مشاركة مملكة البحرين في المؤتمر الصحفي لاإفتراضي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط حول مستجدات جائحة كوفيد-19 في شرق المتوسط

المناهج المبتكرة في الاستجابة لجائحة كوفيد-19

لقد تبنّت حكومة مملكة البحرين عدد من الاستراتيجيات المبتكرة في الاستجابة لجائحة كوفيد-19، بالإمكان إدراجها تحت أربع ركائز أساسية كالتالي:

الركيزة الأولى: القيادة السياسية الحكيمة

لقد كانت الرؤية الحكيمة لحكومتنا الرشيدة متمثلة في قيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد، نائب القائد الأعلى، رئيس الوزراء، حفظه الله ورعاه، للفريق الوطني للتصدي لجائحة كوفيد-19، هي حجر الأساس والركيزة الصلبة لتبنّي مملكة البحرين لعدد من سياسات النهج الحكومي المتكامل في التعامل مع هذه الجائحة.

حيث تم تشكيل الفريق الوطني المتعدد التخصصات بتاريخ 26 يناير 2020 (أي قبل اكتشاف أول حالة إصابة بكوفيد-19 في مملكة البحرين والتي كانت بتاريخ 24 فبراير 2020)، بهدف مواكبة المستجدات العالمية، ووضع الأدلة الارشادية والبروتوكولات، والوقوف على كافة الاحتياجات من مستلزمات طبية ووقائية وعلاجية وحتى حزم الدعم المالي للقطاعات الاقتصادية المختلفة. وهذا ما وضع مملكة البحرين في مصاف الدول التي تمت الإشادة بجهودها في مواجهة جائحة كوفيد-19 في مختلف المحافل الإقليمية والدولية.

الركيزة الثانية: السيطرة

حيث تم تركيز الجهود الوطنية بمختلف قطاعاتها نحو السيطرة على الجائحة، والحد من انتقال العدوى، وخفض أعداد الوفيات الناجمة عن فيروس كوفيد-19. وقد تم تنفيذ ذلك من خلال ثلاث أهداف هي:

أ‌. التواصل الفعّال مع الجمهور

لقد كنّا ندرك في مملكة البحرين بأنّ أساس النجاح في مواجهة فيروس كوفيد-19 هو وعي المجتمع وإدراكه لدوره المركزي في احتواء هذا الفيروس والحد من انتشاره، ولذا فقد تم إطلاق حملة وطنية توعوية موجهه للمواطنين والمقيمين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومختلف وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة وبمختلف اللغات بالإضافة للعديد من النشرات والمطبوعات والمحاضرات التي تستهدف جميع فئات المجتمع لتعزيز الوعي المجتمعي حول طرق إنفاذ إجراءات الوقاية الاحترازية من منع التجمعات، وتأكيد أهمية بروتوكولات النظافة الشخصية من غسل الأيدي وتعقيمها والمحافظة على التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات. وتم تفعيل خط ساخن للرد على استفسارات المواطنين والمقيمين حول فيروس كورونا المستجد، وآليات التشخيص والعلاج، كما تم إنشاء تطبيق مجتمع واعي للهواتف الذكية بخصائص تمكّن المستخدم من حجز موعد للفحص، وتنبيه المستخدمين عند مخالطتهم لحالة إيجابية، وتنبيه السلطات في حال عدم التزام المصاب بمكان العزل.

ب‌. التقصي الوبائي وتتبع المخالطين

تم تطبيق الإجراءات الاحترازية والفحوصات في المنافذ بصورة استباقية منذ تاريخ 7 فبراير 2020، كما تم تدشين مراكز للفحص ووحدات متنقلة للفحص العشوائي المجتمعي، وتوفير مراكز ومرافق للعزل والحجر والعلاج، وتفعيل سياسات اللوائح الصحية الدولية وآليات تتيع آثار المخالطين.

وتم فرض قيود على السفر والتنقل، وتم اغلاق المدارس والجامعات وإلغاء الفعاليات المجتمعية. واعتماد آليات لخفض عدد العاملين في المنشآت كسياسة العمل من المنزل للأمهات وكبار السن والأفراد الأكثر عرضة للإصابة.

وتم تشكيل فريق مدرب من الاطباء وأخصائي الصحة العامة لمتابعة الحالات القائمة وحصر المخالطين خلال 24 ساعة فقط من ظهور النتائج. وكخطوة استباقية وابتكارية فقد تم فتح منصّة التطوّع تفادياً لحدوث أي نقص في الكوادر الطبية والتخصصية. وقد تقدم للتطوع العاملين الطبيين المتقاعدين وطلبة الطب والعلوم الطبية الاخرى وكذلك متطوعين من تخصصات مختلفة، تم تدريبهم والإشراف عليهم من قبل الفريق المتخصص.

وهنا لابد من التأكيد على أن استجابة البحرين لجائحة كوفيد-19 تعكس مدى التزام حكومتها وقيادتها بالتغطية الصحية الشاملة، حيث تم توفير خدمات الفحص والعزل والعلاج مجاناً للمواطنين والمقيمين على حد سواء بما فيها العناية الطبية الحثيثة.

ت‌. مكافحة العدوى

تم توفير جميع مستلزمات مكافحة العدوى والحماية الشخصية في المؤسسات الصحية ومراكز الفحص، وتم أيضاّ تدريب العاملين الصحيين والمتطوعين على اشتراطات مكافحة العدوى. ومؤخراً تم إجازة الاستخدام الطارئ للقاح كوفيد-19 وإتاحته أمام الفئات الأكثر تعاملاً مع المصابين بفيروس كوفيد-19 من العاملين في الصفوف الأمامية بشكل اختياري بهدف حمايتهم.

الركيزة الثالثة: بناء القدرات

لقد سعت حكومة مملكة البحرين إلى تقدير الاحتياجات اللازمة لمواجهة هذه الجائحة، وتوفير الدعم المالي اللازم في وقت مبكّر،

ففي مجال القدرات المخبرية، فقد تم تجهيز عدد ثلاثة مختبرات طبية بأحدث الاجهزة المعتمدة دولياً لفحص فيروس كوفيد- 19، تعمل على مدار الساعة لتقديم نتائج موثوقة في الوقت المناسب (اقل من 24 ساعة) وبطاقة استيعابية تجاوزت 12 ألف تحليل مخبري في اليوم مما مكَّن البحرين من تحقيق المراتب الأولى عالميا لمعدل الفحص لكل 1000 شخص.

كما تم افتتاح وحدة فحص الجينوم ونجح الفريق التقني بتحليل تسلسل الجينوم الكامل لفيروس كوفيد-19لعينات مختارة من المرضى التي أكّدت اصابتهم به مسبقاً، وذلك بهدف تقدير الوضع الوبائي، ومصادر نقل العدوى محلياً، بالإضافة الى تحديد حدة المرض وخطورته عن طريق ربط البيانات التحليلية بالبيانات السريرية.

وتمت تقوية قدرات شبكات المختبرات داخل الدولة للكشف عن السارس- CoV-2 عن طريق تدريب الكوادر البحرينية المؤهلة في مختلف المستشفيات والمختبرات الطبية وربط النتائج والمعلومات الطبية للمرضى في نظام صحي وطني موحد. مما ساهم في إحراز المختبر الوطني بمملكة البحرين تقدماً بارزاً في اختبارات الجودة الخارجية المقدمة من منظمة الصحة العالمية لفحص فيروس كوفيد 19 بنسبة 100%.

واهتمت مملكة البحرين اهتمامًا بالغًا بزيادة أعداد مراكز الفحص والمستشفيات وأماكن العزل ووحدات العناية القصوى، وذلك ضمن إجراءاتها الحثيثة في بناء القدرات لمواجهة كوفيد19 ، بحيث يتم إدخال جميع الحالات القائمة الموجبة للعلاج بالمراكز العلاجية ويتم ترخيص خروجها من المراكز بعد 10 أيام من تطبيق البروتكول العلاجي والفحوصات الصارمة، كما يتم تطبيق العزل المنزلي الاختياري للحالات التي ليس لديها أعراض بشروط وإجراءات مشددة للعزل، أما المخالطين للحالات القائمة فبإمكانهم الحصول على خدمات الحجر الصحي بالمرافق الحكومية للملاحظة والإشراف الطبي أو الخضوع لآلية المراقبة والإشراف الطبي المنزلي.

رابعاً: العلاجات وتطوير اللقاحات

على الرغم من أن جائحة كوفيد-19 قد فرضت عوائق إضافية أمام الوصول إلى الأدوية واللقاحات عالمياً، إلاّ أنّ الجهود الوطنية لمملكة البحرين في مكافحة هذه الجائحة، والتي جاءت بشكل استباقي، من خلال تعهّد الحكومة بأولوية توفير الوصول إلى خدمات الرعاية الطبية العالية الجودة لجميع المواطنين والمقيمين في المملكة على حد سواء وذلك من خلال: التوسّع في شراء جميع الأدوات اللازمة، وتسهيل التجارب السريرية، وتوفير أفضل الخيارات التشخيصية والعلاجية الممكنة وفقًا لأحدث الأدلة العلمية، قد ساهم بشكل كبير في تجاوز أي عائق في الوصول للأدوية واللقاحات.

وتجدر الاشارة إلى أنه على الرغم من نسبة الإصابات العالية (بالنسبة لمحدودية عدد السكان) إلا أن إجراءات الصحة العامة الصارمة التي اتخذتها المملكة بما يتعلق بزيادة عدد الفحوصات، وتعزيز آليات التقصي والمتابعة الوبائية، والعناية الطبية والاستشفائية، قد ساهمت في خفض نسبة الوفيات الى الحدود الدنيا حيث لم تتجاوز 4 بالألف (أي عشر ماهي عليه عالميا) كما أدت إلى تحقيق نسب شفاء عالية جدا تجاوزت 95%.

وقد شاركت مملكة البحرين في المرحلة الثالثة للتجارب السريرية للقاح كوفيد 19 بهدف المساهمة في تسريع وتيرة اتخاذ الاجراءات الوقائية. وحرصت الحكومة كذلك على التواصل مع الشركات المنتجة للقاحات كوفيد 19 وذلك في إطار تأمين أكثر من مليون لقاح من شركات (فايزر) و (استرازينيكا) و (سينوفارم) لجميع سكان مملكة البحرين من مواطنين ومقيمين على حد سواء فور اعتماد استخدامها.

وتشارك مملكة البحرين أيضاً في مبادرة منظمة الصحة العالمية والشركاء المعنيين حول " تسريع إتاحة أدوات مكافحة كوفيد-19"، وتدعم جهود مجلس تيسير المبادرة لتسريع عملية التطوير والتوزيع العادل للقاحات والعلاجات وأدوات التشخيص الخاصة بفايروس كورونا المستجد (كوفيد-19).

مناهج مبتكرة للخدمات الصحية الأساسية الأخرى

على الرغم من أنّ فيروس كوفيد-19 قد أجبر جميع دول العالم على إعادة تنظيم العديد من الأولويات في مختلف نُظمها سواء الصحية أو التعليمية أو الاقتصادية وغيرها، بهدف الاستعداد والاستجابة والنجاة من كوفيد-19 والحد من التداعيات ما بعد الجائحة.، إلّا أنّ التوجهات التي اتخذتها حكومة مملكة البحرين ساهمت في استمرارية واستدامة الخدمات الصحية الأخرى غير المرتبطة بكوفيد-19.

ويتضح ذلك من خلال المحافظة على نسب مرتفعة للتغطية بالتطعيمات الروتينية تجاوزت 95% بالإضافة للمحافظة على الموارد المتعلقة باللقاحات. كما أنّ معدل وفيات الأمهات لايزال من المعدلات المنخفضة متجاوزاً الهدف المزمع بلوغه عام 2030 عالمياً.

ويستمر تقديم برامج الرعاية الصحية أثناء الحمل وأثناء وبعد الولادة، ورعاية الأطفال حديثي الولادة، وخدمات تنظيم الأسرة، ومكافحة الأمراض المعدية وغير المعدية، عن طريق مراكز الرعاية الصحية الأولية والثانوية، بواسطة ترتيبات خاصة ودلائل صحية تضمن سلامة كل من متلقي الخدمة ومقدميها من العاملين الصحيين.

كما وتم استحداث خدمة "التطبيب عن بعد" المتمثلة في تقديم استشارات طبية بواسطة تقنية الاتصال المرئي، إذ أنه وفي إطار تطبيق الإجراءات الاحترازية التي تم اتخاذها في مملكة البحرين للحد من انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19) والحرص على سلامة متلقي الخدمات تماشياً مع المستجدات الصحية، أطلقت وزارة الصحة "خدمة التطبيب عن بُعد" لتقديم الاستشارات بتقنية الفيديو والهاتف بدلاً من الذهاب للمرافق الصحية، إذ شملت خدمة التطبيب عن بُعد كل من الاستشارات الطبية البسيطة والاستفسارات الصحية، وطلب التحاليل المختبرية، وتجديد الوصفات الطبية، وكذلك مراجعة نتائج التحاليل المختبرية أو الأشعة وغيرها؛ وهدفت الخدمة إلى تقليل الاختلاط قدر الإمكان للحالات التي يمكن خدمتها عن بُعد دون الحاجة للتردد على المركز الصحي. وقد لاقت هذه الخدمة التي أثبتت نجاحها التام إشادة واسعة من المرضى وأهاليهم، إذ وفرت عليهم عناء الذهاب للمركز الصحي وخصوصاً في ظل جائحة "كورونا" التي تتطلب التباعد الاجتماعي.

كما قامت وزارة الصحة في مملكة البحرين باستحداث خدمة توصيل أدوية المرضى للمنازل، وذلك بهدف ضمان صحة وسلامة وراحة المرضى والمراجعين. وقد حققت هذه الخدمة أيضاً نجاحاً باهراً أشاد به المرضى وأهاليهم، حيث يقوم الصيادلة بواجبهم عن بُعد بكل مهنية واقتدار، لتصل الوصفة الطبية من الأدوية إلى المريض في منزله، وكل ذلك بيسر وسهولة.

وقد تفاعل الكثير من المرضى وذويهم مع خدمة توصيل الأدوية للمنازل تفاعلاً ايجابياً وفي وقت قياسي جداً، إذ توفر هذه الخدمة الجهد والوقت، وتحقق هدفها المنشود المتمثل في تعزيز الوقاية، والحد من الاكتظاظ في المستشفيات والمراكز الصحية، وتقليل تردد مرضى الأمراض المزمنة على المستشفيات والمراكز الصحية، حيث أنهم يعتبرون من أكثر فئات المجتمع عرضةً للإصابة بالعدوى. كما تعمل هذه الخدمة على زيادة الكفاءة في صرف الوصفات الطبية، وتقليل وقت الانتظار في الصيدليات، وتسهيل الحصول على العلاج.

ختاماً فإنّه لا يسعنا سوى أن نتوجه بخالص الشكر والتقدير لمنظمة الصحة العالمية ومديرها الإقليمي وكادرها ولجميع الصحفيين على هذه الفرصة الطيبة وعلى شراكتنا المستمرة في سبيل حماية صحة الانسان، مثمنةً الجهود التي تبذلونها كلُّ من موقعه في مواجهة هذا الوباء العالمي المستجد، مع خالص أمنياتي لكم ولأهلنا في البحرين وإقليمنا لشرق المتوسط بدوام الصحة والعافية ودوام التقدم والازدهار.