استحوذت أزمة الصومال وآليات الإصلاح الداخلي على صعيد منظمة الصحة العالمية في عالم بالغ التعقيد، على فعاليات الجلسة الافتتاحية للدورة 58 للّجنة الإقليمية لشرق المتوسط التي بدأت أمس الأحد، وتم التأكيد خلالها على أنه لا يكفي أثناء الأزمات الاقتصار على توفير الدعم الطبي والنفسي والاجتماعي أثناء الأزمات، بل يجب تجاوز ذلك إلى ضمان الاحترام لحقوق الإنسان والـمُثل الأخلاقية في المجتمع.
وألقى رئيس الدورة السابقة الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة، وزير الصحة السعودي، الضوء على التحدِّيات التي يعيشها الإقليم وتؤدِّي إلى ما وصفه بالفقدان غير المبرر لحياة الإنسان وكرامته، قائلاً إنها تؤكد على أهمية دور منظمة الصحة العالمية وبلدانها الأعضاء في الحدِّ من انتهاك كرامة الإنسان وحفظ حقه في الصحة والحدِّ من المرض والفقر.
وشكر الدكتور الربيعة منظمة الصحة العالمية والدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري، المدير الإقليمي لشرق المتوسط، على الدور الريادي الذي تقوم به والعمل الدؤوب لصالح الإقليم.
وشهدت الجلسة الافتتاحية إعلان انضمام جمهورية جنوب السودان إلى عضوية منظمة الصحة العالمية ولجنتها الإقليمية لشرق المتوسط. وفي كلمته الافتتاحية رحَّب الدكتور الجزائري بوفود دول الربيع العربي، واستعرض المبادئ التي أرشدت مسيرة عمل المكتب الإقليمي في الحقبة الماضية والتي مكَّنت الإقليم من الإمساك بزمام المبادرة والقيام بدور القدوة على صعيد العمل الصحي في العالم كله.
وركَّز المدير الإقليمي على عدد من القضايا ذات الأولوية وفي مقدمتها تفعيل دور المجتمع، والانتقال من فكرة إشراك المجتمع إلى "قيادية المجتمع" بحيث يكون له دور قيادي في تحديد احتياجاته الحقيقية، واقتراح سُبُل تحقيقها.
ودعا المدير الإقليمي إلى إيلاء قضية المدّ المتعاظم للأمراض غير السارية الاهتمام الذي تستحقه، واعتبار التخلُّص منها حقاً للأطفال والأجيال المقبلة. وأوضح أن هذه الأمراض مسؤولة عمّا يقدَّر بمليونَيْن ومئتيَ ألف من الوفيات في الإقليم، وأنه يمكن للهواء النظيف والماء النقي والغذاء المأمون والتخلص الآمن من الفضلات أن تقي من الكثير من الأمراض والحالات غير السارية.
وأشاد الدكتور الجزائري بالاستجابة الكريمة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، في دعم أبناء الصومال، وكذلك أشاد بمبادرته بما وصفه بإعادة المرأة إلى مكانتها التي يريدها لها الله عزّ وجلّ باعتبارها نواة المجتمع وسبباً في حياة الأجيال وصناعة المستقبل؛ من خلال مشاركتها في مجلس الشورى باعتبارها خطوة بالغة الجدوى في تفعيل دور المرأة في المجتمع.
وبدورها تحدثت الدكتورة مارغريت تشان، المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية في الجلسة الافتتاحية منوِّهة بزيارة الدكتور حسين الجزائري إلى الصومال باعتبارها نموذجاً للأداء المتميز والحرص على الإنجازات. وشكرَت الدكتورة تشان كذلك مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز بتوفير الدعم المالي للتصدي للأزمة الإنسانية في الصومال.
وقالت المديرة العامة إن هذه الدورة تُعْقَد في بلد شهد تغيرات جذرية بفضل شجاعة أبنائه ورغبتهم في الإصلاح والتغيير، وأن المنظمة، وهي تستلهم هذه التجربة، تجري عملية إصلاح بطريقة متماسكة وفعّالة ومهنية من أجل مستقبل صحي أفضل.
وتطرَّقت المديرة العامة إلى الاحتياجات المالية التي تشكِّل تحدياً أمام المنظمة وأكدت أهمية أن تتواكب الموارد المالية مع الاحتياجات الحقيقية؛ واتّباع قِيَم الشفافية والمحاسبية والاستمرارية مؤكِّدة على ضرورة وجود منظمة الصحة العالمية قادرة على مواجهة التحديات في عالم بالغ التعقيد.
وشهد اليوم الأول للجنة الإقليمية استعراض تقرير المدير الإقليمي لشرق المتوسط عن أعمال المكتب الإقليمي خلال العام المنصرم على كافة الأصعدة، فيما يتعلق بسائر القضايا الصحية. وتم تقديم جائزة منظمة الصحة العالمية لمكافحة التبغ إلى الدكتورة مريم الجلاهمة، نائب وزير الصحة بمملكة البحرين، وجائزة توفيق علي شوشة للدكتور أمجد داوود نيازي من العراق، وجائزة دولة الكويت لمكافحة السرطان، والأمراض القلبية الوعائية والسكري للدكتور علي رضا انصاري مقدّم من جمهورية إيران الإسلامية.
وتُواصِل اللجنة الإقليمية أعمالها على مدى الأيام المقبلة برئاسة الدكتور أحمد بن محمد السعيدي، وزير الصحة العُماني الذي انتخب رئيساً لهذه الدورة، حيث يشهد اليوم الثاني الاقتراع السرِّي لاختيار المرشَّح لمنصب المدير الإقليمي لشرق المتوسط.