اللجنة الإقليمية55 تناقش الأمراض السارية الناتجة عن الأزمات والكوارث التي شهدها إقليم شرق المتوسط

بمقدور العالم تحسين الظروف المعيشية لجميع المناطق والمجتمعات العشوائية في العالم أجمع مقابل مئة بليون دولار فقط، أي جزء ضئيل من الخسائر التي مُني بها النظام المالي العالمي في الأسبوعين الأخيرين. ولن يحسن النمو الاقتصادي الصحة ما لم تطبق العدالة الاجتماعية. هذا ما أكده تقرير "تضييق الفجوة في غضون جيل واحد" الصادر عن اللجنة العالمية للمحددات الاجتماعية للصحة والذي قدمه البروفيسور سير مايكل مارموت، في اليوم اثاني من أعمال الدورة الخامسة والخمسين، للجنة الإقليمية لشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية، التي تم افتتاحها أمس السبت بمقر منظمة الصحة العالمية بالقاهرة. وقد شهدت جلسات العمل التي أعقبت الافتتاح إلقاء الضوء على قضايا غياب العدالة الصحية وعلاقته بالمحددات الاجتماعية، والرعاية الصحية الأولية، وأوضاع شلل الأطفال والأزمات والنزاعات التي يعاني منها الكثير من بلدان إقليم شرق المتوسط.

وذكرت الدكتورة مارغريت تشان، المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية، في كلمة مطولة عن الأوضاع الصحية الإقليمية، أن إقليم شرق المتوسط شهد من النزاعات والكوارث مافاق الحد، وشكَل ذلك تحديا ضخماً على الصعيدين التقني والعملي للمكتب الإقليمي والبلدان المنكوبة. وأعربت المديرة العامة عن قلقها العميق من الوضع الإنساني المتدهور في كل من الصومال وأفغانستان، وإن رحبت بالإصلاحات التي اتخذتها الحكومة الأفغانية مؤكدة أن من شأن الإصلاحات أن توفر الصحة والرفاه للشعوب، وأن تقديم الخدمات الصحية التي تفي بالتطلعات الاجتماعية للشعوب يمكن أن يمنح الشرعية لأي حكومة.

وشددت المديرة العامة على أن الحاجة ماسة في إقليم شرق المتوسط إلى بذل الجهود من أجل زيادة أعداد العاملين في مجالي التمريض والقبالة وتحسين تدريبهم، وتحفيزهم، والإشراف عليهم والنهوض ببيئة عملهم.

ونبهت تشان إلى حاجة راسمي السياسات إلى بينات ومعطيات أفضل عن عبء المرض ولا سيما الأمراض المنقولة جنسياً لكي يتسنى لهم معالجة المشكلة، وأشارت إلى أن السواد الأعظم من المتعايشين مع الإيدز في هذا الإقليم يجهل أنه مصاب بالعدوى ولا يسعى بهمة إلى إجراء الفحوص اللازمة.

وحذرت تشان من أن البلدان النامية- بإجماع الخبراء- ستكون أول البلدان المتضررة وأكثرها تضرراً، وأن لدى بلدان شرق المتوسط نقاط ضعف أكيدة مثل شح المياه وكثرة عدد المناطق المعرضة للفيضانات.

وفي عرض وافٍ لأعمال المكتب الإقليمي لشرق المتوسط بالتعاون مع البلدان الأعضاء طوال عام 2007، حذر الدكتور حسين الجزائري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، من الخطر الذي تشكله الأمراض السارية ( المعدية) على الصحة والتنمية في الإقليم. وذكرأن المكتب الإقليمي يواصل مساعدته لبلدان الإقليم في الاستعداد لمواجهة جائحة أنفلونزا الطيور التي تشكل تهديداً للأمن الصحي. وأشار المدير الإقليمي إلى التقدم في مكافحة الأمراض المتوقاة بالتطعيم، لكنه نبه إلى أن التطعيم الروتيني وحده لا يزال يفوت سنوياً مليونين ونصف المليون من الرضع في الإقليم، مما يهدد بإيجاد ظروف خطيرة قد تؤدي إلى وقوع أوبئة في البلدان ذات التغطية المنخفضة بالتطعيم.

وأشار المدير الإقليمي إلى التوسع الحادث في إدخال اللقاحات الجديدة ، لكنه أشار إلى أن التكلفة المرتفعة لبعض اللقاحات قد حالت دون تمكن أربعة من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل من إدخال هذه اللقاحات في يرنامج التطعيم الوطني فيها. ونوه في مجال التطعيمات، إلى التدهور الذي طال أوضاع شلل الأطفال في كل من أفغانستان وباكستان، وهما البلدان الوحيدان اللذان مازال فيروس شلل الأطفال يتوطن فيهما.

وعن مكافحة الإيدز زالسل والملاريا ذكر المدير الإقليمي أن 14 بلداً في الإقليم قد تلقت أكثر من 553 مليون دولار من الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا لتمويل خطط المكافحة. وقد زاد عدد المتعايشين مع الإيدز الذين يحصلون على المعالجة بمضادات الفيروسات القهقرية، لكنها لاتزال في حدود 5% وهي أدنى نسبة تغطية في أقاليم المنظمة الستة.

ونبه المدير الإقليمي إلى ارتفاع نسبة مدخني التبغ بين المراهقين لتصل إلى 17% في بعض بلدان الإقليم. وأهاب بجميع الدول الأعضاء بأن لا تفرط في الزخم المتنامي في مجال مكافحة التبغ وتحديث التشريعات المناهضة للتدخين. كما حذر من خطورة التلوث البيئي بمشكلاته القديمة فضلا عن المشكلات الحديثة التي تتزايد. ومن المشكلات القديمة التي يكافح الإقليم لمواجهتها تلوث المياه وتصريف الفضلات السائلة والصلبة ، وتلوث الهواء داخل المباني.

وشهدت جلسات اليوم الأحد عرض تقرير حول الرعاية الصحية الأولية، ركز على التحديات التي تواجه الرعاية الأولية، مثل العولمة ، والنمو الاقتصادي غير المعتدل والضغط المتزايد على الموارد، والأزمات المتنامية، والأوضاع الديموغرافية مثل تزايد السكان . وأكد التقرير على أهمية تكييف النظم الصحية القائمة على الرعاية الصحية الأولية لتلبي احتياجات البلدان، وتعزيز جودة خدمات الرعاية وإيجاد قوة عاملة متمرسة.

وحظي تقرير "تضييق الفجوة في غضون جيل واحد" باهتمام ملحوظ لما كشف عنه من ارتباط وثيق بين العدالة الاجتماعية وبين المساواة الصحية. وضرب التقرير أمثلة بالتفاوت بين متوسط العمر المأمول عند الميلاد الذي لا يتجاوز 39 عاما في بلد مثل سيراليون ، ويزداد نسبياً في بلدان متوسطة الدخل مثل مصر إلى 66 عاماً ويرتفع إلى 82 عاما في بلدان مثل اليابان وبعض المناطق من المملكة المتحدة.كما أشار التقرير إلى التفاوت الملحوظ حتى داخل البلد الواحد من البلدان المتقدمة ضارباً المثل بالتفاوت يبن الرعاية الصحية المقدمة لبعض المدن في المملكة المتحدة وتلك المقدمة للمناطق المحيطة بها.