في عام 2012، أصدَرَت اللجنة الإقليمية قراراً صادَقَت بموجبه على خارطة الطريق المقترَحة بشأن تقوية النُظُم الصحية كأحد الأولويات الاستراتيجية، وعلى الخطوات الضرورية لتعزيز التغطية الشاملة بخدمات صحية عالية الجودة على مستوى السكان والأفراد على حدٍّ سواء. وقد اعتمد هذا القرار على التحليل المستفيض الذي أجراه المكتب الإقليمي في عام 2012 للتحديات التي تجابه التنمية الصحية في الإقليم، وكذلك على المراجعة التي تمت لأعمال المنظمة من أجل دعم الدول الأعضاء ومساعدتها في التعاطي مع هذه التحديات.
ومن المعلوم أن النُظُم الصحية في الإقليم، تواجه تحديات كثيرة، وشاملة عادةً لعدة جوانب بطبيعتها، وتنطبق على معظم البلدان، بصرف النظر عن مستوى التنمية الاجتماعية والاقتصادية والصحية فيها. وتُعَدُّ مجابهة هذه التحديات من الأمور الحاسمة لتحقيق التغطية الصحية الشاملة. ويتم تصنيف البلدان إلى ثلاث مجموعات، وذلك استناداً إلى الحصائل الصحية للسكان، وإلى أداء النُظُم الصحية، ومستوى الإنفاق على الصحة (انظر الجدول رقم 1). وكثيراً ما تواجه البلدان الواقعة في المجموعتين الثانية والثالثة مشاكل تتمثَّل في التمويل غير الكافي، وارتفاع حصة المدفوعات الصحية المباشرة من جيوب المرضى. وقد ترتفع هذه المدفوعات، في بعض البلدان ذات الدخل المنخفض، لتصل إلى %75 من إجمالي الإنفاق الصحي. وتمثِّل المستويات المرتفعة من المدفوعات المباشرة من جيوب المرضى عقبة كبيرة أمام مساعي تحقيق التغطية الصحية الشاملة. وهنالك تحديات أخرى ينبغي التعامل معها خلال سعينا لبلوغ التغطية الصحية الشاملة (الشكل رقم 1). حيث إنها تتعلق بالافتقار إلى خدمات الرعاية الصحية الشاملة والعالية الجودة والتي تركز على الناس، والتأكد من توافر القوى العاملة الصحية الكافية، وتحسين سبل الحصول على الأدوية والتكنولوجيا الأساسية، ورأب الفجوات الموجودة حاليا في نظم المعلومات الصحية. وعلى الجانب الآخر، فإن الحاجة إلى توافر الإرادة والالتزام السياسيين على أرفع المستويات، بالتحرُّك صَوْب تحقيق التغطية الصحية الشاملة بخدمات رعاية صحية عالية الجودة للسكان والأفراد، يمثِّل التحدِّي السائد بالنسبة للعديد من البلدان.
الجدول 1. اتجاهات النتائج الصحية الرئيسية في إقليم شرق المتوسط
الجدول 1. اتجاهات النتائج الصحية الرئيسية في إقليم شرق المتوسط، 1990–2010* |
|||||||||
مؤشرات الوضع الصحي |
بلدان المجموعة 1 |
بلدان المجموعة 2 |
بلدان المجموعة 3 |
||||||
1990 |
2000 |
2010 |
1990 |
2000 |
2010 |
1990 |
2000 |
2010 |
|
مأمول الحياة عند الميلاد (سنوات) |
72.6 |
74.1 |
75.0 |
69.2 |
71.2 |
73.4 |
52.8 |
56.6 |
60.2 |
نسبة وفيات الأمهات
(لكل 000 100 مولود حي)
|
24.0 |
18.0 |
17.0 |
115 |
79 |
63 |
750 |
625 |
360 |
معدل وفيات الرُضَّع (لكل 1000 مولود حي) |
17.5 |
– |
8.5 |
36.5 |
– |
19 |
95.5 |
– |
71.5 |
معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة (لكل 1000 مولود حي) |
21.5 |
– |
9.5 |
45.5 |
– |
22 |
126.5 |
– |
97 |
معدل الخصوبة الكلي |
5.2 |
3.9 |
2.2 |
5.6 |
3.7 |
2.9 |
6.6 |
6.3 |
6.0 |
* القيم عبارة عن متوسطات
- المعلومات غير متاحة
المصدر: تقوية النُظُم الصحية في بلدان إقليم شرق المتوسط: تحديات وأوليات واختيارات العمل في المستقبل.
ورقة تقنية عرضت على اللجنة الإقليمية لشرق المتوسط في دورتها التاسعة والخمسين 2012 (يمكن الرجوع إليها على العنوان الإلكتروني التالي:
www.emro.who.int/about-who/rc59/ .
الشكل 1. نصيب الإنفاق المباشر من الجيب الشخصي في إجمالي الإنفاق الصحي وفقاً لمجموعة البلد، 2011 )%(
التمويل الصحي وتصريف الشؤون (الحَوْكَمَة)
لقد استعادت أعمال المنظمة في مجال التمويل الصحي حيويتها بعد صدور التقرير الخاص بالصحة في العالم 2010، الذي ركَّز على إصلاح نُظُم التمويل الصحي من أجل التحرُّك صَوْب تحقيق التغطية الصحية الشاملة. وفي عام 2012 تلقَّى المكتب الإقليمي طلبات من بلدان المجموعات الثلاث لالتماس الدعم في هذا المجال. ولقد ركّزت منظمة الصحة العالمية كذلك على بناء القدرات الوطنية من أجل توفير البيِّنات اللازمة والمطلوبة للاستنارة بها في وضع سياسات تمويل صحي تتَّسم بالعدالة، والفعالية، والاستدامة. وقد تضمَّن ذلك عقد حلقة عملية لبناء القدرات وفقاً للنظام الجديد للحسابات الصحية (2011) من أجل تعريف خبراء التمويل الصحي في 11 بلداً من بلدان الإقليم بنظام الحسابات الصحية الجديد، وبناء القدرات على استخدام أداة المنظمة الجديدة للتقييم التنظيمي لتحسين وتعزيز التمويل الصحي OASIS، التي تهدف إلى تقييم المعوقات التي تعرقل أداء نُظُم التمويل الصحي. وأعطى المكتب الإقليمي الأولوية لتقييم التقدُّم المحرَز صَوْب تحقيق التغطية الصحية الشاملة في الإقليم. وبالفعل وُضِعَ إطار عمل للتقييم ومن المزمَع بدء التنفيذ في عام 2013. ويهدف هذا الإطار إلى دعم الدول الأعضاء، ومساعدة المنظمة في رصد مدَى تحقيق العدالة في التمويل لصحي، وإحراز التقدُّم في توفير الحماية الاجتماعية الصحية.
وسَنَحَت الفرصة للدول الأعضاء، في مناسبتَيْن، لتبادل الخبرات حول إصلاح نُظُم التمويل الصحي، من أجل التحرُّك صَوْب تحقيق التغطية الصحية الشاملة. وتمثَّلت المناسبة الأولى في: حوار حول السياسات بين وزراء المالية والصحة حول "القيمة مقابل المال، والاستدامة، والمساءلة في القطاع الصحي"، والتي عُقِدَت للدول الأفريقية الأعضاء، في تونس بالتعاون مع بنك التنمية الأفريقي، وغيره من الوكالات الإنمائية؛ أما المناسبة الثانية فتمثلت في الجلسة الجانبية حول التمويل الصحي والتغطية الصحية الشاملة، والتي عُقِدَت على هامش الدورة التاسعة والخمسين للّجنة الإقليمية. وقد ساعدت هاتان المناسبتان في إشراك البلدان في المناقشات العالمية التي تدور حالياً حول تمويل الرعاية الصحية، ودوره الأساسي في تعزيز جدول أعمال التغطية الصحية الشاملة. وقد تلا هاتين المناسبتين عَقد ندوة رفيعة المستوى حول التمويل الصحي، في القاهرة في كانون الثاني/يناير 2013.
وكان الغرض من استخدام الأدوات التحليلية المختلفة للتمويل الصحي هو الوصول إلى النتائج التي يمكن استخدامها في مناقشات السياسات الوطنية الدائرة حول مستقبل التمويل الصحي في إطار السياقات المحلية المحددة. وعمل المكتب الإقليمي على تيسير مثل هذه الحوارات والمناقشات المركّزة، والتي دارت حول التمويل الصحي في ليبيا وعُمان وتونس، كما قدم الدعم التقني إلى بلدان أخرى. ويجري العمل على رسم صورة للوضع الراهن للتمويل الصحي، وتقييم أوضاع البلدان من حيث مرامي نُظُم التمويل الصحي، كما يتواصل إحراز التقدُّم في التحرُّك صَوْب تحقيق التغطية الصحية الشاملة، حيث يجتذب هذا المجال اهتمام طائفة من راسمي السياسات.
تعاني وزارات الصحة غالباً من قصور في قدراتها على صياغة السياسات والخطط المسنَدَة بالبيِّنات وتقييمها، كما أن قدراتها على تنظيم القطاع الصحي غالباً ما تكون غير كافية، بل وتتفاوت هذه القدرات بين البلدان. وينبغي في جميع البلدان تقريباً، تقوية إشراك القطاعات الأخرى الرئيسية إلى جانب القطاع الصحي، حيث يعتبر هذا الإشراك أمراً ضرورياً في إعداد وتنفيذ السياسات الصحية، بوصفها جزءاً لا يتجزّأ من الخطط الوطنية للتنمية. كما ينبغي وضع آليات فعّالة لتيسير العمل المتعدد القطاعات استناداً إلى الخبرة الدولية والدروس المستخلصة في هذا الشأن. ولم يتم بعد الاستفادة الكافية من الإسهام الذي يمكِن للقطاع الصحي الخاص تقديمه للصحة العمومية. وفي ذات الوقت، فإن هذا القطاعِ ليس منظَّماً تنظيماً كافياً لضمان الجودة، وتفادي الممارسات غير الملائمة. ويتبارى القطاعُ الخاص مع القطاع العام في تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية في عدد من البلدان الواقعة في المجموعة الثانية والمجموعة الثالثة؛ غير أن دوره، بصفة عامة، غير محدد تحديداً جيداً، كما أن قدراته لايزال يكتنفها الغموض، ناهيك عن أن ممارساته تصعب مراقبتها. فعادةً ما يكون هناك نقص في المعلومات عن العديد من وظائفه، وعن مجموعة الخدمات التي يقدمها في مختلف البلدان، وعن العبء المالي الذي يتحمّله المستفيدون من هذه الخدمات. واستناداً إلى القرار ش م/ل إ59/ق3، تضمن برنامج عمل المكتب الإقليمي لعام 2013، التركيز على القطاع الخاص.
وفي ما يتعلق بتصريف الشؤون (الحوكَمَة)، فقد تم تنفيذ عدد من البعثات الاستشارية إلى البلدان. ففي باكستان، قدَّمَت إحدى البعثات المتعددة الشركاء عدداً من التوصيات إلى الحكومة، في أعقاب قرارها إلغاء وزارة الصحة، ونقل تبعية القطاع الصحي إلى المقاطعات. وفي المغرب، أجريَت مراجعة متعمِّقة للنظام الصحي في أعقاب التعديل الدستوري الأخير الذي يرسِّخ مبدأ الحق في الصحة كأحد حقوق الإنسان. وتضمَّنَت سلسلة من البعثات التي أرسِلَت إلى ليبيا إجراء مراجعة متعمقة للنظام الصحي، وتقييم مرافق الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات.
وتركَّز العمل في مجال السياسات الصحية وتصريف الشؤون (الحوكَمَة) كذلك في أكثر من نصف بلدان الإقليم على بناء القدرات والدعم القُطري. وتم تحديث مرتَسَمات النُظُم الصحية لأربعة بلدان في الإقليم، كما أن مرتَسَمات أربعة بلدان أخرى هي الآن في طور النَشر.
نُظُم المعلومات الصحية
تتّسم نُظُم المعلومات الصحية بالضَعف، بصورة عامة، في العديد من البلدان، وهي بحاجة إلى التحسين ولاسيَّما من حيث جودة التقارير وتوقيتها، ناهيك عما يوجد من فجوات مهمّة في جميع بلدان الإقليم. فهناك تشتُّت في جمع البيانات، فضلاً عما تتّسم به تلك البيانات في معظم الأحيان من التكرار، كما أن المجالات الأساسية المتعلقة برَصْد الوضع الصحي والحصائل الصحية، وأداء النظام الصحي غالباً ما تكون غير موجودة، أو غير مدرجة بشكل مناسب في النظام الوطني للمعلومات الصحية. وبشكل أكثر تحديداً، هنالك فجوات كبيرة في التبليغ عن الوفيات المرتبطة بسبب معين، وفي السجلات الخاصة بالمرافق الصحية، وفي إجراء المسوحات الصحية المعتادة، وفي أنشطة تجميع البيانات سواء الروتينية أو غيرها، وفي مدى توافر المعلومات المصنّفة بحسب العمر أو نوع الجنس (الجندر) أو المكان، أو وفقاً للوضع الاجتماعي والاقتصادي؛ ويصاحب كل هذه الأمور نُدْرَة كبيرة في الموارد البشرية المدرَّبَة على التعامل مع الوبائيات ومع نُظُم المعلومات الصحية. وقد لوحظ كذلك تفاوتات مهمّة بين التقديرات الإقليمية والوطنية. وأثناء المناقشات الدائرة مع الدول الأعضاء، حظي التنسيق وتعزيز التعاون في مجال إعداد التقديرات والإبلاغ عنها بأولوية كبيرة، مما يعني أن هذه الأمور ستحظَى بالمزيد من الاهتمام في عام 2013.
ويُعتَبَر كذلك تعزيز القدرات في مجال المعلومات الصحية أمراً مهماً لاتخاذ القرار ولإعداد السياسات والخطط وتقييمها. وقد أكّدت اللجنة الإقليمية على ذلك بموجب القرار ش م /ل إ59 /ق 3. ولقد حظي نظام تسجيل الأحوال المدنية والإحصاءات الحيوية باهتمام خاص في عام 2012. فعملية تسجيل المواليد والوفيات بحاجة إلى تعزيز في معظم البلدان تقريباً. وتم إجراء تقييم سريع لنظم تسجيل الأحوال المدنية والإحصاءات الحيوية لوضع خط أساس للوضع الراهن، وتحديد الأولويات والفجوات التي تحتاج إلى تحسين. وكشفت النتائج عن أن نحو %40 من البلدان لديها إما نظم ضعيفة أو غير كافية، وأن %25 فقط من البلدان يتمتع بنظم كافية، بيد أن هذه النظم، بشكل عام، لا تخدم سوى %5.3 من سكان الإقليم. فالمستوى الكافي لنظام تسجيل الأحوال المدنية والإحصاءات الحيوية يعكس قدرته على إعداد بيانات مقبولة الجودة بما يغطي احتياجات صنع السياسات واتخاذ القرار بشكل كافٍ، وعلى رصد تأثير التدخلات والبرامج الإنمائية. وقد مهدت هذه النتائج الطريق لإجراء تقييم شامل بالتعاون مع الشركاء وأصحاب المصلحة المعنيين كخطوة أولى لإعداد خطط العمل الوطنية المعنية بنظم تسجيل الأحوال المدنية والإحصاءات الحيوية.
وعلى صعيد آخر، أطلَق المكتب الإقليمي مرصَداً صحياً إقليمياً، يمكن الدخول إليه مباشرة عن طريق الموقع الإقليمي على شبكة الإنترنت، وذلك لدعم نشر المعلومات الصحية والاستفادة منها. ويمثِّل هذا المرصَد الآن المصدر الرئيسي للمعلومات القُطرية ذات الصلة بالصحة، والذي يعتمد على أكثر من 40 قاعدة معلومات و800 مؤشِّر تم جمعها منذ عام 1990.
وستهدف أعمال المنظمة في عام 2013 إلى تطوير التوجيه التقني المتعلق بالعناصر الأساسية لنُظُم المعلومات الصحية، بما في ذلك الاتفاق بالإجماع على قائمة أساسية بالمؤشرات التي تغطي المخاطر والمحددات الصحية، والحصائل الصحية (الوفيات والمراضة) وأداء النظام الصحي.
تنمية القوَى العاملة الصحية
هناك حاجة، في معظَم البلدان، إلى تنمية قوَى عاملة صحية تتّسم بالتوازن، ويتوفَّر لديها الحافز، وموزَّعة توزيعاً جيداً، وتُدار بشكل جيد، وتتمتّع بمزيج من المهارات الملائمة. وتنخفض كثافة القوى العاملة الصحية بشكل عام في الإقليم، عن المتوسط العالمي البالغ أربعة عاملين صحيين مَهَرَة لكل 1000 نسمة. وهناك ثمانية بلدان مصنَّفة على أنها تواجه أزمة في الموارد البشرية الصحية (أفغانستان، وباكستان، وجيبوتي، والسودان، والصومال، والعراق، والمغرب، واليمن). ويرجع ذلك، في قسم كبير منه، إلى عدم كفاية التدابير عند الدخول إلى الخدمة، ولاسيَّما عدم إعداد قوَى عاملة من خلال الاستثمار في التعليم على نحو استراتيجي، وعن طريق ممارسات توظيف فعّالة وأخلاقية؛ ويمثل الأداء غير الملائم للقوَى العاملة بسبب عدم كفاية التعليم المستمر والتدريب تحدياً آخر، ناهيك عن سوء الممارسات الإدارية في القطاعين العام والخاص؛ كما أن سياسات استبقاء العاملين الصحيين وتنظيم هجرتهم وخروجهم من الخدمة غير متوافرة للحدّ من الفقدان المفرط للموارد البشرية، على الرغم من ضخامة هذه المشكلة.
وهنالك تحديات خطيرة تقف حائلاً أمام التأكد من إتاحة تعليم رفيع الجودة لمهنة التمريض في الإقليم، ولاسيَّما الاستثمار غير الكافي، والأولوية المتدنية المعطاة لتعليم التمريض؛ والافتقار إلى القدرات اللازمة في مدارس التمريض من حيث توافر المدربين والبنية الأساسية؛ والحاجة إلى المزيد من التحديث لمنهج التمريض من أجل رأب الفجوة بين تعليم مهنة التمريض وخدمات التمريض؛ ومحدودية القدرة المؤسسية على توفير البرامج التدريبية بَعْد الأساسية؛ والتأكيد بشكل غير كافٍ على برامج التنمية المهنية المستمرة.
وتم إنشاء مراصد خاصة بالموارد البشرية في كل من أفغانستان وفلسطين، لدعم تنمية القوى العاملة الصحية. كما دعم المكتب الإقليمي العديد من الأدوات الإقليمية لتعزيز القدرات في مجال الحوكمة والتخطيط في ما يتعلق بالقوى العاملة، ومن بينها الدليل الخاص باعتماد برامج المهن الصحية، وكذلك الأدوات التي تهدف إلى الوصول إلى الحدّ الأمثل من عبء العمل المسنَد للعاملين في المرافق الصحية، ووضع تقديرات للقوى العاملة الصحية المطلوبة.
وفي إطار المبادرات الرامية إلى تعزيز التدريب في مجال التمريض والقبالة، تم تقديم الدعم إلى العديد من البلدان لمساعدتها في إعداد استراتيجية وطنية في هذا المجال. وقد تَواصَلَ تقديم البرنامج التدريـبي على القيادة والإدارة الذي أعدَّه المجلس الدولي للممرّضات، بدعم من منظمة الصحة العالمية، وذلك في العديد من البلدان.
إن جميع البلدان تواجه الآن بعض الفجوات في تنمية القوى العاملة الصحية، ولاسيَّما في مجالات الإنتاج والتوزيع والتدريب والتعليم المستمر واستبقاء العاملين، وإن كان نوع الفجوة وحجمها يتفاوت بين البلدان. ولا مِراء في أن التعاطي مع هذه الفجوات، وإعداد استراتيجيات ممكنة التطبيق وفعّالة في هذه المجالات سيتطلب إجراء مراجعة متعمقة، وتحليل للخبرات الحالية سواء الإقليمية أو الدولية، وللدروس المستفادة. ومن ثمَّ تُعتَبَر تنمية القوى العاملة الصحية أحد المجالات التي تتطلب المزيد من الاهتمام في العامين القادمين.
تقديم الخدمات المتكاملة
يبذُل الكثير من البلدان جهوداً لإنشاء برامج فعّالة في ممارسات طب الأسرة، بوصفها الوسيلة الأساسية لتقديم الرعاية الصحية الأولية، وزيادة معدل تغطية السكان بخدمات الرعاية الصحية ووصولهم إليها. وتعتبر ممارسات طب الأسرة نموذجاً عاماً لتقديم الرعاية يُسهم في التقدُّم صوب التغطية الصحية الشاملة. وتتضمّن التحديات الموجودة في بلدان الإقليم النقص في أعداد أطباء الأسرة والممرضات وغيرهم من الممارسين المدرَّبين تدريباً مناسباً في هذا المجال، وسوء توزيع القوى العاملة الصحية، والمشاركة غير الكافية للمستشفيات في تقديم الدعم والمساندة اللازمَيْن في هذا الشأن.
وهنالك حاجة إلى مراجعة التجارب الدولية والإقليمية والدروس المستفادة بالاعتماد على نماذج عملية لطب الأسرة، وإعداد التوجيهات المتعلقة بالاستراتيجيات الممكنة التطبيق لتعزيز ممارسات طب الأسرة في الإقليم. ومن المتوقع أن تحظى هذه المجالات بالاهتمام في الفترة القادمة.
سلامة المرضى والعنصر الخاص بتعزيز النظام الصحي في المبادرات الصحية العالمية
تَوَاصل الدعم لبرامج سلامة المرضى مع التوسع في مبادرة المستشفيات المراعية لسلامة المرضى في المزيد من البلدان. وتمت ترجمة دليل تقييم سلامة المرضى إلى اللغة العربية، وشارفت الطبعة الثانية من هذا الدليل على الانتهاء. وتم إطلاق دليل المنهج التعليمي لسلامة المرضى والموجه لعدة مهن والذي أعدّته المنظمة. وشرَعَ العديد من كليات الطب في إدماج هذا الدليل في المنهج التدريـبي. والعمل جارٍ لإعداد مجموعة أدوات لتحسين سلامة المرضى، حيث تتضمّن هذه المجموعة الخطوات العملية والإجراءات اللازمة لإنشاء برنامج شامل للارتقاء بسلامة المرضى
وتشكِّل العوائق التي تقف في وجه النظام بكامله، وترتبط بإتاحة خدمات الرعاية الصحية وتوافرها ويُسر تكلفتها تحدياً كبيراً أمام تنفيذ برامج الصحة العمومية، مما يؤثِّر على تقديم الخدمات ويحدّ من أداء البرامج. ويقف كذلك ضَعف أداء النُظُم الصحية كحجرة عثرة. أما في مجال إدارة النُظُم الصحية، فقد أجريَت دراسة حول اللامركزية في 10 بلدان، كما أجريَت دراسة أخرى حول إدارة المستشفيات وتقييم الأداء في 12 بلداً، وتم إطلاع البلدان على نتائج هذه الدراسات.
وعلى جانب آخر، استفادت عدة بلدان من العنصر الخاص بتعزيز النُظُم الصحية في المبادرات الصحية العالمية (مثل التحالف العالمي من أجل اللقاحات والتمنيع، والصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، والشراكة الصحية الدولية المعزَّزة (+IHP). وقد وَصَل إجمالي المبالغ التي قدَّمها التحالف العالمي من أجل اللقاحات والتمنيع على مدَى خمس سنوات من أجل تعزيز النُظُم الصحية، إلى 160 مليون دولار أمريكي، أما المبالغ التي قدَّمها الصندوق العالمي فقد بَلَغَت 120 مليوناً. ويتم، في غالبية البلدان، ضخ هذه المبالغ بشكل كبير من خلال الحكومات الوطنية، مع تقديم المنظمة لدعمها التقني لإعداد مقترحات لجولات تمويل جديدة، ولمراقبة تنفيذ البرامج وبناء القدرات. وقد أظهَرَت البلدان التي استخدَمَت هذه الأموال، على نحو صحيح، تقدُّماً جيداً صَوب تعزيز النُظُم الصحية. غير أن هنالك تبايُناً في الأداء بين البلدان، وأحياناً تستهلك الإجراءات الحكومية المطوَّلة هذه الأموال. وقد وقَّع أيضاً ثلاثة من البلدان على الاتفاقية الخاصة بالشراكة الصحية الدولية المعزَّزة، ولا يمثِّل ذلك مبادرة للتمويل بقدر ما هو تشجيع للبلدان والشركاء للاتفاق على خطة صحية وطنية واحدة. وهناك تبايُن في مدى الالتزام الذي تبديه البلدان في ما يخُص الشراكة الصحية الدولية.
يواجه الكثير من بلدان الإقليم أوضاع طوارئ معقَّدَة، وأغلب النُظُم الصحية غير مستعد استعداداً جيداً للتصدِّي لهذه الأوضاع، كما أن هذه النُظُم لا تتّسم بالمرونة اللازمة للتكيف مع حالات الطوارئ الممتدّة. ومن ثمّ فإن هذه البلدان بحاجة إلى الدعم لتعزيز التعاون، والتنسيق والتخطيط، والتواصل والقدرة على تبادل المعلومات.
الأدوية والتكنولوجيات الأساسية
إن التكنولوجيات الأساسية (الأدوية، واللقاحات، والأجهزة البيولوجية والطبية) غير متاحة بالشكل الكافي في معظم البلدان الواقعة في المجموعة الثانية والمجموعة الثالثة، كما أن الاستخدام غير الرشيد لها من الأمور الشائعة. وعلى الرغم من وجود سلطات تنظيمية وطنية في كل بلدان الإقليم تقريباً، فإن هناك حاجة إلى تحسين الأداء في هذا الخصوص. وينصَبُّ تركيز غالبية هذه السلطات على تنظيم الأدوية وليس على تنظيم المنتجات البيولوجية، والأجهزة الطبية، والتكنولوجيات السريرية (الإكلينيكية)، بما في ذلك المختبرات. فإدارة الجودة، والرقابة على القطاع الخاص، وحماية السلع العمومية من المصالح التجارية تتسم بالضعف وتحتاج إلى المزيد من الاهتمام بها.
وفي مجال التكنولوجيات الأساسية، تم إعداد ستة مرتسمات دوائية قُطرية، وتم تحديث وثائق السياسات الدوائية الوطنية لبلَدَيْن، كما انضم خمسة بلدان أخرى إلى برنامج الحوكمة الجيدة للأدوية. وتم إعداد تقارير وطنية لتقييم الشفافية حول المجالات المعرَّضة للفساد في القطاع الدوائي، وذلك في ثلاثة بلدان، كما قُدِّم الدعم لأكثر من عشر سلطات تنظيمية وطنية في مجال التفتيش على الممارسات الجيدة للتصنيع الدوائي.
وفي غضون ذلك، تم دعم بناء القدرات من أجل تعزيز التنسيق بين راسمي السياسات والقائمين على التنظيم بشأن الاستخدام الصحيح للقاحات، وتقييم اللقاحات مثل اللقاح الثلاثي للخناق والكزاز والشاهوق DTP واللقاح الثلاثي المركَّب DTP combo، فضلاً عن نُظُم مراقبة مأمونية اللقاحات. وتلقَّى كل من أفغانستان، والسودان، واليمن، دعماً من أجل تحسين نظام التيقُّظ الصيدلاني فيها.
أما في مجال التكنولوجيا الصحية والأجهزة الطبية، فقد كانت هناك بعثات لتقييم البنيَة الأساسية للتكنولوجيا الصحية وإدارتها في العديد من البلدان. وقد تم بالتعاون مع المقرّ الرئيسي للمنظمة، إطلاق الموجة الثانية من المسح العالمي للأجهزة الطبية. وشارك أكثر من %70 من الدول الأعضاء في هذه الجولة، وذلك مقارنةً بمشاركة %40 منها في الجولة الأولى. وأوضَحَت النتائج أن %5 فقط من الدول الأعضاء هي التي وضَعَت سياسات وأنشأت وحدات تنسيق للأجهزة الطبية، وأن %29 من الدول الأعضاء لديها لوائح وأنظمة للجَرد، في حين أعدَّ %16 من الدول الأعضاء دلائل إرشادية وطنية للمشتريات والصيانة. وسيتم في عام 2013 تنظيم مشاورة بلدانية في هذا المجال من مجالات العمل.
1 بلدان المجموعة الأولى: الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، وعُمان، وقطر، والكويت، والمملكة العربية السعودية، أما المجموعة الثانية فتضم: الأردن، تونس، وجمهورية إيران الإسلامية، والجمهورية العربية السورية، والعراق، وفلسطين، ولبنان، وليبيا، ومصر، والمغرب، أما بلدان المجموعة الثالثة فهي: أفغانستان، وباكستان، والجمهورية اليمنية، وجنوب السودان، وجيبوتي، والسودان، والصومال