منظمة الصحة العالمية تتبنى بروتوكولاً يجيز للأفراد مقاضاة الحكومات التي تنتهك حقوقهم الصحية والاجتماعية

ناشد الدكتور حسين الجزائري، المدير الإقليمي لشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية كافة بلدان الإقليم والمنظمات المعنية والأفراد لاتخاذ التدابير اللازمة على الصعيد الوطني لتأمين الالتزام التام بالمعاهدات الدولية الداعية لاحترام حقوق الإنسان بكافة أشكالها ولاسيما الحق في الصحة.

وسمى على وجه التحديد المعاهدة الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومعاهدة حقوق الطفل ومعاهدة إزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة.

وأوضح المدير الإقليمي أن الأمر قد يتطلب مراجعة شاملة للتشريعات لضمان تحقيق الالتزام المنشود بنسبة مئة بالمئة.

ودعا المدير الإقليمي البلدان الأعضاء إلى كشف حالات ممارسة العنف المؤسسي أو الفردي التي تمارس ضد البشر بما في ذلك الوصمة و الاعتداء وإنكار الحقوق الأساسية بحيث تعلن هذه الحالات على الملأ وبين جموع الناس لتشكيل رأي عام منكر لهذه الممارسات وإيجاد بيئة اجتماعية معادية لانتهاكات حقوق الإنسان، كما دعا إلى تبني آليات عملية حاسمة من شأنها تغيير الممارسات والمعتقدات الاجتماعية والسلوكيات ذات التأثير على الصحة مثل تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى واتخاذ إجراءات قانونية فعالة ضد من يقوم بذلك.

جاء ذلك بمناسبة الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يواكب الذكرى الستين لإنشاء منظمة الصحة العالمية. ولقد قطع العالم أشواطا بعيدة منذ تبني الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ودستور منظمة الصحة العالمية الذي يعتبر الصحة حقا من حقوق كل إنسان. فقد تبنت الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية هذا الشهر– بالإجماع - البروتوكول الاختياري للاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وينهي تبني هذا البروتوكول جدلاً طال أمده بشأن ضمان حق الأفراد في مقاضاة حكومات بلدانهم في حالة انتهاك حقوقهم الإنسانية ولاسيما الحق في الصحة. وما أن يدخل هذا البروتوكول حيز التنفيذ ستأخذ جهود حماية حقوق الإنسان بعداً جديداً.

وفي المناسبة نفسها، أكد المدير الإقليمي أن الصحة قد تم التأكيد عليها كحق أساسي من حقوق الإنسان في دستور منظمة الصحة العالمية الذي تم إطلاقه منذ ستة عقود. وأكد أنه على مدى هذه الأعوام الطويلة تم اتخاذ العديد من الخطوات لضمان احترام ذلك الحق. ومن العلامات المشهودة على الطريق قمة ألما أتا التي دعت إلى تأمين حق الرعاية الصحية الأولية للجميع، ومعاهدة الأمم المتحدة لحقوق الطفل والمرأة وسائر المعاهدات التي تدافع عن حق مختلف فئات المجتمع الإنساني.

وأعرب الدكتور حسين الجزائري عن مشاعر الأسى لما يعتري إقليم شرق المتوسط من ضغوط هائلة تحول بينه وبين الوفاء بكافة الالتزامات المتعلقة بحقوق الإنسان مثل الضغوط المتعلقة بالأوضاع السياسية الصعبة التي يمر بها العديد من البلدان، والصراعات المسلحة والكوارث الطبيعية التي تستشري في سائر بقاع الإقليم. وتؤدي هذه الأوضاع المدمرة في كثير من الأحيان إلى عدم إيتاء الخدمات الصحية أو تقديم الأدوية الأساسية لمن يحتاجونها كما تعرض المنشئات الصحية للخطر وانعدام الأمن.

والأكثر مدعاة للأسى- يقول المدير الإقليمي- أن الفئات الأشد تأثرا بانعدام الأمن الصحي هي الفئات الأكثر ضعفا وعرضة للخطر كالنساء والأطفال ومن يحتاجون العون.

ويعد ضمان حق الصحة جزءاً لا يتجزأ من الأمن الإنساني، في ضوء المتغيرات الدولية التي تنبع من الطبيعة الجديدة لعالمنا المعاصر الذي تهيمن عليه العولمة بصورة تهدد صحة المواطنين في البلدان الفقيرة.

فالمتغيرات الجديدة مثل اتفاقية التجارة العالمية وأوجه حقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة تهددان على نحو مباشر إتاحة الأدوية ومن ثم حقوق الأفراد في التمتع بالصحة.

ومن هنا فإن بلدان الإقليم مدعوة لاتخاذ كل ما يتطلبه الأمر من إجراءات على الصعيد الوطني لتجنب تلك العواقب المترتبة على انصياعها لالتزاماتها الاقتصادية والتجارية الدولية.

في الوقت نفسه طالب الجزائري المنظمات الصحية والجمعيات الطبية بالقيام بدورها المتوقع منها لتحقيق هدف الصحة للجميع من خلال ضمان التمسك بحق الأفراد والمجتمعات في الصحة، وتعزيز النظم الصحية في مواجهة الوصمة التي يواجه بها المصابون ببعض الأمراض ولاسيما الأمراض النفسية ومرض الإيدز والعدوى بفيروسه، وتطوير نظم صحية قادرة على حماية حقوق هذه الفئات.

وعلى الرغم من التطورات الإيجابية على صعيد كفالة حقوق الإنسان فلا تزال الحاجة ماسة لتضافر الجهود حتى يتم الاعتراف بالحقوق الاجتماعية والصحية بقدر مساو للحقوق السياسية.