ومع زيادة أسعار الأدوية، وعدم كفاية المياه الصالحة للشرب وخدمات الإصحاح، وازدحام الأحوال المعيشية، فإن ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لاحتواء الأوبئة التي يمكن أن تجلب عواقب كارثية عبر الإقليم تكون أهم من أي وقت مضى. وكمثال واضح على عواقب تدهور المؤشرات الصحية والأحوال المعيشية بين السوريين ظهور فاشية شلل الأطفال الشرق أوسطية، والتي تتطلب تنسيق الترصد الإقليمي في بلدان عديدة وجولات متعددة من التلقيح الجموعي.
لقد تسببت الأزمة المستمرة في نزوح جماعي على المستوى الإقليمي. وفي البلدان المجاورة لسوريا، من المتوقع أن يصل العدد المتزايد من النازحين إلى 4.1 مليون بنهاية عام 2014، مما يشكل ضغطا هائلاً على المجتمعات المضيفة لهم من حيث البنية الأساسية والموارد. وبالإضافة إلى حاجة النازحين السوريين للمساعدات، فإن هناك ما يقدر بـ 2.7 مليون من سكان البلدان المجاورة لسوريا يحتاجون أيضاً للمساعدة.
في 2013، تمكنت منظمة الصحة العالمية بدعم سخي من الشركاء المانحين من الوصول إلى 6 ملايين مستفيد في سوريا. وبناء على الدروس المستفادة لتعظيم تأثير التدخلات، والاستهداف الفعال للمناطق الحرجة والفئات السكانية الضعيفة، سيسمح برنامج منظمة الصحة العالمية لعام 2014 لـ 9 ملايين شخص من تلقي الرعاية الصحية الضرورية. ومن الأمثلة على ذلك حماية الأطفال من شلل الأطفال؛ وتقديم الأنسولين المنقذ للحياة إلى مرضى السكري؛ وتمكين المصابين من تلقي الرعاية، وتمكين الذين يعانون من اضطرابات نفسية من الحصول على الخدمات الصحية النفسية، ومن أجل تحقيق ذلك ستكون هناك حاجة إلى 178309652 مليون دولار أمريكي خلال الـ 12 شهراً القادمين.
في وسط شهر كانون الثاني/يناير، حضر وفد رفيع المستوى من منظمة الصحة العالمية إلى المؤتمر الثاني لإعلان التبرعات لسوريا في مدينة الكويت للدعوة إلى تلبية الاحتياجات الصحية على وجه السرعة للسكان المتضررين من الأزمة. وفي هذه المناسبة، تعهدت 39 دولة من الدول الأعضاء بالتبرع بأكثر من 2.4 مليار دولار أمريكي لدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية للمتضررين في عام 2014.
وبالتوازي مع دورة المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية في جنيف في كانون الثاني/يناير، استضافت المديرة العامة للمنظمة الدكتورة مارغريت تشان اجتماعاً لمجتمع المانحين الدوليين في مقر منظمة الصحة العالمية، بمشاركة المديرين الإقليميين لإقليم شرق المتوسط والإقليم الأوروبي. وقام سفراء يمثلون مصر، والأردن، ولبنان، وتركيا بتقديم نظرة عامة حول الوضع الصحي الراهن للاجئين السوريين في كل من هذه البلدان، وألقوا الضوء على التحديات والاحتياجات الصحية الأساسية.
"كانت استجابة منظمة الصحة العالمية للآزمة السورية واحدة من أكبر وأعقد عمليات الإغاثة الطارئة وأكثرها تكلفة في تاريخ المنظمة،" هكذا قالت الدكتورة مارغريت تشان للمانحين. "وبدعمكم -كشركاء لنا- تمكنا من الوصول إلى ملايين المستفيدين، ولكن مازال هناك المزيد ينبغي علينا القيام به."
"عندما ينقشع دخان الأزمة، سيكتشف المجتمع الدولي مقدار الدمار الذي لحق بالصحة العمومية، والذي ينبغي التعامل معه طوال العقود القادمة،" هكذا قال المدير الإقليمي لشرق المتوسط الدكتور علاء العلوان.