استخدام التكنولوجيا الرقمية في مجال الصحة
ينطوي استخدام تدخلات التكنولوجيا الرقمية في مجال الصحة على إمكانية تحسين تقديم الرعاية الصحية واستدامتها، مما يحقق العديد من التطورات المثيرة للاهتمام في علاج الأمراض غير السارية والتدبير العلاجي لها. وعلى الرغم من استمرار حاجة الأشخاص المتعايشين مع الأمراض غير السارية إلى الخدمات، فإن عوامل مثل المسافة والتكلفة والتنقل والنزوح وحالات الطوارئ قد تؤثر سلبًا على تقديم الخدمات. ولم تؤد هذه الجائحة إلا إلى تفاقم الوضع، حيث كانت المرافق الصحية ممتلئة بمرضى كوفيد-19، وكان مطلوبًا من مرضى الأمراض غير السارية البقاء في المنزل لتجنب الأعراض الحادة، وزيادة التوتر والقلق في وقت تأثرت فيه أيضًا خدمات الصحة النفسية.
ومع ذلك، أدت تحديات القرن الحادي والعشرين إلى تطوير ابتكارات استخدام التكنولوجيا الرقمية في مجال الصحة، مثل مبادرة استخدام تكنولوجيا الهاتف المحمول في مجال الصحة التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية والاتحاد الدولي للاتصالات عام 2012 باستخدام تكنولوجيا الهاتف المحمول لمساعدة الحكومات على توسيع نطاق استخدام تكنولوجيا الأجهزة المحمولة في مجال الصحة للأمراض غير السارية وعوامل الخطر المرتبطة بها. وقد أدت الجائحة إلى تسريع استخدام تدخلات استخدام التكنولوجيا الرقمية في مجال الصحة، بما في ذلك الخطوط الساخنة، والمساعدة عبر الإنترنت، وتطبيقات الهاتف المحمول، وغيرها الكثير. وقد أظهرت هذه الابتكارات إمكانات في الحد من توقف خدمات الأمراض غير السارية والصحة النفسية، ما يستلزم مواصلة الارتقاء باستخدام التكنولوجيا الرقمية في مجال الصحة.
ومن أجل المشاركة الكاملة في هذا المستقبل الواعد، يلزم إقامة شراكات بين الحكومات والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية واختصاصيي تكنولوجيا المعلومات والأطراف المعنية الأخرى، إلى جانب وضع إطار تنظيمي للمشاريع المشتركة الناجحة. ويشمل ذلك توسيع نطاق استخدام تدخلات استخدام التكنولوجيا الرقمية في مجال الصحة داخل النُظُم الصحية وتبادل الخبرات مع البلدان الأخرى.
وفي عام 2018، اعتمدت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية قرارًا بشأن استخدام التكنولوجيا الرقمية في مجال الصحة أقرَّت فيه بقيمة التكنولوجيات الرقمية في إتاحة الرعاية الصحية بدون مشقة مالية. ويكتسب اتخاذ إجراءات في هذا المجال أهميةً بالغةً في بلوغ هدف 2030 المتمثل في خفض الوفيات المبكرة الناجمة عن الأمراض غير السارية بمقدار الثلث وتعزيز الصحة النفسية والعافية.
وعلى الرغم من أن التكنولوجيا الرقمية لا ينبغي أن تحل محل الاستشارات الشخصية، إلا أنها مهمة للغاية في أوقات الأزمات وسوف تستمر في تقديم الرعاية الصحية عندما تكون محدودة أو غير متاحة. ويُعدُّ التعاون بين القطاعين العام والخاص والأشخاص والتكنولوجيا أمرًا ضروريًا من أجل مستقبلٍ أوفرَ صحة للجميع.
استخدام تكنولوجيا الأجهزة المحمولة في مجال الصحة (mHealth)
يُعرف استخدام تكنولوجيا الأجهزة المحمولة لأغراض الصحة العامة باسم (mHealth). ويساعد استخدام تكنولوجيا الأجهزة المحمولة في مجال الصحة على الوقاية من الأمراض غير السارية وعوامل الخطر المرتبطة بها ومعالجتها وذلك من خلال تقديم دعم الرعاية الصحية للمرضى، وتقديم الدعم التقني لمقدمي الخدمات الصحية. ويشمل ذلك استخدام الرسائل النصية وتطبيقات الهواتف المحمولة.
ولمكافحة أثر الأمراض غير السارية، ينبغي النظر إلى استخدام تكنولوجيا الأجهزة المحمولة في مجال الصحة بوصفه عنصرًا من عناصر استراتيجية أوسع نطاقًا للأمراض غير السارية، وليس برنامجًا مستقلًا بذاته. إن سهولة استخدام الهواتف المحمولة واتساع نطاقها يجعلان منها أداة مثالية لاستخدام تكنولوجيا الأجهزة المحمولة في مجال الصحة حيث إن الجميع تقريبًا يمكنهم الحصول على هاتف محمول، وتمتد التغطية حتى إلى المناطق النائية. ويهدف استخدام تكنولوجيا الأجهزة المحمولة في مجال الصحة إلى: تعزيز محو الأمية الصحية؛ وتحسين الوقاية من الأمراض غير السارية؛ وتحسين التدبير العلاجي الذاتي للأمراض؛ وتثقيف المرضى؛ وتقديم الخدمات للمرضى مباشرة؛ وتقديم الدعم التقني؛ ومساعدة الحكومات في تنفيذ السياسات الوطنية المعنية بالأمراض غير السارية.
وحتى يمكن تحقيق النجاح في استخدام تكنولوجيا الأجهزة المحمولة في مجال الصحة، يجب أن يكون هناك عدة عوامل أساسية فاعلة، منها: البيئة الداعمة؛ والشراكات؛ والحوكمة وإدارة البرامج؛ وتخصيص الموارد؛ ومجموعات الأدوات والكتيبات؛ والمحتوى الصحي والتقني؛ والرصد والتقييم؛ والاستدامة؛ والاتصال والدعوة والترويج بفعالية.
مبادرة استخدام تكنولوجيا الهاتف المحمول في مجال الصحة Be He@lthy, Be Mobile.
مبادرة استخدام تكنولوجيا الهاتف المحمول في مجال الصحة (BHBM) هي مبادرة عالمية في مجال استخدام تكنولوجيا الأجهزة المحمولة في مجال الصحة (mHealth) تقودها منظمة الصحة العالمية والاتحاد الدولي للاتصالات. ويتمثل هدف هذه المبادرة في مساعدة الحكومات على الاستفادة من تكنولوجيا الأجهزة المحمولة في معالجة القضايا الصحية الرئيسية ودعم الجهود الصحية الوطنية المستمرة للوقاية من الأمراض والتعامل معها وعلاجها. وتتسق مبادرة استخدام تكنولوجيا الهاتف المحمول في مجال الصحة مع الرؤى العالمية والإقليمية لمنظمة الصحة العالمية، وبرنامج العمل العام الثالث عشر للمنظمة، وخطة التنمية المستدامة لعام 2030، ولا سيما الهدف 3 من أهداف التنمية المستدامة الذي يرمي إلى "ضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار".
ووصلت المبادرة، منذ إطلاقها في عام 2013، إلى 3.7 مليون مستخدم من خلال توفير معلومات مسندة بالبيّنات عن تغيير السلوك، كما ساعدت المبادرةُ الحكومات على إدماج الخدمات الصحية الرقمية في النظم الصحية القائمة من خلال 16 برنامجًا في 12 بلدًا.
وقد أعدت هذه المبادرة كتيبات إرشادية تقدم محتوى برنامجي مسند بالبيّنات في مختلف المجالات الصحية، بما في ذلك استخدام تكنولوجيا المحمول في مكافحة السكري، والإقلاع عن تعاطي التبغ، وصحة المسنين، والتنفس بدون صعوبة، ومكافحة سرطان عنق الرحم، ومكافحة السُّل والتبغ. وقد وسَّعت المبادرة، التي ركزت في البداية على الوقاية من الأمراض غير السارية، نطاق عملها ليشمل موضوعات صحية أخرى، بينما لا تزال تدعم برامج مكافحة الأمراض غير السارية. كما أدت المبادرة دورًا حاسمًا في دعم منظمة الصحة العالمية والبلدان في الاستجابة لمرض فيروس الإيبولا وجائحة كوفيد-19. وقد استُخدمت منصة مبادرة استخدام تكنولوجيا الهاتف المحمول في مجال الصحة (BHBM) لتوفير معلومات موثوقة عن كوفيد-19 لملايين الناس من خلال الرسائل النصية القصيرة وتطبيقات الأجهزة المحمولة، ويمكن استخدامها أيضًا لضمان استمرار الخدمات الأساسية للأمراض غير السارية خلال الجائحة، مثل الوقاية من الأمراض والتدبير العلاجي لها، وتعزيز الصحة والوقاية من المضاعفات.
التطبيب عن بُعد
ينطوي التطبيب عن بُعد، ويُقصَد به تقديم خدمات الرعاية الصحية عن بُعد، على إمكانية تحسين التدبير العلاجي السريري وتوسيع نطاق الحصول على الخدمات. وقد كَثّفت جائحة كوفيد-19 الاهتمام بالتطبيب عن بُعد، مما أدى إلى تزايد الطلب على تنفيذه. ويقدم الدليل الموحد لتنفيذ التطبيب عن بُعد لمحة شاملة عن الخطوات والعوامل التي ينبغي أخذها في الحُسبان عند تنفيذ التطبيب عن بُعد، ويجمع بين الرؤى المستقاة من جائحة كوفيد-19 وموارد منظمة الصحة العالمية المستقاة من العِقد الماضي. والهدف من هذا الدليل هو أن يكون موردًا يتطور باستمرار، ويساعد البلدان التي تمر بمراحل مختلفة من رحلتها في مجال التطبيب عن بُعد عن طريق توفير خطة استثمارية مفصلة ودعمها في عمليات التخطيط والتنفيذ والصيانة.