تنهمك حالياً بلدان عديدة حول العالم في إجراءات فعَّالة للحد من استهلاك التبغ. وتتضمَّن هذه الإجراءات تعزيز التشريعات المكافحة للتبغ وتنويع أشكال التحذير من السجائر وحظر الإعلان عن منتوجات التبغ. وتعزِّز هذه التغيـيرات الإيجابية الالتزام الذي تعهَّدت به أكثر من 115 بلداً يجتمعون هذا الأسبوع لمناقشة التنفيذ التفصيلي للاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ.
لقد نفَّذ فعلياً العديد من البلدان الأطراف في الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ بعضاً من الإجراءات المنصوص عليها في الاتفاقية. فقامت مؤخراً كلٌّ من أيرلندا والنرويج وأسبانيا – على سبيل المثال – بحظر التدخين في الأماكن العامة المغلقة، كما طبقت الهند حظراً شاملاً على إعلانات التدخين. وتقوم كلٌّ من أستراليا والبرازيل وكندا وسنغافورة وتايلاند بطباعة تحذيرات مصوَّرة على أغلفة علب السجائر. وما هذه إلا أمثلة للجهود التي بإمكانها الإسهام في إحداث خفض كبير في وفيات التبغ.
وقد أشاد الدكتور لي يونغ – ووك، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، في افتـتاح أول مؤتمر لأطراف الاتفاقية الذي ينعقد حالياً هذا الأسبوع بجنيف، بهذه الأطراف قائلاً: (( لقد غيَّرت هذه المجموعة التاريخ بالفعل. إن الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ هي شيء نلتزم به جميعاً. إن بنودها تـتميَّز بالشجاعة، وتستند على المعرفة بالأمور الأكثر تأثيراً في مكافحة التبغ وسنعمل بجد على إنجاحها )).
ومؤتمر أطراف الاتفاقية هو الهيئة الحاكمة لها. وهي بمثابة سلطة رصد وتقيـيم للتقدُّم في تنفيذ الاتفاقية من أجل تقليل تعاطي التبغ والحد من الوفيات الناجمة عنه على مستوى العالم.
وبإمكان الإجراءات القوية التي تنص عليها الاتفاقية أن تساعد في إنقاذ حياة مئتَيْ مليـون شخص بحلول عام 2050، إذا ما تحقَّق هدف تقليص معدلات الابتلاء بالتدخين واستهلاكه بنسبة 50% باطِّراد منذ دخول الاتفاقية حيِّز التنفيذ.
وللعديد من الإجراءات التي تنص عليها الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ مهلة زمنية ودلائل إرشادية للتنفيذ. فمثلاً، لم يبق أمام البلدان سوى ثلاثة أعوام، لتطبيق التحذيرات الصحية على منتجات التبغ، وخمس سنوات لتنفيذ حظر شامل على إعلانات التبغ والترويج له ورعايته.
ولم تضع الاتفاقية توضيحاً مفصلاً لإجراءات أخرى مثل التجارة غير المشروعة في منتجات التبغ أو الإعلانات العابرة للحدود. وقد تُقرِّر لجنة الأطراف الموقعة على الاتفاقية وضع بروتوكولات ودلائل إرشادية ومتطلَّبات تختص بكيفية تنفيذ البلدان لهذه الإجراءات.
ومن المرجح أيضاً أن تقرِّر لجنة الأطراف اتخاذ إجراءات أخرى لضمان التنفيذ الفعَّال لسائر مواد الاتفاقية. وقد تشتمل هذه الإجراءات على الدعم المالي للبلدان النامية أو آليات ضمان عدم تراجع البلدان عن المضي قُدُماً في تنفيذ إجراءات الاتفاقية.
وسيشهد شهر شباط/فبراير 2006 تقدُّم أول الأطراف المتعاقدة بتقارير مبدئية إلى لجنة الأطراف حول التقدُّم الذي أمكنهم إحرازه إلى الآن يوضحوا فيها الأعمال التي اتَّخذوها لتنفيذ إجراءات مكافحة التبغ المنصوص عليها في الاتفاقية.
وقد أكَّد مدير مبادرة التحرُّر من التبغ بمنظمة الصحة العالمية (( إن هذا الوقت يتَّسم بالحساسية بالنسبة للناس الذين يعانون من عواقب تعاطي التبغ. فالتبغ لايزال يتصدر قائمة أسباب الوفاة التي يمكن توقِّيها. وهدفنا هو أن نشهد في حياتنا إزاحته عن هذه المكانة وسنحقِّق هذا الهدف بالالتزام المتواصل من جانب البلدان الأعضاء )).