أجرت منظمة العمل الصحي الدولية (هاي)، وهي منظمة غير حكومية عالمية تعنى بقضايا السياسة الدوائية، تجربة فريدة للتعرف على مدى تفاوت أسعار الأدوية في بلدان ومناطق العالم المختلفة. قامت المنظمة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية بأخذ ما يمكن تسميته بشريحة أو لقطة مثبتة لسعر مادة سيبروفلوكساسين، وهو مضاد حيوي غير مشمول ببراءات الاختراع، وذلك في يوم واحد هو 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2009. وتم جمع أسعار المنتج ذات العلامة التجارية المعروفة وأدنى سعر للمعادل الجنيس (غير المحدد الملكية) لهذا الدواء.
تم جمع بيانات من 93 بلد على مستوى العالم، بما في ذلك 15 بلداً من إقليم شرق المتوسط، وجاءت النتائج مفاجئة للغاية، حيث تراوح سعر الكمية من سيبروفلوكساسين التي تغطي دورة علاجية مدتها 7 أيام بين 0.42 دولار أمريكي في بعض البلدان وبين 131 دولار أمريكي في بلدان أخرى.
وتعرض خريطة تفاعلية على موقع منظمة العمل الصحي الدولية النتائج وتبين الفروق الكبيرة في أسعار هذا الدواء في جميع أنحاء العالم. وفي حين أن الأسعار لا ينبغي أن تعتبر ممثلة، كما يوجد تباين كبير في الأسعار داخل بعض البلدان، فإن هذه "اللقطة المثبتة" للأسعار توضح ما دفعه الناس عندما يتم دفع سعر التجزئة الإجمالي، في الصيدليات في ذلك اليوم.
وتؤكد النتائج أن الأسعار يمكن أن تتفاوت تفاوتاً كبيراً بين البلدان وداخل البلد نفسه. وعلى الرغم من أن براءة الاختراع على سيبروفلوكساسين منتهية الصلاحية منذ عدة سنوات ، فإن الفارق بين أدنى سعر جنيس والسعر الذي تفرضه العلامة التجارية المنشئة (على منتجات الدرجة الأولى) هو فارق كبير في بلدان عديدة. فعلى سبيل المثال، أظهرت كولومبيا أكبر فارق في السعر بين، المنتج ذي العلامة التجارية والسعر الجنيس. إذ وصل الفارق إلى 60 ضعفاً. ولدى كولومبيا أيضاً أعلى تكلفة علاجية بمنتج سيبروفلوكساسين في القطاع الخاص: إذ إن المريض في كولومبيا يدفع أكثر من 200 ضعف ما يتم دفعه في خمس دول آسيوية حيث كانت أسعار الأدوية في أدنى معدلاتها أي بفارق يصل إلى حوالي 20.000 ٪.
وقد قام المكتب الإقليمي لشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية بالتعاون مع منظمة العمل الصحي الدولي من خلال شبكة من المكاتب القطرية لمنظمة الصحة العالمية ومسؤولو وزارات الصحة بجمع الأسعار من 15 من الدول الأعضاء وهي أفغانستان، البحرين، مصر، إيران، الأردن، ليبيا، المغرب، باكستان، فلسطين، قطر، الصومال، الجمهورية العربية السورية، الإمارات واليمن.
وأظهرت التجربة أن متوسط سعر المنتج ذي العلامة التجارية في إقليم شرق المتوسط (36.47 دولار) كان ضعف الثمن في جنوب شرق آسيا (17.46دولار أمريكي) ولكنه أقل مما كانت عليه أسعار نفس المنتج في أقاليم أخرى. أما بالنسبة للمنتج الجنيس المسعر عند أدنى سعر في شرق المتوسط (7.61دولار أمريكي) فقد كان أكثر مما عليه أسعار مثيله في جنوب شرق آسيا (1.19 دولار)، وأفريقيا (4.55 دولار)، وإقليم غرب المحيط الهادئ لمنظمة الصحة العالمية (7.23 دولار).
وفي إقليم شرق المتوسط أيضاً كان سعر المنتج ذي العلامة التجارية أكثر من عشرة أضعاف سعر المنتج الجنيس (على غرار الوضع في الإقليم الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية). واتسع فارق السعر في مناطق أخرى من العالم، بين المنتج الجنيس وبين المنتج ذي العلامة التجارية.
وأظهر متوسط سعر المنتج ذي العلامة التجارية القليل جداً من الاختلاف بين البلدان المتفاوتة الثراء. و في المقابل، فإن متوسط سعر الأدوية الجنيسة ينخفض كلما انخفضت ثروة البلاد.
إن توفير الأدوية الجنيسة المنخفضة السعر هو خطوة هامة نحو تحسين فرص الحصول على العلاج. ويتوافر المنتج الجنيس من السيبروفلوكساسين في معظم البلدان بسعر أقل بكثير من المنتجات ذات العلامة التجارية المعروفة. وفي كثير من الحالات، يكون هناك مجال واسع للحد من زيادة أسعار المنتجات الدوائية الجنيسة، مما يجعل العلاج ميسوراً بأسعار معقولة.
وتحتاج الحكومات إلى مواصلة دراسة إمكانية الحصول على الأدوية الأساسية بأسعار ميسورة في بلدانهم، وإعطاء هذا الأمر الأولوية التي يستحقها. إذ يكفي المريض عبء مرضه، ولا ينبغي أن يؤدي السعي إلى الحصول على الأدوية اللازمة إلى الاختيار إما بين الإفقار، أو المضي دون علاج أو عدم استكمال دورة العلاج.
*www.haiweb.org / medicineprices