إطار العمل الإقليمي
سوف يُعقَد اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الرفيع المستوى الثالث المعني بالأمراض غير السارية في عام 2018 لاستعراض التقدُّم الـمُحرَز في تنفيذ الإعلان السياسي لاجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الرفيع المستوى المعني بالوقاية من الأمراض غير الـمُعدِية (غير السارية) ومكافحتها الصادر في عام 2011. وحتى انعقاد هذا الاجتماع، سيظل تقديم الدعم التقني المستمر عاملاً بالغ الأهمية في توجيه البلدان لصياغة استجابات وطنية شاملة للأمراض غير السارية، ولتنفيذ التدخُّلات الاستراتيجية ذات الأولوية الـمُوصَى بها في المجالات الأربع الواردة في إطار العمل الإقليمي (وهي الحوكمة، والترصُّد، والوقاية، والرعاية الصحية).
وبالرغم من وضع خارطة طريقٍ واضحةٍ وتجديد الاهتمام بإدماج الأمراض غير السارية في خطة أهداف التنمية المستدامة، لا تزال بلدان كثيرة في الإقليم تواجه تحدِّيات في تنفيذ التدخُّلات الاستراتيجية وإظهار تحسُّنٍ ملموسٍ في مؤشرات التقدُّم العالمي العشر التي سوف تُستَخدَم في إعداد التقارير الـمُقدَّمة إلى الاجتماع الرفيع المستوى الثالث في عام 2018.
وما فتئ إحراز تقدُّمٍ في الإقليم في هذا المضمار تعترضه عقبات كأداء؛ من بينها غياب المشاركة والتنسيق بين القطاعات المتعددة، خاصة القطاعات غير الصحية، ونُدرة الموارد المالية والبشرية، وضَعف القُدُرات الوطنية في مجال الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها. وعدم الاستقرار السياسي والأزمات الممتدة الأمد والحروب عوامل أخرى زادت الوضع سوءاً، وفرضت قيوداً على التخطيط الاستراتيجي وتوسيع نطاق التدخُّلات.
وبالنظر إلى ما تقدَّم ذكره، كثَّفت المنظمة دعمها التقني في عام 2016؛ فأعدت المبادئ التوجيهية في المجالات الأربعة الواردة في إطار العمل الإقليمي، ووضعتها أمام البلدان لمساعدتها في تنفيذ التدابير الرئيسية الـمُوصَى بها قبل الاستعراض العالمي المقبل.
الحَوْكَمة
قدَّم المكتب الإقليمي طيلة عام 2016 الدعم إلى البلدان من أجل إعداد خطط العمل المتعددة القطاعات لمكافحة الأمراض غير السارية، وإدماج الأمراض غير السارية في الخطط الوطنية للتنمية، بما في ذلك إطار الأمم المتحدة للمساعدة الإنمائية وخطط التعاون، ووضع الغايات الوطنية لمكافحة الأمراض غير السارية. وقدَّمت المنظمة، عبر مستوياتها الثلاث، دعماً متكاملاً في عددٍ من البلدان المختارة ذات «المسار السريع» (منها في إقليم شرق المتوسط جمهورية إيران الإسلامية وعُمان)، وجرى تعزيز آلية الدعم القُطري لفرقة عمل الأمم المتحدة المشتركة بين الوكالات المعنية بالوقاية من الأمراض غير الـمُعدية (غير السارية) ومكافحتها، من أجل تقديم دعم مُعزَّز ومُنسَّق إلى البلدان وبيان جدوى الاستثمار في مجال الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها، وتعزيز الدعوة إلى الإدماج الفعَّال للأمراض غير السارية في خطط التنمية.
وتواصل المنظمة تعزيز أواصر التعاون مع القطاعات الأخرى غير قطاع الصحة، والتعاون بين الحكومات والجهات الفاعلة غير الدول. وتأسيساً على الاجتماع الإقليمي الأول حول تعزيز الشراكة مع منظمات المجتمع المدني من أجل الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها، الذي عُقِد في عام 2015، نُظِّم تدريب لبناء القُدُرات بالتعاون مع التحالف المعني بالأمراض غير السارية، كما تتواصل الجهود لتسهيل تشكيل تحالفٍ إقليمي من منظمات المجتمع المدني يُعنَى بالأمراض غير السارية.
الوقاية من عوامل الخطر ومكافحتها
ركَّزت الأنشطة الرامية إلى مكافحة تعاطي التبغ في عام 2016 على دعم تنفيذ اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ على الصعيد الوطني. وتواجه البلدان تحدِّياتٍ عديدة في الـمُضي قُدُماً ببرامج مكافحة التبغ، ويُعزَى ذلك إلى عددٍ من العوامل منها الأولويات الصحية الأكثر أهمية لـمُتَّخِذي القرار، من قبيل أوضاع الطوارئ في الإقليم، وتدخُّل دوائر صناعة التبغ بهدف تقويض الجهود الرامية إلى مكافحته، وطرح منتجاتٍ جديدة لا تشملها التشريعات القائمة، وعدم فهم المتطلبات الواجب توافرها في تشريعات مكافحة التبغ على المستوى التشريعي.
وفي إطار التحضير للدورة السابعة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ، عُقِد اجتماع بالاشتراك مع أمانة الاتفاقية الإطارية لإتاحة الفرصة أمام الأطراف في الاتفاقية من إقليم شرق المتوسط لاستعراض وثائق المؤتمر، والاستعداد للمفاوضات بشأنها أثناء الدورة. وعُقِدت الدورة السابعة لمؤتمر الأطراف في نيودلهي، الهند في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، وفيها قادت الأطراف في الاتفاقية من الإقليم ثلاثة قرارات حول الأمراض غير السارية، والإعلان عن التبغ والترويج له ورعايته، وتبع النرجيلة.
كما عُقِد، بالاشتراك مع الإقليم الأفريقي، اجتماع حول تنفيذ التحذيرات الصحية الـمُصوَّرة الكبيرة والتغليف البسيط لمنتجات التبغ. وتزامناً مع الاجتماع، أُعِدت قاعدة بيانات من التحذيرات الصحية الـمُصوَّرة غير المحمية بحقوق التأليف والنشر حتى تستخدمها البلدان في الإقليم، وذلك بالتعاون مع أمانة الاتفاقية الإطارية. وزاد فهم بروتوكول القضاء على الاتجار غير المشروع بمنتجات التبغ من خلال الاتصالات الرفيعة المستوى مع وزراء الصحة، وتنفيذ أنشطة قُطرية محددة مثل عقْد مؤتمرات عبر الفيديو مع الخبراء وتنظيم ندوات مُوجَّهة.
كما قدَّمت المنظمة الدعم التقني إلى البلدان بشأن طائفة من مجالات مكافحة التبغ، بما في ذلك بناء قُدُرات البرامج الوطنية، وإجراء بحوث حول التكاليف الصحية الناجمة عن تعاطي التبغ، وتقدير الاحتياجات، وتدريب العاملين في مجال الإعلام، ومكافحة زراعة التبغ، بالإضافة إلى التشريعات والضرائب. وفي سبيل دعم هذا العمل، أُعِد عدد من مصادر المعلومات حول دوائر صناعة التبغ، والتدخين السلبي، والتحذيرات الصحية الـمُصوَّرة والتغليف البسيط (وذلك بالتعاون مع جامعة ووترلو، كندا)، كما تُرجِمت في الوقت ذاته إلى العربية إصدارات المنظمة عن تدخين النرجيلة وتخصيص الضرائب المفروضة على منتجات التبغ.
وعلى الصعيد الإقليمي، اتسمت بالبطء وتيرة التقدُّم الـمُحرَز في تنفيذ توصيات المنظمة بشأن مكافحة تسويق الأغذية غير الصحية للأطفال على الرغم من الالتزامات الواضحة التي قطعتها البلدان على نفسها في هذا الجانب، في حين ارتفع الإنفاق على ترويج الأغذية ذات السعرات الحرارية المرتفعة ارتفاعاً كبيراً في السنوات الأخيرة. فالأغذية التي يكثر الإعلان عنها هي المشروبات الغازية، والوجبات الخفيفة المالحة، والسكريات والوجبات السريعة. وتُبَثُّ أكثر إعلانات الأغذية والمشروبات عبر شاشات التليفزيون في الفترة بين الساعة 14:00 ظهراً و21:00 مساءً، وهي الفترة التي ترتفع فيها مشاهدة الأطفال للتليفزيون. ونفَّذت 19% فقط من بلدان الإقليم توصيات المنظمة بشأن تسويق الأغذية والمشروبات غير الكحولية إلى الأطفال.
ويُمثِّل جمْع البيانات حول التغذية وتحليلها تحدِّياً في الإقليم. وتتطلب عملية رسم السياسات والمساءلة إرساء أنظمة فعالة لترصُّد التغذية ورصْدها وتقييمها حتى يتسنَّى تنفيذ السياسات بفاعلية. وتواجه أكثر البلدان تحدِّياً آخر يتمثَّل في إدماج التغذية في النظام الصحي، إذ يعاني معظم الأشخاص بها من عبءٍ مزدوجٍ لسوء التغذية وقلة فرص الحصول على الخدمات الصحية، بما في ذلك خدمات الوقاية والعلاج وإعادة التأهيل، الأمر الذي يُسهِم في زيادة أوجه الإجحاف. وتواجه بلدان كثيرة صعوباتٍ رئيسيةً أخرى مثل الوضع الأمني والقلاقل السياسية. وفي الوقت الذي تتعاظم فيه مشكلة سوء التغذية، نجد أن الموارد المالية محدودة.
وما انفك وضع خارطة طريق للعمل، من أجل تعزيز النظام الغذائي الصحي والتصدِّي لعوامل خطر الأمراض غير السارية المرتبطة بالتغذية (خفض مدخول الملح والسكر والدهون)، يُمثِّل إحدى الأولويات في الإقليم. ففي عام 2016، انضم المغرب والصومال والسودان إلى ركْب أكثر البلدان الأخرى في الإقليم التي أعدت خطط عمل وطنية لما بعد عام 2015، بهدف تنفيذ التوصيات الصادرة عن المؤتمر الدولي الثاني بشأن التغذية. كما وُضِع نموذج لتحديد مواصفات الـمُغذِّيات، وجرى اختباره ميدانياً في سبعة بلدان. وسوف يساعد هذا النموذج البلدان في تحسين توسيم الأغذية والترويج للأغذية الصحية.
وقدَّمت المنظمة، طيلة عام 2016، الدعم التقني للبلدان، وساهمت في بناء قُدُراتها في مجالات رصْد النمو والمبادئ التوجيهية بشأن النُظُم الغذائية المستندة إلى الأغذية، ومكافحة السمنة والوقاية منها، وتعزيز النظام الغذائي الصحي. ووضعت بلدان كثيرة نُظُماً لترصُّد التغذية، وهي الآن بصدد توفير بيانات منتظمة لمعظم المؤشرات. وسوف تواصل المنظمة رصْد وتقييم تنفيذ توجيهات السياسة العامة بشأن استراتيجيات خفض الملح والدهون والسكر، ووضع اللمسات النهائية على السياسة الإقليمية للوقاية من السمنة والسكري.
الترصُّد والرصْد والتقييم
استكمالاً للجهود التي استهلَّتها المنظمة في عام 2015، قدَّم المكتب الإقليمي الدعم إلى البلدان لتعزيز أنظمة ترصُّد الأمراض غير السارية وعوامل الخطر المرتبطة بها. وشمل ذلك تنفيذ النظام العالمي لترصُّد التبغ في عددٍ من بلدان الإقليم، بما في ذلك المسح العالمي الخاص بالشباب والتبغ (في جمهورية إيران الإسلامية والمغرب وعُمان)، وإدراج أسئلة حول التبغ في المسوح والدراسات الاستقصائية الوطنية المستمرة (في مصر والعراق والمغرب وعُمان والسودان). هذا وقد نفَّذ عددٌ من البلدان نهْج المنظمة التدريجي للترصُّد (STEPS) (العراق والمغرب وعُمان والسودان)، في حين استكملت بلدن أخرى مرحلة التخطيط لإجراء مسوح وطنية عن الأمراض غير السارية (جيبوتي ومصر والأردن والصومال والإمارات العربية المتحدة).
كما قدَّم المكتب الإقليمي الدعم للبلدان من أجل تعزيز ترصُّد السرطان، وذلك بالتعاون مع الوكالة الدولية لبحوث السرطان. ولقد اتخذت عُمان خطواتٍ لتحديث نظام تسجيل حالات الإصابة بالسرطان لديها، وذلك باستخدام أحدث البرمجيات (CanReg5) وباتباع المعايير الدولية (المراجعة العاشرة للتصنيف الدولي للأمراض)، في الوقت الذي انعقدت فيه حلقة عمل لتقييم سجل حالات الإصابة بالسرطان في العراق من أجل تحسين نظام التسجيل، مع التركيز على الأقاليم الثلاث الرئيسية في البلاد، كما عُقِدت حلقة عمل أخرى في ليبيا حول إنشاء سجل فعال لحالات الإصابة بالسرطان على أساس السكان.
وخلال عام 2016، شاركت البلدان في دراسة استقصائية حول القُدُرات القُطرية لتقييم التقدُّم الـمُحرَز في مجال الأمراض غير السارية. وتغطي المعلومات، التي تم جمعها من خلال هذه الدراسة الاستقصائية، البنية التحتية للصحة العامة، والشراكات، والتعاون متعدد القطاعات بشأن الأمراض غير السارية وعوامل الخطر المرتبطة بها، وكذلك وضْع السياسات والاستراتيجيات وخطط العمل، ونُظُم المعلومات الصحية الخاصة بالأمراض غير السارية، ورصْد وترصُّد الأمراض غير السارية وإجراء دراسات استقصائية حول الأمراض غير السارية وعوامل الخطر المرتبطة بها، والقدرة على الكشف المبكر عن الأمراض غير السارية وعلاجها ورعاية المصابين بها في إطار النظام الصحي. وستساعد النتائج التي خلصت إليها هذه الدراسة الاستقصائية في تخطيط الدعم التقني من أجل التصدِّي للأمراض غير السارية وعوامل الخطر المرتبطة بها. كما ستُستَخدَم المعلومات فيما يتعلق بالمؤشرات التي وافقت الدول الأعضاء على رصدها، والتي ستُصبِح في موضع مساءلة بشأنها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وجمعية الصحة العالمية في عام 2018.
الرعاية الصحية
يشهد عددٌ من البلدان حالياً إصلاحات كبيرة في قطاع الصحة، ولهذه الإصلاحات آثار كبيرة على محتوى حزمة الخدمات الأساسية الـمُقدَّمة، ونماذج الرعاية و/أو تمويل الرعاية الصحية لتوسيع نطاق التغطية الصحية وتعزيز الحماية المالية. وفي ضوء هذه الإصلاحات، يواصل المكتب الإقليمي تقديم إرشادات استراتيجية إلى البلدان بشأن إعادة توجيه النُظُم الصحية وتعزيزها للتصدِّي للأمراض غير السارية، وإيلاء الأولوية للتدخُّلات العالية المردود، مع التركيز على إدماج الأمراض غير السارية وتدبيرها علاجياً ضمن الرعاية الصحية الأولية سواء كان ذلك أثناء الأوضاع المستقرة أو في حالات الطوارئ.
وتأسيساً على العمل الذي أُنجِز في عامي 2014-2015، واستناداً إلى الإطار الإقليمي لتعزيز إدماج الأمراض غير السارية وتدبيرها علاجياً ضمن الرعاية الصحية الأولية في الإقليم، نُظِّمت بعثات قُطرية لاستعراض وضع إدماج الأمراض غير السارية في الرعاية الصحية الأولية (جمهورية إيران الإسلامية، والكويت، والمملكة العربية السعودية). وبالإضافة إلى ذلك، تواصل إيلاء الاهتمام إلى البلدان التي تشهد حالات طوارئ ذات تصنيف مرتفع، مثل العراق، والجمهورية العربية السورية، واليمن، بهدف دعم التأهُّب للأمراض غير السارية وتقييم قدرة النُظُم الصحية على الصمود والتعافي، وشراء الأدوية اللازمة لعلاج الأمراض غير السارية، وعقْد دورات تدريبية مُصمَّمة خصيصاً لـمُقدِّمي الرعاية الصحية الأولية، والعمل في الوقت نفسه على وضع إرشادات معيارية في هذا المجال. ومثَّل الانتهاء من مجموعة الأدوات الصحية لمعالجة الأمراض غير السارية في حالات الطوارئ إنجازاً هاماً، وسوف تُجرَّب هذه المجموعة في العراق والجمهورية العربية السورية في عام 2017.
وأُحرِز تقدُّم في مجال مكافحة السرطان، مع وضْع إرشادات إقليمية بشأن الكشف المبكر عن أمراض السرطان الخمسة ذات الأولوية في الإقليم، كما وضِعَت المسوّدة الأولى من إطار إقليمي للوقاية من السرطان ومكافحته. وفي إطار الشراكة الإقليمية بين الوكالة الدولية لبحوث السرطان ومنظمة الصحة العالمية للتوسُّع في ترصُّد السرطان والبحوث المتعلقة به، تلقَّت ثمانية بلدان الدعم بشأن سجلات حالات الإصابة بالسرطان والبحوث المتعلقة به. وشهد عام 2016 تطوراً إيجابياً آخر تمثَّل في تعيين مركزين جديدين لينضما إلى قائمة المراكز المتعاونة مع منظمة الصحة العالمية في الإقليم، وهما: المركز المتعاون مع المنظمة بشأن التثقيف والتدريب والبحوث حول السرطان، بمركز الحسين للسرطان في الأردن؛ والمركز المتعاون مع المنظمة بشأن البحوث حول الأمراض غير السارية وأمراض السرطان الـمَعدية المعوية، بمعهد بحوث أمراض الجهاز الهضمي في جمهورية إيران الإسلامية.
الصحة النفسية
يحظى مجال الصحة النفسية وتعاطي مواد الإدمان باهتمامٍ متزايد، خاصة بعد ما أقرَّت اللجنة الإقليمية في دورتها الثانية والستين الإطار الإقليمي لتوسيع نطاق العمل في مجال رعاية الصحة النفسية في إقليم شرق المتوسط، الذي يرمي إلى تنفيذ خطة عمل شاملة للصحة النفسية (2013-2020). وقد ولَّد العدد الكبير من البلدان التي تشهد أوضاع طوارئ مُعقَّدة في الإقليم زخماً قوياً لتسليط الضوء على الصحة النفسية وتعاطي مواد الإدمان في الإقليم، ما أدى إلى زيادة الحاجة إلى خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي، وزيادة الطلب عليهما. وعلى الصعيد العالمي، كانت هناك معالم هامة منها عقْد اجتماع مشترك بين منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي حول الصحة النفسية والتنمية، والدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن المخدرات في نيسان/أبريل 2016، وإدراج الـخَرَف في برنامج عمل مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية في قطر.
ولقد تحقق إنجاز رئيسي في كثير من البلدان تمثِّل في توحيد برنامج عمل المنظمة الخاص بسد الفجوات في مجال الصحة النفسية (mhGAP) وبدء العمل به لسد الفجوة العلاجية لمشكلات الصحة النفسية ذات الأولوية من خلال إدراجها ضمن الرعاية الصحية الأولية. وتعكف المنظمة حالياً على وضع اللمسات الأخيرة على مسوّدة إرشادات بشأن إدراج الصحة النفسية في الرعاية الصحية الأولية لعام 2017. ونُظِّمت بالتعاون مع الجامعة الأمريكية بالقاهرة دورة تدريبية إقليمية ثانية حول القيادة في مجال الصحة النفسية، كما عُقِدت بالتعاون مع مركز التأهيل الوطني في أبوظبي حلقة عمل إقليمية لبناء قُدُرات الإداريين في المستوى المتوسط بشأن وضع السياسات المتعلقة بتعاطي مواد الإدمان وتقديم الخدمات. ودعماً للعمل في هذا المجال، نُشِرت أطالس حول الموارد والقُدُرات المتاحة للصحة النفسية وتعاطي مواد الإدمان في بلدان الإقليم. كما يساهم المكتب الإقليمي في مراجعة النسخ المختلفة من الفصل السادس من المراجعة الحادية عشرة للتصنيف الدولي للأمراض واختبارها ميدانياً، وفي وضع اللمسات النهائية على معايير علاج الاضطرابات الناجمة عن تعاطي مواد الإدمان والتي تعدها منظمة الصحة العالمية بالاشتراك مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
ولقد قدَّم المكتب الإقليمي الدعم لكثير من البلدان في مراجعة الاستراتيجيات والتشريعات المعنية بالصحة النفسية في أو إعدادها وتحديثها، وذلك وفقاً للمؤشرات والغايات الـمُتَّفَق عليها في إطار خطة العمل لشاملة للصحة النفسية (2013-2020) وأحكام اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. ووضع عددٌ من البلدان خططاً معنية بالتوحُّد والـخَـرَف، في حين تلقَّت بلدان أخرى الدعم لوضع وتعزيز خططها الوطنية للوقاية من الانتحار. وبالإضافة إلى ذلك، أعدت المنظمة حزمة من خدمات الصحة النفسية المدرسية، ويجري الآن تجربتها في بلدان الإقليم. كما قدَّمت المنظمة الدعم لتوفير دعم الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي في كلٍّ من العراق، وليبيا، واليمن، والبلدان المتضررة من جرَّاء الأزمة السورية، وذلك بالتنسيق والتعاون مع وكالات الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية، وأصحاب المصلحة الوطنيين، والمؤسسات الأكاديمية. وأدى ذلك بدوره إلى إعداد دورة إقليمية حول بناء القُدُرات بشأن دعم الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي وتجريبيها.
ولا تزال الصحة النفسية تعاني من قلة الاهتمام بها على المستوى السياسي وعلى مستوى الصحة العامة، كما أن الوصم المرتبط بها يشمل جميع جوانب رعاية الصحة النفسية، مما يؤثر على تطوير الخدمات وتقديمها والاستفادة منها. كما تعاني الصحة النفسية من نقصٍ مزمنٍ في التمويل، والافتقار إلى البحوث والبيانات اللازمة للاسترشاد بها في وضع الخطط وتطوير الخدمات، وقلة الموظفين المتخصصين والخدمات المتخصصة، كما أن مهارات العاملين الصحيين العامين المسئولين عن تقديم الرعاية في مجال الصحة النفسية لا تزال محدودة.
وفي ظل شح الموارد الحالي، وفي ضوء عملية إصلاح المنظمة والأولويات الاستراتيجية الإقليمية، ستعمل منظمة الصحة العالمية على تعميق أواصر التعاون مع الشركاء الإقليميين والعالميين لتنفيذ إطار العمل الإقليمي لتوسيع نطاق العمل في مجال رعاية الصحية النفسية في إقليم شرق المتوسط، وخطة العمل الشاملة للصحة النفسية (2013-2020). وستواصل المنظمة تقديم الدعم إلى البلدان في مراجعة وإعداد سياساتها واستراتيجياتها وبرامجها الوطنية بشأن الصحة النفسية وتعاطي مواد الإدمان، ومن أجل توسيع نطاق دعم الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي في البلدان التي تشهد أزماتٍ إنسانية.