إن إقليم شرق المتوسط معرَّض بشكل كبير للمخاطر الطبيعية مثل الزلازل (جمهورية إيران الإسلامية)، والفيضانات (باكستان)، والجفاف (الذي أدَّى إلى المجاعة في جيبوتي، والصومال، وجنوب السودان منذ عام 2011، والذي يتوقع حدوثه مجدداً في عام 2013). وقد أدَّت الاضطرابات السياسية والصراعات المدنية في بلدان مثل الجمهورية العربية السورية، والجمهورية اليمنية، وجنوب السودان، والسودان، إلى الدفع بملايين السكان إلى التماس الخدمات الصحية الأساسية والطارئة، ولاسيَّما فئات السكان الأكثر تعرُّضاً للمخاطر مثل النساء والأطفال وكبار السن. والحاصل أن أكثر من %50 من اللاجئين في العالم، يرجع أصلهم إلى إقليم شرق المتوسط. وفي ظل العدد المتزايد للطوارئ وحجمها الكبير في الإقليم، حدد المدير الإقليمي في آذار/مارس 2012 مجال التأهب للطوارئ والاستجابة لمقتضياتها كأحد المجالات الخمسة التي تحظى بالأولوية، وذلك بهدف زيادة قدرة البلدان على مجابهة الطوارئ والكوارث وسائر الأزمات الأخرى، ومن ثَمَّ ضمان تصدي الصحة العمومية بفعالية للمخاطر والتهديدات. وتم تحديد مجموعة جديدة من الأولويات الاستراتيجية لتحديد سُبُل المضي قُدماً، بما في ذلك تقديم الدعم للبلدان ومساعدتها على إعداد سياسات وتشريعات واضحة استناداً إلى نهج يراعي كل الأخطار و"الصحة الكلية" مع إيلاء اهتمام خاص لحماية المرافق الصحية والقوى العاملة في المجال الصحي في أوقات الطوارئ.
وفي جميع البلدان التي واجَهَت الطوارئ عام 2012، كان هناك حاجة واضحة لضمان تقديم الخدمات الصحية للسكان المستضعفين، ولاسيَّما النساء والأطفال في الأماكن الأكثر تضرراً. وقد تضمَّنَت الأولويات تقديم الخدمات الصحية التوليدية والنسائية، وتطعيم الأطفال دون سن الخامسة باللقاحات. ولم تكُن خدمات الصحة النفسية متوافرة لدى البلدان التي تواصل فيها الصراع والعنف، بسبب نقص العاملين الصحيين المؤهلين. وقد أدَّى ازدياد أعداد اللاجئين والمهجَّرين داخل بلدانهم في بعض البلدان مثل السودان، والجمهورية العربية السورية والبلدان المحيطة بها، والجمهورية اليمنية، وجنوب السودان، إلى إظهار مدَى الحاجة إلى نُظُم فعّالة لرَصد الأمراض والاستجابة لها بهدف ضمان مكافحة فاشيات الأمراض السارية فوراً ودون إبطاء. وفي حالات الطوارئ الممتدّة والأزمات الحادة، تتصدَّر أعباء الأمراض غير السارية المشهَد، إذ يفقد المرضى فُرَص الوصول إلى الأدوية الأساسية وإلى المعالجة المنقِذة للأرواح.
إن الإصلاح في عمل منظمة الصحة العالمية أثناء الطوارئ، ولاسيَّما إطار الاستجابة للطوارئ، يركِّز على الحاجة إلى تقوية قدرة المكاتب القُطْرية على الاستعداد للأزمات والاستجابة لمقتضياتها. ومن أجل ضمان المزيد من السرعة في الاستجابة، فقد تم إعداد قائمة بالخبراء لمواجهة الزيادة المفاجئة في حالات الطوارئ مع تحديد الخبرات الاحتياطية اللازمة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن عملية إنشاء مركز إقليمي لمنظمة الصحة العالمية يُعْنَى بالإمدادات الطبية والدوائية والتجهيزات قد بدأت بالفعل. فعلى الصعيد الإقليمي، بلغت تكاليف الأدوية والإمدادات الطبية واللوجستية والتجهيزات المكتبية والمختبرية ما يَقرُب من 120 مليون دولار أمريكي، وقد تم تقديم هذه الإمدادات إلى ستة بلدان تعاني من الطوارئ في الإقليم (أفغانستان، وباكستان، والجمهورية العربية السورية، والسودان، والصومال، وليبيا)، وشكَّل ذلك ما يقرُب من %40 من مشتريات منظمة الصحة العالمية على الصعيد العالمي.
ورغم الزيادة في تمويل الأنشطة الصحية التي تُتَّخذ أثناء الطوارئ، فإن %38 فقط من متطلبات التمويل الصحي في الإقليم قد تمَّت تلبيتها في عام 2012. وتتواصل معاناة القطاع الصحي من نقص شديد في التمويل، مما يؤكِّد الحاجة إلى اتخاذ أسلوب أكثر تنسيقاً يجمَع الشركاء التقليديين وغير التقليديين من أجل تلبية الاحتياجات الصحية للسكان المتضررين في الإقليم.
أداء دور قيادي متنامٍ في الطوارئ الصحية
لقد قدَّمَت منظمة الصحة العالمية الدعم للسلطات الصحية المحلية في جميع البلدان التي عانَت من الطوارئ، من أجل قيادة استجابة منسَّقة وفعّالة للقطاع الصحي، بالتعاون مع المجتمع الوطني والدولي، من أجل إنقاذ الأرواح والإقلال من التأثيرات الصحية الضارة إلى أدنَى قَدر ممكن، مع إيلاء اهتمام خاص للفئات السكانية المستضعَفَة. وقد تمثَّل أحد التحديات الأساسية في صعوبة الوصول إلى الخدمات، وحيز خدمات الإغاثة الإنسانية نفسه. فقد تعرقَل إيتاء الخدمات الصحية للسكان المتضررين في الجمهورية العربية السورية، وجنوب السودان، وفلسطين، نتيجة تعذُّر وصول الشركاء في الإغاثة الإنسانية الصحية، والعاملين في الرعاية الصحية إلى أماكن عملهم، بسبب انعدام الأمن. فبعد مرور ثلاثة وعشرين شهراً على الأزمة في الجمهورية العربية السورية، تشير التقارير على سبيل المثال، إلى أن %70 من العاملين الصحيين في المناطق التي عانَت من أضرار بالغة يعانون من صعوبات في الوصول إلى أماكن عملهم، وكانت هناك تحدِّيات مشابهة ترافَقَت مع تعذُّر الوصول وانعدام الأمن، مما عرقل تقديم الخدمات الصحية الأساسية والطارئة في كلٍّ من أفغانستان، والجمهورية اليمنية، وجنوب السودان، والصومال.
كما تم عرقلة الخدمات الصحية الأساسية والطارئة كنتيجة غير مباشرة للعقوبات الاقتصادية في بعض البلدان مثل جمهورية إيران الإسلامية، والجمهورية العربية السورية، وليبيا. فعلى سبيل المثال، كانت مصانع المستحضرات الصيدلانية في الجمهورية العربية السورية تُنتج ما يقرب من %90 من الأدوية المستخدمة محلياً، إلا أنها أُجبرَت على التوقُّف عن الإنتاج بسبب التأثيرات المشتَرَكَة لكل من العقوبات الاقتصادية، ونقص الوقود، وتدمير البنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى نقص ما تتلقاه المرافق الصحية من إمدادات من السلطات المركزية، وذلك بسبب النقص الخطير في الأدوية الأساسية المنقذَة للأرواح.
ومن أجل ضمان توافر الأدوية والمعدات الطبية التي تَمَسُّ الحاجة إليها، فقد عَمِلَت منظمة الصحة العالمية مع الحكومات والشركاء على التوسط في الشراء وتوفير الإمدادات. ومن الأمثلة على هذه الشراكات، تلك الشراكة التي أبرمَت مع جامعة الدول العربية لتقديم الأدوية والإمدادات الطبية للجمهورية العربية السورية والجمهورية اليمنية، وكذلك الشراكة مع السلطات المحلية ومنظمة التعاون الإسلامي لتنسيق حصول السكان على الخدمات الصحية في الصومال.
أما في بلدان، مثل أفغانستان، وباكستان، والجمهورية العربية السورية، وليبيا والتي تم فيها استهداف العاملين في مجال الرعاية الصحية، والمرافق الصحية استهدافاً مقصوداً، أو إلحاق الضرر بهم بشكل غير مباشر، فقد أدانَت منظمة الصحة العالمية تلك الهجمات عبر وسائل الإعلام الإقليمية والدولية ومن خلال الحملات الإعلامية، مع الإشارة إلى قرارات جمعية الصحة العالمية، وإلى القوانين الخاصة بحقوق الإنسان التي تَمنَع استهداف العاملين الصحيين في أوقات الصراع.
إنقاذ الأرواح وتلبية الاحتياجات الصحية
غالباً ما تؤدِّي النُظُم الصحية التي تعاني من العجز عن أداء وظائفها في البلدان التي تقع تحت وطأة الطوارئ إلى حصول الفئات السكانية المستضعفة على نسبة بسيطة من خدمات الرعاية الصحية، أو قد يتعذَّر عليها الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية مطلقاً. ففي الجمهورية العربية السورية، تعرَّض أكثر من %50 من المستشفيات العامة للتدمير أو التلف نتيجة الصراع الدائر هناك، وذلك حتى كانون الأول/ديسمبر 2012. ومن أجل ضمان مواصلة تقديم خدمات الرعاية الصحية، فقد قامت منظمة الصحة العالمية بعقد شراكات مع 13 منظمة غير حكومية محلية لضمان تقديم المعالجة والأدوية والإمدادات الطبية. فبنهاية عام 2012، كانت المنظمة قد قدَّمَت أدوية وإمدادات طبية لمعالجة 1.2 مليون حالة، وأكثر من 000 195 حقيبة معدات لتقديم الدم المأمون لبنوك الدم الوطنية، وإمدادات خاصة بجراحات الرضوح ورعاية الحالات الطارئة، والسوائل الغذائية التي تعطى عن طريق الوريد، وحقائب المعالجة الوريدية، وذلك للمستشفيات الكائنة في المناطق المتضررة.
أما الفئات السكانية المستضعفة في أفغانستان والصومال، ولاسيَّما النساء والأطفال، فيتم الوصول إليها عبر المستشفيات الميدانية والعيادات الجوَّالة. ففي الصومال، تم الوصول إلى الأطفال والنساء في سن الإنجاب في المجتمعات النائية والمناطق المحرومة من خلال تدخُّلات صحية نُفِّذَت في أيام صحة الطفل، وذلك بالاشتراك مع السلطات الوطنية ومع اليونيسف. وقد أجريَت حملات تطعيم وطنية طارئة بالتعاون مع الشركاء في الصحة في كل من أفغانستان، وجنوب السودان، والسودان، فضلاً عن الجمهورية العربية السورية، والتي قامت فيها منظمة الصحة العالمية واليونيسف بتقديم الدعم إلى وزارة الصحة في حملات تطعيم مليونَيْ طفل دون سن الخامسة ضد الحصبة، وتطعيم 2.5 مليون طفل دون سن الخامسة ضد شلل الأطفال. وقد قدَّمَت منظمة الصحة العالمية اللقاحات والباراسيتامول وأشربَة متعددة الفيتامينات إلى جانب بناء قدرات العاملين الوطنيين من أجل تنفيذ الحملة على نحوٍ فعّال وبكفاءة عالية.
ومن أجل كشف الفاشيات المؤكَّدة والاستجابة لمقتضياتها في الوقت المناسب وعلى نحوٍ فعَّال، عَمَدَت وزارات الصحة إلى تقوية نُظُم الإنذار والاستجابة الباكرة في ستة بلدان (الأردن، وأفغانستان، وباكستان، والسودان، والصومال، والعراق). وقد مكّنت هذه النُظُم منظمة الصحة العالمية وشركاءها من كشف فاشيات الكوليرا في جنوب ووسط الصومال، وفاشيات الحمى الصفراء في السودان، وفاشيات الإسهال المائي الحاد في جنوب السودان، وفاشيات الكوليرا في العراق، وفاشيات السل بين اللاجئين السوريين في الأردن، كما سَمَحَت بمعالجة تلك الفاشيات. ونتيجة للوضع الصحي المتدهور في الجمهورية العربية السورية، فقد أنشأت منظمة الصحة العالمية نظاماً للإنذار المبكر والاستجابة، وقدَّمَت التدريب للمسؤولين الوطنيين عن الترصُّد من مختلف أنحاء القُطر. وقد بدأ تجميع البيانات في أيلول/سبتمبر 2012، مما مكَّن منظمة الصحة العالمية والسلطات الوطنية من رَصْد ومكافحة الحالات التي تم الإبلاغ عنها من التهاب الكبد "أ" والتيفويد، وداء الليشمانيات.
إن النُظُم الصحية التي تعاني من العجز ومن نقص الأدوية، تشهد أيضاً لا محالة زيادة في عبء الأمراض غير السارية، بسبب عدم قُدرة الفئات السكانية على الحصول على معالجة منتظمة أو الوصول إلى الأدوية الأساسية المنقِذة للأرواح. وقد أبرَز هذا الوضع الحاجة الماسّة إلى إعداد قوائم وطنية محدَثة بالأدوية الأساسية المطلوبة بإلحاحٍ في البلدان التي تمرّ بحالة طوارئ استناداً إلى مرتسَمات الأمراض والفجوات الحالية والاحتياجات البالغة الأهمية. وفي مطلع عام 2013، تم اختيار الجمهورية العربية السورية كأحد البلدان التي تحظى بالأولوية.
ضمان جمع ونشر المعلومات الطبية أثناء الطوارئ
إن أحد أكبر التحدّيات التي يواجهها الناس أثناء الطوارئ هي الحصول على المعلومات حول النظام الصحي في الوقت المناسب، بحيث يمكن تقدير المخاطر الصحية والاحتياجات والفجوات على نحوٍ دقيق. ويمكن لهذا التحدِّي أن يتفاقَم أكثر خلال الطوارئ المعقَّدة التي يتعذر فيها الحصول على مثل هذه المعلومات. ولضمان أسلوب يتَّسم بالكفاءة في إدارة المعلومات الصحية، عملَت منظمة الصحة العالمية مع السلطات الوطنية ومع الشركاء في الصحة لتأسيس نُظُم لإدارة المعلومات الصحية أثناء الطوارئ، كما قامت بتنسيق جمع المعلومات الأساسية وتحليلها ونشرها.
وفي الجمهورية العربية السورية شاركت منظمة الصحة العالمية في بعثتين للتقييم المتعدد الوكالات، وأَجرت تقييمات سريعة لمرافق الصحة العمومية في جميع المحافظات من أجل التعرُّف على مدى الإتاحة ومدى أداء الوظائف. وفي الدول المجاورة مثل الأردن، والعراق، ولبنان، أُجريَت تقييمات تغذوية بين اللاجئين السوريين الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين وضمن المجتمعات المستضيفة. كما أُجريَت تقييمات تغذوية في أفغانستان، وباكستان، والجمهورية اليمنية، لضمان بناء القدرات اللازمة للاستجابة لحالات سوء التغذية الحادة والوخيمة.
وفي باكستان، تم إدراج نظام رسم صورة حقيقية لمدَى توافر الموارد الصحية ضمن النظام الصحي الوطني من أجل ضمان الممارسات الجيّدة في رسم صورة الموارد الصحية وتوضيح مدى توافُر الخدمات أثناء الطوارئ، ومن أجل تقوية اتخاذ المجموعة الصحية لقراراتها بناء على المعلومات. وقد تم أيضاً تقوية الشراكات المتعددة الوكالات من خلال دعم منظمة الصحة العالمية لتقييم 65 مرفقاً صحياً تديرها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
تقوية القدرات في المكاتب القُطرية
يمكن للكوارث الطبيعية وللقلاقل السياسية أن تحدُث في أي وقت، وغالباً ما يصعب توقُّعها. فمِن أجل أن تقدِّم المكاتب القُطرية لمنظمة الصحة العالمية الدعم لعمليات الاستجابة بكفاءة، ينبغي أن يتم نشر الخبراء في الصحة، وشراء الأدوية أثناء الطوارئ بسرعة وبسلاسة قَدر الإمكان. وتشتمل التحديات التي تواجه الناس في بدء الطوارئ على القدرة على تحديد الخبرات المؤهَّلة ونشرها بسرعة، وكذلك إجراءات الشراء المطوَّلة للأدوية وللإمدادات الطبية داخل منظمة الصحة العالمية.
وللتصدِّي لهذه التحديات تَم إعداد قائمة إقليمية خاصة بالطوارئ تتضمَّن الخبراء في مجال الصحة العمومية، حتى تتمكَّن منظمة الصحة العالمية من الاستجابة للطوارئ في الإقليم بأسلوب أكثر فعالية وفي الوقت المناسِب، إلى جانب تحديد عدد من خبراء الصحة العمومية الاحتياطيين. وقد بدأت المفاوضات في كانون الأول/ديسمبر 2012 مع حكومة الإمارات العربية المتحدة من أجل تأسيس مركز مخصص لمنظمة الصحة العالمية في المدينة العالمية للخدمات الإنسانية بدُبَي. وسَيَضمَن هذا المركز تخزين مجموعات الأدوات والإمدادات الطبية القياسية من أجل توزيعها بسرعة وقت الحاجة إليها أثناء الطوارئ، وتنظيم عمليات الشراء الخاصة بعمليات الإغاثة الصحية التي تقوم بها منظمة الصحة العالمية في الإقليم وفي أرجاء العالم. ويتواصَل الالتزام بإجراءات التشغيل القياسية التي أُعدَّت عام 2010 من أجل تيسير عمل منظمة الصحة العالمية أثناء الطوارئ، بهدف التصدِّي لهذه التحديات.
إدارة المخاطر أثناء الطوارئ
لقد عزَّز العدد المتزايد من الطوارئ الواسعة النطاق من قوة الدفع التي تهدف إلى إشراك الدول الأعضاء في الإدارة المتعددة القطاعات لمخاطر الطوارئ في الإقليم، كما أوضَح مدَى الحاجة إلى تعزيز قُدرة النُظُم الصحية على التأهُّب للطوارئ والاستجابة لها، بما في ذلك التنسيق بين الشركاء الوطنيين والقطاع الخاص.
وقد تواصَلَت الحملات الإعلامية طيلة عام 2012 من أجل ضمان جعل الصحة واحدة من الأولويات التي تحظَى بالاهتمام في البرامج الإنمائية على الصعيد العالمي والإقليمي والوطني، وبرامج إدارة مخاطر الكوارث، وذلك بالشراكة مع الاستراتيجية الدولية للأمم المتحدة للحد من الكوارث، وجامعة الدول العربية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ونتيجة لذلك فقد ازداد الاهتمام بالصحة بوصفها أحد المجالات التي تحظى بأولوية التوجُّهات السياسية الخاصة بالحد من مخاطر الكوارث في الدول الأعضاء العربية والأفريقية والآسيوية، والتي أعدَّها جميع الشركاء الرئيسيين. وفي 2013 دُعيت منظمة الصحة العالمية للمشاركة في المؤتمر العربي الأول حول الحد من مخاطر الكوارث والذي تم فيه إطلاق المنتدى الإقليمي للحدّ من مخاطر الكوارث، والعزم معقود على عَقْد اجتماع جانبي على هامش المؤتمر حول الجهود الصحية المتعددة القطاعات، بحضور ممثلي الدول الأعضاء المشاركة ووفودها.
وانطلاقاً من الإقرار بأن النُظُم الصحية المعطَّلة تُعيق القدرات الوطنية على الاستجابة للطوارئ بأسلوب يتَّسم بالكفاءة وفي الوقت المناسب، فإن إدارة مخاطر الطوارئ كانت من المجالات التي تَم التركيز للعمل عليها في سياق الأولويات الاستراتيجية الإقليمية التي صادَقَت عليها اللجنة الإقليمية. وقد أدَّى ذلك إلى إعطاء دفعة لبناء القدرات الوطنية وفق نهج يراعى إدارة جميع المخاطر، والذي يتضمَّن أحكام ومقتضيات اللوائح الصحية الدولية (2005). ونتيجة لذلك فقد أدرجت اللوائح ضمن المناهج التدريبية الإقليمية والوطنية لإدارة الطوارئ في الصحة العمومية. وللتصدِّي لهذه التحديات تعمَل البلدان، حتى ما كان منها يواجه طوارئ ممتدَّة (مثل أفغانستان، وباكستان، والسودان)، على تطوير القدرات اللازمة لإدارة الأزمات بأسلوب يعتمد على المؤسسات. وقد أصبح ذلك أكثر وضوحاً في باكستان، وجمهورية إيران الإسلامية، وعُمان، وهي بلدان تعمل على تدبير الطوارئ الحادَّة على المستوى الوطني بأقل قدر من الدعم الخارجي.
وتسير سبعة بلدان، حتى الآن، في طريقها الصحيح لترسيخ مساهمة المؤسسات ضمن القطاع الصحي في إدارة المخاطر في الطوارئ، وهذه البلدان هي أفغانستان، وباكستان، والبحرين، وجمهورية إيران الإسلامية، والسودان، وعُمان، وقَطَر. ونتيجة لذلك تم الإعداد لإطلاق تقييم شامل للمخاطر في السودان وقطر في العام القادم، وعلى الرغم من أن إنشاء برامج إدارة المخاطر أثناء الطوارئ لايزال من الأولويات، فلا يزال الكثير من البلدان يركز على التدريب المتزامن في مجالات تأهُّب المستشفيات، وإدارة الطوارئ في الصحة العمومية، والحد من مخاطر الكوارث. ونظراً للإقرار بأن سلامة المرافق الصحية والعاملين الصحيين تمثِّل أهمية قصوَى ضمن أي استجابة للطوارئ في الصحة العمومية، فإن العديد من البلدان، ومنها البحرين، وجمهورية إيران الإٍسلامية، والسودان، وعُمان، ولبنان، تواصل تنفيذ برنامج سلامة المستشفيات، وقد عملت منظمة الصحة العالمية كذلك مع الشركاء لإعداد برنامج تدريـبي حول تأهُّب المستشفيات أثناء الصراعات.
وسعياً إلى المواءمة بين أنشطة بناء القدرات الوطنية من خلال تبنّي المنظمة لنهج يراعي جميع أخطار الصحة، فقد تم إدماج أنشطة التأهب للطوارئ بما فيها التأهب للأوبئة والجوائح، والقدرات الأساسية اللازمة لتنفيذ اللوائح الصحية الدولية في قِسم تقني واحد لضمان الاستخدام الأمثل للموارد في ظل إطار الأمن الصحي واللوائح الصحية، وتحت رعاية إدارة مكافحة الأمراض السارية. وقد تم هذا بما يتماشى مع أولويات التخطيط للثنائية 2015-2014.
الارتقاء بالاستجابة للطوارئ في الإقليم
مع تدهور الأوضاع في الجمهورية العربية السورية، وازدياد مستوى التعقيد في القضايا الصحية وحجمها، وفي استجابة البلدان المجاورة، فقد حددت منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ في الجمهورية العربية السورية بالدرجة 3، في كانون الأول/ديسمبر 2012؛ وهذه هي المرة الأولى في تاريخ المنظمة التي تصنَّف فيها إحدى البلدان ضمن هذه الدرجة، فالدرجة 3 كما يبيِّنها إطار منظمة الصحة العالمية للاستجابة للطوارئ تدعو لإنشاء فريق للدعم أثناء الطوارئ من أجل تقديم استجابة متكاملة ومتخصصة للأزمة على المستوى الإقليمي من خلال تعزيز الوظائف الأساسية الأربع لمنظمة الصحة العالمية وهي (1) التنسيق، و(2) المعلومات، و(3) الخبرات التقنية، و(4) الخدمات الأساسية، وقد تم الانتهاء من الخطط الخاصة بإنشاء فريق الدعم التقني أثناء الطوارئ في كانون الأول/ديسمبر 2012 أثناء الاجتماع الذي عُقد في بيروت وحضره ممثلون من مستويات المنظمة الثلاثة.
وبالإضافة إلى التكامل في دعم وتعزيز استجابة منظمة الصحة العالمية على الصعيد الإقليمي للأزمة السورية، فإن إنشاء فريق الدعم أثناء الطوارئ قد عزز أيضاً نموذج "منظمة الصحة العالمية الواحدة" في الإقليم من خلال إظهار دعم الأقاليم الأخرى التابعة للمنظمة في هذا المجال. فرغم ما يعانيه المكتب الإقليمي الأفريقي من صعوبات في التمويل، فقد تبرَّع بمائة ألف دولار أمريكي لدعم العمليات التي يقوم بها فريق الدعم أثناء الطوارئ، أما المقرّ الرئيسي للمنظمة، والمكتب الإقليمي الأوروبي فقد شاركا بالخبرات التقنية كجزء من فريق الدعم أثناء الطوارئ.