تعتبر أمراض العين من أولويات التدخلات الصحية التي تهدف إلى الحدّ من العمى الممكن توقّيه من خلال العمل على توفير آليات محددة في مجال المعلومات والبحوث وإجراء العمليات والتدابير الوقائية. وقد قامت منظمة الصحة العالمية بعدد من البرامج الموجهة لرعاية العين، لا تقف عند حدود تخصيص يوم عالمي، بل تتجاوز ذلك إلى المتابعة المستمرة للبرامج القائمة في الدول الأعضاء.
وقد قامت المنظمة بدعم إجراءات هذا المسح في عدد من دول الإقليم وفي جمهورية مصر العربية ، التي أظهر تقييم سريع للعمى الذي يمكن توقّيه في خمس محافظات فيها هي بني سويف، والفيوم، وكفر الشيخ، والمنيا، وسوهاج انتشار حالات العمى بين سكان الفئة العمرية فوق الخمسين بنسب كبيرة. وقد أوضحت النتائج التي أسفر عنها هذا المسح أن محافظة بني سويف تحتل المكانة الأولى بين المحافظات الخمس من حيث معدّل انتشار العمى الذي وصل إلى أكثرمن 10% بين السكان فوق سن الخمسين. وتلتها محافظة المنيا بنسبة تتجاوز أيضا الـ 10% من السكان في الشريحة نفسها بينما تراوحت نسبة الإصابة بالعمى بين السكان فوق الخمسين في كل من محافظة سوهاج والفيوم وكفر الشيخ بين 6% و7.5%.
وقد تعاونَت منظمة الصحة العالمية مع وزارة الصحة في مصر والمركز القومي للعيون في إجراء هذا التقييم السريع للعمى الذي يمكن توقّيه في مطلع هذا العام، في المحافظات الخمس، وذلك في سياق الجهود التي تبذلها المنظمة، لتعزيز صحة العين لدى المجموعات السكانية في المناطق الريفية التي تنخفض فيها مستويات الخدمات، ولتجميع المعطيات حول العمى وضعف الإبصار.
وتتبنى منظمة الصحة العالمية تطبيق مسوحات شاملة في مواقع مختارة لتحديد نسبة انتشار أمراض العين، ومسببات العمى، وحجم المشكلات المرضية في هذا المجال، من خلال آلية المسح السريع التي تساعد في توفير بيانات تؤمِّن لراسمي السياسات القدرة على اتخاذ القرارات الصحية، وتحديد الأولويات في إطار رعاية العين.
انطلاقاً من هذا المسح، وفي إطار الجهود المبذولة للقضاء على التـراخوما التي تُعَدُّ أهم مسبِّبات العمى في مصر، تعتزم منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع وزارة الصحة ومع المركز القومي للعيون إجراء مسح جديد في محافظتَي الفيوم وكفر الشيخ، لتقييم المعدّل الحالي لانتشار التـراخوما النشطة بين الأطفال دون سن التاسعة.
يذكر أن عدد المصابين بالعمى في مصر أكثر من 000 800 شخص ، أما عدد المصابين بالعمى أو بضعف الإبصار في العالم، وفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية، فيصل إلى 4% من سكان العالم؛ ويعاني نحو 37 مليوناً في إقليم شرق المتوسط من ضعف الإبصار الناجم عن أمراض العين أو أخطاء غير مصححة في الانكسار؛ ومنهم 5.3 مليون أعمى. ويعيش نحو 90% من هؤلاء في بلدان منخفضة الدخل.
و يمثِّل اليوم العالمي للإبصار الذي احتُفل به هذا العام في الرابع عشر من تشرين الأول/أكتوبر، منتصف الطريق بين إطلاق المبادرة العالمية الرؤية ألفين وعشرين: الحق في الإبصار الذي جرى عام ألفين، وبين الأجل المرسوم لتحقيق مراميها عام ألفين وعشرين. وقد شهدت السنوات العشر المنصرمة إنجازات هامة سواءً في مجال إذكاء الوعي أو في مكافحة أمراض السادّ (الكتاراكت) والتـراخوما إلا أنه مايزال هناك الكثير مما يتوجب القيام خلال العشر السنوات المقبلة. وقد أكد الدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط على هذه الحقائق قائلاً: "على الرغم من التقدُّم الكبير الذي أُحرز في مجال الرعاية الصحية للعين، لاتزال بلدان ومجتمعات كثيرة تعاني من معدّلات مرتفعة بشكل غير مقبول، لانتشار العمى الذي يمكن اتقاؤه. ومما يؤسَف له أن الكثير من أصحاب القرار السياسي لا يدركون أن 80% من حالات العمى في العالم يمكن توقّيها أو معالجتها، وأن التدخلات العالية المردود، لمعالجة الأسباب الرئيسية المؤدية للعمى الذي يمكن توقّيه، متوافرة".
وتأمل منظمة الصحة العالمية وشركاؤها في مبادرة الرؤية 2020: الحق في الإبصار، في خفض حالات الإصابة بالعمى بنسبة 50% عما هي عليه وذلك بحلول عام 2020.