراكز الاتصال المعنية بحالات الطوارئ، وسيتواصَل ذلك بصفة سنوية، مع استمرارنا في إنشاء القائمة الإقليمية التي تَضُم خبراء أكفاء يمكن نشرهم على وجه السرعة في حالات الطوارئ.
وعقب المناقشات والقرارات التي اتُخذت في جمعية الصحة العالمية في أيار/مايو 2015، بعد اندلاع فاشية مرض فيروس إيبولا في 2014، وفي ما يتصل بإصلاح وتعزيز قدرات المنظمة على التأهُّب لحالات الطوارئ والاستجابة لها، قُمنا بإجراء مراجعة وثيقة لقدراتنا في هذه المجالات، وأجرينا، على أثر ذلك، مزيداً من إجراءات الإصلاح عن طريق إعادة هيكلة وتعزيز القدرات التقنية والإدارية في هذا الشأن، من أجل ضمان الاستعداد والاستجابة المناسبَيْن على المستويين القُطري والإقليمي، فضلاً عن التنسيق الفعَّال في هذا الإطار. وأنشأنا، بفضل الدعم الذي قُدِّم من الحكومة الأردنية، مركزاً إقليمياً للطوارئ واستئصال شلل الأطفال في العاصمة عمَّان. ويجرى حالياً إنشاء وحدة ينصَبُّ تركيزها على ضمان استعداد المنظمة، في هذا المركز في عمَّان، من أجل بناء القدرات وضمان استعداد المنظمة للاستجابة لطوارئ الصحة العمومية في هذا الإقليم. وثَمَّة كيان ثانٍ، مقرُّه القاهرة، يتألف من وحدتين، هما: وحدة التأهُّب للطوارئ ووحدة التنسيق، والذي سيتولى القيادة والتنسيق وضمان وجود آلية للاستجابة الفعَّالة وتقديم الدعم في الوقت المناسب للبلدان التي تواجه أزمات.
وحقق الإقليم انخفاضاً كبيراً في معدّلات وفيات الأمهات والأطفال منذ عام 1990، وفقاً لما توضحه أحدث بيانات الرَصْد الخاصة بالأهداف الإنمائية للألفية. وعلى الرغم من ذلك، فإن معدّلات الانخفاض ليست كافية لبلوغ المعدّلات التي حددها الهدفان الرابع والخامس من الأهداف الإنمائية للألفية بنهاية 2015. فعلى المستوى الإقليمي، انخفض معدَّل وفيات الأطفال دون سن الخامسة بنسبة 46% خلال الفترة من 1990 إلى 2013 (أقل من معدّل الانخفاض العالمي البالغة نسبته 49%)، بمتوسط انخفاض سنوي مقداره 2.6%. ومع ذلك، فإن هذا المعدّل يقل عن نسبة الانخفاض البالغة 67% المطلوب تحقيقها من أجل بلوغ الهدف الرابع من الأهداف الإنمائية للألفية بحلول 2015. وعلى الجانب الآخر، انخفض معدّل وفيات الأمهات بنسبة 50% خلال الفترة من 1990 إلى 2013 (ما يتجاوز نسبة الانخفاض على المستوى العالمي البالغة 45%)، بمتوسط انخفاض سنوي مقداره 3%. وهذا المعدّل يقل أيضاً عن نسبة الانخفاض البالغة 75% المطلوب تحقيقها من أجل بلوغ الهدف الخامس من الأهداف الإنمائية للألفية بحلول 2015. وتم توفير الدعم اللازم للبلدان التسعة التي تنوء بالعبء الأكبر من وفيات الأمهات والأطفال في تنفيذها لخطط تسريع وتيرة التقدُّم من أجل تخفيف هذا العبء بشكل أكبر. بَيْد أنه من غير المرجَّح أن تَبْلُغ غالبية هذه البلدان تلك الأهداف بنهاية 2015. وعلى الرغم من أن ضعف النُظُم الصحية وحالات الطوارئ ونقص التمويل تشكل عقبات رئيسية لابد من التصدِّي لها بصورة ملائمة، فإنه يتعيَّن إيلاء اهتمام أكبر ومستوى أعلى من الالتزام والدعم السياسي لقضايا خفض وفيات الأمهات والأطفال في هذه البلدان، كما أن هناك حاجة إلى الدعم الفعَّال من جانب الأطراف المعنية على الصعيدين العالمي والإقليمي. وبينما ستواصِل المنظمة دعم تنفيذ التدابير التي تتسم بالفعالية لقاء التكاليف والعالية التأثير خلال الثنائية المقبلة، فسيتم أيضاً إيلاء مزيد من الاهتمام إلى دعم الدول الأعضاء في مجابهة التحدّيات التي تواجِه النُظُم الصحية وتنفيذ التدخُّلات المجتمعية.
وتحسَّن الوضع بعض الشيء في ما يتعلق بسوء التغذية في الإقليم، غير أن التقدُّم الحاصل في هذا المجال غير كاف، ومازال هناك المزيد مما ينبغي عمله لضمان حصول جميع الأمهات والأطفال في كل البلدان على التغذية الكافية من أجل الحفاظ على الصحة والتنمية. ووفقاً للإحصاءات الصحية العالمية 2014، فقد شهد الإقليم في المتوسط انخفاضاً في معدّلات انتشار نقص التغذية من 22.6% عام 1991 إلى 13.6% في عام 2012. ومنذ عام 1990، حققت 13 بلداً من بلدان الإقليم، أي أكثر من نصف عدد البلدان، غاية الهدف الأول من الأهداف الإنمائية للألفية المتمثِّل في خفض نسبة السكان الذين يعانون من الجوع بمقدار النصف. ومع ذلك، فإن بلدَيْن اثنين فقط من هذه البلدان (عُمان والكويت) هما اللذان حققا أيضاً الغاية التي حددها مؤتمر القمة العالمي للأغذية في 1996، رغم أن تونس أوشكت على بلوغ هذه الغاية كذلك. وماتزال معدّلات الإصابة بفقر الدم مرتفعة في الإقليم ولاسيَّما بين النساء في سن الإنجاب وبين الأطفال. وكذلك هو الحال بالنسبة لمعدّلات التقزُّم وانخفاض وزن المواليد. وعلى نفس القدر من الأهمية بالنسبة للأطفال، وللصحة على المدى الطويل، فإن نسبة النساء اللائي يقتصرن على الرضاعة الطبيعية لمدة 6 أشهر على الأقل ما تزال منخفضة جداً. وتقوم المنظمة، بالتنسيق مع شركاء الأمم المتحدة، بدعم الدول الأعضاء بشأن أفضل السُبُل لتنفيذ الأهداف العالمية للمنظمة في مجال التغذية والتوصيات الصادرة عن المؤتمر الدولي الثاني المعني بالتغذية الذي عُقِد في عام 2014. والعمل جارٍ حالياً لإعداد إطار عمل إقليمي في هذا الشأن، والذي سيتألف من مجموعة من الخيارات السياساتية والتدخُّلات العالية المردود من أجل تعزيز التغذية في الإقليم.
وفي ما يختص بالهدف السادس من الأهداف الإنمائية للألفية فعلى الرغم من إحراز تقدُّم كبير في الوقاية من فيروسات نقص المناعة البشرية والسل والملاريا، ومكافحتها، فإن هذا التقدُّم غير كافٍ لتحقيق الغايات المطلوبة. وهناك عاملان رئيسيان يؤثِّران في إحراز المزيد من التقدُّم في هذا الخصوص، أولهما التحدّيات التي تواجِه قدرات النُظُم الصحية في الإقليم، بصفة عامة، ولاسيَّما في البلدان التي تنوء بالعبء الأكبر من الأمراض السارية، وثانيهما تأثير حالات الطوارئ المعقَّدة في الإقليم.
ويظل المعدَّل العام لانتشار فيروس نقص المناعة البشرية منخفضاً في هذا الإقليم بالمقارنة مع الأقاليم الأخرى. إلا أنه من المهم إدراك أن عدد حالات الإصابة الجديدة يواصِل الارتفاع بين الفئات السكانية الرئيسية التي ترتفع لديها مخاطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية. كما أن نسبة تلقِّي العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية، التي تُعَدُّ حاسمة في الحفاظ على جودة الحياة والوقاية من حدوث حالات عدوى جديدة، ما تزال تقل كثيرا جداً عن النسبة المحددة في الأهداف العالمية. واستمر دعمنا للبلدان، خلال عام 2014، لتنفيذ المبادرة الإقليمية لوضع نهاية لأزمة علاج فيروس نقص المناعة البشرية، وعلى الدول الأعضاء مواصلة التركيز على ذلك.
وانخفض العبء الإقليمي من الملاريا انخفاضاً كبيراً، كما قل عدد الوفيات الناجمة عنها بمقدار النصف منذ عام 2000، وكذلك عدد البلدان المتضررِّة. وحققت سبعة بلدان الغاية ذات الصلة بالملاريا ضِمن غايات الهدف السادس من الأهداف الإنمائية للألفية، في حين يتعذَّر إجراء تقييم موثوق لاتجاهات هذا المرض في خمسة بلدان، نظراً لعدم الاتساق في تبليغ المعلومات الخاصة بالملاريا فيها. وتم إعداد خطة عمل إقليمية لتنفيذ الاستراتيجية العالمية للملاريا 2016 – 2030، بهدف وقف سراية الملاريا في المناطق التي يمكن تحقيق ذلك فيها وتخفيف العبء بأكثر من 90% في المناطق التي لا يمكن التخلص من الملاريا فيها بشكل فوري.
وفي حين حقق الإقليم غايات الأهداف الإنمائية للألفية، المتعلقة بوقف حالات وقوع السل وبدء انحسارها، فإنه لم يصل بعد إلى تحقيق غايات استراتيجية دحر السل المتمثِّلة في خفض معدّلات انتشار السل، والوفيات الناجمة عنه، بمقدار النصف. وهناك خمسة بلدان مسؤولة عن 84.5% من العبء الإقليمي للسل. ومن الأهمية بمكان ملاحظة أن التقديرات تشير إلى أن 40% من الحالات ما تزال إما لم تُكتشَف أو لا يبلَّغ عنها. ولهذا الأمر تداعيات خطيرة بالنسبة لمكافحة هذا الداء بشكل عام. وقد أعدَّت المنظمة في 2014 توجيهات وإرشادات حول مكافحة السل في حالات الطوارئ المعقّدة، إضافةً إلى حزمة من الخدمات لمرضى السل العابر للحدود. ويحدونا الأمل في أن تمضي البلدان التي تنوء بعبء كبير من هذا المرض قُدُماً في تنفيذ هذه التدابير المهمّة في 2015.
واستمر الوضع في ما يتعلق باستئصال شلل الأطفال يثير القلق في 2014، في ظل بقاء هذا الإقليم موطوناً بهذا الداء ومسؤولاً عن 99% من جميع الحالات التي تم الإبلاغ عنها على مستوى العالم خلال النصف الثاني من العام. ومع ذلك، فقد تم، في عام 2014، وضع الأسس اللازمة لإحراز تقدُّم في مجال استئصال شلل الأطفال من هذا الإقليم خلال 2015. وقام كل من أفغانستان وباكستان بوضع خطط لتسريع وتيرة التقدُّم في هذا المجال خلال موسم السراية المنخفضة بفيروس شلل الأطفال، ويقوم البَلَدان حالياً بتنفيذ هذه الخطط. وكانت استجابة الإقليم للفاشية التي وقعت في الشرق الأوسط خلال 2013 سريعة ورفيعة الجودة، حيث تم تطعيم نحو 25 مليون طفل، من خلال حملات متعددة تمَّت في ثمانية بلدان. وتم احتواء الفاشية خلال 36 أسبوعاً، على الرغم من أوضاع الطوارئ المعقّدة التي يَمُر بها الإقليم، وكانت آخر حالة تم الإبلاغ عنها، في نسيان/أبريل 2014، وقد مرَّ الآن أكثر من عام دون وجود أي حالات أخرى مؤكّدة، كما أدَّت الاستجابة للفاشية التي وقعت في القرن الأفريقي إلى خفض السراية بنهاية 2014 لتنحصر في جيب صغير.
وحافظت البرامج الوطنية في أفغانستان وباكستان على التزامها باستئصال شلل الأطفال، وواصَل العاملون الصحيون والمتطوعون إظهار شجاعة عظيمة لدى قيامهم بأنشطة التمنيع في ظل ظروف صعبة. وأبلغَت باكستان وأفغانستان معاً، حتى 19 آب/ أغسطس 2015، عن 36 حالة ناجمة عن فيروس شلل الأطفال البرّي، مقابل 123 حالة مؤكَّدة حتى نفس التاريخ في 2014، ما يشير إلى انخفاض عام بمعدّل يقارب 70%. ومع انحصار وجود فيروس شلل الأطفال البرّي في باكستان وأفغانستان فقط، فإن التقدُّم سيبقى هشاً إلى أن يتم الوصول إلى جميع الأطفال في هذه البؤر الأخيرة التي ينتشر فيها الفيروس بشكل متوطِّن، ومن ثَمَّ تمنيعهم. ويبقى التنفيذ الكامل لخطط تسريع الوتيرة يمثِّل خطوة حاسمة من أجل إحراز تقدُّم نحو استئصال هذا الداء في 2015. والبُلدان في الإقليم ملتزمة بالخطة العالمية للشوط الأخير لاستئصال شلل الأطفال، في ظل مُضي جميع تلك البلدان التي تَستخدِم حالياً لقاح شلل الأطفال الفموي فقط، نحو إدخال لقاح شلل الأطفال المعطَّل في 2015.
وواصَل الأمن الصحي احتلاله موقعاً متقدماً على سلم أولويات جدول الأعمال على مدى العام المنصرم، وقد أدركَت الحكومات والعامة مجدَّداً أهميته مع انتشار فاشيات مرض فيروس إيبولا في ثلاثة بلدان في غرب أفريقيا. وأثارت إمكانية وفادة هذا المرض إلى الإقليم مخاوف كبيرة لدَينا. وفي إطار الاستجابة لتوصية من اللجنة الإقليمية، أجرَت المنظمة على نحو عاجل تقييماً شاملاً لقدرات الدول الأعضاء على التعامل مع الوفادة المحتملة لفيروس الإيبولا، وأجرَت الأفرقة التقنية بالمنظمة، خلال المدة من تشرين الثاني/نوفمبر 2014 إلى شباط/فبراير 2015، تقييمات سريعة لمستويات التأهُّب وتدابير الاستعداد في 20 بلداً.
وأوضحت التقييمات وجود نقاط ضعف حرجة في مجالات الوقاية والاكتشاف المبكِّر والاستجابة. وتم تنفيذ خطة عمل بعد ذلك على مدى 90 يوماً في الإقليم، بدءًا من أيار/مايو 2015، لمساعدة البلدان على سَد الثغرات الـمُلحَّة. ويتعلق الكثير من الثغرات التي حددها التقييم بمدى قدرة البلدان عموماً على تنفيذ القدرات الأساسية المطلوبة بموجب اللوائح الصحية الدولية (2005). ويحين الموعد النهائي للتحقُّق من توافر القدرات الأساسية الوطنية اللازمة لتنفيذ اللوائح، في حزيران/ يونيو 2016. وما تزال هناك مواطن ضَعف موجودة، وعلى جميع البلدان تعزيز جهودها في ضوء التقييمات من أجل معالجة الثغرات التي تم تحديدها. ويتضمَّن التركيز الاستراتيجي للمنظمة في مجال دعم البلدان، التأكيد على التنفيذ المتعدد القطاعات الذي سيكون ذا أهمية حاسمة في معالجة هذه الثغرات. وستتم، خلال الاجتماع السنوي الرابع للأطراف المعنية باللوائح الصحية الدولية والذي سَيُعقَد في أواخر عام 2015، مراجعة تنفيذ الخطط الوطنية والإقليمية لتعزيز تنفيذ اللوائح الصحية الدولية في السياق الخاص بمرض الإيبولا.
وفي حين مثَّل مرض إيبولا تهديداً صحياً واضحاً وحقيقياً من خارج الإقليم، فقد كانت هناك تهديدات صحية أخرى أكثر إلحاحاً من داخل هذا الإقليم. فمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية الناجمة عن الفيروس التاجي كورونا (MERS-CoV)، وفيروس إنفلونزا الطيور (H5N1)، يمثلان تهديدَيْن صحيَّيْن مستجدَّيْن، ينبغي أن تستعد لهما البلدان نظراً لإمكانية تحولهما إلى جائحة. وقد حدث ارتفاع كبير في حالات الإصابة بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية الناجمة عن الفيروس التاجي – كورونا في بلدين من هذا الإقليم في عام 2014، والتي تعود بشكل أساسي للإصابة بالعدوى الثانوية وعدوى المستشفيات داخل مرافق الرعاية الصحية، وهو الأمر الذي أبرَز مدى الحاجة إلى ضمان سلامة المرضى والعاملين في الرعاية الصحية، وإلى تحسين تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها في المستشفيات وغيرها من المرافق الصحية، والحاجة أيضاً إلى بناء القدرات لتوفير الرعاية للمرضى المصابين بحالات عدوى شديدة الخطورة.
وفي ضوء هذين التهديدين الصحيين المستجدَّين، أرسلت المنظمة بعثات تقنية إلى العديد من البلدان على مدى عام 2014 وأوائل عام 2015، لتقييم المخاطر وتقديم الدعم من أجل احتواء تفشِّي هذَيْن المرضين في المستشفيات. ومن جهة أخرى، أُجري عدد من أنشطة بناء القدرات، ما أدى إلى استكمال خطط التأهُّب والتنفيذ السريع لها من أجل تعزيز ترصُّد هذه الأمراض واكتشافها بالسرعة المطلوبة، وتحسين ممارسات الوقاية من العدوى بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية الناجمة عن فيروس كورونا، وغيره من الأمراض التنفسية الجديدة ومكافحتها في جميع مرافق الرعاية الصحية في الإقليم. وتم إعداد خطط الإبلاغ عن المخاطر وتوسيع نطاقها على نحو عاجل لرفع مستوى الوعي العام بين الحجاج والعاملين في الرعاية الصحية ولدى الجمهور ومنع انتشار هذه الأمراض على الصعيد الدولي، ولاسيَّما خلال موسم الحج. ونحن نواصِل السعي لرأب الفجوات المعرفية حول فيروس كورونا، المسبِّب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، بغَرَض تعزيز فهم العاملين في مجال الصحة العمومية للوضع الوبائي للفيروس وطرق انتقاله، ومن ثَمَّ تحسين فعالية الاستجابة الصحية العالمية. وقُمنا، في أيار/مايو 2015 بعَقْد الاجتماع الرابع، في سلسلة اجتماعات علمية دولية حول هذا الموضوع منذ 2013. وقد ساعدَت هذه الاجتماعات المجتمع العلمي الدولي على التعرُّف بدقة على الثغرات التي نواجهها في ما يتعلق بالمعارف والمعلومات حول طرق انتقال هذه العدوى الفيروسية المستجدَّة إلى الإنسان، والعوامل التي تساعد على هذا الانتقال، فضلاً عن تحديد التدابير الأكثر أهمية في مجال الصحة العمومية من أجل وقف سراية هذا الفيروس وانتشاره بالفاعلية المتوخّاة.
وتشكِّل مقاومة مضادات الميكروبات خطراً يتزايد بشكل سريع على الأمن الصحي العالمي، والذي بدأت الدول الأعضاء في هذا الإقليم لتوِّها إدراكه والتسليم به. ولهذه المشكلة تداعيات خطيرة في هذا الإقليم وتستوجِب اتّخاذ إجراء عاجل. واستمراراً للعمل الذي بدأناه في عام 2013 بشأن مقاومة مضادات الميكروبات، شهد عام 2014 إجراء تقييم قُطري عاجل بشأن الوضع في الإقليم، ولم يُسهم فيه سوى 12 بلداً. وأظهرت النتائج وجود ثغرات كبيرة في النُظُم والإجراءات اللازمة على المستوى البلداني لمواجهة هذا التهديد. ويُبرز تقرير المنظمة العالمي الذي صدر في وقت لاحق، غياب المعلومات الخاصة بالوضع في بلدان الإقليم. وفي حين يتواصل العمل على إجراء تحليل مفصَّل عن الوضع القُطري يغطي صحة الإنسان والحيوان، فقد بدأنا العمل أيضاً على وضع إطار تشغيلي لدعم البلدان في إعداد خطط عمل، تمهيداً لمناقشتها في اجتماع وزاري متعدد القطاعات رفيع المستوى، نعتزم تنظيمه مطلع 2016.
واعترفت الدول الأعضاء، من خلال اللجنة الإقليمية، بالحجم الخطير الذي بلغته الأمراض القلبية الوعائية وأمراض السرطان والسكّري وأمراض الرئة المزمنة، واعتمدت إطار عمل إقليمياً يستند إلى الإعلان السياسي للأمم المتحدة الصادر في عام 2011. ومع ذلك، وعلى الرغم من الحاجة الملحَّة لإطلاق إجراءات قوية وشاملة، فلا يزال تنفيذ الالتزامات السياسية المنصوص عليها في إطار العمل الإقليمي غير كاف بوجه عام، ولا يتناسب مع خطورة المشكلة في هذا الإقليم. وتعمل المنظمة مع الدول الأعضاء على العديد من المبادرات المهمّة من أجل تنفيذ الالتزامات الأساسية الواردة في المجالات الأربعة لإطار العمل الإقليمي: الحَوْكَمَة، والترصُّد، والوقاية، والرعاية الصحية.
وعلى صعيد آخر، أفضَت الأعمال التي قامت بها المنظمة في عام 2014 إلى إعداد إرشادات تقنية لتنفيذ التدابير التي ثبتت جدواها من حيث الفعالية لقاء التكاليف أو "أفضل الصفقات" في مجال الوقاية، كما قُدِّم الدعم التقني إلى كثير من البلدان. وتم إعداد بيانات للسياسات ودلائل إرشادية حول تقليل استهلاك الملح والدهون، تسترشد بها البلدان حالياً في اتخاذ الإجراءات المناسبة استناداً إلى أفضل الممارسات. وأُطلق نظام رصد لتتبُّع التقدُّم الذي تحرزه بلدان الإقليم في هذا الشأن. وتم تنظيم اجتماع بلداني لاستعراض الخبرات الدولية في إدماج الحالات الشائعة ضمن الرعاية الصحية الأولية. وسوف يتواصَل هذا العمل في 2015، مع التركيز بشكل خاص على إعداد إرشادات تقنية تستند إلى البيِّنات والبراهين وإلى أفضل الممارسات في مجال الرعاية الصحية. ونعمل أيضاً مع خبراء دوليين، بما في ذلك جامعة جورج تاون، من أجل دعم تحديث التدخُّلات المالية والقانونية للمساعدة على مكافحة عوامل الخطر وتعزيز توفير رعاية أفضل.
وبعد أن أقرَّت اللجنة الإقليمية في دورتَيْها لعام 2012 وعام 2013، الاستراتيجيات والإجراءات الخاصة بتقوية النُظُم الصحية، حَثّ المكتب الإقليمي البلدان، في عام 2014، على تنفيذ إطار العمل من أجل التقدُّم صَوْب تحقيق التغطية الصحية الشاملة. واتَخَذت بلدان عدة خطوات مهمّة في هذا الشأن. وجميع البلدان لديها الآن صورة أوضح حول ما ينبغي عمله لمواجهة التحدّيات في هذا المجال. وتعزّزت هذه المعرفة بعد إعداد المرتسمات القُطرية الخاصة بالقطاعات الدوائية، التي أبرزت وجود ثغرات في مجالات أساسية ذات صلة بتنظيم الأدوية والحصول عليها واختيارها وشرائها وصرفها واستعمالها على نحو رشيد.
وهناك دراسة استقصائية متعمِّقة حول التعليم الطبي تُقدِّم معلومات قيِّمة أيضاً حول سُبُل المضيّ قُدُماً بالنسبة للبلدان لتحسين التخطيط للاحتياجات المستقبلية في القطاع الصحي. ومن المجالات التي تشكِّل تحدياً نوعياً في هذا المجال، النقص الحاد في أطباء الأسرة في معظم بلدان الإقليم، والحاجة إلى توسيع نطاق إعداد وتخريج هؤلاء الأطباء. كما تُبذَل جهود من أجل تحديد التدخُّلات قصيرة وطويلة الأمد المسنَدَة بالبيِّنات والبراهين، التي يمكن من خلالها التغلب على النقص الحاصل في هذه الفئة من مقدمي الرعاية الصحية. وأجرَت المنظمة مراجعة شاملة، في عام 2015، لأوضاع التمريض والقبالة في الإقليم من أجل وضع توجُّهات استراتيجية واضحة لتقوية هذا المجال من مجالات العمل. وسترفع توصية بوضع إطار يضم قائمة بالإجراءات ذات الأولوية، مع مراعاة نطاق التحدّيات التي تواجهها مجموعات البلدان المختلفة. وسيتواصل اعتبار تعزيز خدمات التمريض والقبالة أولوية بالنسبة للمنظمة في 2015، وعلى مدار الثنائية المقبلة.
وتحقَّق إنجازان في مجال المعلومات الصحية وهو الأمر الذي يمثِّل أهمية حاسمة بالنسبة للتخطيط الصحي وإعداد السياسات وتنفيذها. فقد اتّخذت اللجنة الإقليمية، في عام 2014، خطوة مهمّة، بإقرارها الإطار الخاص بنُظُم المعلومات الصحية والمؤشرات الأساسية ذات الصلة. وكان ذلك ثمرة لعمل مكثَّف، تم على مدَى العامين الماضيين، مع مختلف القطاعات في الدول الأعضاء، ومع خبراء دوليين في هذا المجال. وينبغي لجميع البلدان أن تعزِّز نُظُم المعلومات الصحية لديها. ويتمثَّل التحدّي بالنسبة لها جميعا في تنفيذ الإطار ومعالجة الثغرات في ما يختص بإنتاج البيانات واستخدامها بالنسبة للمؤشرات الأساسية البالغ عددها 68 مؤشراً. وستكون مساعدة البلدان في أداء هذه المهمّة، المسعَى الأساسي للمنظمة خلال الثنائية المقبلة.
أما الإنجاز الثاني، فيتمثّل في العمل الذي أُنجز حتى الآن في مجال تقوية نُظُم تسجيل الأحوال المدنية والإحصاءات الحيوية، مع التركيز بوجه خاص على تحسين الإبلاغ عن الوفيات التي تُعزَى لأسباب محددة. وتم إجراء تقييمات سريعة في جميع البلدان، وتقييمات شاملة في 17 بلداً. ويمتلك إقليمنا حالياً المعلومات الأكثر شمولا عن حالة تسجيل الأحوال المدنية والإحصاءات الحيوية في الدول الأعضاء. وتم إبلاغ البلدان بالثغرات القائمة وحثّها على رأبها وفقاً للاستراتيجية الإقليمية التي أقرّتها اللجنة الإقليمية في دورتها الستين. وفي حين نقوم بتوسيع نطاق القدرات الإقليمية، بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى، فلا تزال الحاجة قائمة إلى مزيد من التركيز، داخل النُظُم الصحية، على استحداث بيانات دقيقة عن الوفيات، وعن أسبابها.
ومثَّل عام 2014 فترة مهمة بالنسبة لإصلاح المنظمة، حيث واصلنا تنفيذ التزامنا بمزيد من الفعالية والمساءلة والشفافية. وقد أثمر إعداد الميزانية البرامجية للثنائية 2016 – 2017 في الوقت المناسب والإشراك المبكِّر للشركاء من خلال النهج الذي ينطلق من القاعدة إلى القمة، عن تحسن عملية التخطيط المشتَرَك، ووضع عدد أكثر تركيزاً من الأولويات المحددة، وتخصيص الميزانية وفقاً لأولويات البلدان. وكان هناك تحسُّن واضح في عملية تحديد الأولويات ومهارات التخطيط.
وواصلنا تقديم الدعم لتعزيز مشاركة الدول الأعضاء في تسيير شؤون المنظمة، وتقديم إحاطات رفيعة المستوى إلى ممثلي الدول الأعضاء وبعثاتها الدائمة في جنيف قبل كل اجتماع من الاجتماعات الكبرى للأجهزة الرئاسية العالمية للمنظمة. وهي جمعية الصحة العالمية والمجلس التنفيذي. وقد أثبتت هذه الإحاطات قيمتها من خلال إسهامات الدول الأعضاء في الإقليم في النقاشات العالمية حول الصحة وحول عمل الأجهزة الرئاسية.
وتواصلت أيضاً الجهود الرامية إلى تعزيز وجود المنظمة على المستوى القُطري، مع التركيز على تحسين الخبرات التقنية ومهارات الإدارة الشاملة. وجرى تقييم القدرات في المكاتب القُطرية، في ما يتعلق بفئات العمل الست، لضمان توافر القدرات القيادية في المجالات الاستراتيجية والتقنية. وشهد عام 2014 توسعاً كبيراً في القدرات التقنية في العديد من المكاتب القُطرية، بينما انصَبّ تركيزنا في عام 2015، على تحسين القدرات الإدارية والتنظيمية العامة في الميدان. وتم وضع استراتيجية نوعية لزيادة الامتثال في عدد من مجالات عملنا في جميع مكاتبنا، بما في ذلك إدارة الأداء، والامتثال للائحة الموظفين والنظام الأساسي للموظفين. وستبقى قضية تحسين الامتثال على رأس الأولويات على مدى السنوات القادمة.
وعلى جانب آخر، يظل تشابُك القضايا التشغيلية والأمنية يشكِّل تحدّيات ويضع عراقيل أمام عمليات المنظمة على الصعيدين التقني والإداري. كما كان للوضع العام في الإقليم تأثير سلبي أيضاً على قدرتنا على جذب موظفين جدد من ذوي الخبرة من أجل التعامل مع عبء العمل المتصاعد ومتطلبات الاستجابة في جميع مجالات عملنا مع الدول الأعضاء. وفي حين نقوم باتخاذ خطوات لمعالجة ذلك، فقد اتخذنا أيضاً خطوات لدعم الاحتياجات المستقبلية للبلدان في عدّة مجالات رئيسية.
وظلت قضية تعزيز قدرات الصحة العمومية في الدول الأعضاء تحظى بالأولوية. ففي أعقاب إطلاق مبادرة إقليمية في عام 2013 لتقييم قدرات الصحة العمومية في البلدان، تم بنجاح، وبدعم من المنظمة ومن فريق من الخبراء الدوليين في مجال الصحة العمومية، إجراء تقييم قُطري في بلدين اثنين. وتمَّت مراجعة أداة التقييم، في أوائل عام 2015، والتي ستخضع لمزيد من الصقل قبل مدّ نطاق تنفيذ هذه المبادرة. وهناك طلب من عدد متزايد من الدول الأعضاء لإجراء المنظمة التقييم لديها ومساعدتها على تنفيذ التوصيات التي تنبثق عنه.
وأُطلق أيضاً، مطلع عام 2015، برنامج للقيادة من أجل الصحة بهدف إعداد قادة المستقبل وتنمية مهاراتهم في مجال الصحة العمومية، الذين يمكنهم القيام بأخذ زمام المبادرة في حل المشكلات الصحية الوطنية والمحلية التي تؤثِّر تأثيراً مباشراً على صحة السكان، والقيام بأدوار فعَّالة في مجالات الصحة العمومية على الصعيد العالمي. وقد حققت الدورة الأولى، التي قُدمِّت على مدى أربعة أسابيع، وأجريَت على مرحلتين في مكانين مختلفين (جنيف ومسقط)، نجاحاً باهراً، وصنَّفها المشاركون فيها تصنيفاً عالياً. وستبدأ الدورة الثانية مع أواخر عام 2015.
وواصلنا أيضاً استضافتنا للندوات الإقليمية السنوية حول الدبلوماسية الصحية. وقد نجحَت هذه الندوة نجاحاً عظيماً في جمع ممثلين عن الصحة والشؤون الخارجية والبرلمانات والأوساط الأكاديمية في نقاشات حول نقاط التماس بين الصحة وغيرها من القطاعات الأخرى. وأظهرَت الندوات المتعاقبة التي عقُدِتَ في هذا الإطار أهمية استمرار هذا النوع من الحوار من أجل رفع مستوى الوعي، وتفهُّم القضايا الصحية الرئيسية التي تواجه عالمنا، والدور المنوط بجميع القطاعات في مجال الدبلوماسية الصحية على المستوى العالمي والإقليمي والوطني. وسوف نواصِل دعمنا للبلدان في جهودها المبذولة لبناء هذا النوع من القدرات، وأيضاً في جهودها الرامية إلى تحسين صحة الناس في هذا الإقليم.
الدكتور علاء الدين العلوان
المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط