تكريم الدكتور حسين الجزائري
في ختام عمله مديراً إقليمياً لشرق المتوسط
30 كانون الثاني/يناير 2012 - في جو تسوده مشاعر الدفء والمحبة والتقدير ودّع العاملون بالمكتب الإقليمي لشرق المتوسط الدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري، في ختام رحلة عطائه التي امتدت ثلاثين عاماً
وأعرب المشاركون، في كلمات مباشرة ومسجلة، وأخرى منقولة عبر الأقمار الصناعية من مختلف المكاتب الوطنية بالإقليم عن بالغ التأثر إلا أنهم أعربوا عن ثقتهم في استمرار وشائج العمل والوشائج الإنسانية مع الدكتور الجزائري الذي سينتقل في غضون أيام إلى جنيف ليبدأ سهام عمله مبعوثاً خاصاً للمديرة العامة لبرنامج استئصال شلل الأطفال، وأكّد الجميع أنه سيظل يحمل مكانة خاصة في قلوب وعقول كل من عمل معه.
انضم الدكتور حسين الجزائري إلى منظمة الصحة العالمية مديراً إقليمياً لشرق المتوسط عام 1982. "كان اعتقادي أن أستمر في المنظمة خمس أو عشر سنوات على أقصى تقدير، لكن رحلتي في المنظمة قاربت الثلاثين عاماً أعتز بها وأفخر بكل من عملت معهم".
ومد الجزائري علاقات وطيدة مع البلدان الأعضاء بالإقليم، وكان منطلقه في العمل أن منظمة الصحة العالمية لا تملك برامج صحية خاصة بها، وإنما هنالك برامج وطنية تمتلكها البلدان وتساندها منظمة الصحة العالمية. وبروح الإثناء والتملك هذه نجحت بلدان عديدة في إحراز تقدم في الكثير من البرامج الصحية، كما حاز المدير الإقليمي بفضل هذه السياسة التشاركية ثقة بلدان الإقليم التي جددت انتخابه لست دورات متتالية ليصبح المدير الإقليمي الأطول خدمة في تاريخ منظمة الصحة العالمية.
وكما وصفه الذين عملوا معه، فقد اتخذ الدكتور حسين الجزائري منذ البداية نهجاً علمياً التوجه يتفق مع خلفياته العلمية كعميد مؤسس لأول كلية للطب في بلده، المملكة العربية السعودية. وقد أطلق خلال عمله العديد من المبادرات، فبادر منذ وقت مبكر بطلب حشد دعم دولي للبرامج مكافحة الأمراض غير السارية باعتبارها العبء المرضي القادم، ودعم المبادرات المجتمعية المرتكز، والحق في الصحة، ودعم صحة الشباب والمراهقين وأدلى برنامج الرعاية الصحية الأولية اهتماماً ملحوظاً.
ومن خلال هذه العلاقات المتميزة مع البلدان الإقليمية أمكن للدكتور حسين الجزائري، التوصّل إلى اتفاقات كانت تبدو مستحيلة بالنظر إلى الظروف المحيطة بها. فقد نجح في إقناع حكومة طالبان – التي كانت توصف بالتشدد – بافتتاح مدرسة للتمريض للفتيات في وقت كان الاعتقاد الشائع إن حركة طالبان ترفض تعليم الفتيات من حيث المبدأ.
وداخل المكتب الإقليمي حرص الدكتور حسين الجزائري على اتباع أسلوب في الإدارة يقوم على تشجيع العاملين على تقديم أفضل ما لديهم. "أفخر بالعلاقة الجيدة بين كل واحد منكم وبيني. فاعتقادي دائماً أن الإدارة ليست إملاءً، ولكن تشجيعاً وتحفيزاً على العمل".
ويستعد الدكتور الجزائري لمهمته الجديدة مبعوثاً خاصاً لاستئصال شلل الأطفال في إقليم شرق المتوسط بكثير من الحماس. فهذا الإقليم الذي أوشك على إعلان خلّوه نهائياً من شلل الأطفال، لم يبق فيه سوى بلدين موطونين بالمرض هما باكستان وأفغانستان. ويرى الجزائري أن التأكيد على تملك الدولة في باكستان وتبنيها للبرنامج – كما فعلت الهند – من شأنه أن يدفع جهود الاستئصال نحو النجاح التام.
حضر الاحتفال أسرة الدكتور حسين الجزائري، وتحدثت باسمها الإبنة الكبرى يسرا مؤكّدة على سعادتها بالمشاعر الصادقة التي تحيط بالأب من أسرته الكبيرة في منظمة الصحة العالمية.