الأوضاع الصحية تتأزَّم في الجماهيرية العربية الليبية

مع استمرار الأوضاع السياسية والأمنية المتأزمة في الجماهيرية العربية الليبية فإن تداعيات هذه الأوضاع على الصحة العمومية، آخذةً في التفاقم والضغط على حياة المواطنين الليبيين، ولاسيَّما في المدن المحاصرة أو التي يصعب وصول الفرق والمعونات الطبية إليها.

وعلى الرغم من المساعي الدولية وجهود منظمات الإغاثة ووكالات الأمم المتحدة للحدّ من تداعيات الأزمة على الصحة والأحوال الإنسانية، إلا أن القائمة التي رصدتها فرق التقييم السريع تضم مشكلات كبرى تعاني منها النظم الصحية والخدمات الطبية والقوى العاملة في المجال الصحي.

فإلى جانب استمرار وقوع الضحايا من المصابين والقتلى، جرّاء النزاع المسلّح، فإن أوضاع المصابين بالأمراض غير السارية مثل السرطان والأمراض القلبية والسكري تزداد حرجاً، في ظل عجز في تقديم الخدمات تتراوح نسبته بين 40 و80%، وهو ما يشمل القوى العاملة والمنشآت مما أسفر عن انهيار كبير في الرعاية الصحية الأولية، وتحوُّل كافة الخدمات إلى علاج الإصابات، فضلاً عن الأعطال التي طالت مكونات البنية الأساسية للمنشآت والخدمات الصحية مثل الكهرباء وإمدادات المياه والطرق وسيارات الإسعاف.

في الوقت نفسه يواجه المواطنون مشكلات تهدد الحقوق الإنسانية الأساسية الناجمة عن انقطاع الدخل المادي، إذ لم يتلقَّ جزء كبير من قطاع العاملين بالدولة رواتبهم منذ شباط/فبراير الماضي، وهو ذات التوقيت الذي توقَّف فيه استلام شحنات الأدوية والإمدادات الطبية.

ويعاني النظام الصحي الليبي حالياً فجوات وتحديات كبيرة تتمثل في تراجع حاد في خدمات الرعاية الصحية الأولية، حيث تشير التقارير الأولية إلى تراجع معدلات التغطية ببرامج رعاية الأمهات والأطفال، خاصة في مجال إتاحة خدمات الحمل والولادة والتمنيع، نظراً للظروف السائدة حالياً في ليبيا وأزمة الوقود، التي تتفاوت من منطقة إلى أخرى. مما يزيد من خطر تفشي أمراض الطفولة القاتلة ومنها الحصبة، بالإضافة إلى زيادة التعرُّض لمضاعفات الحمل والولادة في غياب الرعاية اللازمة.

كما تلح الحاجة اليوم بضرورة تفعيل نظام ترصُّد الأمراض غير السارية، ومراقبة جودة مياه الشرب والتخلُّص من النفايات. كما يمثِّل غياب الدلائل الإرشادية الوطنية وحزمة الخدمات، مع نقص الأموال السائلة اللازمة لتدبير الدعم الصحي تحدياتٍ كبيرة يتفاقم تأثيرها مع تحويل المرضى إلى خارج ليبيا والدمار الذي لحق بالبنية الأساسية للقيام بالمعالجة في داخل الأراضي الليبية.

وقد سبق لمنظمة الصحة العالمية وشركائها في مجموعة العمل الصحي والإنساني في ليبيا توجيه نداء عاجل في 18 أيار/مايو الماضي تحث فيه المجتمع الدولي والجهات المانحة للإسهام في توفير الدعم المادي اللازم لتغطية أنشطة الإغاثة والخدمات الصحية والإنسانية في ليبيا. وركز النداء على عاملين أساسيين في التصدي للأزمة هما:

• توفير الخدمات الطبية العاجلة والتدخلات المنقذة لحياة المرضى والجرحى.

• توفير الخدمات الصحية التي تتسم بالشمول والسرعة والكفاءة والمساواة في التوزيع لكافة الأطراف المتأثرة بالنزاع مع العمل على إعادة تنشيط القطاع الصحي الذي تضرر بالصراع الدائر.

هذا فضلاً عن الحاجة الماسة إلى الوصول بخدمات الرعاية الصحية إلى المواطنين في المناطق المحاصرة وسد العجز في أعداد العاملين الصحيين لاسيَّما في مجال التمريض وإخصائيي الجراحة، الذين غادر بعضهم البلاد بينما يمنع الحصار والظروف الأمنية البعض الآخر من الذهاب إلى أماكن عملهم.

وتواصل منظمة الصحة العالمية ممثلة بمكتبها الإقليمي لشرق المتوسط جهودها لتنمية الحل الإنساني في الجماهيرية العربية الليبية وعلى الحدود مع جمهورية مصر العربية والجمهورية التونسية في سبيل الحد من تداعيات الوضع الراهن على الصحة، وتقديم التدخلات الأساسية وقائياً وعلاجياً.