تُطلق وزارة الصحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، المكتب الإقليمي لشرق المتوسط، أول استـراتيجية في التغذية على الصعيد الوطني والتي تهدف إلى تحسين الوضع التغذوي لكافة الفئات العمرية لسكان دولة الإمارات العربية المتحدة. وتعتمد الاستـراتيجية الوطنية للإمارات على الاستـراتيجية الإقليمية التي انتهت المنظمة من إعدادها مؤخراً، وسوف تعقد وزارة الصحة مؤتمراً صحفياً في دبي بتاريخ 25 أيار/مايو 2010 لإطلاقها.
ويُذكر أن الأمراض المزمنة المرتبطة بالتغذية هي من الأسباب الرئيسية للمراضة والوفيات في معظم الدول العربية وفي دولة الإمارات العربية المتحدة خاصة. ومن أهم هذه الأمراض أمراض القلب التاجية، والحوادث المخيّة الوعائية، وأمراض ضغط الدم وداء السكَّري بالإضافة إلى بعض أنواع السرطانات والسمنة. وحتى وقت قريب كان الاعتقاد السائد أن هذه الأمراض تنتشر عادة بين المجتمعات المتقدّمة ولكن العديد من المؤشرات يبين أن انتشار الأمراض المزمنة المرتبطة بالتغذية آخذ في الازدياد في بعض المجتمعات النامية وحتى بين الطبقات الفقيرة من السكان.
وتواجه دولة الإمارات العربية المتحدة تحديات كبيرة تتعلّق بسوء نُظُم التغذية وما ينجُم عنها من مشكلات صحية. وفي هذا الصدد أكَّد معالي الدكتور حنيف حسن علي، وزير الصحة أنه على الرغم من التقدُّم الكبير الذي تقوم به الدولة في المجال الصحي إلا أن هناك كثيراً من التحديات المثيرة للقلق من ضمنها ارتفاع نسبة الأمراض غير المعدية مثل أمراض السكَّري، والقلب، وارتفاع ضغط الدم. وأضاف معاليه "أن نسبة السكَّري في الدولة بلغت 25% للفئة العمرية أكبر من 20 سنة وهي نسبة عالية جداً ليس على مستوى دول الخليج فحَسْب بَل عالمياً".
وتعمل منظمة الصحة العالمية عن كثب مع السلطات الصحية في الإمارات على مواجهة المشكلات المرتبطة بتفشي الأمراض غير السارية؛ من خلال تطوير استـراتيجية للتغذية تسهم في وضع برامج تغذية؛ وبناء القدرات اللازمة لإنشاء وحدة تغذية في إطار خدمات الرعاية الصحية الأولية.
وقد أكَّدت الدكتورة هيفاء ماضي، مديرة قسم حفظ الصحة وتعزيزها في منظمة الصحة العالمية، العلاقة الوطيدة بين انتشار الأمراض غير المعدية وبين غياب أنماط الحياة الصحية ولاسيَّما التغذوية منها. وقالت الدكتورة ماضي: "إن ارتفاع نسبة الأمراض غير المعدية يعود أساساً إلى ارتفاع نسبة السمنة وقلة النشاط البدني، والذي يعود بدوره إلى الأنماط الصحية والتغذوية غير الصحية، ومن هنا تأتي أهمية الاستـراتيجية الوطنية في التغذية التي من شأنها أن تساعد دولة الإمارات العربية المتحدة على وضع الحلول الجذرية للتحديات الصحية التغذوية ومن ضمنها تشجيع تناول الغذاء الصحي وممارسة النشاط البدني.
وتتضمَّن الاستـراتيجية الوطنية للتغذية عدة مكوّنات تتعلّق بنشر الوعي الصحي والتغذوي لكافة فئات المجتمع وتشجيع الرضاعة الطبيعية والغذاء الصحي والنشاط البدني، إضافة إلى تدعيم الأغذية بالمعادن والمغذيات الدقيقة. وقد أكَّد الدكتور محمود فكري مساعد وزير الصحة بالإمارات أن الوزارة وضعت البرامج المقتـرحة لتنفيذ الاستـراتيجية وركَّزت على أهمية تشكيل لجنة عُليا تشرف على التنفيذ والمتابعة.
من جانب آخر، أشاد الدكتور أيوب الجوالدة، المستشار الإقليمي للتغذية بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، بالتعاون المشتـرك ما بين الوزارة ومنظمة الصحة العالمية لتوفير الدعم الفني المتواصل والتدريب اللازم للكفاءات والنهوض بالمستوى الفني للطاقم المعني بتنفيذ الاستـراتيجية.
ومن الجدير بالذكر أن الاستـراتيجية وضعت الإطار العام والبرامج التي سوف يجري تنفيذها خلال الفتـرة الواقعة ما بين 2010 – 2015 وسيجري تنفيذها ومراجعتها بمشاركة وزارات الصحة والتـربية والإعلام والجامعات ومؤسسات الشباب ومؤسسات القطاع العام والخاص في الدولة.