كلمة الدكتور أحمد المنظري مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط إلى المؤتمر الثالث لشبكة ترصُّد العدوى التنفسية الحادة لشرق المتوسط
إنه لمن دواعي سروري أن أكون معكم اليوم في مسقط، وأوَدُّ أن أستهلَّ كلمتي بتوجيه الشكر إلى سلطنة عُمان - ووزارة الصحة على وجه الخصوص - على استضافتها الكريمة لهذا المؤتمر الثالث لشبكة ترصُّد العدوى التنفسية الحادة لشرق المتوسط. وهذا مثال آخر من أمثلة كثيرة على التعاون المستمر بين منظمة الصحة العالمية وسلطنة عُمان، وهو التعاون الذي عاد بالنفع والفائدة أيضًا على عدة برامج أخرى مثل سلامة المرضى، والوقاية من الإصابات، والسلامة على الطرق، والصحة النفسية، وغيرها الكثير.
الزميلات والزملاء الأعزاء،
يأتي مؤتمر شبكة ترصُّد العدوى التنفسية الحادة لشرق المتوسط هذا العام في وقتٍ حرِج؛ فإقليمنا يواجه العديد من حالات الطوارئ الواسعة النطاق الناجمة عن الصراعات، والكوارث الطبيعية الكبرى، وانعدام الأمن الغذائي، وعدد من فاشيات الأمراض.
وفي عام 2022، أُبلِغ عن أكثر من 55 فاشية في مقابل 31 فاشية في عام 2021 و14 فاشية في عام 2020، ويُعزى الكثير من تلك الفاشيات إلى مسببات أمراض تنفسية. ونتيجة لذلك، بلغت جهود الاستجابة حدها الأقصى، والنظم الصحية مثقلة بما يفوق طاقتها. وإجمالاً، أدَّت هذه الفاشيات – حسب التقارير- إلى أكثر من 7 ملايين حالة و1400 وفاة مرتبطة بها على الأقل.
وإذ يعدُّ هذا المؤتمر فرصة ممتازة لتقييم التقدم والإنجازات والتحديات والدروس المستفادة المرتبطة تحديدًا بحالات العدوى التنفسية الحادة في إقليم شرق المتوسط، فإنه علينا ألا نغفل السياق العام للطوارئ الصحية بوجه عام.
وفي هذا السياق المليء بالتحديات، أثمرت جهودكم الجماعية. فلقد شهدنا تقدمًا ملحوظًا في تعزيز وتطوير النظم الرامية إلى الوقاية من الأمراض التنفسية المستجدة، والتأهب لها، واكتشافها، والتصدي لها، ومن هذه الأمراض كوفيد-19، والإنفلونزا، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، وغيرها. وظهر ذلك جليًّا في الكشف المبكرِ عن فاشيات الأمراض، والنشر السريع للموارد، والاستثمار في القدرات المختبرية في الوقت المناسب.
وفي هذا المسعى، أعدت منظمة الصحة العالمية العام الماضي إطارًا إقليميًا وخطة تنفيذية لدمج أنظمة ترصد الإنفلونزا وفيروس كورونا- سارس 2 والفيروسات التنفسية الأخرى التي قد تُسبِّب أوبئة وجوائح. ولذلك تعكف الكثير من بلدان الإقليم حاليًّا على تنفيذ الترصُّد المتكامل للإنفلونزا وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى. في إطار برنامج عمل أوسع في الإقليم يهدف إلى تطوير ترصد متكامل للأمراض، بدءًا بجميع الأمراض السارية.
بالإضافة إلى ذلك، واستنادًا إلى خريطة الطريق الإقليمية التي وضعتها المنظمة لزيادة الاستفادة من لقاح الإنفلونزا الموسمية وزيادة الإقبال عليه، فإن المنظمة تدعم البلدان في وضع سياساتها الوطنية للتطعيم ضد الإنفلونزا وتوسيع نطاقها، وتعزيز برامجها للتطعيم ضد الإنفلونزا، وذلك بفضل مساهمات شركائنا في مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة الأمريكية، وإطار التأهب لمواجهة الإنفلونزا الجائحة، وفرقة العمل المعنية بالصحة العالمية.
ولقد تحقق إنجاز مهم آخر في ترصُّد الأمراض، خلال جائحة كوفيد-19، عندما طوَّر 21 بلدًا في الإقليم قدرات محلية لترصُّد تسلسل الجينوم. وهذا أمر له فوائد تتخطى اكتشاف كوفيد-19، لأنه يتيح أيضًا الرصدَ المستمر لمسببات الأمراض وتحليل أوجه تشابهها واختلافها جينيًا.
هذا، وتواصل المنظمة تقديم الدعم لتحسين الترصُّد الخافر للعدوى التنفسية الحادة الوخيمة والأمراض الشبيهة بالإنفلونزا في جميع بلدان الإقليم؛ ويعكف 21 بلدًا، من أصل 22 بلدًا، في الوقت الحالي على تنفيذ ترصُّد العدوى التنفسية الحادة الوخيمة والأمراض الشبيهة بالإنفلونزا بطرق وسمات متطورة لجمع البيانات وتحليلها.
ونحن، في منظمة الصحة العالمية، جعلنا تعزيز قدرات البلدان على الوقاية من فاشيات الأمراض وغيرها من الطوارئ الصحية واكتشافها والتصدي لها على رأس أولوياتنا الإقليمية في الأوضاع الإنسانية لعام 2023، مع التركيز على البحث وإعداد البيّنات.
ولن نستطيع أن ننجح في ذلك بمفردنا. ومن منبر مؤتمر شبكة ترصد العدوى التنفسية الحادة لشرق المتوسط لعام 2023، أحثكم على مواصلة إيلاء الأولوية لتحسين أنظمة ترصد الأمراض والإنذار المبكر للكشف المبكر عن الفاشيات.
وختامًا، أودُّ أن أُشدِّد على أهمية التضامن والشراكة بين جميع أصحاب المصلحة في التصدي للتحديات الصحية المعقدة والخطيرة التي جمعتنا هنا اليوم. ويجب علينا جميعًا العمل معًا لضمان توفير الصحة للجميع وبالجميع وتعزيز نهج الصحة الواحدة.
وأخيرًا، أتمنى لكم التوفيق والسداد في اجتماعكم، وأتطلع إلى الاستماع إلى خبراتكم وأفكاركم والتعرف على أحدث ما وصلت إليه بحوثكم.
بيان الدكتور أحمد المنظري مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط بشأن الاجتماع السادس لشبكة ترصُّد العدوى التنفسية الحادة لشرق المتوسط
ينطلق اليوم الاجتماع السادس لشبكة ترصُّد العدوى التنفسية الحادة لشرق المتوسط.
ويحضر الاجتماعَ خبراء في الصحة العامة من وزارات الصحة، ومؤسسات الصحة العامة، والأوساط الأكاديمية، والهيئات العلمية، والمنظمات غير الحكومية، وجهات أخرى، وذلك بهدف استعراض التقدم المحرز والإنجازات المتعلقة بالوقاية من عدوى الجهاز التنفسي الحادة ومكافحتها في جميع أنحاء الإقليم. ويمثل هذا الاجتماع فرصةً سانحة لتناول التحدِّيات الراهنة والاتفاق على خطط من أجل المُضي قُدُمًا في هذا المجال.
ويأتي اجتماعنا هذا العام في وقتٍ حرِج؛ فالإقليم يواجه عدة حالات طوارئ ذات تأثير مدمر على صحة الناس.
وبالإضافة إلى كوفيد-19، شهدت السنوات الأخيرة زيادةً في معدل حدوث فاشيات الأمراض وارتفاع خطرها على نحو ملحوظ. ففي عام 2022، أُبلِغ عن أكثر من 55 فاشية في مقابل 31 فاشية في عام 2021 و14 فاشية في عام 2020، وكثير من تلك الفاشيات يُعزى إلى عدوى تنفسية. وأدت هذه الفاشيات، حسب التقارير، إلى أكثر من 7 ملايين حالة وما يقارب 1400 وفاة مرتبطة بها.
والعدوى التنفسية الحادة، على وجه الخصوص، من الأسباب الرئيسية للاعتلال والوفاة في الإقليم، وتؤثر تأثيرًا كبيرًا على الصحة والتنمية الاقتصادية فيه.
وقبل كوفيد-19، كانت الإنفلونزا الموسمية السبب الأكبر للمراضة والوفيات المرتبطة بالعدوى التنفسية الحادة في جميع بلدان الإقليم، ومع ذلك فمن المهم أيضًا متابعة الفيروسات التنفسية الأخرى والتصدي لها، ومنها الفيروس المخْلَوي التنفسي، وفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن كثيرًا من الجوائح السابقة كان سببها فيروسات تنفسية، وأن خطرَ حدوث جوائح وأوبئة فيروسات تنفسية أخرى مرتفع.
إن الجهود المشتركة والتعاونية لمنظمة الصحة العالمية والدول الأعضاء وسائر الشركاء تُحرز تقدمًا مدهشًا في تعزيز النظم الصحية وتطويرها للوقاية من الأمراض التنفسية المستجدة في الإقليم والتأهب لها واكتشافها ومكافحتها. وننطلق في ذلك من الدروس المستفادة من جائحة كوفيد-19.
ولقد أعدت منظمة الصحة العالمية العام الماضي إطارًا إقليميًا وخطة تنفيذية لدمج أنظمة ترصُّدِ الإنفلونزا وفيروس كورونا-سارس 2 والفيروسات التنفسية الأخرى التي قد تُسبِّب أوبئة وجوائح.
وتعكف الكثير من بلدان الإقليم حاليًّا على تنفيذ الترصُّد المتكامل للإنفلونزا وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى.
بالإضافة إلى ذلك، واستنادًا إلى خريطة الطريق الإقليمية التي وضعتها المنظمة لزيادة الاستفادة من لقاح الإنفلونزا الموسمية وزيادة الإقبال عليه، فإن المنظمة تدعم البلدان في وضع سياساتها الوطنية للتطعيم ضدَّ الإنفلونزا وتوسيع نطاقها، وتعزيز برامجها للتطعيم ضدَّ الإنفلونزا.
وتَجْدُرُ الإشارة إلى اكتمال تنفيذ إحدى المراحل الرئيسية في ترصُّدِ الأمراض خلال فترة جائحة كوفيد-19، إذ طوَّرت جميع بلدان الإقليم وأراضيه الاثنين والعشرين العديدَ من القدرات الأساسية بموجب اللوائح الصحية الدولية (2005)، ومن ذلك الترصُّد، والخدمات المختبرية، والإبلاغ عن المخاطر، والوقاية من العدوى ومكافحتها، وغير ذلك الكثير.
وهذا التوسع المذهل في القدرات المختبرية له فوائد تتخطى اكتشاف كوفيد-19، لأنه يتيح أيضًا الرصدَ المستمر لمسببات الأمراض وتحليل أوجه تشابهها واختلافها جينيًا.
علاوة على ذلك، فإن المنظمة دعمت تحسين الترصُّد الخافر للعدوى التنفسية الحادة الوخيمة والأمراض الشبيهة بالإنفلونزا في جميع بلدان الإقليم.
وحاليًّا، ينفذ واحد وعشرون بلدًا، من بلدان الإقليم الاثنين والعشرين، ترصُّد الأمراض التنفسية الحادة الوخيمة والأمراض الشبيهة بالإنفلونزا، بطرق وسمات متطورة لجمع البيانات وتحليلها.
وإذ نسعى في اجتماعنا هذا العام إلى تعزيز الوقاية من الأمراض التنفسية والتأهُّب لها واكتشافها والتصدي لها، فإننا نحثُّ جميع البلدان على التركيز على الأولويات التالية:
– تعزيز النظم والهياكل المتكاملة لترصُّدِ أمراض الجهاز التنفسي في إطار برنامج عمل أوسع لدعم الترصد المتكامل للأمراض على المستوى المجتمعي؛
– وبناء القدرات على اكتشاف الأمراض التنفسية والوقاية منها ومكافحتها، ومنها الإنفلونزا الموسمية والفيروس المخْلَوي التنفسي ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية وغير ذلك من الأمراض التنفسية التي يمكن الوقاية منها باللقاحات؛
– والتوسُّع في تقديم التطعيم ضدَّ الإنفلونزا الموسمية والبدء في تنفيذه؛
– وتيسير إجراء البحوث لسد الثغرات المعرفية وتوجيه السياسة الصحية العامة؛
– وربط الجهود العالمية بأولويات البلدان؛
– وتيسير تبادل المعارف والتعاون بشأن الإنفلونزا وغيرها من الأمراض التنفسية؛
– وتعزيز نهج الصحة الواحدة.
ونحن، في منظمة الصحة العالمية، جعلنا تعزيزَ قدرات البلدان على الوقاية من فاشيات الأمراض وغيرها من الطوارئ الصحية والتأهب لها واكتشافها والتصدي لها على رأس أولوياتنا الإقليمية في الأوضاع الإنسانية لعام 2023.
فالالتزام بالتأهب للجوائح والاستثمار فيه وتطبيق الدروس المستفادة من كوفيد-19 واجب أخلاقي ومهني. ويجب علينا جميعا العمل معًا لضمان توفير الصحة للجميع وبالجميع وتعزيز نهج الصحة الواحدة.