منظمة الصحة العالمية تحذر من المساس بالحق في الصحة خلال النزاعات

إزاء التصاعد الحاد والمستمر في وتيرة العنف في مواجهة التحركات الشعبية المطالبة بالحريات والتغيير السياسي في عدد من بلدان الإقليم، تجدِّد منظمة الصحة العالمية تأكيدها لكافة الأطراف بأن الحق في الصحة هو حق إنساني أصيل وأساسي، لا يجوز، حسب دستور المنظمة وسائر القوانين والأعراف والمواثيق والمعاهدات الدولية، المساس به أو الانتقاص منه أياً كانت الظروف والملابسات.

وتدعو المنظّمة جميع الدول الأعضاء للالتزام بتعهداتها في تأمين ممارسة الحق في الصحّة، ولاسيَّما أثناء الحروب والنزاعات والصراعات المسلحة، نظراً لما تحمله هذه الأحداث من تهديدات مباشرة وغير مباشرة لحياة وسلامة الأفراد والمجتمعات، سواء بسقوط القتلى والجرحى والمصابين، أو نزوح السكان وفرار المهدَّدين وتعطيل عمل العاملين الصحيين، أو من خلال النقص الحاد في أهم مقوّمات الصحة والحياة مثل الغذاء والماء والرعاية الصحيّة، بما في ذلك عَرْقَلَة وصول الخدمات الإسعافيّة إلى محتاجيها. ويتطلب الوضع الراهن في دول الإقليم التي تجري فيها أمثال هذه التحركات الشعبية، تعزيزَ خدمات الرعاية الصحية وإتاحتها لجميع المتضرّرين، واتّخاذ تدابير الحدّ الفوري من تداعيات النزاع المسلّح، وبالتالي وقف النزيف اليومي والحد من الازدياد المضطرد في أعداد المصابين من ضحايا النزاعات.

ويوالي المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، إرسال الإمدادات الطبية للبلدان التي تشهد قلاقل شديدة وسقوط القتلى والجرحى. وتشمل الإمدادات التي أرسلت حتى الآن أدوية ومواد إسعافية ومعدَّات ومستلزمات جراحية تكفي مئات الآلاف من الأفراد، كما تمت دعوة شركاء المنظمة في مجال التنمية الصحيّة لتوفير فرق طبية ميدانيّة ساندتها المنظّمة لتعزيز أداء الأُطُر الوطنيّة الطبية في البلدان المتأثرة بتداعيات الاحتجاجات الشعبيّة الراهنة.

كما تراقب المنظّمة بقلق بالغ تـَرَاجُع مؤشرات عدد من برامج الصحّة الوقائيّة، ومنها خدمات التحصين والتمنيع ضد أمراض الطفولة القاتلة في عدد من هذه البلدان، مـمّا يهدد بتفشّي هذه الأمراض، وعودة أمراض أخرى سبق التخلُّص منها، إلى جانب نقص الخدمات المقدَّمة للمصابين بالأمراض المزمنة، وإهمال الصحّة النفسية التي تتفاقم مشكلات أمراضها خلال الصراعات المسلحة من جرّاء الصدمات والتـرويع.

ويهيب المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط بكافة الأطراف من حكومات، ومؤسسات مجتمع مدنيّ، مهما اختلفت انتماءاتهم السياسيّة، تغليب المصلحة الوطنيّة والإقليميّة، والعمل على تأمين وإتاحة الخدمات الصحية لجميع الناس دون نظر لانتماءات حزبيّة أو دينيّة أو عرقيّة؛ سواء منها الخدمات الإسعافية العاجلة أو التدخلات المنقذة للأرواح، أو خدمات التحصين والرعاية المقدَّمة للأم والطفل وأولئك الذين يعانون من الأمراض المزمنة، وتوفير ممرات آمنة للوصول إلى المستشفيات وسائر المرافق الصحية، إلى جانب حماية العاملين الصحيين من أطباء وممرضين وإخصائيي المختبرات في كافة مواقعهم.

كما يدعو المكتب الإقليمي الشركاء المعنيين في المنظمات الدولية والمؤسسات الإقليمية إلى مضاعفة جهود الإغاثة والوصول بها إلى المنكوبين في أسرع وقت ممكن للحدّ من الخسائر البشرية وتفادي المزيد من الضحايا، واحتـرام حق الأبرياء في الحماية والكرامة الإنسانيّة.