لقد أوضح المدير الإقليمي بجلاء التزامه بالعمل على تفعيل ديناميكية الإدارة وفعاليتها وشفافيتها من أجل اتخاذ المنظمة لاستجابة واحدة منسقة على مستوى المنظمة لمواجهة التحديات الصحية العالمية والإقليمية، وكذا التزامه بتبني أساليب متعددة القطاعات للتعامل مع قضايا الصحة العمومية الكبرى. وتم تحديد عدد من التحديات وأولويات العمل من أجل تعزيز عمليات الإدارة والكفاءة والشفافية.
البرامج ووضع الأولويات
التوجهات الاستراتيجية الإقليمية: استناداً إلى التحليل المتعمِّق للتحديات التي تواجه التنمية الصحية في الإقليم، فقد جرى تحديد خمسة مجالات تقنية، ليتم زيادة قدرات المنظمة فيها، وتعزيز ما تقدِّمه حيالها من دعم تقني للدول الأعضاء. وهذه المجالات الخمسة هي: تعزيز النُظُم الصحية؛ وصحة الأمهات والأطفال والصحة الإنجابية والتغذية؛ والأمراض غير السارية، والأمراض السارية؛ والتأهُّب للطوارئ والاستجابة لمقتضياتها. وهذه الأولويات تتماشى مع تلك التي أوصَى بها المجلس التنفيذي، وأقرّتها الدول الأعضاء بناء على ذلك في مسودة برنامج العمل العام الثاني عشر 2014 - 2019.
الاحتياجات الخاصة للدول الأعضاء: على الرغم مما شهده عدد من الدول الأعضاء في السنوات الأخيرة من تقدُّم في مجال الصحة، لايزال هناك تفاوت كبير بين البلدان وداخل البلد الواحد فيما يتعلق بالتحديات الصحية الخاصة. فالبلدان تختلف أيضاً بشكل كبير في ما يتعلق بالحصائل الصحية للسكان، وأداء النظام الصحي، ومستوى الإنفاق الصحي. وهذا يعني ضرورة رَسم الاستراتيجيات التي تلبِّي احتياجات البلدان سواء على المستوى الإقليمي أو المستوى القُطري، استناداً إلى تحليل مستفيض للاحتياجات والتحديات. وبالتالي تحقيق المزيد من التعاون التقني الموجه، وإنشاء شبكات بين البلدان التي تشترك في التحديات والخبرات المتشابهة.
الدعم التقني المقدَّم إلى الدول الأعضاء: يعتبر تعزيز الكفاءات التقنية للمنظمة، وتوسيع قدرتها على تقديم دعم تقني من الدرجة الأولى، من الأولويات الرئيسية لعملية الإصلاح. وقد تم مراجعة القدرات الراهنة، كما يتواصَل العمل على إجراء تعديلات للممارسات الحالية. وشرعت مختلف الإدارات التقنية بالفعل في إعداد قائمة بأكفأ الخبراء في كل مجال من المجالات التقنية، ليتم اختيارهم والاحتفاظ بأسمائهم للمبادرة بتقديم هذه القوائم إلى الدول الأعضاء متى وأينما دَعَت الحاجة إليها. وستتولى المنظمة بالاشتراك مع وزارة الصحة المتلقية للدعم التقني، تقييم حصائل هذا الدعم بشكل منتظم.
إعداد البرامج وإطار النتائج والتخطيط الموحَّد: لقد أرسى برنامج العمل العام الثاني عشر، والميزانية البرنامجية للثنائية 2014 – 2015 أسلوباً لإعداد البرنامج وإطاراً للنتائج، والذي سيستخدم كأساس في التخطيط، ورصد الأداء. وجرى إرساء هذا الإطار وفقاً للفئات الست التي ستحل محل الأغراض الاستراتيجية الثلاثة عشر الحالية، وهذه الفئات الست هي: (1) الأمراض السارية؛ (2) الأمراض غير السارية، (3) تعزيز الصحة في جميع مراحل العُمر؛ (4) النُظُم الصحية؛ (5) التأهُّب والترصُّد والاستجابة؛ (6) الخدمات المؤسّسية والوظائف التي ترسِّخ عمل المنظمة. وبعد وضع الأولويات على الصعيد القُطري بشكل واضح، سيركِّز التخطيط بشكل أساسي على الأولويات القُطرية، فضلاً عن الأعمال في مجال وضع المعايير القياسية، مع الأخذ بعين الاعتبار، القرارات والتوصيات الإقليمية والعالمية الصادرة عن سائر الأجهزة الاستشارية من قبيل اللجنة الاستشارية التقنية والتي حلَّت محل اللجنة الاستشارية الإقليمية. ولقد اعتمد المكتب الإقليمي مبدأً هاماً وهو العمل على الحدّ من تفتيت الخطط، وتركيز العمل على عدد أقل من المجالات البرنامجية، والأهداف القابلة للتحقيق.
وثائق استراتيجية التعاون القُطري: تنطوي عملية إعداد وثائق استراتيجية التعاون القطري على مشاورات مكثفة تجرى في جميع مستويات الأمانة، مع حكومات البلدان والوكالات الثنائية والمتعددة الأطراف، والمجتمع المدني، والمؤسسات العلمية، والمراكز المتعاونة، والقطاع الخاص. بيد أنه يوجد حالياً فجوات كبيرة في طريقة إعداد استراتيجية التعاون القطري وفي جودة عملية إعدادها، وفي النتائج التي تتفاوت من بلد إلى آخر. وسيتم إجراء تحليل مستفيض للخبرات الراهنة، كما سيتم إعداد دليل مُحدَّث حول عملية وضع استراتيجية التعاون القُطري بما يعكس أهمية الوثيقة كأداة أساسية لتنفيذ إصلاح المنظمة.
ومن نفس المنطلق وبنفس الروح، تتم مراجعة عملية البعثات المشتركة لمراجعة وتخطيط البرامج بهدف تبسيط وإعادة تركيز البرامج القُطرية على الأولويات الأساسية. وسيتم تنفيذ نهج جديد للثنائيـة 2014 – 2015 مع الأخذ بعين الاعتبار الهيكل الجديد للميزانية البرمجية، وتوصيات اللجنة الإقليمية، والرؤية والاستراتيجيات الإقليمية والفئات العالمية المذكورة أعلاه.
لا مركزية الخدمات. وسعياً إلى ضمان الوضع الأمثل لتقديم الخدمات على مستوى البلدان، تم جمع الأنشطة ذات الطبيعة المتماثلة في المكتب الإقليمي في مجموعات، بهدف دراسة إمكانية نقلها في نهاية المطاف إلى أماكن أكثر مردوداً. وكمثال على هذا المنحَى، تم تجميع جميع المشروعات والأنشطة المرتبطة بصحة البيئة في المركز الإقليمي لأنشطة صحة البيئة في عمّان، الأردن.
تصريف الشؤون (الحوْكَمة)
يسعى برنامج إصلاح المنظمة إلى جذب المزيد من المشاركة النشطة، والانخراط المستنير الذي يستند على المعلومات لجميع الدول الأعضاء في عمليات تصريف الشؤون (الحوْكَمة) بُغْيَة إعادة التوازن إلى طريقة ممارسة الدول الأعضاء لدورها كأطراف تشارك بفعالية واستنارة في عمل الهيئات الرئاسية. وبناءً على توجيهات الدول الأعضاء في كانون الثاني/يناير 2012، ركز العمل في مجال تصريف الشؤون (الحوْكَمة) على أربع أولويات رئيسية وهي: أ) وضع الجداول والترتيبات والمواءمة لعمليات تصريف الشؤون (الحوْكَمة) بشكل أكثر اتزاناً؛ ب) تعزيز الإشراف؛ ج) زيادة القرارات الاستراتيجية التي تتخذها الهيئات الرئاسية؛ د) زيادة المشاركة الفعالة مع سائر الأطراف المعنية. وتلبِّي عملية الإصلاح الحاجة إلى تحسين الروابط بين اللجان الإقليمية والهيئات الرئاسية العالمية، فضلاً عن توحيد الممارسات في اللجان الإقليمية الست. وتشمل هذه المبادرات ما يلي:
تنظيم اجتماعات رفيعة المستوى لممثلي الدول الأعضاء والبعثات الدائمة لها في جنيف قبل انعقاد كل اجتماع من الاجتماعات الكبرى للهيئات الرئاسية للمنظمة (جمعية الصحة العالمية، والمجلس التنفيذي)؛
تقديم إحاطة موجَزَة في الوقت المناسب لممثلي الدول الأعضاء أثناء الاجتماعات العالمية للهيئات الرئاسية لتيسير عمليات اتِّخاذ القرارات المتعلقة بالسياسات الصحية؛
عقد مؤتمرات عبر الهاتف والفيديو مع ممثلي الدول الأعضاء لمناقشة القضايا محل اهتمام الدول الأعضاء، متى يستدعي الوضع ذلك؛
تنقيح النظام الداخلي للجنة الإقليمية لضمان اتساقه مع أفضل الممارسات في المنظمة؛
إنشاء لجنة استشارية تقنية إقليمية لإسداء المشورة للمدير الإقليمي حول القضايا المتعلقة بتعزيز التعاون التقني مع الدول الأعضاء في الإقليم وفي ما بينها، وتقديم الدعم لتقييم البرامج والمساعدة في حَشد الموارد. وتم الاتفاق على عقد اجتماع لهذه اللجنة في شهر نيسان/أبريل من كل عام.
الإدارة
يُعتَبَر تقديم المزيد من الدعم التقني وفي مجال السياسات والمعايير القياسية لجميع الدول الأعضاء، أحد المجالات المهمّة في إصلاح المنظمة؛ حيث يهدف مجال الإدارة إلى تحقيق ستة أهداف رئيسية ألا وهي: أ) تقديم الدعم التقني والسياسي الفعَّال لجميع الدول الأعضاء؛ ب) توفير العاملين الذين يلبون الاحتياجات على كل المستويات؛ ج) إنشاء آلية للتمويل تراعي الأولويات المتفق عليها؛ د) وضع نُظُم فعَّالة للمساءلة وإدارة المخاطر؛ هـ) تبنِّي ثقافة التقييم؛ و) الاتصالات الاستراتيجية. وفي هذا المضمار، شَرَعَت الأمانة في المبادرات التالية:
إعادة الاتساق في بنية المكتب الإقليمي: تم إنشاء قسمَيْن جديدين في المكتب الإقليمي ألا وهما إدارة المعلومات والبيِّنات والبحوث، وإدارة الأمراض غير السارية والصحة النفسية لمواجهة التحديات الصحية التي تواجه الإقليم، ولضمان التركيز على مجالات البرامج الأساسية، وتحسين سُبُل التآزر بين المجالات البرنامجية. وتم تدعيم الوحدات المعنية بالاتصالات، والشراكات، وحشد الموارد بهدف تحقيق مزيد من التماسُك فيما بينها والارتقاء بفعاليتها. ويجرى الآن إعداد استراتيجية جديدة في هذا المجال المهم بالتعاون مع أصحاب المصلحة الرئيسيين، وذلك بالتشاور مع المقر الرئيسي للمنظمة وسائر المكاتب الإقليمية. ومما لا شك فيه أن إعادة الاتساق في البنيَة بهدف تلبية الاحتياجات الراهنة، ستؤدّي لا محالة إلى توزيع القوى العاملة بشكل أكثر تنظيماً.
حشد الموارد: تشارك منظمة الصحة العالمية بفعالية ونشاط في الجهود العالمية المبذولة لضمان زيادة الجدوى من التمويل وإمكانية التنبّؤ به، مع التركيز على المانحين والشركاء في الإقليم. فحشد الموارد من داخل الإقليم يقف عند الحد الأدنى مقارنةً بسائر أقاليم المنظمة الأخرى؛ حيث لا توجد الآن استراتيجية تنفيذية لحشد الموارد. وقد تم تعزيز الوحدة المسؤولة عن حشد الموارد، ومن ثَمَّ سيتم إعداد خطة شاملة لحشد الموارد في عام 2013.
وتلتزم المنظمة في الإقليم ببناء شراكات أقوى وأكثر فعالية مع الأطراف الإقليمية المعنية، ومع المنظمات غير الحكومية، ومع الدوائر العلمية، ومع القطاع الخاص، بما في ذلك منظمة المؤتمر الإسلامي، والبنك الإسلامي للتنمية، وبنك التنمية الأفريقي، ومجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، والهيئات الإقليمية للأمم المتحدة. وسَيَتم كذلك التأكيد على التنسيق مع المبادرات الصحية العالمية، ومع شركاء التنمية على الصعيد القُطري. وبالفعل اتَّخَذ المكتب الإقليمي خطوات أولية في هذا الاتجاه خلال الأشهر القليلة الماضية.
تقوية المكاتب القُطرية: لقد كشَفَت التقارير التي أعدّها المراجعون الداخليون والخارجيون في المنظمة، وكذلك الملاحظات الواضحة التي أبدتها الدول الأعضاء، عن الحاجة إلى زيادة الدعم المقدَّم إلى البلدان من خلال تبنِّي عمليات إدارية أكثر كفاءة، وتحسين سُبُل التصدّي للتحديات في الأوساط الميدانية. وقد تم تحديد فجوات محددة في القيادة، وفي جودة الدعم التقني المقدَّم للدول الأعضاء، وفي الربط بين استراتيجيات التعاون القُطري والتخطيط التشغيلي. هذا إلى جانب التحدّيات الكبرى الأخرى المتعلقة بالتمويل والرَصْد والحفاظ على بيئة رقابة كافية. فعمليات وأدوات التخطيط التي توجه الأنشطة التقنية للمنظمة في الدول الأعضاء يجب أن تتّسم بالمزيد من الفعالية والكفاءة، وأن تسعى إلى تأكيد وجود علاقة واضحة تربط بين احتياجات الدول الأعضاء، واستراتيجيات التعاون القُطري، والتمويل والأنشطة التي تعتزم المنظمة تنفيذها في ظل دورة محددة للميزانية.
التوظيف: تم مراجعة طرق اختيار العاملين من خلال تنفيذ عملية للتوظيف تعتمد على توصيف عام للوظائف بدلاً من توصيف يراعي الاعتبارات السائدة، وهذا من شأنه أن يؤدّي إلى عملية توظيف تتّسم بالمزيد من الشفافية والفعالية. إن التحسينات التي طرأت على أنشطة تطوير الموظفين تهدف إلى تقوية المكاتب القُطرية، وإلى إعداد الموظفين الوطنيين ليتمتعوا بالمزيد من الميزات التنافسية لدى تقدّمهم للوظائف الدولية في المنظمة. وتم الشروع في عملية تنقل العاملين بين المكاتب القُطرية والمكتب الإقليمي، من أجل مواجهة التأثير السيئ الناجم عن بقاء الموظف في مكان عمل واحد لفترة طويلة. وتم إيلاء قدر كبير من الأولوية لإدارة الأداء؛ حيث سيتم ربطه عن كثب بتطور الموظفين في المنظمة لضمان تلبيتهم لتوقعات الدول الأعضاء.
التقييم: تم تقوية آليات الرقابة الداخلية من خلال إدخال عمليات ضمان الجودة ووظيفة الامتثال بالقواعد على المستوى الإقليمي. وتم إجراء تقييم مستقل للبرامج الأساسية، فضلاً عن المراجعة المالية والإدارية للمكاتب الرئيسية لاستكمال عمليات المراجعة الداخلية والخارجية. وتم إدخال إطار لإدارة المخاطر يعتمد على إسهامات من المكاتب والبرامج القُطرية الموجودة في شتى أرجاء الإقليم بما يسمح بالتعرُّف على الاستراتيجيات والمخاطر الميدانية والإجراءات اللازمة للتخفيف من وطأة المشكلات. وقد أنشئت لجنة الامتثال بالقواعد من أجل تعزيز بيئة الرقابة في المنظمة والتخفيف من وطأة المخاطر التي يتم التعرُّف عليها. كما أجريَت مراجعات للامتثال بالقواعد في بعض المجالات البالغة الأهمية مثل اتفاقات لأداء العمل والسفر. وقد تحسَّن مستوى الامتثال للقواعد في سياسة السفر، ومن المتوقَّع تحقيق المزيد من التحسُّن بنهاية 2014.