تمكن اليمن بعمل دؤوب مع المكتب الإقليمي لشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية من تحقيق إنجاز صحي كبير على صعيد صد وباء وافد من شلل الأطفال وصفه خبراء المكتب الرئيسي بجنيف بأنه كان (( الأوسع نطاقاً بالنسبة لوباء يصيب بلداً واحداً في الأعوام الأخيرة ))، ووقف سريانه في زمن قياسي غير مسبوق.
فقد تعرَّض اليمن إلى فاشية جديدة من فيروس شلل الأطفال وفدت إليه من بلدان مجاورة وأدَّت إلى إصابة 478 طفلاً بالشلل في شباط/فبراير 2005 بعد أن كان قد أعلن خلوه تماماً من فيروس شلل الأطفال قبل عامين تقريباً.
وأمام هذا الوباء الجامح، خاض اليمن بدعم كامل من منظمة الصحة العالمية والمنظمات الداعمة الأخرى ومن خلال تدخُّل مباشر من المدير الإقليمي لشرق المتوسط مواجهة جادة لوقف سريان الفيروس. فتم توفير الدعم التقني والمالي اللازم وتعزيز أنشطة التطعيم الدورية والتكميلية وتوفير اللقاحات العالية الجودة وتنفيذ الحملات وأيام التطعيم وصولاً إلى كافة مناطق الجمهورية.
وكان للدعم السياسي الكامل الذي أولاه الرئيس اليمني علي عبد الله صالح لجهود التصدِّي لفاشية شلل الأطفال دوراً محورياً في نجاح هذه الجهود ووقف الفاشية في زمن لم يتعد أربعة أشهر، ومنع وقوع أية حالة إصابة منذ شباط/فبراير 2006.
يتمثـَّل حجم هذا الإنجاز في حقيقة أن أوبئة شلل الأطفال تستمر عادةً مدة قد تصل إلى عام كامل حتى يمكن للجهود المكثـَّفة أن تحتويه وتوقف سريانه. لذلك فإن نجاح اليمن في التخلص من فاشية شلل الأطفال على هذا النطاق الواسع من الانتشار في مدة لم تـجاوز أربعة أشهر مثـَّل مفاجأة مدهشة لجميع العاملين في المجال الصحي وحدا بخبراء منظمة الصحة العالمية إلى وصفه بأنه (( إنجاز هائل في مجال الصحة العمومية وقصة نجاح تستحق أن تُسجل )).
يذكر أن اليمن كان واحداً من بلدان عديدة في إقليم شرق المتوسط تمكَّنت بالتنسيق والتعاون الكاملَيْن مع المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية من استئصال شلل الأطفال قبل حلول عام 2005 – الموعد الذي كان مقرراً لتحقيق هدف الاستئصال على الصعيد العالمي. وقد تحقَّقت نجاحات عديدة بالفعل على صعيد استئصال هذا المرض من البلدان الأعضاء في المكتب الإقليمي لشرق المتوسط، الذي كان أول مكتب إقليمي لمنظمة الصحة العالمية يضع برنامج استئصال شلل الأطفال تحت الإشراف المباشر للمدير الإقليمي، الدكتور حسين الجزائري، وقد مكَّن هذا الإشراف المباشر والمتابعة اليومية لمستجدات وضع شلل الأطفال في كل بلدان الإقليم أولاً بأول من تذليل كافة العقبات وحل المشكلات فور ظهورها وتطوير نُظُم فعَّالة للتـرصد وإنشاء شبكة لتبادل المعلومات والخبرات بين مختلف بلدان الإقليم وإصدار نشرة أسبوعية هي (( Polio Fax )).
يضاف الإنجاز الذي تحقَّق في اليمن إلى إنجاز آخر شهده إقليم شرق المتوسط هذا العام بإعلان خلوّ مصر من شلل الأطفال والنجاح في وقف فاشية من الفيروس في الصومال ووقف سريانها في العاصمة مقديشو ومحاصرتها في المنطقة الحدودية مع أثيوبيا. ومن ثـَمَّ قطعت جهود الاستئصال شوطاً هائلاً على طريق إعلان الإقليم بأكمله خالياً من شلل الأطفال في القريب العاجل.
وإن كان التحدي الأساسي يتمثل في القضاء على هذا المرض في كلٍ من أفغانستان وباكستان وهما البلدان الوحيدان في الإقليم اللذان مازال فيروس شلل الأطفال يتوطن بهما.