في اليمن الذي أنهكه الحرب، دمرت الأمطار الغزيرة والفيضانات المنازل والملاجئ
٢٦ أغسطس ٢٠٢٤، صنعاء، اليمن—لم تكن سماء اليمن متقلبة إلى هذا الحد من قبل. في أواخر الشهر الماضي، تحولت سيول الأمطار إلى فيضانات متدفقة اجتاحت المدن والقرى، مخلفة وراءها دماراً كبيراً. والآن، تم تحذير المحافظات الغربية والوسطى في اليمن من توقعات تزايد الأمطار الغزيرة.
تعاني البلدان المتأثرة بالنزاعات مثل اليمن بشكل أكثر من غيرها من تغير المناخ بسبب إمكاناتها المقوضّة ومواردها المحدودة وبنيتها التحتية الهشة. من مترتبات النزاع الاستنزاف المستمر لقدرات اليمن على الاستجابة لهذه التحديات والتكيف معها، مما يزيد من مخاطر الصحة العامة ونزوح السكان وتدهور الاستقرار الاقتصادي. وعلى الرغم من مساهمة هذه البلدان بحد أدنى في انبعاثات الغازات الدفيئة، إلا أن هذه البلدان تواجه أقسى العواقب.
في مأرب، وجدت أكثر من ٨,٤٠٠ عائلة نازحة نفسها فجأة بدون مكان تلتجئ إليه بعد تدمير ٦,٧٠٠ مأوى. وحولت الأمطار الغزيرة الشوارع إلى أنهار، وجرفت المنازل والماشية وسبل العيش. وفي محافظة الحديدة الغربية، لم يقل الوضع سوءاً، فبغمر مجتمعات بأكملها، ارتفع عدد القتلى بشكل كبير، حيث لقي ما لا يقل عن ٣٦ شخصاً حتفهم وأصيب ٥٦٤ آخرون.
جرفت المياه البنية التحتية العامة، بما في ذلك المرافق الصحية والطرق. هناك حاجة ماسة إلى فرق الطوارئ الطبية وفرق التوعية المتنقلة لتوفير الخدمات الصحية الأساسية للسكان في المناطق الريفية المتضررة من الفيضانات. وحيثما نجت المرافق الصحية من السيول، فإنها تعاني الآن من نقص الكهرباء وتدمير الأدوية والمعدات.
يجب توفير الوقود للمستشفيات لتوليد الكهرباء، تستمر السلطات الصحية بطلب الأدوية الأساسية، وتظل المياه النظيفة واحدة من الأولويات القصوى لتجنب تفشي الأمراض التي تنقلها المياه في خضم تزايد حالات الإصابة بالكوليرا على نطاق واسع في اليمن.
شوارع صنعاء مشبعة بالمياه ومليئة بالمخلفات. المياه الراكدة آخذة في الارتفاع، ومعها خطر الإصابة بأمراض مثل حمى الضنك والملاريا والكوليرا. وبدون تدخل فوري، تواجه العديد من المدن المتضررة من الفيضانات مخاطر متزايدة على الصحة العامة.
في الأشهر المقبلة، من المتوقع أن يزداد هطول الأمطار في المرتفعات الوسطى والمناطق الساحلية للبحر الأحمر وأجزاء من المرتفعات الجنوبية بمستويات غير مسبوقة تتجاوز ٣٠٠ ملم.
قبل النزاع، ازدهرت الزراعة والأمن الغذائي بالاعتماد على الأمطار الموسمية. سمحت تضاريس اليمن المتنوعة، بدءاً من السهول الساحلية إلى المناطق الجبلية، بمجموعة واسعة من الممارسات الزراعية. كان يمكن التنبؤ بالأمطار والاستعداد لها، ويمكن للمزارعين الاعتماد على تقنيات تجميع مياه الأمطار التقليدية مثل المدرجات والصهاريج.
اليوم، تضررت البنية التحتية التي كانت تدعم هذه الإدارة الفعّالة للمياه أو دُمرت تماماً، وغالباً ما تؤدي الأمطار الغزيرة إلى فيضانات مدمرة، مما يضاعف الوضع الإنساني المتردي. في السنوات الأخيرة، دمرت الفيضانات المفاجئة المنازل والملاجئ والخدمات العامة الحيوية بصورة متزايدة، مما زاد عرضة السكان للمخاطر وساهم في انتشار الأمراض.
تعمل كتلة الصحة الوطنية والفرعية على تنسيق جهود الإغاثة وإيصال المعونة في الوقت المناسب مع التركيز على إدماج خدمات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي والنظافة في الاستجابة.
"تتطلب معالجة تأثير الأمطار في اليمن نهجاً متعدد القطاعات. إن المساعدات الإنسانية والصحية الفورية أمر بالغ الأهمية لتوفير الإغاثة للمتضررين من الفيضانات والكوارث الأخرى المرتبطة بالمناخ"، قال الدكتور أرتورو بيسيغان، ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن.
"يجب أن تركز الاستراتيجيات طويلة المدى على إعادة بناء البنية التحتية واستعادة أنظمة إدارة المياه، وتحسين التأهب للمخاطر الصحية وتعزيز قدرة المجتمعات على الصمود ضد الصدمات المناخية في المستقبل. الدعم الدولي والعدالة المناخية ضروريان لمساعدة اليمن على التعافي والتكيف مع المناخ المتغير".
كانت الاستجابة الإنسانية سريعة، ولكن حجم الكارثة هائل. تسعى منظمات الإغاثة—التي تواجه الصراع المستمر ونقص التمويل والقيود المتزايدة—إلى تقديم الإغاثة الطارئة. إن الاحتياجات الإنسانية كبيرة، لكن التعقيدات تزداد يوما بعد يوم.