مشروع إمداد
وراء الصراع في اليمن، هناك وجوه لملايين الناس، منهم 19.7 مليون بحاجة إلى الرعاية الصحية. ولكل واحد من هؤلاء الرجال والنساء والأطفال قصة يرويها وتحديات يواجهها من أجل البقاء. اجتاح اليمن أكبر تفشي للكوليرا في العالم أدى إلى إصابة ما يقدر بنحو 1.3 مليون شخص. هذا بالإضافة إلى تفشي أنواع أخرى من الأمراض والأوبئة، هذه نتائج حتمية لنزاع مستمر ونظام صحي الهش. هذه قصص لأشخاص تم انقاذهم من الكوليرا.
تضافرت جهود كل من منظمة الصحة العالمية والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من خلال مشروع إمداد في مكافحة هذا المرض الفتاك الذي يمكن الوقاية منه. ساعد المشروع على الاستجابة في المجتمعات الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالكوليرا.
إمداد تعني "المساعدة والدعم" ويهدف المشروع لإنقاذ الأرواح في اليمن ومد يد الإنسانية للسيطرة على تفشي الكوليرا.
تدعم منظمة الصحة العالمية بتمويل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومن خلال مشروع إمداد 146 مركزاً لعلاج الإسهال وزوايا الإرواء الفموي لعلاج المرضى الذين يعانون من الكوليرا وللتأكد من حصول المرضى على علاج مبكر ومنع الجفاف في حين شعروا بأعراض الكوليرا.
يعمل مشروع إمداد في اليمن لتوفير العلاج الفعال للمصابين بالكوليرا، وبالتالي منع توسع انتشار المرض. بالإضافة إلى توفير المستلزمات الطبية والمخبرية بحيث يتم اكتشاف الحالات وتحديدها مبكرا بما يكفي لإنقاذ الأرواح.
ساعد مشروع إمداد على السيطرة على تفشي الكوليرا في اليمن، وعبر الشراكة مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تمكنت منظمة الصحة العالمية من تكثيف الجهود للاستجابة للوباء.
محمد
في ظل الحرب الدائرة في اليمن، يفقد الناس الأمل في البحث عن مخرج من البؤس الذي فرضته الحرب عليهم.
عندما فقد محمد وعائلته منزلهم في الحديدة وجدوا أنفسهم مجبرين على النزوح إلى عدن بحثا عن الحياة، حينها أصيب محمد بمرض الكوليرا. تقول زوجة محمد: "لم يعد لدينا منزلاً يأوينا. نكافح من أجل تلبية احتياجاتنا الأساسية، ولا نستطيع توفير تكلفة العلاج. أملي الوحيد الآن هو أن يتعافى زوجي من مرضه"
نزح محمد البالغ من العمر 60 سنة هربا ًمن الخطوط الأمامية للنزاعات المسلحة في مديرية حيس بمحافظة الحديدة. وتلقى العلاج في مركز علاج الإسهال في مستشفى الصداقة في عدن. استقبل مركز علاج الإسهال المدعوم من مشروع إمداد في مستشفى الصداقة 705 حالة في شهر أكتوبر فقط و139 حالة في نوفمبر خلال عام 2019.
أميرة
يعد العاملين الصحيين الأبطال المجهولين خاصة في الأزمات، الذين من دونهم ستضطر المستشفيات للإغلاق تاركة ملايين المرضى بحاجة الى الرعاية الصحية المنقذة للحياة.
تبلغ أميرة من العمر 32 عامًا وتعمل في مركز عمر المختار لعلاج حالات الإسهال في صنعاء، كما انها تعمل في مجال الرعاية الصحية منذ عام 2018. تقول أميرة: "نتلقى حوالي 10 حالات كوليرا يوميًا من محافظة صنعاء وريمة وحجة. الحوافز المالية التي نتقاضاها تعد شريان حياة بالنسبة لنا، فأنا الآن قادرة على مساعدة والدي على دفع الإيجار وإعانته على النفقات الأساسية".
يعمل العاملون في مجال الرعاية الصحية حول اليمن لساعات طويلة دون تقاضي أجورهم. تدعم منظمة الصحة العالمية وشركاؤها في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة 4,607 من العاملين الصحيين في مراكز علاج الاسهال وزوايا الارواء الفموي بالحوافز مالية.
علي
لا يشكل مرض الكوليرا مصدر تهديد حقيقي في الدول المتقدمة بفضل أنظمة تصفية المياه والصرف الصحي المتقدمة، في حين انه بمثابة حكم بالإعدام في اليمن. في أواخر عام 2016 اجتاح اليمن أكبر تفشي للكوليرا في العالم تم توثيق أكثر من 1.3 مليون حالة مشتبه بها حتى الان.
يبلغ علي من العمر 56 عاماً. "خفت ان يودي مرض الكوليرا بحياة شقيقي ولكنه استعاد عافيته. ومن ثم أصبت أنا بالكوليرا. أتمنى أن استعيد صحتي مثل أخي" يقول علي. تم علاج علي وشقيقه في مركز علاج الاسهال المدعوم من منظمة الصحة العالمية بمستشفى الصداقة في عدن.
تعمل منظمة الصحة العالمية وشركاؤها باستمرار من خلال مشروع إمداد للتأكد من أن الحالات المصابة بالكوليرا تتلقى العلاج المناسب، وبالتالي منع توسع انتشار المرض. بالإضافة إلى توفير المستلزمات الطبية والمخبرية بحيث يتم اكتشاف الحالات وتحديدها مبكراً.
زين
اليمنيين يشهدون أسوأ أزمة إنسانية في العالم في حين يعاني الاقتصاد اليمني من اختلالات هيكلية مزمنة أدت الى مضاعفة عجز الموازنة العامة بشكل كبير حيث تـم تجميـد صـرف رواتـب 2.1 ّ مليـون موظـف فـي القطـاع العـام فـي ظـل أزمـة
سـيولة. وبالرغم من ذلك، إلا انه ما يزال هناك أشخاص يسخرون أنفسهم لخدمة المجتمع دون مقابل.
يعمل زين البالغ من العمر 26 عامًا في مركز عمر المختار لعلاج حالات الاسهال. يعمل زين كمثقف صحي منذ 2018 ويتضمن عملة توعية المجتمع بأهمية بالنظافة الشخصية وأعراض الكوليرا وكيفية تجنب الإصابة. "أعمل على تقديم الجلسات التوعوية للمرضى حول الوقاية من الكوليرا. آمل أن يساعد هذا على القضاء على الوباء"، يقول زين.
"تتطلب الاستجابة للكوليرا توحيد الجهود التي تشمل التثقيف الصحي كأحد التدابير الأساسية للوقاية من الكوليرا ومكافحتها. المسؤولية كبيرة وقد كرست نفسي للعمل في هذه الاستجابة حتى أتمكن من خدمة ودعم مجتمعي".
يعد زين واحداً من بين ما يقارب 4,607 عاملاً صحياً يتقاضون الحوافز المالية. يقول زين: "مكنتني الحوافز المالية من خدمة ودعم عائلتي".
مريم
خلفت حوالي خمس سنوات من الصراع البلد في حالة يرثى لها. يعتمد أكثر من عشرين مليون يمني على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.
في مركز 26 سبتمبر الصحي، صارعت مريم -البالغة من العمر 50 عاماً- من أجل البقاء على قيد الحياة بعد أن هدد مرض القلب والكوليرا حياتها.
اُسعفت مريم إلى المركز الصحي بعد إصابتها بالإسهال المائي الشديد والجفاف وارتفاع ضغط الدم. يقول وحيد، ابن مريم الصغير: "كانت والدتي ترتجف بشدة وكنت خائفاً من أن أفقدها خاصةً انها تعاني من مرض القلب".
مر يومين منذ أن أسعفت مريم الى المستشفى، وهي الآن تتلقى العلاج. يضيف وحيد: "أدركت أن والدتي مصابة بالكوليرا، فقد أُصبت بها منذ عامين واعرف تماماً الأعراض التي تصاحبها، ولهذا السبب نقلتها إلى نفس المركز الصحي الذي تلقيت فيه العلاج والذي استعدت فيه عافيتي".
منى
أصبح وجه منى المشرق شاحبًا بعد إصابتها بالكوليرا، وصار جسدها الصغير هزيلاً جداً. تقول والدة منى: "شعرت أن الوقت الذي استغرقناه للوصول إلى المستشفى وكأنه دهر. كانت منى تتقيأ بلا توقف لدرجة أنى اعتقدت أنى سأفقدها".
تلقت منى من محافظة عدن والتي تبلغ من العمر عامين العلاج في مركز علاج حالات الاسهال المدعوم من منظمة الصحة العالمية. تضيف والدة منى: "أصبح جسد ابنتي هزيلاً، ولكن بعد ان تلقت العلاج تحسنت حالتها الصحية وبدأت أشعر بالارتياح بعد شفائها". ساعد مشروع إمداد في السيطرة على تفشي وباء الكوليرا في اليمن وإنقاذ حياة الكثيرين مثل منى.
يحيى
يعيش يحيى البالغ من العمر 30 عامًا في عمران مع زوجته وطفليه. لم يتوقع يحيى الذي يعمل في إحدى صيدليات مراكز علاج حالات الإسهال في اليمن أنه قد يصاب بمرض الكوليرا، المرض الذي يقدم علاجه للمصابين.
يقول يحيى: "اصبت بالإعياء الشديد لمدة يومين ولم أعلم أنني قد اصبت بمرض الكوليرا".
فقد يحيى الكثير من السوائل وتم تزويده بالحقن الوريدية ومحلول الإرواء الفموي لمساعدته على استعادة كمية السوائل الكبيرة التي فقدها جسده خلال فترة المرض.
ويختم يحيى كلامه قائلاً: "إصابتي بالكوليرا جعلتني أكثر وعياً بمعاناة المرضى. وعندما استعدت عافيتي أصبحت ممتناً أكثر لدوري كصيدلاني في التخفيف من معاناة المرضى".