مقديشو: وسط أجواء العنف المستمرة في مقديشو، بعثت منظمة الصحة العالمية بأحد جراحيها إلى العاصمة الصومالية لتدريب عشرات من المهنيين الصحيين المحليين على معالجة حالات الصدمة وإيتاء الرعاية الصحية الطارئة للحوامل، ويهدف تدريب 33 طبيباً وممرضاً وقابلة إلى تحسين مهارات العمالة الصحية الصومالية في محاولة للتصدّي للصراع المتصاعد في المدينة الذي يرهق النظام الصحي الضعيف أصلاً. ففي آذار/مارس 2010 وحده، تم إبلاغ المستشفيات الثلاثة الرئيسية بمقديشو عن 900 حالة إصابة بجروح ناجمة عن الصراع و30 وفاة.
ومثل الأطفال دون الخامسة 10% من حالات الإصابة المبلغ عنها، والتي تتضمن جروح ناجمة عن التعرض للشظايا أو طلقات الرصاص والكسور والسحق.
يقول الدكتور عمر صالح، جراح منظمة الصحة العالمية وضابط الاتصال بالمنظمة المعني بالاستعداد للطوارئ والعمل الإنساني بالصومال:
"نفذنا دورة التدريب بنجاح على الرغم من التهديدات الأمنية الصارخة ونقص الموارد"
وأضاف "إن هذا التدريب أمر جوهري لتدعيم المستوى المهاري للفريق الصحي الذي يشاهد يومياً ضحايا الصراع، والأمهات اللاتي يحتجن لرعاية توليدية عاجلة. وهو يظهر أنه على الرغم من التحديات الهائلة، فإن المجتمع الإنساني الدولي مازال يقوم بدورٍ فارق من أجل الصومال".
يُذكر أن 3.2 مليون صومالي على الأقل قد تضرروا من الأزمة الإنسانية التي اندلعت في البلاد منذ عقدَيْن تقريباً، ويأتي النساء والرضَّع الصوماليين على رأس الفئات الأكثر تعرّضاً للخطر في العالم. إذ يلقى نحو 1400 امرأة حتفها لكل مئة ألف مولود حي، كما يموت 86 رضيع من بين كل ألف رضيع قبل استكمال عامهم الأول.
كذلك ألقت الأزمة بآثارها السلبية على العمالة الصحية في البلاد فالأطباء والعاملين الصحيين هم من بين الضحايا الذين قتلوا وأصيبوا في أعمال العنف، بينما غادر أطباء آخرون البلاد هرباً من غياب الأمن وسعياً وراء فرص عمل أفضل. ويعمل حالياً في الصومال حوالي 250 طبيباً مؤهلاً، و860 ممرضة، و116 قابلة فقط، وهي العمالة الصحية الأقل عدداً على الإطلاق بين بلدان إقليم شرق المتوسط، ومع وجود عدد من العاملين الصحيين يقل عن 0.11 لكل ألف شخص فإن النظام الصحي الصومالي يقل كثيراً عن الحد الأدنى المطلوب لتوفير الخدمات الصحية الأساسية وهو 0.23 عامل لكل ألف شخص. ومن هذه الخدمات توفير رعاية صحية مناسبة للأمهات وضمان تغطية بالتطعيمات تبلغ 80%. وبالمقارنة فإن تونس، التي يبلغ عدد سكانها نفس عدد سكان الصومال، لديها 13.300 طبيب وأكثر من 28.500 ممرضة حسب تقرير الصحة العالمي لعام 2006.
ويفتقر العديد من العاملين الصحيين الباقين في البلاد للتدريب المتخصص في معالجة الصدمة، ولا تتاح للكثيرين منهم الفرصة لتلقي تدريب إضافي حول التطورات الطبية والجراحية.
بَيْد أن برنامج التدريب الجراحي لمنظمة الصحة العالمية يعمل على تخطي هذا الوضع. وهو جزء من الجهد المتواصل الذي تبذله المنظمة لتحسين مهارات العاملين الصحيين الصوماليين كي يتمكنوا من إنقاذ الأرواح في خضم الأزمة الحالية. وقد دربت المنظمة خلال العام الماضي أكثر من مئة عامل صحي في مجال الخدمات الطبية الطارئة.
وقد علقت إحدى الطبيبات بقولها إن التدريب أمدها بمهارات وخبرة جديدة، وأنها تريد تلقي المزيد من التدريب من المنظمة والشركاء الصحيين. ويُبرز هذا المنهج كيف يمكن للتدريب أثناء الوظيفة من خلال التصدي الإنساني للأزمة أن يتكامل مع الخدمات المنقذة للحياة، وتعزيز القدرات للعاملين الصحيين الوطنيين.
وتسعى منظمة الصحة العالمية وشركاؤها الصحيون لتدبير 24 مليون دولار أمريكي من خلال مناشدات تضامنية. ومن شأن هذا المبلغ أن يدعم المزيد من فرص التدريب ويوفر الإمدادات الطبية الأساسية، ويغطي عمليات الرصد والتقييم للوضع الصحي على الأرض وأنشطة الفريق الصحي.