صحة الأمهات والأطفال والصحة الإنجابية
أحرَزَ الإقليم، على مدى العشرين سنة الماضية، تقدُّماً في التعامل مع وفيات الأمهات والأطفال التي يمكن تجنُّبها. فقد انخفض معدّل وفيات الأطفال دون سن الخامسة بالإقليم بنسبة %41 في الفترة من عام 1990 حتى عام 2011 (الشكل 3). كما انخفضت وفيات الأمهات بنسبة %42 بين عام 1990 و2010 (الشكل 3)، ومع هذا فلاتزال هذه المشكلة من المشاكل المهمّة والتي لا يُستهان بها؛ إذ تشير التقديرات إلى أن 000 923 طفل دون سن الخامسة، وما يقرب من 000 39 امرأة في سن الإنجاب لايزالون يموتون كل عام في الإقليم. وترتفع معدّلات وفيات الأمهات والأطفال بشكل خاص في المناطق الفقيرة والريفية والتي تعاني من نقص الخدمات، وذلك بين الأطفال الذين يعانون سوء التغذية والمراهقات الحوامل. وفي الوقت الذي بَلَغَت فيه بعض البلدان المرمَيَيْن الرابع والخامس من المرامي الإنمائية للألفية، لاتزال هناك حاجة إلى بَذل جهود موسَّعة لتسريع وتيرة انخفاض متوسط المعدّلات السنوية الحالية لوفيات الأمهات من %2.6 إلى %16.8، ولوفيات الأطفال من %2.5 إلى %14، بُغْيَة بلوغ هذَين المرميَيْن في الإقليم بحلول عام 2015.
وفي ظل معدّلات الوفيات غير المقبولة التي تؤثِّر على مجموعات السكان الضعيفة، وبالرغم من الزعم أن صحة الأمهات والأطفال تأتي في صميم التنمية، فإن الاتجاهات الراهنة تشير إلى أن بعض البلدان لم تعطِ الأولوية الكافية لتقليص هذا العبء. فالإتاحة المتدنية وغير العادلة لخدمات الرعاية الصحية للأمهات والأطفال في هذه البلدان ما فتئت تمثِّل مشكلة، إلى جانب ارتفاع معدّل تنقُّل العاملين، والافتقار إلى خطة وطنية متكاملة للعناية بصحة الأمهات والأطفال. إن عدم الاستقرار السياسي، وعدم كفاية الموارد المالية اللازمة لزيادة نطاق التغطية بالتدخلات الفعالة، والافتقار إلى البيانات الجيدة اللازمة لإدارة البرامج المسندة بالبيِّنات، كلها من الأمور التي تسهم في عدم التقدُّم بشكل كاف، ولاسيَّما في البلدان التي تشهد طوارئ إنسانية، وصراعات عنيفة، ونزوح للسكان. واستجابة لذلك، اعتمدت اللجنة الإقليمية صحة الأمهات والأطفال كإحدى الأولويات الاستراتيجية في الإقليم. وقد اعتمدت الاستراتيجية التي أقرها المكتب الإقليمي على ثلاثة عناصر: تركيز الدعم التقني للمنظمة بشكل خاص على البلدان التي تعاني من ارتفاع عبء وفيات الأمهات والأطفال؛ والتركيز على التدخلات العالية المردود، والشديدة التأثير في الرعاية الصحية الأولية؛ وتعزيز الشراكات. وهذه الأخيرة تعني مستوى أعلى من العمل المشترك بين برامج المنظمة الخاصة بصحة الأمهات والأطفال، وسائر البرامج الأخرى من قبيل النظم الصحية، ومكافحة الأمراض السارية بما في ذلك التمنيع، كما يعني كذلك بذل جهود خاصة لتعزيز التنسيق والعمل المشترك مع سائر الشركاء ولاسيَّما اليونيسف وصندوق الأمم المتحدة للسكان، وغيرهم من الشركاء من خارج منظومة الأمم المتحدة. وتم في أيلول/سبتمبر 2012، تشكيل فريق خبراء إقليمي معني بصحة الأمهات والأطفال لمساعدة المكتب الإقليمي والدول الأعضاء. تلا ذلك عقد اجتماع لفريق الخبراء لتحديد التوجُّهات الاستراتيجية الخاصة بصحة الأمهات والأطفال في الإقليم، ولمساعدة البلدان في إعداد خطط عمل لتسريع وتيرة التقدُّم.
الشكل 2.اتجاه الوفيات دون سن الخامسة بما في ذلك وفيات الرُضَّع والولدان، 1990-2011 والاستقراء حتى عام 2015
الشكل 3. اتجاه وفيات الأمهات 1990-2010، والاستقراء حتى عام 2015
وبنهاية العام، أنجز الكثير من العمل تمهيداً لعقد اجتماع رفيع المستوى حول إنقاذ حياة الأمهات والأطفال في مطلع عام 2013. وتم مناقشة عناصر خطط العمل القُطرية، وتحديدها بالاعتماد على التدخلات المسنَدَة بالبيِّنات والعالية المردود، وذلك من أجل تسريع وتيرة الحد من وفيات الأمهات والأطفال. وتم عقد حلقة عملية تقنية لإجراء المزيد من التحليل للفجوات والتحدِّيات الراهنة، مع التشارك في المعلومات والخبرات حول التقدُّم المحرَز في المرميَيْن 4 و5 من المرامي الإنمائية للألفية، وفي تحليل السياسات الوطنية الخاصة بصحة الأمهات والأطفال في 10 من البلدان ذات الأولوية والتي تعاني من ارتفاع عبء وفيات الأمهات والأطفال ألا وهي أفغانستان، وباكستان، وجنوب السودان، وجيبوتي، والسودان، والصومال، والعراق، ومصر، والمغرب، واليمن. وقد جاءت هذه الحلقة العملية عقب إيفاد "مهمة خاصة للمبعوثين" توجَّهَت للبلدان ذات الأولوية للقيام بحملات توعية ولحشد العمل من أجل زيادة التزام البلدان، ومشاركتها بفعالية في إعداد خطط تسريع الوتيرة.
واضطلع المكتب الإقليمي أيضاً بدور نشط في إطلاق أنشطة اللجنة المعنية بالمعلومات والمساءلة في 10 من البلدان التي تحظَى بالأولوية. وتم تنظيم حلقة عملية إقليمية في أيلول/سبتمبر 2012، شاركت فيها وفود البلدان ذات الأولوية. تلا هذه الحلقة تقديم الدعم إلى سبعة من هذه البلدان، ومساعدتها على عقد حلقات عملية وطنية تمخضت عن إعداد خرائط طرق قطرية لتعزيز المساءلة الوطنية، والعمل على تحسين صحة النساء والأطفال.
ولما كان تقديم المشورة يمثِّل عنصراً أساسياً في تحسين جودة الرعاية وأثرها على الصحة العمومية، فقد ركَّز المكتب الإقليمي، بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان على إعداد فرقٍ إقليمية ووطنية من المدرِّبين في مجال تقديم المشورَة المتعلّقة بالصحة الإنجابية وصحة الأمهات. وقد بَلَغَت التغطية بالتدبير المتكامل لصحة الطفل نحو %72 من مرافق الرعاية الصحية الأولية الموجودة في 13 بلداً. وواصَل المكتب الإقليمي دعم عملية تقييم جودة التعليم ونتائج الطلاب في كليات الطب التي أدخَلَت التدبير المتكامل لصحة الطفل في برامجها التعليمية. وتم طرح مبادرة لزيادة التغطية بالتدخلات في بعض البلدان.
ومن ثَم يتمثَّل التحدي الماثل أمامنا في عام 2013 في ضرورة الانتهاء من إعداد خطط تسريع وتيرة التقدُّم، وإطلاقها، وتنفيذها لتكثيف العمل على بلوغ المرمى 4 والمرمى 5 من المرامي الإنمائية للألفية قبل حلول عام 2015.
التغذية
قدَّم المكتب الإقليمي الدعم التقني لإعداد السياسات، ولتنفيذ الاستراتيجية الإقليمية وخطة العمل المعنية بالتغذية في الكثير من البلدان. ومع هذا يفتقر معظم البلدان إلى السياسات والخطط الميدانية المتعددة القطاعات الخاصة بالطعام والتغذية، ناهيك عن ضعف التنسيق، بشكل عام، بين السياسات الزراعية وتلك المتعلقة بالصحة. وأُدخِلَ التدبير العلاجي لسوء التغذية الشديد في ثلاثة بلدان (أفغانستان، وباكستان، واليمن) من خلال تقديم الدعم اللازم لإنشاء ما يزيد على 60 وحدة تدريب وإسعاف في مستشفيات الأطفال والمراكز الصحية الرئيسية. وبالتعاون مع المقرّ الرئيسي للمنظمة، قام المكتب الإقليمي بدعم بناء القدرات الإقليمية اللازمة لإدخال دلائل إرشادية جديدة لمنظمة الصحة العالمية بشأن التدبير العلاجي لسوء التغذية الشديد بما يسهِّل عملية تحديث البروتوكولات وخطط العمل الوطنية ذات الصلة. وتَمَّت مراجعة الدلائل الإرشادية الإقليمية المعنية بإغناء طحين القمح والذرة بالفيتامينات والمعادن، بالمشاركة مع مبادرة إغناء الطحين، والتحالف العالمي لتحسين التغذية، ومبادرة المغذيات الزهيدة المقدار، واليونيسف، وبرنامج الأغذية العالمي، وذلك بهدَف مواكَبة هذه الدلائل مع توصيات المنظمة. كما أسُدى النصح لبعض البلدان بهدف تعزيز نُظُم ترصُّد التغذية فيها.
الشيخوخة وصحة فئات خاصة
تُواجه الدول الأعضاء، بشكل عام، تحدّيات جسيمة تتعلق باستدامة الالتزام ببرامج التمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة، فضلاً عن الفجوات التي تكتنف مدى تأهب النُظُم الصحية للاستجابة للاحتياجات المتزايدة للسكان في مرحلة الشيخوخة، وتوافر العاملين الصحيين المدرَّبين جيداً ممن يتمتعون بالخبرة الكافية في هذا المضمار. ومع هذا فقد أحرز بعض التقدُّم في مجال التعاون التقني مع الدول الأعضاء في عام 2012.
وزارت بعثات التقييم الأردن، وجمهورية إيران الإسلامية، والجمهورية العربية السورية، وعَكَسَت نتائج الزيارات بعض التقدُّم الإيجابي، والالتزام بتقوية السياسات والبرامج. فقد لاقت مبادرات المجتمعات والمدن المراعية للسن الدعم في ثلاثة بلدان (الأردن، والبحرين، والجمهورية العربية السورية). وتم إعداد نسخة محدَّثة من الدليل الإقليمي للعاملين في الرعاية الصحية الأولية حول الرعاية الصحية بالمسنين، هذا بالإضافة إلى الدليل الإجرائي ودليل الميسِّر. وصُمِّمت أداة إقليمية إلكترونية لتجميع بيانات حول التشيُّخ والصحة. وقام العديد من البلدان بإعداد وتحديث الاستراتيجيات الوطنية الخاصة بالشيخوخة المفعمة بالصحة والنشاط ورعاية كبار السن. وأعدَّت المملكة العربية السعودية وثيقة استراتيجية وطنية، فضلاً عن دلائل إرشادية محدثة حول الرعاية الصحية لكبار السن. وكانت عُمان رائدة في تصميم برنامج فريد لتقديم خدمات الرعاية للمسنين.
العنف والإصابات والإعاقة
في عام 2012، حددت المنظمة الوقاية من الإصابات كأحد البرامج التي تحظى بالأولوية في الإقليم مع التركيز بشكل خاص على رعاية الإصابات الناجمة عن تصادمات الطرق، وعلى الرضوح. وتم بالتعاون مع الخبراء الإقليميين والدوليين إعداد خطة إقليمية مدتها خمس سنوات (2012-2016) لتقليص معدّل الإصابات الناجمة عن تصادمات الطرق. وقام 19 بلداً بوضع خط الأساس للتقرير العالمي عن حالة السلامة على الطرق لعام 2013. وتم توثيق الأنشطة الوطنية المتعلقة بالسلامة على الطرق في 13 بلداً باستخدام أداة إقليمية، وتم في 16 بلداً، إجراء حلقات عملية إقليمية لبناء قدرات مهنيي الصحة العمومية في مجال الوقاية من العنف والإصابات، ووبائيات الإصابات. وتم إدماج الوقاية من الإصابات في المناهج الخاصة بالصحة العمومية، وطب الطوارئ، والتمريض. ووضع الإطار الإقليمي للوقاية من إصابات الأطفال والمراهقين في صيغته النهائية. وأُدرجت وحدة الوقاية من إصابات الأطفال في المجموعة التدريبية الإقليمية المعدة للممثلين المجتمعيين والمتطوعين الصحيين.
وأُطلِق التقرير العالمي حول الإعاقة في السودان، وأعقبه تدريب متعدد القطاعات على تنسيق عملية تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للإعاقة. وتم إجراء التدريب على سُبُل الإبلاغ عن تنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك بالتعاون مع جامعة الدول العربية وغيرها من الشركاء. وبالإضافة إلى ذلك، تم إجراء تقييم سريع لخدمات إعادة التأهيل مع التركيز بشكل خاص على الوسائل المساعدة والأطراف الصناعية وأجهزة التقويم في تونس ومصر.
تعزيز الصحة والتثقيف الصحي
أما في مجال تعزيز الصحة، فقد أعد المكتب الإقليمي أداة لتيسير إعداد خطط عمل وطنية، وإشراك قطاعات متعددة. وفي إطار عمل المنظمة على تنفيذ اللوائح الصحية الدولية، أعد المكتب الإقليمي، بالتعاون مع المقرّ الرئيسي للمنظمة وجامعة إنديانا، صورة للقدرات الراهنة في مجال الإبلاغ عن المخاطر أثناء الأزمات الصحية، ووضع مسوَّدة إطار للإبلاغ عن المخاطر في هذه الأثناء. وكان الهدف من إعداد هذا الإطار هو إيضاح مختلف "نقاط الالتقاء" الأساسية للاتصال والتي يحدث بينها نوع من التداخل إبان الطوارئ، وتوضيح التنسيق اللازم فيما بينها.
وتم بالتنسيق مع مراكز الوقاية من الأمراض ومكافحتها في أتلانتا، والمقرّ الرئيسي للمنظمة، مدّ نطاق المسح العالمي للصحة المدرسية إلى السودان والعراق وقَطَر.
أما في مجال صحة الفم، فقد عَقَدَ المكتب الإقليمي اجتماعاً للخبراء بهدف الانتهاء من وضع استراتيجية إقليمية لتعزيز صحة الفم، ووضع مجموعة أساسية من مؤشّرات تعزيز صحة الفم.
المحددات الاجتماعية للصحة ونوع الجنس (الجندر)
قدَّمت المنظمة دعماً تقنياً لبعض البلدان لمساعدتها في إعداد خطة ومجموعة من الإجراءات المتعلقة بالمحددات الاجتماعية للصحة. وتم إعداد خطة استراتيجية إقليمية من أجل تفعيل إعلان ريو السياسي بشأن المحددات الاجتماعية للصحة، ونوقشَت هذه الخطة، وذلك في حلقة عملية بلدانية.
وعلى جانب آخر، تم توسيع نطاق برنامج المدن الصحية في الإقليم من خلال تنفيذ أداة التقييم والاستجابة في ما يخص الإنصاف في الصحة في المناطق الحضرية، بُغْيَة التعرّف على ما يكتنف العدالة الصحية من فجوات، وتحديد سُبُل الاستجابة على مستوى السياسات. وقد دعم المكتب الإقليمي وزارة الصحة في السودان وساعدها في إعداد دليل تدريبي حول إدارة المخاطر أثناء الكوارث في المجتمعات، وفي اختباره ميدانياً من أجل حشد العمل والاستجابة المجتمعية بهدف تقليص الخطر إبان الكوارث. وتم إطلاق موقع للشبكة الإقليمية للمدن الصحية على شبكة الإنترنت في كانون الثاني/يناير 2012، لتمكين المحافظين ورؤساء البلديات من تسجيل مدنهم، وتبادل خبراتهم وابتكاراتهم في هذا المضمار.
وتم دعم بناء القدرات في أفغانستان، وباكستان، والعراق، وفلسطين، لدعم تعميم مراعاة الفروق بين الجنسين في الصحة العمومية، وإدارة القطاع الصحي، والتصدّي للعنف الذي يمارس على أساس نوع الجنس.