خدمات تكنولوجية لذوي الاحتياجات الخاصة

هل يمكن لمن فقد بصره أن يتعامل مع نواتج تكنولوجيا العصر مثل الحاسوب (الكمبيوتر) دون مساعدة؟

وهل يستطيع من بُتـِرَتْ يده أن يستخدم لوحة المفاتيح؟

وهل ستصل إلى من فقد سمعه المواد الصوتية أو بدائلها؟

وإلى أي مدى يمكن للتكنولوجيا أن تساعد الأطفال المصابين بصعوبات التعلم، في تحويل هذه الإعاقة إلى مصدر للقوة والإعتزاز لديهم؟

نظرا لأن هذه التكنولوجيا -كسائر التكنولوجيات ومنتجات العصر الأخرى- قد صُممت، وصُنـِّعت ووُزعت من أجل الأشخاص العاديـين، دون الأخذ بالاعتبار الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، فقد ظل من الصعب، حتى وقت قريب، الرد بالإيجاب على الأسئلة السابقة، ولاسيما في البلدان النامية ومنها بلدان إقليم شرق المتوسط.

لكن الخبراء يقولون (( عندما تـتنوع الإعاقات فلابد من تنوع الحلول )).

وسعياً لإيجاد الحلول الجديدة من جهة، وتوجيه الأنظار الى الحلول القائمة، لحث المعنيين على الأخذ بها وإتاحتها لمن يحتاجها من جهة أخرى، يعقد المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، بالتعاون مع الاتحاد الدولي للاتصالات، ووزارة الاتصالات المصرية مؤتمراً بعنوان:

(( تبادل الخبرات حول أفضل الممارسات في مجال توفير خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لذوي الاحتياجات الخاصة )).

يعقد المؤتمر في مقر منظمة الصحة العالمية بمدينة نصر بالقاهرة، في المدة من 13 إلى 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2007.

ويضم المؤتمر نخبة من الخبراء من المنشغلين بإيجاد حلول، وأفكار، ومداخل غير تقليدية، تعين أصحاب الإعاقات المختلفة، على التغلب على أثارها، وتضعهم على طريق الحياة الطبيعية، وتمكِّنهم - كغيرهم من مكتملي الحواس والأعضاء - من الاستفادة بكل منتوجات الثورة التكنولوجية في مجال المعلومات والاتصالات.

ويهدف المؤتمر إلى استعراض التجارب وقصص النجاح، التي طبقتها بعض البلدان في هذا المجال، بغرض تعميمها على سائر البلدان المشاركة ، ومن ثم توسيع نطاق الاستفادة بها.

تقدر منظمة الصحة العالمية، أن ما يقارب 10% من سكان العالم، هم من ذوي العاقات، وهذا يعنى أن حوالي 600 مليون شخص، لديهم أحد أشكال الإعاقة. وفي إقليم شرق المتوسط، يمكن القول أن حوالي 40 مليون شخص، هم من ذوي العاقات. وهذا يعني بالضرورة، أن بلداً كمصر فيه حوالي سبعة ملايـين مَعُوق. وهذه النسبة تعتبر عالية ومخيفة إذا ما أدركنا أن الإعاقة تـتواكب مع الفقر والمرض.

وتخشى المنظمة من أن عدم توافر البنية الأساسية المناسبة لذوي الاحتياجات الخاصة، سواء في المباني، أو مراكز الخدمات العامة - والصحية منها بشكل خاص، ومراكز التعليم والعمل، يفاقم من الأوضاع المتـردية أصلاً لذوي الاحتياجات الخاصة، كما يوضح بجلاء أن ثمة موقف تميـيز ضد هذه الفئة؛ فمعظم هذه الأماكن قد تم تصميمها دون الأخذ بالاعتبار احتياجات الأشخاص المعوقين.

ولا يبدأ المؤتمر من نقطة الصفر. فقد تضمنت رؤية خطة العمل 2006-2011 التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية تحت عنوان (( عالم للجميع: الإعاقة وإعادة التأهيل ))، تأكيداً على أن يعيش كل الأشخاص من ذوي العاقات بكرامة، متساوين مع غيرهم في الحقوق والفرص. واشتملت أحد توجهاتها على تعزيز جهود تطوير وإنتاج وتوزيع خدمات التكنولوجيات المساعدة.

يقول الدكتور حسين الجزائري المدير الإقليمي لشرق المتوسط (( هنالك ما بين 5-15% من سكان البلدان النامية ممن يستخدمون التكنولوجيات المساعدة. وهذه التكنولوجيات يحتاجها بشكل أكثر من لديهم قصور أو عاقات، ولاسيما العاقات الحركية والسمعية والبصرية. وإذا كانت القاعدة المعيارية الرابعة للأمم المتحدة قد بيَّنت أن على الحكومات ضمان تطوير وتزويد خدمات الدعم، بما في ذلك التكنولوجيا المساعدة للـمَعُوقين، من أجل مساعدتهم في رفع مستوى استقلالهم واعتمادهم على الذات في حياتهم اليومية وممارسة حقوقهم، فإننا نجدد الدعوة للحكومات وجميع المعنيـين لإيلاء هذا المطلب الهام ما يستحق من دعم ومساندة واهتمام )).

وسوف تعمل منظمة الصحة العالمية من جانبها على المحاور التالية:

(1) مساعدة الدول الأعضاء على تطوير سياسات وطنية خاصة بالتكنولوجيا المساعدة.

(2) مساعدة الدول الأعضاء في تدريب الكوادر على مختلف المستويات في مجال التكنولوجيا المساعدة ولاسيَّما التكنولوجيات البدائلية والتقويمية.

(3) تعزيز البحوث حول التكنولوجيا المساعدة وتسهيل نقل التكنولوجيا.

وعلى الصعيد التطبيقي، هنالك العديد من الإنجازات، في مجال تيسير التكنولوجيا على المستخدمين من ذوي الاحتياجات الخاصة. ولعل أحد الاختـراقات في هذا المجال، ما أعلن عنه منذ سنوات قليلة، عن وجود برمجيات تجعل من الممكن استخدام العين بدلاً من لوحة المفاتيح، لإصدار الأوامر والكتابة الإلكتـرونية، وإمكانية تطويع أشكال لوحة المفاتيح لمناسبة من يعانون من عاقة حركية، ووجود برامج خاصة لمن يعانون من صعوبات في القراءة وضعف الرؤية أو عدم تمييز الألوان. هذا إلى العديد من الحلول والتطورات التي يستعرضها المؤتمر.

لكن الأكثر أهمية من الوصول إلى الحلول هو إتاحتها لمن يحتاجونها. وفي هذا الصدد يقول الدكتور نجيب الشربجي منسق إدارة المعرفيات وتبادلها بمنظمة الصحة العالمية، المكتب الإقليمي لشرق المتوسط:

(( لقد ظلت التساؤلات حول كيفية استفادة ذوي الاحتياجات الخاصة بمستحدثات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات هاجساً لخبراء تكنولوجيا الاتصال، واختصاصيي مكافحة العاقات وإعادة التأهيل، ومن قبلهم باحثون ومبدعون في مجال الصناعات الإلكتـرونية. وكانت قناعتهم إنه لابد من بذل جهد إضافي، عند إجراء البحوث، والتصميمات الهندسية، والتسويق، من أجل تلبية حاجات الفئات الخاصة، ولا سيما إذا كانت هذه الفئات تشكل نسبة لا يستهان بها في المجتمع )).

يُفتـتح المؤتمر بكلمة للدكتور حسين الجزائري المدير الإقليمي لشرق المتوسط يلقيها الدكتور زهير حلاج ممثل منظمة الصحة العالمية بمصر، وكلمات للدكتور علي المصيلحي، وزير التضامن الاجتماعي، والدكتور طارق كامل وزير الاتصالات والتكنولوجيا، والسيد جيمس راولي، المنسق المقيم لوكالات الأمم المتحدة العاملة بمصر والمهندس سامي البشير، مدير الاتصالات في الاتحاد الدولي للاتصالات.