بعد أربعين يوماً من الحصار والقصف، تواجه مدينة مصراتة التي تبعد نحو مئتَي كيلومتراً عن العاصمة الليبية طرابلس، وضعاً صحياً بالغ التدهور. وقد حذّرت منظمة الصحة العالمية اليوم، من أن هذا الوضع يُعرِّض أرواح الآلاف من المدنيين للخطر كما يُنذر، في حالة استمراره على هذه الوتيرة، بمزيد من التدهور في الأزمة الإنسانية هناك.
وقد دعا الدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، إلى وقف إطلاق النار وصولاً لهدنة تستمر أياماً، يمكن خلالها لمنظمة الصحة العالمية وشركائها إجلاء الجرحى والمرضى، وتوفير المساعدات الطبية والإنسانية التي يحتاجها المحاصَرون في مصراتة وسائر المدن الليبية، احتياجاً شديداً. وأضاف المدير الإقليمي قائلاً: "المنظمة تدعو المجتمع الدولي والهيئات المانحة لتوفير الدعم الفوري لمواطني مصراتة، لوقف تدهور الأزمة الإنسانية عما هي عليه... لدينا قائمة من الأولويات العاجلة التي لابُدَّ من توفيرها فوراً وتشمل الفِرَق الطبية، والمعدَّات، والأدوية، والأجهزة الجراحية، وأجهزة التهوية، ومعدَّات التعقيم، ومطهّرات المياه".
وتشير التقارير الميدانية إلى صعوبة الوصول إلى المنشآت الصحية، إذ يؤكِّد أحد الأطباء المحليين استحالة الوصول إلى المستوصف الرئيسي في مصراتة على الأطباء والجرحى، بينما تواجه العيادات الصغيرة وغير المجهزة توافداً شديداً من الجرحى والمرضى الذين هم في أمسّ الحاجة إلى المساعدة الطبية. أما المنشآت الصحية الخاصة فتفتقر إلى الإمكانيات والمساحة والمعدَّات والكوادر الطبية القادرة على مواكبة الأعداد غير المسبوقة من الجرحى والمرضى. وأضاف الطبيب: "إن برامج التمنيع الروتينية قد توقفت من جراء نفاذ مخزون اللقاحات من المدينة. كما أن أدوية معالجة الأمراض السارية والأمراض المزمنة غير متاحة".
كذلك تشير التقارير الواردة إلى توقف إمدادات المياه ونُظُم الصرف الصحي، كما أن الطُرُق المؤدّية إلى محطات تحلية المياه القريبة والتي تمثِّل مصدراً بديلاً لمياه الشرب، تتعرض لقصف النيران، ومن ثمَّ فهي غير آمنة. وتقع مصراتة على مقربة من مدينة تورغة التي يتوطن بها كل من الملاريا وداء الليشمانيات. ويُخشَى من أن يؤدي نقص مياه الشرب النظيفة وتدهور الصرف الصحي إلى تفشّي الأوبئة بما لها من عواقب صحية وخيمة.
وفضلاً عن أهالي مصراتة، هنالك أعداد كبيرة من المهاجرين من مصر، وتشاد، والنيجر، وبنغلاديش، وجنسيات أخرى محاصرون بدورهم في المخيمات المؤقتة التي تَنْدُر فيها الضروريات الصحية والإنسانية.
وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها منظمة الصحة العالمية من خلال مكتبها الإقليمي لشرق المتوسط، وسائر الشركاء، لدعم جهود الإغاثة، وتوفير الأدوية والإمدادات الطبية للمضارين من أحداث العنف في ليبيا، فلا تزال هناك العديد من المناطق غربي ووسط البلاد، تحت الحصار ولا يمكن لوكالات الإغاثة الوصول إليها بالمساعدات اللازمة. وتجدد المنظمة تحذيرها من التهديدات للصحة المحدقة بسكان هذه المناطق، ودعوتها للعمل الفوري لمواجهتها.