القاهرة: 25 تموز/يوليو 2012: يحتفي العالم يوم السبت، 28 يوليو، في شتى أرجائه باليوم العالمي لالتهاب الكبد، فيما تتكشف المعلومات حول درجة خطورة هذا المرض ويتوافر المزيد من البينات والإحصاءات حول خارطة توزع أنماطه المختلفة عالمياً وإقليمياً.
إذ تفيد البحوث والدراسات التي عكفت عليها منظمة الصحة العالمية وبلدانها الأعضاء وسائر شركائها، أن التهاب الكبد تتفاوت درجاته فقد يكون حاداً، وقد يأخذ مساراً مزمناً، وقد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، بل وقد يفضي إلى الموت، وأنه يصيب واحداً من بين كل 12 شخصاً في العالم، كما يصيب الأشخاص المخالطين لهم. وأن هنالك ما يقرب من 500 مليون مصاب بالتهاب الكبد المزمن من نمطين ينتقلان عن طريق الدم هما التهاب الكبد "بي" والتهاب الكبد "سي"، ويموت ما يقرب من مليون شخص كل عام نتيجة مضاعفات ذات صلة بالكبد، ومن بين أكثر تلك المضاعفات شيوعاً سرطان الكبد.
وفي سائر أرجاء إقليم شرق المتوسط نصادف جميع أنماط التهابات الكبد الفيروسي، إلا أن بعض بلدان الإقليم تعاني من معدلات أكثر ارتفاعاً من أي بلد آخر في العالم من التهاب الكبد سي والتهاب الكبد "إي". ويعيش في الإقليم في أيامنا هذه 17 مليون شخص وهم مصابون بالتهاب الكبد سي، كما يصاب ما يقرب من أربعة ملايين وثلاثمئة ألف شخص كل عام بعدوى التهاب الكبد "بي".
وتجاوباً مع هذه المعطيات المنذرة بالخطر، فقد خصّص وزراء الصحة في جمعية الصحة العالمية في عام ألفين وعشرة، 28 تموز/ يوليو من كل عام ليكون فرصةً لإذكاء وعي الناس بالتهاب الكبد، وللفت انتباههم إلى ما يمكن عمله للوقاية منه ولمكافحته.
ويحمل اليوم العالمي لالتهاب الكبد لهذا العام شعاراً ذا دلالة هو: "التهاب الكبد أقرب إليك مما تظن، فتعرف عليه، وواجهه". والرسالة الأساسية لهذا اليوم أن التهاب الكبد مرض يمكن الوقاية منه؛ صحيح أن كل واحدٍ منا معرّض للإصابة به، إلا أنه نادراً ما يصيب الذين يتخذون الاحتياطات للوقاية منه، فلننتبه لهذا المرض الخطير، وإلى الطرق التي ينتقل عبرها من مريض لآخر، وإلى كيفية حماية أنفسنا منه.
ومن الأساسيات التي ينبغي معرفتها عن التهاب الكبد أنه من الأمراض الخطيرة، التي تسببها العدوى بمجموعة من الفيروسات التي تدخل إلى الجسم عن طريق استهلاك الطعام الملوث، أو شرب الماء الملوث، أو التعرض لنقل الدم دون اتخاذ سُبُل الحماية والأمان، أو التعرض لسوائل من جسم مريض بالتهاب الكبد.
أما المواجهة فلكل فرد دور فيها لا يقل أهمية عن أدوار السلطات الصحية وراسمي السياسات والمؤسسات المعنية. فتقليل العدوى ممكن عند تجنب ممارسات سلوكية محدّدة مثل تكرار استخدام شفرات الحلاقة أو المحاقن من قِبَل المعالجين الشعبيين والقائمين بعمل الوشم، فضلاً عن السلوكيات المحفوفة بالمخاطر، مثل التشارك في استخدام الإبر عند تعاطي المخدرات بالحقن.
ثم إن توفير الطعام الآمن والمياه الآمنة سيقي بشكل كبير من نمطين من أنماط التهاب الكبد الفيروسي، هما التهاب الكبد "ألف" والتهاب الكبد "إي".
أما في المرافق الصحية، فإن تحرّي الدم ومنتجات الدم، والممارسة الآمنة للحقن، والعمل في عيادات طب الأسنان النظيفة، سيؤدي إلى خفض خطر العدوى بالتهاب الكبد "بي" والتهاب الكبد "سي".
وبمناسبة الاحتفاء باليوم العالمي للالتهاب الكبد ناشد الدكتور علاء الدين العلوان، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، جميع المعنيين بصنع القرارات وباتخاذها، والمجتمع المدني، والمؤسسات الخيرية، والمنظمات التي لا تستهدف الربح، والدوائر الأكاديمية، ومجموعات المرضى، وأرباب المهن الصحية، ومجتمعات الصحة العمومية في الإقليم، وحثهم جميعاً على توحيد جهودهم لمجابهة هذا الوباء الصامت، وللوقوف صفاً واحداً لقهره ودحره، مؤكداً إننا نقف الآن في لحظة فارقة بالنسبة لنا جميعاً ولدينا الوسائل والأدوات التي تمكِّننا من تحقيق التغيير إلى الأفضل.
وفي هذا الإطار أكد المدير الإقليمي إن الطبيعة المزمنة للعدوى بالتهاب الكبد "بي" والتهاب الكبد "سي" تستدعي تركيزاً قوياً على الاهتمام بتوفير الدم المأمون والتحري عن الفيروسات المسببة لالتهاب الكبد فيه، وعلى الرعاية، وعلى المعالجة، فبالكشف الباكر، وبالتدبير الملائم، نستطيع تحسين نوعية حياة ملايين الأشخاص المتعايشين مع هذا المرض. وأضاف: "إن جعبتنا لا تخلو من أنباءٍ سارة، فقد أصبح هناك لقاح فعَّال للوقاية من التهاب الكبد "بي". فاعتباراً من عام ألفين وأحد عشر، أدرج 17 بلداً من بين 23 بلداً في إقليمنا لقاح التهاب الكبد "بي" في برامج التمنيع لديها. وهكذا تلقّى ما يزيد على 80% من أطفال هذه البلدان ثلاث جرعات من اللقاح، مما يمنحهم حماية من العدوى بالتهاب الكبد "بي" طيلة حياتهم، ونحن نواصل العمل مع ما تبقى من بلدان الإقليم لمساعدتها على حماية مواطنيها في المستقبل القريب".
يذكر أن منظمة الصحة العالمية تعمل بتعاون وثيق مع البلدان لضمان سلامة وجودة الدم ومنتجاته، وتوافر الإمدادات الكافية منها، وضمان العدالة في الوصول إليها، واستخدامها بكفاءة لتلبية احتياجات جميع من يلزمهم نقل الدم باعتبار ذلك من أهم سبل الوقاية من التهاب الكبد الفيروسي لاسيما من النمطين "بي" و"سي".