أشادت منظمة الصحة العالمية بقانون تنظيم التبرع بالأعضاء البشرية وحظر الاتجار فيها الذي أصدرته مصر مؤخراً. وقال الدكتور حسين الجزائري المدير الإقليمي لشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية: "إن صدور القانون خطوة رائعة تبعث الأمل في نفوس آلاف المرضى الذين يحتاجون لنقل الأعضاء لإنقاذ حياتهم، كما يقضي على التجارة غير المشروعة في هذا المجال، والتي كانت تتم في أجواء تضر بكل من المنقول إليه والمنقول منه على حد سواء".
وكان البرلمان المصري قد وافق أخيراً على قانون تنظيم التبرع بالأعضاء بعد ثمانية أعوام كاملة من تقدُّم نقابة الأطباء المصرية بأول مسودة بهذا القانون ، وبعد عامين كاملين من المداولات داخل أروقة مجلس الشعب المصري. وقد قوبلت موافقة البرلمان على القانون بمشاعر الارتياح من عشرات الآلاف من المرضى اليائسين كما تجدد الأمل في القضاء على تجارة الأعضاء.
وكان غياب تشريع منظِّم لعملية نقل الأعضاء قد مهَّد الطريق إلى انتعاش تجارة غير مشروعة في هذا المجال في مصر، حيث يقدم المتبرعون الأحياء نسبة غير قليلة من احتياجات العالم من الكلى، طبقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية. ومعظم هؤلاء المتبرعين من الفقراء والمهمَّشين الذين يُقْدِمون على بيع كلاهم مقابل مبالغ مالية. ويحظر القانون الجديد التعامل في أي عضو من أعضاء جسم الإنسان أو جزء منه أو أحد أنسجته على سبيل البيع أو الشراء أو بمقابل مادي أو فائدة عينية للموافقة على النقل.
وقد تركَّز الجدل الذي أعاق صدور القانون في السابق حول تعريف الموت. ورغم أن تعريف الموت السريري المستقر عليه في مهنة الطب دولياً هو موت جذع الدماغ، فإن الكثيرين من أعضاء مجلس الشعب احتجّوا بأن الموت لابد أن يشمل توقف كل من المخ والقلب معاً.
وعليه، نَصَّ القانون الجديد على أنه لا يجوز نقل أي عضو أو جزء من عضو أو نسيج من جسد ميت إلا بعد ثبوت موته ثبوتاً يقينياً تستحيل بعده عودته إلى الحياة، ويكون إثبات ذلك بموجب قرار يصدر بإجماع الآراء من لجنة ثلاثية. وسوف تقوم بتعيين هؤلاء الخبراء اللجنة العليا لنقل الأعضاء البشرية، وهي لجنة تنشأ بمقتضى القانون الجديد، تتبع وزير الصحة، وتتولى إدارة وتنظيم عمليات نقل الأعضاء.
وطبقاً للقانون الجديد ، فإن أي محاولة لاستئصال أعضاء الميت قبل موافقة اللجنة سوف يعاقَب مرتكبها بالسجن المؤبد وغرامة تصل إلى ثلاث مئة ألف جنيه. كذلك ينص القانون على أنه لا يجوز نقل أي عضو أو جزء من عضو أو نسيج من جسم إنسان حي إلى جسم إنسان آخر، إلا إذا كان ذلك على سبيل التبرع فيما بين الأقارب من المصريين حتى الدرجة الرابعة.
وطبقاً للقانون الجديد أيضاً، فسوف تقوم الدولة بتمويل عمليات نقل الأعضاء للمرضى الفقراء على أن تقرر لجنة متخصصة ما هي الحالات ذات الأولوية.
ويعاقب القانون الأطباء الذين يتخذون إجراءات غير قانونية لنقل الأعضاء. ويتعرَّض هؤلاء لعقوبة تصل إلى السجن لمدة أقصاها خمسة عشر عاماً. وسوف تُعاقَب المستشفيات والمنشآت التي تسمح بالعمليات غير القانونية بغرامة تصل إلى مليون جنيه مصري مع احتمال إغلاقها تماماً.
وأبرَزَت المناقشات التي شهدها مجلسي الشعب والشورى ضرورة إعداد قائمة انتظار ملائمة مع وضع مواد مغلّظة لمعاقبة أي شخص يحاول الدخول على هذه القائمة عن طريق التحايل.
وكانت نقابة الأطباء المصرية هي أول من اقتـرح قانون لتنظيم التبرع بالأعضاء في مصر منذ ثمانية أعوام، لعدة أسباب من بينها مكافحة التجارة غير القانونية في الأعضاء وإنقاذ حوالي 42 ألف مريض في مصر يحتاجون لنقل الأعضاء.
وتؤكِّد المنظمة أهمية تعزيز ثقافة التبرع بين عموم الناس وإقناعهم بأهمية تبرعهم بأعضائهم بعد الوفاة، وذلك من خلال حملات توعية واسعة النطاق، وإيجاد آلية أو قاعدة بيانات تتضمَّن كافة المعلومات عن المتبرعين المحتملين.