هل من المتوقع لطفل مولود بالولايات المتحدة الأمريكية أن يتساوى في الوزن والطول مع طفل مولود في غانا، وهل يتوقع أن يتماثل الرضيع المولود في النرويج مع نظيره في الهند أو البرازيل.
حتى وقت قريب جداً كان الاعتقاد أن الجينات والانتماء العرقي يفرق بين الرضع والأطفال الصغار في فرص النمو طولاً ووزناً وحركة. لكن دراسة حديثة أجرتها منظمة الصحة العالمية، وأعلنت نتائجها مؤخراً تؤكِّد أن جميع الأطفال في أي مكان في العالم يولدون باستعداد متساوٍ للنمو وفق نمط واحدٍ من الطول والوزن.
وتقدِّم المعايـير الدولية الجديدة لنمو الأطفال والرضَّع التي أعلنتها منظمة الصحة العالمية مؤخراً للمرة الأولى دلائل وإرشادات عن الكيفية التي يتوقع أن ينمو وفقها كل طفل.
وتؤكِّد هذه المعايـير الجديدة أن الأطفال يولدون في كل مكان في العالم يتساوون فيما بينهم في إمكانية النمو في معدلات الطول والوزن. من الطبيعي أن تكون هناك فروق فردية بين طفل وآخر، ولكن بين عموم السكان إقليمياً ودولياً، يتساوى متوسط النمو إلى أبعد حد. فالأطفال من الهند والنرويج والبرازيل – مثلاً – كلهم يتساوون في أنماط النمو عندما تتوفَّر لهم جميعاً ظروف النمو الصحية في مطلع حياتهم. وتثبت المعايـير الجديدة أن الفروق في نمو الأطفال حتى الخامسة من العمر تتأثـَّر بالتغذية والعادات الغذائية والبيئة والرعاية الصحية أكثر مما تتأثر بالجينات والانتماءات العرقية.
وفقاً لهذه المعايـير الجديدة سيعرف الآباء والأطباء وأصحاب القرار السياسي والمدافعون عن حقوق الأطفال متى تكون الاحتياجات التغذوية والرعاية الصحية للطفل غير ملباة، إذ يمكن عندئذ أن يكتشف نقص الغذاء، وزيادة الوزن والسمنة وغيرها من الظروف المرتبطة بالنمو ويتم التعامل معها في مرحلة مبكرة.
ويقول الدكتور لي يونغ-ووك، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية (( توفر معايـير النمو الجديدة للطفل التي وضعتها منظمة الصحة العالمية وسيلة حديثة لإتاحة أفضل فرص النمو لكل طفل أثناء أهم سنوات التكوين من عمره. وفي هذا الصدد، فإن هذه الوسيلة ستساعد في خفض معدلات الوفيات والمراضة بين الرضع والأطفال الصغار )).
والمعايـير الجديدة هي نتاج لدراسة مكثَّفة بدأتها منظمة الصحة العالمية عام 1999 لتطوير معايـير دولية جديدة لتقدير النمو الجسمي والوضع التغذوي والنمو الحركي لكافة الأطفال منذ لحظة ولادتهم وحتى الخامسة من العمر. وقد أجرت المنظمة وشريكها الرئيسي؛ جامعة الأمم المتحدة، الدراسة المرجعية للنمو المتعدِّدة المراكز وهي دراسة مجتمعية التوجُّه، ونفذت في عدة بلدان وشملت أكثر من 8 آلاف طفل من البرازيل وغانا والهند والنرويج وعُمان والولايات المتحدة الأمريكية.
وتم اختيار أطفال العينة على أساس أفضل بيئة للنمو المناسب، وممارسات التغذية الموصى بها، والرعاية الصحية الجيدة، والأمهات غير المدخنات وغيرها من العوامل التي تحقِّق نتائج صحية جيدة.
فمنذ أواخر السبعينات، استخدم مقياس منظمة الصحة العالمية المرجعي للنمو، في المركز الوطني للإحصائيات الصحية لقياس نمو الطفل. ويستند هذا المقياس المرجعي على بيِّنات من عينة محدودة من الأطفال الأمريكيـين. وهو يعاني من عدد من أوجه النقص الفنية والبيولوجية ما يجعله أقل كفاية على رصد المعدل السريع والمتغير للنمو المصاحب لمرحلة الطفولة المبكرة، وهو يقتصر فقط على وصف كيف ينمو الأطفال في منطقة معينة وزمن معيَّن، ولكنه لا يقدم أساساً معقولاً للتقيـيم على صعيد المستويات والمعايـير الدولية.
وتتأسس المعايـير الجديدة على إرضاع الطفل كمعيار للنمو والتطور. ويؤدي ذلك إلى علاقة منطقية تجمع للمرة الأولى بين أدوات قياس النمو وبين الدلائل الإرشادية الدولية والوطنية لتغذية الرضع التي توصي بالرضاعة الطبيعية باعتبارها المصدر الأمثل للتغذية خلال مرحلة الطفولة المبكرة. ومن شأن هذا أن يسمح بتقدير دقيق وقياس وتقيـيم للرضاعة الطبيعية والتغذية التكميلية.
وينصح خبراء منظمة الصحة العالمية كل جمعيات وروابط أطباء الأطفال في مختلف البلدان والأقاليم في جميع أرجاء العالم بتبنِّي واستخدام المعايـير الجديدة لصالح كافة الأطفال وحث حكوماتهم على تبنِّيها. وتتضمَّن أول مجموعة من معايـير النمو الجديدة مؤشرات للنمو مثل الوزن في مقابل العمر، بالنسبة للعمر مقابل العمر، الوزن مقابل الطول. ولأول مرة يوجد الآن معيار ثابت لمنسب الجسم للأطفال حتى الخامسة من العمر، ومعيار لنوافذ الإنجاز التي ترصد سناً مع العلاقات الرئيسية للنمو الحركي مثل الجلوس والوقوف والمشي.
(( إن المعايـير الجديدة هامة للآباء والعاملين الصحيـين وسائر مقدِّمي الرعاية الصحية لقياس النمو والتطور للأطفال على المستوى الفردي والجماعي )). هذا ما يؤكِّده الدكتور كابترتو غارزا، مدير برنامج الغذاء والتغذية لجامعة الأمم المتحدة والمشرف العام على الدراسة.