إنه لمن دواعي سروري البالغ أن أرحِّب بكم جميعاً في احتفالنا اليوم، السابع من نيسان/أبريل، بيوم الصحة العالمي، وهو اليوم الذي يوافق كل عام الذكرى السنوية لتأسيس منظمة الصحة العالمية في عام ألف وتسعمئة وثمانية وأربعين. ويتناول احتفالنا هذا العام موضوع الشيخوخة والصحة، والذي يحمل شعار "الصحة الجيدة تضيف حياة إلى السنين".
يتواصل تعرُّض السكان في العالم، بمن فيهم من يعيشون في هذا الإقليم، على مدى الأعوام القليلة الماضية، لتحوُّل ديموغرافي ضخم، فقد انخفضت معدلات الولادة والوفيات، التي كانت مرتفعة من قبل، وازداد مأمول الحياة. أما الأعداد المتزايدة من الأشخاص المسنين في هذا الإقليم، فلا تدعو في الوقت الحاضر إلى القلق، غير أنها سوف تزداد بسرعة، على مدى العقد المقبل في معظم بلدان الإقليم، حيث يُتوقَّع أن تصل نسبتهم إلى ثمانية وسبعة بالعشرة في المئة من إجمالي عدد السكان، مع حلول العام ألفين وخمسة وعشرين، مع تواصل ارتفاع هذه النسبة لتصل إلى خمس عشرة بالمئة بحلول العام ألفين وخمسين، الأمر الذي يدفع بمتطلباتهم الفريدة، واحتياجاتهم الصحية والاجتماعية والاقتصادية إلى الواجهة. فتزايد أعداد المسنين يعني دخول المزيد والمزيد من الأشخاص إلى السنِّ التي ترتفع فيها مخاطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة والموهنة ارتفاعاً كبيراً. ومن المعروف أن شيخوخة السكان، وإيتاء خدمات الرعاية الصحية للمسنين تضع تحديات جديدة وخطيرة على كاهل الصحة العمومية، على المستويَيْن الوطني والإقليمي.
وعلى ذلك، فإن الحاجة ماثلة لجهود متضافرة وتعاون شامل للاستجابة لمتطلبات شيخوخة السكان، حيث ستكون هناك حاجة لبذل المجهودات في جميع المجالات من أجل تقديم رعاية متكاملة سواء على المستوى الصحي، أو الاقتصادي، أو الاجتماعي، مع تعزيز الدعم الأسري والمجتمعي، والتخفيف من أعباء المرض والعجز.
أيها السيدات والسادة،
إن موضوع يوم الصحة العالمي لهذا العام يوضِّح لنا أن التمتُّع بالصحة في جميع مراحل العمر يساعد المسنين والمسنات على عيش حياة حافلة ومنتجة، وأن يكونوا مصدر عون ومساعدة لأسرهم ومجتمعاتهم.
ويمكن لمعظمنا أن يتوقَّع أن يحيا حياة أطول من أي وقت مضى. فالكثير ممن هم في منتصف العمر أو حتى أكبر من ذلك، سيكون لديهم آباء وأمهات على قيد الحياة، كما أنهم سيعيشون، بمشيئة الله، ليروا أحفاد أبنائهم. ولئن كانت قلوبنا ستظل تتمتَّع بالشباب، فإن أجسادنا ستصاب بالشيخوخة لا محالة، ويعتمد معدل ضعفها، على الأقل في جزء منه، على سلوكياتنا وعلى ما نتعرَّض له عبر مسار الحياة بكاملها. ومن بين ذلك ما نتناوله من طعام، وما نمارسه من نشاط بدني، وما نتعرض له من مخاطر صحية، مثل المخاطر التي يسببها التدخين. كما يعتمد ذلك أيضاً على ما يتم اتخاذه من تدابير للوقاية من الأمراض غير السارية، مثل السكري، وارتفاع ضغط الدم، والسرطان، وعلى مكافحة تلك الأمراض.
إن منظمة الصحة العالمية تشجِّع على اتّباع أنماط حياة صحية في جميع مراحل الحياة، من أجل إنقاذ الأرواح، وحفظ الصحة، والحد من العجز، وتخفيف الألم أثناء الشيخوخة. فالبيئات المراعية للمسنين والمصادقة لهم تعمل على تعزيز صحتهم ومشاركتهم، كما أن الحصول على خدمات رعاية صحية أولية أساسية مراعية لاحتياجات المسنين، وعلى خدمات الرعاية الطويلة الأمد، والرعاية الملطفة، هي أمور ضرورية لا غنى عنها لهذه الفئة المهمة من السكان. وغني عن القول إن الاكتشاف المبكر للأمراض، فضلاً عن تدابير الوقاية وخدمات الرعاية، تؤدِّي إلى تحسين معافاة الأشخاص المسنين. وإذا لم نقم اليوم بما ينبغي علينا القيام به، فإن شيخوخة السكان سوف تبطئ من تحقيق أهداف التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبشرية. ويحدوني الأمل أن يتجاوز إقليمنا، في حملته ليوم الصحة العالمي هذا العام، الأغراض التوعوية، وأن تمتد أنشطة هذه الحملة لتشمل إنتاج عمل ملموس، وتحقيق تغيير إيجابي.
دعونا نعمل معاً لخلق مجتمعات تنظر إلى المسنين بعين التقدير والعرفان، وتدرك أنهم يمثلون موارد لها قيمتها وأهميتها، وتهيئ لهم المشاركة الكاملة؛ مجتمعات تراعي كل الأعمار، وتساعد على حفظ الصحة وتعزيزها كلما تقدَّم العمر بنا.
مع دعواتنا إلى الله العلي القدير أن يبارك من سبقونا في التقدُّم بالعمر، وأن يمكِّنهم من أن يضيفوا حياة إلى سنوات أعمارهم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.