يمكن للإعلانات المكثفة لمكافحة التبغ، والتحذيرات المصورة على أغلفة علب السجائر أن تقلل عدد الأطفال الذين يشرعون في التدخين، وأن تزيد من عدد المقلعين عن التدخين بين المدخنين، وعلى الرغم من هذه الحقيقة المشجعة فإن 15 بلداً – أي 6% فقط من سكان العالم – هي التي تلتزم بتطبيق التحذيرات المصورة. هذا ما كشف عنه أول تقرير لمنظمة الصحة العالمية عن الوباء العالمي للتدخين الذي يُرمز إلى اسمه بالحروف الإنكليزية MPOWER.
ويقدم التقرير، الذي أصدرته منظمة الصحة العالمية مؤخراً، ويطلق المكتب الإقليمي لشرق المتوسط نسخته باللغة العربية اليوم، لأول مرة بيانات شاملة عن تعاطي التبغ والجهود المبذولة لمكافحته. ويبين أن معظم البلدان – في الوقت الحالي، لا تمتلك معلومات كافية عن حجم استهلاك التبغ واتجاهاته، على الرغم من الحقيقة التي مفادها أن العرض الجيد لهذه الأبعاد ييسر تتبع حجم وباء التدخين وتقييم عبئه كما يعين على رسم أفضل لسياسات المكافحة.
ويظهر التقرير أيضاً أن 5% فقط من سكان العالم تظللهم الحماية بتشريعات وطنية شاملة للتحرُّر من التبغ، وأنه بينما تم إحراز تقدم نسبي، فلا يوجد بلد واحد يطبق كافة إجراءات مكافحة التدخين تطبيقاً تاماً، ويحدد التقرير مدخلاً يمكن للحكومات تبنيه لمنع وقوع عشرات الملايين من الوفيات المبكرة بحلول منتصف هذا القرن.
يقول الدكتور حسين الجزائري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط:
"يصدر هذا التقرير في الوقت المناسب، آخذين في الاعتبار أن التبغ يظل القاتل الأكبر وفي الوقت نفسه. أكثر سبب للوفاة يمكن توقيه على مستوى العالم. فبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية فإن التبغ يتسبب في وفاة 5.4 مليون شخص كل عام على الصعيد العالمي – وتقع 70% من هذه الوفيات في البلدان النامية. ويمكن للتبغ أن يقتل مليار شخص في القرن الحادي والعشرين، ما لم تشرع الحكومات من فورها في التحرك لتقليص معدَّلات الاستهلاك في بلدانها، وهذا التقرير هو دعوة للحكومات للعمل الشامل لمكافحة هذا الوباء".
ويضيف: "ونعني بالمكافحة الشاملة للتبغ وجود قوانين صارمة تنظم تداول هذا المنتج، وتهيئ الفرصة لتشكيل رفض مجتمعي للتبغ، واتخاذ خطوات نحو تطبيق شامل للتشريعات. ومن شأن تطبيق السياسات الواردة في تقرير MPOWER أن يمهد أرضاً خصبة لتحقيق المكافحة الشاملة".
وعقبت الدكتورة فاطمة العوّا، المستشار الإقليمي لمكافحة التبغ بالمكتب الإقليمي لشرق المتوسط بقولها: "إن هذه السياسات هي بالضبط ما نحتاجه اليوم لمكافحة التبغ" وأضافت: "لقد قطعنا شوطاً طويلاً في كفاحنا لكبح جماح هذا الوباء، ولدينا الآن دلائل متماسكة تقوم عليها تدخلاتنا لمواصلة المكافحة. فلدينا الآن ست سياسات مسندة بالبينات متاحة للحكومات كي تأخذ بها وتنطلق نحو تصدٍ حازم لجائحة التبغ".
والسياسات المشار إليها هي حزمة من الاستراتيجيات المسندة بالبيِّنات تمثل ما تحتاجه الحكومات لكي تحقق مكافحة فعالة للتبغ وهي كالتالي:
• رصد أنماط استهلاك التبغ وسياسات الوقاية منه؛
• حماية الناس من دخان التبغ؛
• توفير المساعدة للإقلاع عن التدخين؛
• التحذير من مخاطر التدخين؛
• فرض الحظر على إعلانات التبغ والدعاية له ورعايته؛
• زيادة الضرائب على منتجات التبغ.
وحسب التقرير فإن 5% فقط من سكان العالم يعيشون في بلدان توفر حماية كاملة لمواطنيها بإجراء واحدٍ على الأقل من الإجراءات الرئيسية لمكافحة التبغ. كما يكشف التقرير أن الحكومات في شتى البلدان تجمع كل عام من أموال الضرائب المفروضة على منتجات التبغ ما يفوق الأموال التي تنفقها على أنشطة مكافحة التبغ بخمسمئة ضعف. ووجد التقرير أن ضرائب منتجات التبغ، وهي الاستراتيجية المفردة الأكثر فعالية، يمكن أن تزداد زيادة معتبرة في كل البلدان تقريباً وتوفر مصدراً للتمويل الدائم لتطبيق المكافحة الشاملة للتبغ وفرض تنفيذها.
لقد ضربت بعض بلدان إقليم شرق المتوسط أمثلة ناجحة على صعيد تطبيق تدخلات وسياسات هامة. ففرضت إيران وجيبوتي والأردن وضع التحذيرات المصورة على أغلفة علب السجائر، ولحقت مصر مؤخراً بالبلدان الثلاثة من خلال وضع تحذيرات تشغل 50% من مساحة علبة السجائر. كما تحركت كل من قطر ومصر وإيران وجيبوتي نحو فرض حظر شامل على إعلانات السجائر. وتبنّى مجلس التنسيق الخليجي سياسة لزيادة الضرائب على منتجات التبغ.
كذلك أطلقت منظمة الصحة العالمية نظام مسح عالمي للتبغ في مختلف البلدان لرصد انتشار تعاطي التبغ في العالم. وسيبدأ تنفيذ أول خطوة في هذا المسح الشامل، وهو المسح العالمي للبالغين والتبغ، في مصر بنهاية 2008.