لا يزال الصراع المطول في اليمن يخلف تأثيراً كبيراً على المجتمعات التي تواجه أزمات إنسانية وتحديات صحية طويلة الأجل، حيث تم إستنزاف نظام الرعاية الصحية في اليمن ووصوله إلى نقطة الإنهيار. وتُعد البنية التحتية المتهالكة، المنازل المكتظة والظروف المعيشية السيئة، نقص المرافق الخاصة بالنظافة، والعقبات التي لا يُمكن التغلب عليها في كثير من الأحيان للوصول إلى الرعاية الطبية الواقع في العديد من المناطق. بالإضافة إلى ذلك، يواجه اليمن أحد أعلى مستويات تفشي الأمراض في العالم.
منذ بداية العام ٢٠٢٤، سجل اليمن أكثر من ١١,٣٠٠ حالة مُشتبهه بحمى الضنك و٨٩٠,٠٠٠ حالة مُشتبهه بالملاريا، حيث يؤدي الفقر والظروف المعيشية الصعبة إلى تفاقم المخاطر التي تُهدد صحة ورفاهية ملايين اليمنيين العالقين في حلقة مُفرغة لا تنتهي.
شهدت المحافظات الشرقية لليمن هطول أمطار غزيرة خلال الفترة الماضية مما أدى إلى تدفق السيول في الشوارع، إلحاق الضرر بالطرقات وجرف العشرات من المركبات، وإلحاق الضرر بالأراضي الزراعية وشبكات الكهرباء وموارد المياه.
ومع ارتفاع درجة حرارة الكوكب وتغير أنماط هطول الأمطار، تُشكل الأمراض الناشئة تهديداً متزايداً. لا بُدّ من تبني إستراتيجيات عاجلة لمكافحة الأمراض الناشئة وحماية الشعب اليمني.
وخلال شهر مايو الماضي وبدعم من الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ، أطلقت وزارة الصحة العامة والسكان ومنظمة الصحة العالمية حملة لمكافحة الأمراض المنقولة بالبعوض في ست محافظات يمنية، حيث تضمنت الحملة أنشطة توعوية قام بها متطوعو الصحة المجتمعية، الرش الضبابي في الأماكن المغلقة، الرش بالمبيد متبقي الأثر، ومكافحة مصادر اليرقات وأماكن تكاثرها، بما في ذلك التخلص من الإطارات المستعملة التي توفر أرضاً خصبة لتكاثر البعوض.
يقوم متطوعو الصحة المجتمعية بالنزول إلى المنازل للتأكد من وصول المعلومات الصحية إلى الأسر الأكثر إحتياجاً.
وتؤدي الأحداث الجوية الشديدة مثل الفيضانات إلى تعطيل عملية تخزين المياه الطبيعية وزيادة عدد مواقع تكاثر البعوض في المناطق السكنية وحولها، مما يؤدي إلى تفشي الأمراض المنقولة بالبعوض في المناطق المكتظة بالسكان.
كما تُعد مصادر المياه النظيفة نادرة، حيث تستخدم العديد من الاُسر البراميل وغيرها من الحاويات الكبيرة لجمع المياه للشرب والغسيل، حيث عادةً ما يتم تخزين كمية من المياه تكفي لعدة أيام قبل إعادة تعبئتها مرة أخرى، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق المياه والنواقل.
ويؤدي توفير المعلومات الأساسية حول أساليب تخزين المياه والتخلص منها بشكلً آمن إلى إنقاذ الأرواح.
تُعتبر المقابر داخل المدن مخزون للذكريات وتشكل جزءاً لا يتجزأ من التراث الثقافي الغني لليمن، وكونها عادةً محاطة بالمباني وتتوسط المناطق السكنية، فأنها تُعد بيئة مثالية للبعوض، حيث تحتوي المقابر على خزانات مياه مفتوحة تأخذ منها الاُسر الماء لصبه على قبور أفراد الأسرة المتوفين كعلامة على الإحترام. توفر المياه الراكدة في هذه الخزانات أرضاً خصبة لتكاثر البعوض والكائنات الحية الأخرى المسببة للأمراض، بما في ذلك البكتيريا والفيروسات والطُفيليات.
تقوم الفرق الصحية بالرش بمبيد حشري متبقي الاثر لمنع وضع بيض البعوض ونمو اليرقات، وهي خطوة بسيطة تحد من انتقال الأمراض وتساعد في السيطرة على انتشار أسراب البعوض في المدن.
حتى وأن هذا لا يوقف لدغات البعوض، إلا أنه يلعب دوراً حاسماً في كسر دورة انتقال الأمراض.
وليد محمد، رجل في الستينيات من عمره يزور قبر والدته للدعاء لها ويقوم بجمع الماء من خزانات المقبرة في برميل أصفر ويحمله إلى قبر والدته.
يزور وليد قبر والدته ويسكب الماء ويدعوا لها طالباً من الله المغفرة والرحمة لروحها، "هذا أقّل ما أستطيع فعله لشكرها".