طَـبَّقت مصر مؤخراً، في خطوة شجاعة وغير مسبوقة إقليمياً وعربياً، سياسة وضع تحذيرات صحية مصوّرة، تشغل 50% من مساحة وجهَي أغلفة علب السجائر وسائر منتجات التبغ. ويتّفق هذا الإجراء في التحذيرات الصحية مع الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ، التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية عام 2005 وانضمَّ إليها عدد كبير من الدول من بينها مصر، كما أنه ينسجم مع السياسات التي تؤيّدها وتنصح بها منظمة الصحة العالمية، والتي تضمَّنها التقرير العالمي للتبغ الصادر عن المنظمة في شباط/فبراير 2008.
وفي الوقت الذي تبارك فيه منظمة الصحة العالمية هذه الجهود، فإنها تعرب عن بالغ القلق بسبب تداول علب سجائر لا تحمل التحذيرات الصحية المصورة في الأسواق وبيعها مقابل سعر أعلى من تلك التي عليها التحذيرات الصحية المصوّرة، مما قد يؤثر سلباً على فعالية هذا الإنجاز غير المسبوق في المنطقة، خاصة وقد خَطَتْ دول في أقاليم أخرى من العالم خطوات واسعة في ذات الطريق، منها على سبيل المثال كندا والبرازيل وتايلاند. وكان من ثمارها أن انخفض استهلاك التبغ في تلك الدول انخفاضاً ملحوظاً، بعد أن أُعطِيَت التجربة الوقت الكافي، دون تشويش من جماعات المصالح التي يهمّها استمرار أوضاع استهلاك التبغ على ما هي عليه، أو غيرها من غير الملمّين بكافة الحقائق.
وكما هو معلوم فإن التحذيرات المصورة تستهدف مقاومة الصورة الجذابة للمدخّن التي يسوّقها القائمون على صناعة التبغ ، وتصحيح الفهم الخاطئ الذي يهوِّن من مخاطر تعاطي التبغ . والتحذيرات المصورة مهمّة تحديداً بالنسبة لمن لا يستطيعون القراءة أو للأطفال من أبناء المدخنين وهما فئتان كبيرتان في بلداننا .
وتـُنـَبـِّه المنظمة إلى أن صناعة التبغ تقاوم دائماً وأبداً هذه التحذيرات وغيرها من سياسات مكافحة التبغ، وخصوصاً إذا انطوَت على تضمين تحذيرات مصورة كبيرة الحجم ومبيّنة بالتفصيل، كما هو الحال في مصر . وهي تفعل ذلك لأن من المعروف أن هذه المساعي تؤتي ثمارها وتؤدي إلى انخفاض الاستهلاك.
إن وضع التحذيرات الصحية المصورة هو التزام قانوني بناءً على ما نصّت عليه الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ في مادتها رقم 11، وهو إنجاز كبير في مجال مكافحة التبغ تشجعه منظمة الصحة العالمية.