بفضل جهود المنظمة، سيكون الأكسجين متاحًا للمرضى في البلدان الهشَّة والضعيفة والتي تشهد نزاعات حتى بعد جائحة كوفيد-19
لقد كشفت جائحة كوفيد-19 عن ثغرات خطيرة في إتاحة الأكسجين الطبي للمستشفيات في البلدان الهشَّة والضعيفة والتي تشهد نزاعات. وسارعت المنظمة في استجابة فورية منها إلى توصيل الأكسجين الطبي في أشكال مختلفة، بحيث يمكن لمرضى كوفيد-19 ذوي الحالات الوخيمة الحصول على العلاج المنقِذ للأرواح الذي يحتاجون إليه. ولضمان توفير الدعم المتواصل الأطول أمدًا، أنشأت المنظمة أيضًا لأول مرة شبكة إقليمية ومنصة بيانات لرصد استخدام إمدادات الأكسجين وتوفرها.
نهج متعدد الأبعاد لتوسيع نطاق توفير الأكسجين
عندما ضربت جائحة كوفيد-19 الإقليم أول مرة، حالَ نقصُ بيانات الأكسجين المرجعية لكل بلد دون توصيل الأكسجين والإمدادات الطبية الحيوية إلى البلدان الهشَّة والضعيفة والتي تشهد نزاعات، مثل اليمن وأفغانستان والصومال وقطاع غزة في الأرض الفلسطينية المحتلة والسودان وباكستان وسوريا والعراق.
وظهرت الحاجة إلى معلومات مرجعية عن الأكسجين والمخزون الطبي الحيوي المعروضة في شكل سهل القراءة، وذلك لفهم الوضع الفعلي لمنظومة الأكسجين وأي عقبات تتعلق بعدم إمكانية الحصول عليه.
وتقول الدكتورة شيوري كوداما، المسؤولة الطبية في مكتب المنظمة الإقليمي لشرق المتوسط ورئيسة فريق دعم إدارة الأحداث والتدبير العلاجي السريري لكوفيد-19، إنه تحقيقًا لهذه الغاية "أنشأنا «منصة الأكسجين المباشرة الإقليمية» المبتكرة، وهي أول منصة بيانات توضح القدرة على إنتاج الأكسجين والمتطلبات اللازمة لحظة بلحظة، لتحديد الثغرات وسبل الحصول على الأكسجين الطبي اللازم في الوقت المناسب".
ويشارك حاليًّا سبعة عشر بلدًا في الإقليم في هذه المبادرة الفريدة، التي ستعود بفائدة عظيمة على مجموعة متنوعة من أصحاب المصلحة، وستساعد البلدان في نهاية المطاف على الاستفادة من الأكسجين الطبي والموارد الطبية الحيوية على نحو أفضل.
وأنشأ المكتب الإقليمي لشرق المتوسط أيضًا شبكة الأكسجين الإقليمية. وسيظل خادم بيانات هذه الشبكة في المكتب الإقليمي لشرق المتوسط، إلا أن المنظمة تخطط لتسليمه إلى البلدان، لتكون ملكيته مشتركة بين المكاتب القُطرية للمنظمة ووزارات الصحة المحلية.
وإضافةً إلى زيادة إمدادات الأكسجين والأسطوانات والمعدات الطبية الحيوية، اشترت منظمة الصحة العالمية محطات لإنتاج الأكسجين تعمل بتقنية امتزاز الضغط المتأرجح وأجهزة لتوليد الأكسجين، وتعكف المنظمة في الوقت نفسه على تقديم الدعم التقني في المجال الطبي الحيوي. أيضًا دعمت المنظمة تعزيز الموارد البشرية المحلية من خلال توظيف وتمويل 16 مهندسًا وطنيًّا في مجال الطب الحيوي في عشرة من البلدان ذات الأولوية في الإقليم.
وعلى الرغم من أن دعم توسيع نطاق توفر الأكسجين الذي يقدمه المكتب الإقليمي لشرق المتوسط استهدف على وجه الخصوص البلدان الهشَّة والضعيفة والتي تشهد نزاعات، فإنه امتد أيضًا إلى البلدان ذات الدخل المتوسط، حيث خطا الأردن والمغرب وتونس خطوات كبيرة في السياقات المحلية.
حالة الصومال
الصومال من البلدان التي استفادت استفادةً كبيرةً من الدعم المقدم في توسيع نطاق توفر الأكسجين. فقد عانى الصومال طوال عقود من الصراع والحرب وعدم الاستقرار السياسي والصدمات المناخية مثل حالات الجفاف والفيضانات المتكررة.
ونتج عن هذه الشدائد الطويلة الأجل نقص الاستثمار في الخدمات الصحية والاجتماعية، ومن ثم ضعف النظم الصحية وتفتتها. وحتى قبل كوفيد-19، كانت وفيات الأمهات والرضَّع في الصومال من أعلى المعدلات في العالم. وعندما بدأ انتشار الجائحة في شتى أنحاء البلد، لم يكن في مستشفيات القطاع العام في الصومال سوى كميات محدودة للغاية من الأكسجين الطبي.
وإضافةً إلى زيادة إمدادات أسطوانات الأكسجين وغيرها من ملحقات الأكسجين، اشترت منظمة الصحة العالمية محطات لإنتاج الأكسجين تعمل بتقنية امتزاز الضغط المتأرجح، ودعمت إدخال أجهزة توليد الأكسجين المبتكرة التي تعمل بالطاقة الشمسية، والتي كانت مشروعًا متعدد التخصصات بالتعاون مع الشركاء، مع تقديم الدعم التقني الطبي الحيوي.
وفي أي بيئة قليلة الموارد مثل الصومال، حيث يتكرر انقطاع التيار الكهربائي وتوجد تحديات في إحالة الحالات، يمكن لإمدادات الأكسجين المتاحة دون انقطاع وفي الوقت المناسب من محطة إنتاج الأكسجين، التي تعمل بتقنية امتزاز الضغط المتأرجح والنظم التي تعمل بالطاقة الشمسية، أن تنقذ حياة المرضى الذين يحتاجون إلى علاج بالأكسجين، وهذه الإمدادات تفيد بالفعل كثيرًا من المرضى بخلاف مرضى كوفيد-19. وقد أدى هذا التدخل إلى تحويل تدبير الاستجابة السريعة لكوفيد-19 إلى تطوير مستدام للنظم الصحية، مع القدرة على إفادة الآلاف في البلدان الهشة والضعيفة والتي تشهد نزاعات وغيرها من البلدان ذات الموارد المحدودة.