موضوع يوم الصحة العالمي لهذا العام، 2005، يلمس كل قلب. وهو نداء لكل فرد للاستفادة من كل حدث، وكل صوت، وكل مناسبة، من أجل عدم بخس أي أم أو طفل مكانتهما. في عدة بلدان من مجموع 22 بلداً في إقليم شرق المتوسط، يعتبر الحمل والولادة من بين الأسباب الرئيسية لوفاة النساء في سن الإنجاب، ولا يصل حتى العديد من الأطفال للخامسة من العمر. ما يحدث لهؤلاء النساء والأطفال هو سؤال يجب علينا جميعاً سؤاله لأنفسنا. شعار هذا العام "لا تبخسوا أماً ولا طفلاً مكانتهما في المجتمع" يعبر عن حقيقة أن اليوم، الحكومات- بما في ذلك تلك الموجودة في الإقليم- والمجتمع الدولي في حاجة إلى جعل صحة النساء والأطفال من أكبر الأولويات. الأمهات والأطفال الأصحاء هم أساس المجتمعات الصحية المزدهرة.
تلعب المرأة دوراً أساسياً في المجالات الصحية المعنية بالتعزيز والوقاية، حيث أنها المسؤولة عن الحفاظ على صحة الأسرة وتعزيزها. وهي المرأة التي تتحكم في اختيار الطعام لأسرتها وتعده وفقاً للمعايير الصحية، والتي تدرب أسرتها على أمور النظافة الشخصية والتخلص من النفايات الصلبة، والتي تقرر ما إذا كانت هي أو أي فرد من أفراد أسرتها يحتاج إلى المساعدة من الخدمات الصحية. ومن الضروري أن تتعلم المرأة، ويسمح لها بالوصول إلى الموارد والمشاركة في صناعة القرار من أجل القيام بالخدمات التي لا تقدر بثمن التي تقدمها. في الواقع، ثبت أن التحصيل العلمي هو العامل الوحيد الأكثر تأثيراً في الحد من مراضة الأطفال. يؤدي التعليم إلى الاستقلال الكبير للمرأة في توجيه شؤون الأسرة، وإلى مواقف قدرية أقل في الاستجابة لمرض الأطفال، والمزيد من الوعي حول المخاطر والسلوكيات الصحية التي تعزز الصحة.
في كل عام، تموت 53000 أم في الإقليم أثناء الولادة ويموت 1.5 مليون طفل دون الخامسة من العمر بسبب حفنة من الأمراض التي يمكن الوقاية منها ومعالجتها. يمكن تجنب ما يصل إلى ثلاثة أرباع الوفيات خلال الشهر الأول و30% إلى 40 % على الأقل من جميع وفيات الرضع من خلال تحسين صحة الأمهات، والتغذية الكافية أثناء الحمل، والتدبير العلاجي الملائم للولادات، والرعاية الملائمة للرضع حديثي الولادة والمباعدة بين الولادات.
المرأة التي تعيش في الفقر غير قادرة على الوصول إلى فرص التعليم التي تصل إليها نظيراتها الأكثر ثراءً في المجتمع وبالتالي ليس لديها المعرفة لتلبية الاحتياجات الصحية لنفسها أو لأسرتها. وهي قد لا تدرك أهمية التحصين، وتأثيره على أطفالها، أو فهم المخاطر الصحية الناجمة عن التخلص غير الملائم من النفايات، أو قدرتها على تأمين الاحتياجات الغذائية لأسرتها. وبدون المعرفة والموارد اللازمة لضمان الصحة والقوة، وبالتالي الإنتاجية، لعائلتها، تصبح الأسرة متورطة في دورة مفرغة من الفقر ويستلزم ذلك التدخل الخارجي لكسر الحلقة.
هناك حاجة لتعزيز القيادة السياسية والتقنية وتخصيص الموارد المالية للوصول إلى كل أم وطفل مع مجموعة أساسية ميسورة التكاليف من التدخلات التي أثبتت جدواها. ويلزم تكثيف الجهود لتجنيد وتدريب ونشر أعداد كافية من مقدمي الرعاية الصحية الماهرين. إن عملية تحسين صحة الأم والطفل في الإقليم تواجه العديد من التحديات التي عرقلت التقدم في السنوات الأخيرة، مثل الظروف الصعبة لبعض البلدان التي تعاني من الصراع، والتي أثرت بشكل كبير على صحة السكان، لاسيما الفئات الضعيفة من الأمهات والأطفال.
يعتبر يوم الصحة العالمي مناسبة للحث على العمل؛ ونحن بحاجة لكم جميعاً للمساعدة في تحفيز الحكومات الوطنية، والجهات المانحة الدولية، والمنظمات غير الحكومية، والقطاع الخاص، ووسائل الإعلام، والجماعات المرتكزة على المجتمع، وغيرها لدراسة وتخطيط وإجراء أنشطة مستدامة تهدف إلى إنقاذ الأرواح وتحسين صحة ورفاهية الأمهات والأطفال.
دعونا نتكاتف جميعاً في الاحتفال بالأمهات والأطفال الأصحاء – الثروة الحقيقية للمجتمعات – في 7 أبريل/نيسان 2005.
د. حسين أ. الجزائري، المدير الإقليمي لشرق المتوسط