27 آذار/مارس 2012 - من بين كل عشرة أشخاص يعيشون في عالمنا الآن شخص جاوز الستين من العمر. وفي غضون ثلاثة عقود سيكون من بين كل أربعة من سكان العالم شخص قد جاوز الستين. وتُعْرَف هذه الظاهرة بتشيُّخ السكان، إذ يتغيّر معها الهرم السكاني الموزَّعة عليه الفئات العمرية المختلفة، والتي ظلت فئة كبار السن هي الأصغر فيه، أي قمة الهرم، لكنها باتت الآن أكثر اتساعاً عن ذي قبل.
وتحتفل منظمة الصحة العالمية بيوم الصحة العالمي لهذا العام في ظل عالمٍ آخذٌ في التشيُّخ، تزداد متوسطات أعمار سكانه بنسبة ملحوظة؛ فمتوسط العمر الذي كان حتى بضعة عقود مضت لا يتجاوز سن الخمسين، يصل الآن في كثير من البلدان إلى ما فوق الثمانين، ويفسح المجال أمام الكثيرين من سكان المعمورة ليحظوا بفرصة لم تتهيأ لأسلافهم، وهي العيش حتى يروا أبناء أحفادهم.
ومع تنامي ظاهرة الشيخوخة يتعيّن اتخاذ موقف واقعي وإيجابي منها حتى نتأكّد أننا جميعاً سنحظى بشيخوخة مفْعَمة بالنشاط ومحفوظة فيها الكرامة. ومن شأن موقف كهذا مدروسٍ ومخططٍ له بعناية أن يوطِّد حفظ وتعزيز حقوق المسنين والمسنات الذين يُتوقّع أن تصل أعدادهم بحلول عام 2050 إلى مليارَي نسمة، أي 22% من مجموع سكان العالم.
ويؤكِّد الدكتور علاء الدين العلوان، المدير الإقليمي لشرق المتوسط: "أن الحاجة ماثلة لجهود متضافرة وتعاون شامل للاستجابة لمتطلبات شيخوخة السكان، حيث ستكون هناك حاجة لبذل المجهودات في جميع المجالات من أجل تقديم رعاية متكاملة على المستوى الصحي والاقتصادي والاجتماعي وتعزيز الدعم الأسري".
وإزاء هذا الوضع الذي تترافق فيه الجوانب الإيجابية مع التبعات التي تمثّل تحدّيات للنظم الصحية والاقتصادية، بل والاجتماعية في سائر البلدان، توصي منظمة الصحة العالمية – من خلال يوم الصحة العالمي الذي يتناول هذا العام موضوع "الشيخوخة والصحة" بإطلاق ثلاثة نداءات للعمل من أجل إضافة حياةٍ إلى السنين، وهي:
تعزيز أنماط الحياة الصحية واتّباعها في جميع مراحل الحياة.
خلق السياسات والبيئات المراعية للسن من أجل انخراط المسنين والمسنات فيها.
جعل الرعاية الصحية الأولية مراعية للسن.
ويندرج تحت هذه النداءات الثلاثة قائمة طويلة من التدابير والتوصيات التي يجب الأخذ بها وإشراك كافة فئات المجتمع في تنفيذها، بدءاً من صانعي القرار وراسمي السياسات ومقدّمي الرعاية الصحية وقوى المجتمع المدني والإعلاميين والأكاديميين والأفراد ووصولاً إلى المسنين أنفسهم.
وتحمل منظمة الصحة العالمية، وسائر الشركاء، على عاتقها مهمة القضاء على الخرافات المرتبطة بالشيخوخة، والتي تسهم في تشكيل الوصم الذي قد يحرم كبار السن من حقهم في أن يحيوا حياة طبيعية ونشطة ومنتجة، يتمتعون فيها بموفور الكرامة ويواصلون الاندماج في عائلاتهم ومجتمعاتهم.
"من الوصمة إلى الشيخوخة المفعَمَة بالنشاط وحفظ الكرامة" هو عنوان إحدى الأوراق البحثية التي تطلقها منظمة الصحة العالمية بمناسبة يوم الصحة العالمي. وتنطلق هذه الورقة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص على أن "جميع الناس يولدون أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق" وتؤكّد على أن هذه المساواة لا تتغير بالتقدُّم في العمر: فالمسنون والمسنات لهم الحقوق نفسها التي يتمتع بها سائر الناس في أي مرحلة عمرية أخرى.
ومن خلال نماذج حيّة، يلقي يوم الصحة العالمي لهذا العام الضوء على العلاقة العضوية بين الصحة والشيخوخة المفْعَمة بالنشاط والحيوية، كما أن شعار: "الصحة الجيدة تضيف حياةً إلى السنين" يكشف العلاقة الوطيدة بين جودة الحياة الصحية واستمرار الإنسان في تقديم أدواره في الحياة باستقلالية، ودون وصاية، أو استبعاد أو ازدراء. ومن هنا تؤكِّد منظمة الصحة العالمية على أن كبار السن، من الرجال والنساء على السواء، يستحقون رعاية صحية جيدة ولا يجوز الزعم بأن مجرد تقدّمهم في العمر يمثل مَرَضاً في حدّ ذاته أو يجعل من إصابتهم بالأمراض أمراً طبيعياً لا يجوز التدخل الطبي لمواجهته.
حُسنة عبد العظيم، واحدة من النماذج التي يُلقي يوم الصحة العالمي الضوء على قصتها. فقد كاد عدم الاهتمام يذهب بنور بصرها، لولا أن أتيحت لها الفرصة لاكتشاف معاناتها وتلقي المعالجة الجيدة لتعود لبصرها قوته وتعود هي إلى الحياة أكثر إشراقاً وأملاً وقدرة على قيادة أسرتها والاعتناء بشؤونها.
وحُسنة هي واحدة من ملايين النساء في سن الستين فأكثر يعانين من أمراض العين – أغلبهن في صمت – ويفقد مليونان ونصف المليون منهن البصر جراء حرمانهن من الرعاية الصحية الجيدة لكونهن نساء ومتقدِّمات في السن.
هذا ما تسعى منظمة الصحة العالمية لتغييره بالتعاون مع الشركاء لضمان صحة أوفر لكبار السن الذين قد يعانون بنسبة أكبر من أمراض هشاشة العظام وأمراض القلب والسكري وغيرها من الأمراض غير السارية التي ينبغي التصدّي لها والوقاية منها في مراحل مبكرة من العمر. فالاعتناء بكبار السن والتمتع بشيخوخة آمنة إنما يبدأ منذ المراحل المبكرة من العمر، في إطار مقاربة دورة حياة الإنسان التي وضعتها منظمة الصحة العالمية وربطت فيها بين الكيفية التي يحيا بها الإنسان وأنماط الحياة التي يتّبعها من جهة، وطبيعة ونوعية المرحلة العمرية التي يعيشها من جهة أخرى.
ويحتفل المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، بيوم الصحة العالمي لهذا العام في 5 نيسان/إبريل 2012 بمقره بمدينة نصر، ضمن فعالية يفتتحها الدكتور علاء الدين العلوان، بوصفه مديراً إقليمياً لشرق المتوسط. وسيتم خلال الاحتفالية التي تبدأ العاشرة والنصف من صباح الخميس، توزيع جوائز المسابقة الإعلامية لمنظمة الصحة العالمية حول الشيخوخة والصحة.
للاطلاع على المواد الإعلامية ليوم الصحة العالمي، رجاء زيارة الموقع التالي:
http://emro-prod.who.int/world-health-days/2012