مستجّدات الوضع الصحّي في ليبيا وأعمال الإغاثة

تواصلُ منظمةُ الصحّة العالمية، ممثّلة بمكتبها الإقليمي لشرق المتوسّط، جهودَها في تقديم العون الممكن إنسانيّاً وصحيّاً لمتضرري الأحداث الراهنة في عدد من دول الإقليم، وخاصّة في ليبيا.

وتجدّدُ المنظّمةُ تأكيدَها على أهمية اتخاذ التدابير العاجلة لاحتواء الوضع الكارثي في أغلب المدن الليبيّة، وتجنّبِ كوارث وبائية محتملة في ظل نقص حاد في التموين الغذائي ومحدودية إتاحة مياه الشرب النقيّة، إلى جانب تراجع خدمات التحصين الروتيني ضد أمراض الطفولة القاتلة في مناطق التوتّر. وتحذّر منظّمة الصحّة العالمية من تداعيات ذلك التهديد الصحي والتغذوي على الأمن الصحي في البلاد، إلى جانب تهديدات أخرى تطال الحقّ في الحياة، مع ما يُمارس من عنف ضد المحتجين العزّل.

ولقد قام المكتب الإقليمي لمنظّمة الصحة العالميّة، عبر الوحدة المختصة بالإغاثة والعمل الإنساني، بتأمين العلاجات والمستلزمات الطبيّة الأساسية، ويقوم فريق المنظّمة حالياً بدور ميداني في تنسيق أعمال الإغاثة، بالتعاون مع شركاء التنمية الصحيّة داخلَ البلاد وخارجَها.

هذا وقد تم إنجاز تقييم أولي للوضع الصحي في خمسٍ من المدن الليبية من حيث توافر الكوادر العاملة، والمرافق المقدّمة للخدمات الإسعافية والروتينيّة. وقد أظهر التقييم وجود احتياج عاجل لفرق طبية في مجالات جراحية متخصّصة وفي مقدّمتها جراحة العظام، والعيون، والقلب، وكذلك حاجة لاختصاصيي تخدير وأشعّة، نظراً لمغادرة عدد من الأطباء الأجانب بسبب الأحداث الجارية. كما بيّن التقييم تعرّض المستشفيين الرئيسيين في مدينتي بنغازي والبيضاء لأضرار في البناء، وهو ما لم تسلم منه المرافق الصحية في مدنٍ أخرى.

وتستمر المنظمّة في تقديم المساعدة الطبية من خلال اتّحاد الأطباء العرب، حيث يعمل حالياً ما يقرب من مئة طبيب في مختلف الاختصاصات في محاولة لاحتواء العجز في الخدمات الصحيّة، وتوفير الرعاية لجرحى الأحداث، والمرضى المتضرّرين من نقص الخدمات العلاجية.

وتدعو منظمة الصحة العالمية جميع الدول الأعضاء، والمؤسسات المعنيّة بالشأن الصحّي، للمساهمة في توفير المتطلّبات الأساسيّة لتفعيل أنشطة الفرق الطبيّة وتجهيزها، وبصورة فوريّة، وبما يؤمّن الرعاية المطلوبة وقائيّاً وعلاجيّاً في ظل الظروف الصعبة التي تشهدها مدنٌ ليبية عدّة، عبر التواصل مع المكتب الإقليمي لشرق المتوسّط، الذي قام بتحديد أولويات التدخّل في الوقت الراهن.

كما تعمل المنظّمة عبر مكاتبها القُطْرية في مصر وليبيا وتونس على رصد الأوضاع، وتقييم الاحتياجات، في الداخل الليـبي وعلى الحدود الليبية مع كلًٍ من مصر وتونس، إلى جانب التعاون مع الدول الثلاث في تيسير رعاية النازحين من مواطني هذه الدول وغيرها.

إن ما تعانيه ليبيا من نقص شديد في مواد الإغاثة، والأغذية، والمياه، إلى جانب عدم توافر خدمات صحيّة كافية ينذر بمزيد من النـزيف اليومي في الأرواح، ويجسّدُ كارثةً تتطلب لاحتوائها تدخّلاً عاجلاً لا يقبل التأخير.

وتؤكّد المنظمة استعدادها لإيصال أي إمدادات إنسانيّة أو صحيّة للمتضررين من المواطنين الليبييّن، وتحث في هذا السياق جميع الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني والأفراد لتحفيز مساهماتهم لإغاثة أهلنا في ليبيا، والعمل مع المكتب الإقليمي للاستجابة الآنيّة لنداءات استغاثاتهم، والحد من معاناتهم المستمرّة.