في إطار استجابتها للاحتياجات الإنسانيّة الراهنة، في عدد من مناطق الصومال التي ضربتها المجاعة وتداعياتها على الصحة، تواصل منظّمة الصحّة العالميّة، تعاونها مع المنظمات الإنسانية الأخرى في قطاع الصحة، في بذل الجهود في تقديم الإغاثة العاجلة لمحتاجيها، بالتنسيق مع عددٍ من الشركاء، في مجالات الصحّة العامّة والتدخّلات الإنسانيّة ذات الصلة.
وفي هذا السياق قامت المنظّمة مؤخّراً بتأمين المتطلّبات الأساسيّة في الرعاية الوقائيّة والعلاجيّة، بما يشمل الأدوية واللقاحات التي تم تحديدها وفق عمليّة رصد وبائي سريع للوضع الصحّي في المناطق الأكثر تضرّراً، قام به خبراء اختصاصيّون من منظّمة الصحّة العالميّة. وقد بيّنت مؤشّرات الوضع الراهن ارتفاعاً كبيراً في حالات الإصابة بالإسهال الحاد وأمراض الجهاز التنفسي التي تعتبر من أهم أسباب وفيات الأطفال في الدول النامية، ومنها الصومال. ويؤدّي التدهور الحالي في الخدمات الأساسيّة ونقص الغذاء والدواء إلى تفاقم الأمراض التي تنتقل بالعدوى وإلى ارتفاع معدلات المراضة والوفاة خاصّةً بين الأطفال دون الخامسة من العمر.
كما بيّنت نتائج الرصد الوبائي والفحص المختبري لحالات الإسهال تفجُّر وباء الكوليرا في مقديشو، وتحديداً في منطقة بنادير، إلى جانب تسجيل حالات إصابة مؤكّدة بمرض الحصبة وحمى الضنك في بنادير وجالبيد.
وخلال الأسابيع الثمانية الماضية أوضحت بيانات مستشفى بنادير في مقديشو زيادة هائلة في عدد حالات الإسهال الحاد والكوليرا مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، ممّا يُعَدُّ مؤشّراً خطيراً يهدّد أرواح الآلاف من أبناء الصومال، ويتحمّل الأطفال، دون السنتين من العمر، العبء الأكبر، حيث يشكّلون نسبة 49% من إجمالي الحالات المسجّلة، ونسبة 47% من إجمالي حالات الوفاة.
وفي ظلّ هذا الوضع الكارثي الذي يحاصر أبناء الصومال بين قهر المجاعة المحتدمة في وسط وجنوب البلاد وأتون الحرب الأهليّة المستمرّة تصبح الاستجابة الفوريّة من قِبَل المجتمع الدولي أمراً لا يقبل التأخير. وفي إطار تلبية الاحتياجات الحيويّة لنداء منظّمة الصحّة العالميّة لتوسيع نطاق التدخُّل ولتوفير المزيد من المساعدات الطبيّة، قامت المنظّمة، وبتمويل من المملكة العربيّة السعوديّة، بتوفير المواد الطبية والمستلزمات الصحية، ومنها العتائد الإسعافية. وتتضمَّن العتيدة الواحدة قائمة معياريّة أعدّتها منظّمة الصحّة العالميّة، وتقوم بتحديثها دوريّاً للاستجابة العاجلة لأوضاع مماثلة. كما تتضمَّن العتيدة الإسعافيّة أدلّة إرشاديّة للاستخدام المعياري للعلاجات وطُرُق التعاطي مع الحالات المرضيّة المختلفة.
وقال الدكتور حسين عبد الرزّاق الجزائري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، وهو يستعدّ للقيام بزيارة ميدانيّة إلى الصومال لمتابعة أعمال الإغاثة: "نقدِّر للمملكة العربيّة السعوديّة استجابتها، وكذلك لجميع الدول التي سَبَق وأن قدَّمت مساعدات لأعمال الإغاثة في الصومال، غير أنّ العدد الهائل من الوفيات التي تحدث كل يوم في الوقت الراهن يتطلّب توسيع نطاق الاستجابة، وتعزيز التدخلات الصحيّة والتغذويّة دون تأخير، فكل يوم يمر دون تدخُّلٍ كافٍ يعني تسجيل المزيد من الضحايا".