سؤال: لماذا يجب التركيز على الرعاية الصحية الأولية كإحدى طُرق التدبير العلاجي للأمراض غير السارية؟
يحتاج الناس الذين يعانون من أمراض غير سارية، أو المعرّضين لخطر الإصابة بها، إلى الحصول على رعاية صحية طويلة الأجل تتّسم بكونها استباقية وتركز على المريض ومرتكزة إلى المجتمع ومستدامة. وهذا النوع من الرعاية لا يتأتّى تقديمه على نحو منصف إلا من خلال نُظُم صحية مرتكزة على الرعاية الصحية الأولية (1، 2).
وقد لا يظهر على الأشخاص المصابين بمرض غير سارٍ أية أعراض إلى أن يتفاقم المرض على نحو بالغ - وقد تتجلّى أولى أعراض المرض في الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة. ويمكن أن يُسهم تحرّي عوامل الخطر الرئيسية لدى الأفراد الذين لا تظهر عليهم الأعراض في تحديد أكثر الناس عُرضة للإصابة بالأمراض غير السارية، ويتيح ذلك إمكانية الوقاية من تفاقم المرض. وتعد الرعاية الصحية الأولية النقطة الأكثر شيوعًا بين الناس لدخول النظام الصحي، وهي بذلك تتيح أكبر فرصة للكشف عن الأفراد المعرضين لمخاطر مرتفعة ممن يتوجهون للحصول على الخدمات الصحية لأسباب صحية أخرى.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن حجم العبء الناجم عن الأمراض غير السارية يعني أنه لم يعُد من المفيد تدبير تلك الأمراض علاجيًا من خلال الأخصائيين وحدهم أو في المستشفيات وحسب. وقد يتسبب عدد المرضى في إنهاك ذلك النوع من خدمات الإحالة، كما قد يكبِّد النظام الصحي والأفراد تكاليف مالية باهظة. وقد يكون من الملائم للعاملين الصحيين غير المتخصصين تنفيذ نهج المخاطر الشاملة على مستوى الرعاية الصحية الأولية. ولتلك الأسباب، فإن الرعاية الصحية الأولية تُعدُّ خيارًا نافعًا ومنصفًا وميسور التكلفة للوصول إلى الأفراد الذين يحتاجون إلى الرعاية الصحية من الأمراض غير السارية.
الحَوْكَمة في مجال الصحة
تواجه غالبية البُلدان نقصًا فيما يتعلق بقدرات وزارات الصحة على صياغة السياسات والخطط الاستراتيجية المسترشدة بالبيّنات، كما قد لا يُتاح لتلك البُلدان فرص الحصول على البيانات ذات الجودة أو استخدامها من أجل رسم السياسات المستنيرة أو وضع الاستراتيجيات، إلا بقدر محدود. كما يغيب عن تلك البُلدان الاعتراف بأن الأمراض غير السارية هي جزء من حزمة خدمات الرعاية الصحية الأولية الأساسية.
القوى العاملة الصحية
تواجه القوى العاملة الصحية نقصًا في أعدادها. فقد انخفض معدل الأطباء لكل 10000 نسمة في عام 2012 إلى مستوى متدنٍ للغاية تراوح بين 0.3 إلى 7.7 طبيبًا لكل 10000 شخص. وإلى جانب حالات النقص العددي، فثمة تباين واضح في توزيع القوى العاملة الصحية، واستبقائها، وأدائها (3). ويقترن ذلك بغياب تقديم التدريب الملائم للقوى العاملة الصحية.
توافُر الأدوية والتكنولوجيات الرئيسية ويُسر تكلفتها
تتضمن التحديات التي تواجهها السلطات التنظيمية المعنية بالأدوية ما يلي: ضعف الهيكل التنظيمي والقدرات التقنية؛ غياب السياسات الوطنية في مجال الأدوية؛ الشفافية والمساءلة بشأن تنظيم المنتجات الطبية والإمداد بها؛ ضعف الترويج للمنتجات الطبية أو الإعلان عنها؛ وانعدام تنظيم الحصول على الأدوية الخاضعة للرقابة.
التمويل الصحي
تتّسم الخبرات الوطنية في مجال التمويل الصحي إجمالًا بكونها محدودة، لا سيّما ما يتعلق بترتيبات التمويل الصحي، من قبيل التأمين الصحي والاجتماعي (4).
وتزداد تلك التحديات تعقيدًا حينما يواجه البلد المعني أزمة إنسانية.
سؤال: ما هي النُّهُج والأدوات التي توصي بها منظمة الصحة العالمية من أجل تدبير الأمراض غير السارية علاجيًا على مستوى الرعاية الصحية الأولية؟
تقدم منظمة الصحة العالمية للبُلدان عددًا من الأدوات والنُّهُج الموصَى بها في مجال التدبير العلاجي للأمراض غير السارية والوقاية من مضاعفاتها. إذ يمكن الوقاية من الإصابة بالنوبة القلبية أو السكتة إذا تم الكشف مبكرًا عن الأشخاص المُـعرّضين لمخاطر مرتفعة وقُدِّم لهم العلاج الفعّال.
وتقدّم حزمة منظمة الصحة العالمية للتدخلات الأساسية بشأن الأمراض غير السارية (WHO PEN) (1)، ونهج المخاطر الشاملة (4، 5) تدخلات في مرافق الرعاية الصحية على مستوى الأفراد يمكن من خلالها استكمال التدخلات المقدمة لجميع السكان، مثل التدخلات التي تستهدف الحد من تعاطي التبغ واستهلاك الملح.
وقد روعي في تصميم حزمة التدخلات الأساسية بشأن الأمراض غير السارية دمج التدبير العلاجي لكل من السكريّ والأمراض القلبية الوعائية وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة في الرعاية الصحية الأولية. وتُتيح تلك الأدوات الكشف المبكّر عن الأمراض غير السارية الأربعة الرئيسية، وتدبيرها علاجيًا، بحيث يمكن الوقاية من حدوث مضاعفات تهدِّد الأرواح (مثل النوبات القلبية، والسكتات، والفشل الكُلوي، وحالات البتر، والعمى). وتتضمن الحزمة قائمة بالأدوية التي ينبغي توافرها في جميع مرافق الرعاية الصحية، إلى جانب تقديم مجموعة من التدخلات الضرورية كي تستند إليها البُلدان وتنتفع بها.
ويُتيح تطبيق نهج المخاطر الشاملة الذي توصي به منظمة الصحة العالمية التدبير العلاجي المتكامل لارتفاع ضغط الدم، والسكريّ، وغير ذلك من عوامل الخطر القلبية الوعائية في مرافق الرعاية الصحية الأولية، وكذلك توجيه الموارد المتاحة للأشخاص الذين تزداد فرص إصابتهم بالنوبات القلبية والسكتات والمضاعفات الناجمة عن السكري.
سؤال: ما هو نهج المخاطر القلبية الوعائية الشاملة؟
يمثل نهج المخاطر الشاملة في مجال الوقاية من الأمراض القلبية الوعائية وتدبيرها علاجيًا تدخلًا عالي المردودية للوقاية من النوبات القلبية والسكتات.
ويستخدم هذا النّهج مخطّطًا بسيطًا للدرجات التي تحسب نسبة خطر تعرّض الفرد لنوبة قلبية أو سكتة خلال السنوات العشر القادمة. وتتوقف الدرجة التي يحصل عليها الفرد على الآثار المتضافرة الناجمة عن عدد من عوامل الخطر (مثل السن، ونوع الجنس، وتعاطي التبغ، وضغط الدم، ووجود الكوليسترول في الدم، ووجود السكريّ). ومن ثمّ، يُصمّم التدبير العلاجي لذلك الفرد بحسب الدرجات التي حصل عليها باستخدام البروتوكولات الموحدة. ويحصل الفرد على المشورة والمتابعة بشأن نمط حياته، وقد يقترن ذلك بتناول أدوية أو قد يتم الاستغناء عنها، وسيتوقف ذلك على مستوى إجمالي المخاطر لدى ذلك الفرد وليس على عتبات عوامل الخطر الفردية، كارتفاع ضغط الدم مثلاً. وعلى هذا النحو، فإن نهج المخاطر الشاملة يتيح تقديم التدبير العلاجي المتكامل لارتفاع ضغط الدم والسكري وغير ذلك من عوامل الخطر الأخرى.
سؤال: لماذا يتعيّن على البُلدان تنفيذ نهج المخاطر القلبية الوعائية الشاملة بدلًا من إيلاء التركيز على عوامل خطر مُفردة، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري؟
يُعدُّ نهج المخاطر الشاملة أحد التدخلات العالية المردودية (أفضل الصفقات) في مجال مكافحة الأمراض غير السارية - إذ يتيح «العلاج بالأدوية والتماس المشورة، بما في ذلك ضبط نسبة السكر في الدم لمرضى السكريّ ومراقبة ارتفاع ضغط الدم، باتّباع نهج المخاطر الشاملة مع الأفراد الذين أصيبوا بنوبة قلبية أو سكتة، والأفراد الذين يواجهون مخاطر مرتفعة (≥ 30%) للإصابة بحدث قلبي وعائي مميت أو غير مميت في السنوات العشر القادمة».
وترتبط الغاية الثامنة من الغايات العالمية الاختيارية بشأن الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها بوجه خاص بهذه «الصفقة الأفضل»، إذ تتحدَّد أهلية الأفراد للعلاج بحسب درجة الخطر التي حصلوا عليها - «ويحصل ما لا يقل عن 50% من الأشخاص المؤهلين على العلاج بالأدوية والمشورة (بما في ذلك ضبط نسبة السكر في الدم) لوقايتهم من النوبات القلبية والسكتة».
وهناك بيّنات جوهرية تثبت أن نهج المخاطر الشاملة يُعدُّ أكثر فعالية وأعلى مردودية من نهج عوامل الخطر المفردة. إذ يأخذ نهج المخاطر الشاملة بعين الاعتبار ارتفاع معدل انتشار عوامل الخطر المتعددة والمتزامنة للأمراض غير السارية، خاصة مع تقدُّم السن. ويؤدي اتّباع نهج متكامل في التصدي لعوامل الخطر إلى التقليل إلى أدنى حد ممكن من خطر تجزُّؤ الرعاية أو الإخفاق في تشخيص حالات المراضة المشتركة، فضلاً عن تقديم نهج شامل وأساسي في التصدي للأمراض المرتبطة بنمط الحياة. وعلاوة على ذلك، فإن اتخاذ القرارات استنادًا إلى عتبات عوامل الخطر المفردة قد يؤدي إلى وجود أعداد كبيرة من الناس الذين يشرعون في تلقي العلاج برغم انخفاض إجمالي الخطر القلبي الوعائي لديهم. وإلى جانب التعرض لخطر الآثار الجانبية للأدوية، فهناك آثار مالية مترتبة على الأفراد والنُّظُم الصحية على السواء. وفي المقابل، قد يخفق نهج عوامل الخطر المفردة في تقديم الأدوية اللازمة للحد بصورة فعالة من خطر التعرض لنوبة قلبية أو سكتة.
كما يُتيح تقديم العلاج استنادًا إلى عتبة المخاطر الشاملة توجيه الموارد الشحيحة للأشخاص الذين تزداد فرص استفادتهم من تلقي العلاج. وفي المواقع التي تقل فيها الموارد، يمكن إعطاء أولوية الحصول على العلاج للمرضى الذين سبق وأن أصيبوا بنوبة قلبية أو سكتة، أو الأشخاص ممن تزيد نسبة إجمالي الخطر لديهم عن 30%. ويمكن خفض عتبة العلاج إلى 20% أو أقل، إذا سمحت الموارد المتاحة بذلك.
سؤال: ما هو الحد الأدنى من المتطلبات اللازمة لتنفيذ نهج المخاطر الشاملة الذي توصي به منظمة الصحة العالمية؟
يتطلب تنفيذ نهج المخاطر الشاملة إدراج بروتوكولات المخاطر الشاملة في المبادئ التوجيهية الوطنية، وتدريب موظفي الرعاية الصحية الأولية على هذا النهج، وتوافر حد أدنى من الأدوية الأساسية، والتكنولوجيات، وأدوات المعلومات الصحية على مستوى الرعاية الصحية الأولية. ويمكن اعتبار هذا الحد الأدنى من المتطلبات نقطة بداية لإدماج خدمات الأمراض غير السارية في الرعاية الصحية الأولية وأن تكون جزءًا من حزمة الخدمات الأساسية التي تهدف إلى تحقيق التغطية الصحية الشاملة.
المراجع
4. Global status report on noncommunicable diseases 2014. Geneva: World Health Organization; 2014