27 أغسطس 2024، عدن، اليمن – محمد خليل، طفل يبلغ من العمر عامين من مديرية الخوخة في محافظة الحديدة يعاني من سوء التغذية الحاد الوخيم مع مضاعفات طبية والمتمثل في معدة منتفخة وجسم هزيل. عندما بدأ بالتقيؤ في كل مرة يأكل فيها، جمعت والدته ما استطاعت من المال من العائلة والأصدقاء وأخذته إلى مستشفى الصداقة في عدن.
وتعاني والدة محمد، التي لديها أربعة أطفال أصغرهم يبلغ من العمر 4 أشهر فقط، من إطعام عائلتها مع استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، حيث يُصبح من الصعب تلبية احتياجاتهم بشكلً يومي وقالت "تكلفة المعيشة أصبحت لا تطاق حيث بالكاد نستطيع توفير الطعام للجميع."
على الرغم من هذه الصعوبات، تُصر الأم على أن يحصل محمد على الرعاية التي يحتاجها. "الأطباء في المستشفى طيبون ويقدمون الحليب مجاناً والأدوية والفحوصات المخبرية والوجبات لي، ولكن ما زلنا بحاجة لدفع تكاليف الفحوصات التخصصية الإضافية. لا أعلم كيف سنتدبر الأمر، كل ما أريده هو أن يصبح ابني بصحةً جيدة، لكنه مؤلم عندما لا أستطيع توفير كل احتياجاته".
كشف تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) لشهر أغسطس 2024 أن 50% من السكان في المحافظات الجنوبية لليمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، حيث تفاقم الوضع بسبب إنخفاض المساعدات الإنسانية والتدهور الإقتصادي. كما أدى انخفاض قيمة الريال اليمني إلى إرتفاع أسعار الوقود مما زاد من صعوبة الوصول إلى الغذاء.
ويُساهم الإنتشار الكبير للأمراض مثل الكوليرا والحصبة بالإضافة إلى صعوبة الوصول إلى المياه النظيفة وضعف خدمات الصرف الصحي في تفاقم الحالة التغذوية والطبية. كما أن نزوح السكان وفقدان سُبل المعيشة بسبب الصراع يضيف ضغوطاً إضافية على العائلات اليمنية.
فائزة المقطري، ممرضة في قسم التغذية بمستشفى الصدقة، تمثل الأمل للاُسر التي تبحث عن رعاية لأطفالها، حيث تقول فائزة أن عملها يمزج بين الفرح والحُزن وتوصفه بأن "حمل طفل ضعيف ومراقبته وهو يتعافى" على أنه "مشاهدة لمعجزة صغيرة".
ويعاني القسم التي تعمل فيه من ضغطً شديداً جداً مع تزايد عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية من المحافظات المجاورة، وخاصة من منطقة الساحل الغربي، مما يؤدي إلى نقص الإمدادات الأساسية، مما يجعل الموظفون مضطرين للتعامل مع موارد أقل. وعلى الرغم من التحديات الكبيرة، تبقى فايزة متفائلة وتقوم بتخصيص وقتاً لتهدئة الأمهات القلقات والإستماع إليهن وطمئنتهن.
تقول فائزة: "أحاول أن أزرع فيهم الأمل. أحياناً، القليل من اللطف يحدث فرقاً كبيراً."
قدمت مراكز التغذية العلاجية السبعة المدعومة، أربعة منها مدمجة في أقسام الأطفال، والتي تعمل في مناطق ذات معدلات عالية من سوء التغذية ومستويات عالية من النزوح الداخلي وانعدام الأمن الغذائي الشديد، الخدمات المُنقذة للحياة لأكثر من 5129 طفلاً ما بين أكتوبر 2023 ويوليو 2024، حيث تم معالجة حالات سوء التغذية الحاد المصحوبة بأمراض مصاحبة خطيرة.
وتُقدم هذه المراكز خدمات رعاية صحية وتغذوية على مدار الساعة للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، ويُعد الحفاظ على هذه الخدمات وإستدامتها أمراً بالغ الأهمية لإنقاذ حياة الأطفال. ومن أجل تخفيف العبء المالي على العائلات، يحصل المرافقين (مُقدمي الرعاية) على دعم مادي للتنقل وثلاث وجبات يومياً خلال فترة الإقامة، كما يتم تغطية تكاليف الفحوصات المخبرية عتائد الرقود بشكلً كامل.
تحلم فائزة المقطري بيمنً لا يعُاني فيه أي طفل من الجوع وتجد فيه العائلات الإستقرار والسلام، حيث تقول: "أشعر بالإمتنان لوجودي هنا للمساعدة بأي طريقة ممكنه، لكني أتمنى مستقبل لا تكون فيه الحاجة لخدماتنا بهذا المستوى."
عند مغادرة المستشفى كل يوم، تحمل فائزة معها ذكريات من ساعدتهم ومن فقدتهم، وتغذي هذه الذكريات إصرارها على العودة يوماً بعد يوم لتعمل جاهداً من أجل إحداث الفرق، حيث تقول: "الأمر ليس سهلاً أبداً، لكنني لن أستسلم. ليس الآن، ولا في أي وقت."
بالتعاون مع المفوضية الأوروبية للمساعدات الإنسانية والحماية المدنية (ECHO)، تلتزم منظمة الصحة العالمية (WHO) بتحسين صحة الأطفال ورفاهيتهم، مع الحد من معدلات الوفيات والمراضة من خلال نهج حماية متكامل، حيث تدعم منظمة الصحة العالمية 101 مركزاً علاجياً للتغذية في جميع أنحاء اليمن، وتُغطي حوالي 80% من الحالات المُستهدفة في البلاد.
وتعمل منظمة الصحة العالمية على تعزيز قُدرة وزارة الصحة العامة والسكان وشركاء آخرين من خلال بناء القدرات الفنية لإدارة الحالات وتزويدهم بالإمدادات الطبية الأساسية بما في ذلك عتائد الأطفال وسوئ التغذية الحاد الوخيم.