عُقد على هامش الدورة التاسعة والخمسين لجمعية الصحة العالمية التي اختتمت أعمالها مؤخراً، اجتماعاً ضم وزراء وممثلين لستة عشر بلداً من البلدان التي يتوطَّن بها مرض الدودة الغينية، ومسؤولي منظمة الصحة العالمية وشركائها في منظمة اليونيسف ومركز كارتر. وكان هدف الاجتماع الذي عقد يوم 25 أيار/مايو 2006 برئاسة الدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري، المدير الإقليمي لشرق المتوسط، والدكتور إبراهيم سامبو، المدير الإقليمي لأفريقيا، هو رصد التقدُّم الذي تم تحقيقه نحو بلوغ هدف تحرير العالم من هذا المرض الذي يسبِّب الإعاقة، بانتهاء عام 2009.
ومرض الدودة الغينية يتسبَّب فيه أكبر طفيلي نسيجي في البشر، وتحدث الإصابة من جراء شرب المياه الملوثة بناقل للمرض يسمى السيكلوب (Cyclop). وبعد عام تقريباً من العدوى، تخترق أنثى الدودة البالغة – والتي قد يصل طولها إلى متر كامل – سطح الجلد فتسبِّب آلاماً مبرحة وتصيب المريض بالإعاقة.
وقد وصلت جهود استئصال مرض الدودة الغينية إلى مرحلتها الأخيرة، فانخفض عدد الحالات المصابة من مليون حالة تقريباً في الثمانينات إلى أقل من 11 ألف حالة عام 2005.
ومن مجموع عشرين دولة كان المرض يتوطَّن بها في بداية برنامج الاستئصال عام 1980، نجح 11 بلداً في وقف سريان المرض، وهنالك أربعة بلدان تُبلغ عن عدد يقل عن مئة حالة إصابة سنوياً. ودولتان تبلغان عن عددٍ يزيد قليلاً عن مئة حالة سنوياً.
لكن هنالك ثلاثة بلدان هي غانا ومالي والسودان أبلغت عن 95% من إجمالي الإصابات التي سُجِّلَت عام 2005. وسيحدِّد التقدُّم الـمُحْرز في تلك البلدان في الأعوام المقبلة الفرص الشاملة للنجاح في جهود الاستئصال.
وقد جدَّد ممثلو البلدان التي يتوطَّن فيها المرض التزامهم بالوصول إلى هدف تحرير العالم من المرض عام 2009. لكنهم أكَّدوا إصرارهم على حتمية تعبئة الموارد الكافية حتى يتحقَّق المرمى النهائي. وأكَّد الدكتور دون هوبكنز، المدير التنفيذي المشارك لبرامج الصحة بمركز كارتر، بالولايات المتحدة الأمريكية "إننا لن نهدأ حتى يتم القضاء على آخر دودة مسبِّبة للمرض".
ومن بين البلدان التي لايزال المرض يتوطـَّن فيها، تشارف كلٌّ من بوركينا فاسو وإثيوبيا على وقف سريـان المرض بانتهاء عام 2006، وكل من كوت ديفوار والنيجر ونيجيريا وتوجو بانتهاء عام 2007. أما البلدان الثلاثة الأخرى – غانا ومالي والسودان، فيتوقَّع أن يتوقف سريان المرض بها عام 2009. وإذا ما تحقَّقت هذه الخطة فسيتم إعلان جميع البلدان خالية من سريان المرض بحلول عام 2012.
وقد تحدَّثت الدكتورة تابيتا شوكاي وزيرة الصحة الفيدرالية في السودان عن حجم المشكلة في بلادها موضحة أن 52% من نسبة الإصابة العالمية تـتركَّز في السودان، لكنها نوهت بالفرص الجديدة المتاحة للإسراع بجهود استئصال المرض في السودان في مرحلة ما بعد الحرب، بينما أكَّد البروفيسور أكوسا، المدير العام للخدمات الصحية في غانا، التزامه الشخصي بمكافحة هذا المرض. وألقت السيدة مايجازينب هنت يوبا، وزيرة الصحة في مالي، الضوء على التحدِّيات المتمثلة في توفير المياه المأمونة لسكان المنطقة الموبوءة التي تشارك فيها مالي والنيجر وبوركينافاسو.
وقد أشاد الدكتور حسين الجزائري، بالتقدُّم في برنامج الاستئصال، لكنه شدَّد على أهمية استمرار الموارد ومواصلة الجهود اللازمة لتوفير المياه النقية وتعزيز نظم الترصُّد الصحية التي من شأنها أن تخدم أيضاً جهود مكافحة سائر الأمراض. وقد اقترح الدكتور الجزائري إقامة اجتماعات عابرة للحدود، وأن يتم إبلاغ جمعية الصحة العالمية سنوياً بالتقدُّم المتحقق في استئصال مرض الدودة الغينية.
وبدوره أشاد الدكتور سامبو بالتقدُّم المتحقّق وبالالتـزام الذي تبديه كافة البلدان والشركاء المعنيـين باستئصال الدودة الغينية ووعد بزيادة الدعم الذي تقدِّمه منظمة الصحة العالمية لبرنامج الاستئصال حتى يتحقَّق الهدف منه.
وأعرب الدكتور الجزائري والدكتور إبراهيم سامبو، المدير الإقليمي لأفريقيا، عن تقديرهما للالتزام والدعم الذي يقدِّمه الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر والسيدة قرينته، لجهود استئصال مرض الدودة الغينية من خلال مركز كارتر.