تواجه الخدمات الصحية في غزة، والتي تعاني بالفعل من الاستنزاف والهشاشة، خطر الانهيار، إذا لم تتخذ خطوات فورية لدعمها وتوفير الحماية لها. وقد دعت منظمة الصحة العالمية لإحداث تحسين فوري في الوضع لجعل الخدمات الصحية الإنسانية متاحة للسكان المحليين.
لقد ناهز عدد القتلى الذين سجلوا حتى الآن 680 شخصاً (من بينهم 218 من النساء والأطفال)، كما زاد عدد المصابين على 2850. ومن بين القتلى 21 من أفراد الطواقم الطبية إلى جانب إصابة ثلاثين غيرهم. كما أصيبت11 سيارة إسعاف جرَّاء العنف والعمليات العسكرية في غزة، وذلك وفقاً لتقارير وزارة الصحة الفلسطينية. ويتواصل تزايد هذه الأعداد التي تتضمن العديد من المدنيين.
الأدوية المنقذة للحياة لا تصل إلى من هم بحاجة إليها: إن إمدادات الأدوية المنقذة للحياة، التي تمس الحاجة إليها لمعالجة المصابين، ولضمان استمرار تقديم الخدمات الصحية، يتواصل تكدسها على الحدود في غزة، حيث إن أعداد الشاحنات التي يمكن دخولها ليس كافياً كما أن انعدام الأمن وضعف البنية الأساسية يعيقان توزيع هذه الأدوية داخل غزة.
ضعف الوصول إلى مرافق الرعاية: إن القصف الجوي المكثف والأعمال العدوانية البرية (إضافة إلى إغلاق المناطق في غزة وفصلها إلى قطاعات محددة وتقييد التحركات في ما بينها) يعيق بشكل خطير من تحركات المرضى، وخدمات الطوارئ الطبية، وإحالات المصابين لتلقي الرعاية، وكذا تحركات العاملين الصحيين الذين يُعد وجودهم أمراً حاسماً لتقديم هذه الخدمات بالفعالية والكفاءة المطلوبة. ويجري منع عمليات الإخلاء الطبي لبعض الإصابات الحرجة، إلى خارج غزة، ليس فقط بسبب انعدام الأمن بل أيضاً بسبب إغلاق الحدود وتقييد التحركات.
تكدس المصابين بالمستشفيات: إن المستشفيات ليس لديها العدد الكافي من الأسرّة في أقسام الطوارئ أو أقسام الرعاية المكثفة، ولا غرف العمليات الجراحية التي يمكن أن تتعامل مع هذا الكم من الجرحى والمصابين. كما أن ما يجرى حالياً من ترتيبات لتحويل الأسرَّة الأخرى بالمستشفيات إلى أسرة خاصة بالرعاية المكثفة/رعاية الإصابات قد قارب على استنفاد طاقته وهناك تقارير عن وجود مصابين يرقدون على الأرض في المرافق الصحية.
إنهاك العاملين الصحيين: إن طواقم خدمات الطوارئ الطبية ورعاية الإصابات يعملون على مدار الساعة منذ بدء القصف الجوي في السابع والعشرين من كانون الأول/ديسمبر. لقد أصبحوا منهكين بدنياً وأصبحت هناك حاجة فورية لاستبدالهم حتى يمكن ضمان استمرار تقديم الخدمات المنقذة للحياة لذوي الإصابات الحرجة.
انقطاع الكهرباء خطر مستديم: إن جميع المستشفيات تعتمد في عملها على المولدات، وبعضها يعمل على مدار الساعة. نظراً لانقطاع الإمدادات الأساسية، كما توشك إمدادات الوقود على النفاد. فانقطاع الكهرباء من شأنه إحداث آثار كارثية على جهود مكافحة العدوى، ونقل الدم، وتعقيم المعدات، وأساسيات الإصحاح والنظافة في المستشفيات، وأماكن إجراء الجراحة، ووحدات الرعاية المركزة. كما نتوقع زيادة العداوى المهددة للحياة والمنقولة في المستشفيات (مثل الغنغرينة، والإنتان الدموي، والكزاز.. إلخ) والمضاعفات (مثل الصدمات).
وقامت منظمة الصحة العالمية بالاشتراك مع وزارة الصحة بإنشاء وحدة طوارئ ميدانية للمساعدة في تنسيق استجابة القطاع الصحي، والدعوة إلى الوصول دون قيد إلى رفح، وتتبع المعونات الطبية ومعدات الإغاثة، والتخطيط لإعادة الدخول إلى غزة في حالة التوصل إلى وقف إطلاق النار.
فبالإضافة إلى تقديم العتائد الجراحية الكافية لرعاية نحو 5000 شخص، وكذا العتائد الصحية اللازمة لحالات الطوارئ تكفي لمعالجة 000 90 شخص على مدى ثلاثة أشهر، تقوم منظمة الصحة العالمية بتنسيق إدخال العتائد الطبية لغزة. كما تتعاون المنظمة مع سائر منظمات الأمم المتحدة وجمعيات الهلال الأحمر لتعزيز القدرات الميدانية على حدود رفح لضمان الإجلاء الطبي للحالات المرضية الحرجة، ولتتبع وصول التبرعات ولوازم الإغاثة الطبية.
وتعمل منظمة الصحة العالمية في القواعد الميدانية في غزة، ورام الله، والقدس على تعزيز تحري مكافحة الفاشيات الناجمة عن الأمراض المنقولة بالماء والغذاء. وتدعو المنظمة إلى التعاطي مع مخاوف الصحة البيئية بما فيها توفير سُبُل النظافة الشخصية والإصحاح للنازحين. كما تساعد فِرَق المنظمة العاملين الصحيين في معالجة الصدمات والإصابات، وإنشاء آلية تنسيق لضمان التقييم المشترك للاحتياجات الصحية في غزة.
ووفقاً لتقديرات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، تم تشريد ما يربو على 000 13 شخص، ناهيك عن محدودية أو انعدام الخدمات الداعمة للرعاية الصحية، والمياه المأمونة، والغذاء، وأساسيات الإصحاح والنظافة. وما لم يتم وقف الأعمال العدوانية، فمن المتوقع زيادة أعداد النازحين.
وهناك خطر جسيم بتفشي الأمراض السارية مثل العداوى التنفسية الحادة، والحصبة، والإسهال المائي الحاد سواء بين النازحين أو عامة السكان. فهم جميعاً معرضون لارتفاع نسبة الوفيات المحتملة، ولاسيَّما بين الأطفال. ومن المنتظر ارتفاع نسبة الوفيات بين الحوامل والولدان، كما ستزيد حالات الأمراض المزمنة غير القابلة للمعالجة والأمراض النفسية الاجتماعية.