إلهام الجعلي 1
الخلاصة: تهدف هذه الدراسة إلى بيان الاختلافات في السلوكيات الغذائية لدى الفتيات المراهقات بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، كما يعكس تأثير وسائل الإعلام عبْر الإعلانات التلفزيونية التجارية. واستخدمت الدراسة مسحاً مقطعياً شمِل 1519 فتاة من عشرين مدرسة للبنات بمدينة جدة. وتضمّنت أسئلة المسح معلومات حول الإعلانات التجارية وتأثيرها على السلوكيات الغذائية. وأُجريَت تحليلات ثنائية الـمـُتغيِّر لتحديد اختلافات السلوك الغذائي نتيجة التأثير الإعلاني مع استخدام اختبار مربع كاي (chi-square) لبيان العلاقات ذات الدلالة الإحصائية. وأبرزت النتائج وجود ارتباط قوي بين تناول الحلويات والتعرض للإعلانات التجارية (P = 0.035). وبلغ عدد المراهقات اللواتي تعرّضن لتلك الدعاية التجارية، وكُنَّ على الأرجح أكثر استهلاكاً للحلويات 299 فتاةً (% 48.5)، وعدد من تسوَّقن لشراء المواد الغذائية 316 فتاةً (% 50.7)، وعدد من حاولْن إنقاصَ أوزانهن 373 فتاةً (%59.5). وتؤكد الدراسة على الدور الذي يلعبه صانعو القرار والتزامهم بحماية شباب المستهلكين عبر زيادة التشريعات وفرض رقابة على المحتوى الإعلامي الذي يستهدف الشباب (لا سيّما الإعلانات عن الأغذية).
The impact of media and advertising of food on the eating behaviour of adolescent girls in Jeddah, Saudi Arabia
ABSTRACT This study aims to detect differences in eating behaviours demonstrated by adolescent girls in Jeddah Saudi Arabia, according to the influence of the media through TV advertisements. A cross-sectional survey was conducted of 1519 girls from 20 schools in Jeddah. Survey questions included information regarding media advertising and its effect on eating behaviour. Bivariate analyses were performed to define differences in eating behaviour according to media influence and Chi-square analyses to detect significant relationships. The results indicated a significant correlation between dessert consumption and advertising exposure (P = 0.035). Adolescent girls exposed to such advertising were more likely to consume dessert [n=299 (48.5%)], to shop for food [n=316 (50.7%)], and had attempted to lose weight [n=373 (59.5%)]. The results emphasize the role and obligation of decision-makers to protect young consumers through increased legislation and control of media content (particularly food advertisements) targeting young people.
Impact des médias et de la publicité pour les produits alimentaires sur les comportements alimentaires des adolescentes à Djeddah (Arabie saoudite)
RÉSUMÉ La présente étude a pour objectif de détecter les différences de comportements alimentaires démontrées par des adolescentes à Djeddah (Arabie saoudite), en fonction de l’influence des médias dans les publicités télévisées. Une enquête transversale a été réalisée auprès de 1519 jeunes filles de 20 écoles de Djeddah. Les questions de l’enquête concernaient des informations sur la publicité dans les médias et son impact sur le comportement alimentaire. Des analyses bivariées ont été conduites pour définir les différences en matière de comportement alimentaire en fonction de l’influence des médias, et des analyses du Chi carré ont été effectuées pour détecter les relations significatives. Les résultats ont indiqué une corrélation significative entre la consommation de desserts et l’exposition à la publicité (p= 0,035). Les adolescentes exposées à ce type de publicité étaient plus susceptibles de consommer des desserts [n=299 (48,5 %)], de vouloir acheter des produits alimentaires [n=316 (50,7 %)], et avaient essayé de perdre du poids [n=373 (59,5 %)]. Les résultats soulignent le rôle et l’obligation des responsables de la prise de décision en matière de protection des jeunes consommateurs en augmentant la législation et en contrôlant les contenus médiatiques (notamment pour les publicités alimentaires) ciblant les jeunes gens.
1 استشارية التغذية ووكيلة كلية العلوم الطبية التطبيقية، جامعة الملك عبد العزيز، جدة، المملكة العربية السعودية، البريد الإلكتروني: (
الاستلام: 22/12/15، القبول: 16/07/18
1Elham Al-Jaaly, The Vice-Dean for Female Section, Faculty of Applied Medical Sciences, King Abdulaziz University, Jeddah, Saudi Arabia.
المقدمة
هدفت هذه دراسة إلى مراجعة الدراسات الخاصة بوضع الأمراض غير المعدية والمرتبطة بالتغذية وعوامل الخطر المرتبطة بهذه الأمراض في إقليم شرق المتوسط تأثير التلفزيون على الاستهلاك الغذائي ونمط الحياة عند الأطفال في ثلاث طرق هي: أستهلاك أعلى كمية من الطاقة والدهون إضافة إلى قلة النشاط البدني ونمط الحياة الأكثر خمولاً بسبب مشاهدة التلفزيون لفترات طويلة، ومشاهدة الإعلانات التلفزيونية، وخاصة الإعلانات عن الوجبات السريعة والأطعمة غير الصحية والتي بدورها تؤثر على الخيارات الغذائية للأطفال وتغريهم بتناول كميات كبيرة من الدهون والطاقة (1).
وهناك العديد من العوامل التي تؤثر على السلوك الغذائي والنمط المعيشي للمراهقين، ويعتبر الإعلان الغذائي من أهم هذه العوامل. حيث نجد أن معظم هذه الإعلانات الغذائية تروّج لأطعمة غنية بالسعرات الحرارية وقليلة في القيمة الغذائية بطرق مغرية مثل: الشوكولاتة والحلويات المختلفة والبطاطا الغنية بالأملاح والمشروبات الغازية، حيث تعتبر القنوات الفضائية من أكثر الوسائل الإعلامية المستخدمة في الإعلان وخاصة الإعلان عن الأغذية الموجه لفئة الأطفال والمراهقين وذلك بسبب وجود جهاز التلفزيون تلقائياً ضمن مقتنيات الأجهزة المنزلية (2).
ولقد أثبتت العديد من الدراسات على مدى الثلاثين عاماً الماضية أن تعرّض الأطفال والمراهقين لأجهزة التلفزيون، ومداومتهم على مشاهدة بعض البرامج قد يؤدي إلى تكوين سلوك معين لديهم بسبب تأثير العديد من البرامج ومقدميها وقد يحاولون تقليد أنماطهم الحياتية، هذا بالإضافة الى تعرضهم للإعلانات التجارية المغرية التي تروّج للأطعمة والمشروبات غير الصحية مما يؤثر على سلوكهم ونمطهم الغذائي.
ولقد أشارت دراسة تحليلية للإعلان عن الأغذية الموجة للأطفال والمراهقين والتي اختير فيه التلفزيون كأداة إعلامية واعلانية وتم تحليل مضمون ما يروّج عنه في الإعلانات التجارية بالقنوات الأكثر مشاهدة من قبل الفتيات السعوديات (نفس عينة الدراسة الحالية) وهي قنوات MBC1 وMBC4 وMBC3 وتتبع لمجموعة قنوات تلفزيون الشرق الأوسط (MBC) إلى أنهن يتعرضن للإعلان التجاري تعرضاً كبيراً وذلك بسبب وجودهن بالمنزل لساعات طويلة خلال اليوم حيث قد يصل مشاهدة الفتيات السعوديات إلى 21 إعلاناً عن كل ساعة بث يشاهد فيها التلفزيون ووجدنا أن 18٪ من هذه الإعلانات مخصصة لترويج منتجات غذائية باستخدام أساليب ترويجية مختلفة لتحفيز هذه الفئات العمرية على شرائها (3) والتي تتفق اتفاقاً كبيراً مع الأساليب المستخدمة في الدول المتقدمة (4). كما شمل التحليل لهذه الإعلانات تحليل المادة الغذائية المعلن عنها وتصنيفها من حيث المكونات الغذائية كالسعرات الحرارية، وكمية الدهون ونوعيتها، وكمية السكريات والأملاح وذلك حسب التعريف الخاص بوكالة أساسيات الغذاء البريطاني(5)، ووجدت الدراسة أن ما نسبته 70٪ منها صُنِفَت من ضمن الأطعمة غير الصحية لاحتوائها على نسب عالية من الدهون المشبّعة والسكريّات والأملاح. كما أشارت دراسة أخرى خاصة بنفس عينة الدراسة الحالية تعنى بدراسة العوامل الشخصية والبيئية المؤثرة على السلوك الغذائي للمراهقات بالسعودية والتي تم الاسترشاد بنتائجها ومخرجاتها في الدراسة الحالية إلى أن ما نسبته 96٪ من المشاركات من إجمالي 1519 طالبة يقضين أوقات طويلة في مشاهدة التلفزيون مقارنة بالوسائل الأخرى كالإنترنت وألعاب الكمبيوتر والمجلات والصحف (5).
وتعتبر الوجبات الخفيفة الغنية بالسعرات الحرارية والدهون والسكريات مثل الشوكولاتة والكيك والبطاطا المملّحة هي الأكثر شعبية في المملكة العربية السعودية لدى الأطفال والمراهقين(6)، هذا بالإضافة إلى بعض أنواع الحلويات وأن أعلى نسبة من الإعلان الموجه لهذه الفئات العمرية يركّز على بث إعلانات خاصة بهذه الأطعمة والتي تمثل 18٪ من جملة الإعلانات المبثوثة في حين أن الإعلان عن الحبوب يمثل 12٪ من المعلن(3)، وأن معظم الشركات المعلنة في القنوات التلفزيونية بالسعودية وبنسبة (58٪) لا تدرج أي معلومات عن المكوّنات الغذائية على عبّوات منتجاتها (3)، مما يستوجب وجود قوانين ملزمة في المملكة العربية السعودية تلزم الشركات المنتجة والمعلنة على ضرورة إدراج جميع المواد المستخدمة في المنتج ونسبها، كم نجد أن استهداف فئة الأطفال والمراهقين بهذه الإعلانات يصاحبه استخدام أساليب محفّزة لعملية الشراء مثل تقديم حوافز سعرية، وهدايا مجانية وعرض المنتج بواسطة بعض المشاهير من الشخصيات المحبوبين لدى هذه الفئة (3).
كذلك أثبتت الدراسات في منطقة الخليج والمملكة العربية السعودية بأن هنالك سلوك عام لدى المراهقات وميل في تقليد الجنسيات الأخرى في نمط معيشتهم. وأن لدى بعض الفتيات عادات غذائية غير صحية مثال: تناول المأكولات السريعة والمشروبات الغازية، وعدم الانتظام في الوجبات الغذائية وكذلك عدم الاهتمام بتناول كميات كافية من الخضروات والفواكه والاعتماد على أنظمة حمية لتخفيف الوزن مأخوذة من القنوات الفضائية والمجلات وهي ذات صبغة تجارية لا تعتمد على أسس صحية معتمدة من قبل إخصائيين (7–11 ).
ونجد أن العديد من الدول قد وضعت قواعد وأسس منظمة لعملية الإعلان التجاري على وجه العموم والإعلانات الموجه للصغار والمراهقين على وجه الخصوص وتحديد أوقات بثها، مما يجعل المادة الإعلانية الموجهة إلى هذه الفئة العمرية منتقاة بعناية، ولكن نجد في العديد من البلدان النامية ودول الخليج العربي انعدام الأسس واللوائح المنظمة التي تحدد نوعية المادة الإعلانية الموجهة إلى الصغار أو قصورها أو عدم كفايتها في كثير من الأحيان (12) وذلك من حيث نوعية المادة المعلن عنها ووقت البث حيث إنه من الناحية السلوكية والصحية والتربوية فلابد من المراقبة اللصيقة من الجهات ذات الاختصاص. والدليل على ما سبق هو عدم وجود دراسات وأبحاث علمية كافية توضّح نوعية المادة الإعلانية وكميتها ومدى تأثيرها على النَشْء من حيث الفوائد أو المحظورات خاصة فيما يختص بتأثيرها على السلوك الغذائي لهذه الفئة العمرية والتي تعتبر من أكثر مراحل حياة الأنسان أهمية حيث يبدأ فيها تشكيل السلوك الغذائي الذي يرافق الإنسان إلى فترة ما بعد البلوغ.
إن التطوّر الكمي والنوعي الذي حدث في البث التلفزيوني بالمملكة العربية السعودية يعتبر تطوراً كبيراً، فلم تكن هنالك سوى قناتان تلفزيونيتان فقط حتى نهاية الثمانينات من القرن الماضي وتداران وتبثان تحت الإشراف المباشر من قبل وزارة الإعلام ولكننا نجد الآن ما يربو على 600 قناة فضائية مجانية تبث على أنظمة عربسات ونايل سات وغيرها من الأقمار الصناعية ويمكن للجميع التقاطها ومشاهدتها بحرية كاملة (13)، وتعتمد فى استمراريتها على الإعلانات التجارية لتغطية مصروفاتها، وكذلك بيّنت أبحاث مجموعة المرشدين العرب بتاريخ (11/6/2009) (14) أن القنوات العامة المملوكة للقطاع الخاص تتصدر قائمة القنوات المجانية مقارنة بالقنوات الرسمية المملوكة للقطاع العام حيث تتصدر المملكة العربية السعودية وحدها النصيب الأكبر من القنوات الفضائية المملوكة للقطاع الخاص. ومن ضمن هذه القنوات قنوات مركز تلفزيون الشرق الأوسط (MBC) والذي بدأ بثه في سبتمبر 1991م ومن ثم تطورت حيث إنها في العشر سنوات الأخيرة انبثقت منها عدة قنوات، وهي تعتبر من قنوات التلفزيون الفضائية المجانية والتي يبث من خلالها معظم الإعلانات التجارية. وهدفت هذه الدراسة الى التعرّف على مدى التأثير المباشر للإعلام والإعلان التجاري عن الأغذية على السلوك الغذائي على مستوى الفرد والجماعة، والذي تم التعرّف عليه من خلال بعض الإجابات الخاصة بأسئلة الاستبانة المتعلقة بمدى تأثير الإعلام والإعلان التجاري عن المنتجات الغذائية على سلوك الفتيات الغذائي ومن ثم ربطها إحصائياً بعوامل شخصية وبيئية مختلفة لها تأثيرعلى تناول الطعام والسلوكيات الخاصة به5. خاصة وأنه تم التعرّف على نوعية الإعلان المشاهد وكميته للفتيات في عينة الدراسة في دراسة أخرى أُجريت بالتزامن مع هذه الدراسة (3).
الطرق المتبعة في الدراسة ومنهجها
عينة الدراسة وطرق البحث
أجريت الدراسة على عدد (1519) طالبة فئاتهم العمرية تتراوح ما بين (13-18 سنة) واختيرت الطالبات من عشرين مدرسة (متوسطة وثانوية) بطريقة عشوائية تشمل القطاعين الحكومي والخاص وذلك بالعام الدراسي (2009/2010م) وقد استخدمت العينة العشوائية الطبقية المتعددة في اختيار الفتيات من مختلف المناطق الجغرافية بمدينة جدة. كما استخدم إطار نظري تكاملي بغرض دراسة السلوك الغذائي للمراهقات السعوديات والتعرّف على بعض العوامل الشخصية والبيئية المؤثرة على ذلك السلوك ومن ضمنها عامل تأثير الإعلام والإعلان عن الأغذية، وقد صرحت لجنة الأخلاقيات والبحوث في جامعة الملك عبد العزيز بجدة على الدراسة قبل إجرائها وكذلك وافقت وزارة التربية والتعليم عليها بالإضافة الى الموافقة الخطية للمشاركات من أولياء أمورهن وذلك كشرط أساسي للمشاركة في هذه الدراسة (5).
تضمن الاستطلاع الذي صُمم للحصول على معلومات بشأن العوامل التي تؤثر على السلوك الغذائي للفتيات في عينة الدراسة على عامل يخص تأثير الإعلام والإعلان الغذائي والذي أختص بمشاهدة التلفزيون والإعلان التجاري المبثوث من خلاله ومدى تأثيره على السلوك الغذائي وذلك من خلال توجيه السؤال للمشاركات "هل تعتقدين أن الإعلان التلفزيوني لديه تأثير على سلوكيات تناول الطعام الخاصة بك؟"
التحليل الإحصائي للدراسة
أُدخلت نتائج الاستطلاع في الحاسب الآلي وحلّلت باستخدام البرنامج الاحصائي SPSS (النسخة 18) لبيان:
التكرار والنسب المئوية لعرض البيانات الوصفية.
استخدام المتغير المسحي والمتعلق بالإعلان "هل تعتقدين أن الإعلان التلفزيوني لديه تأثير على سلوكيات تناول الطعام الخاصة بك؟" وذلك لقياس ودراسة الاختلاف في السلوكيات الغذائية للمشاركات
استخدم في عملية التحليل الإحصائي ثنائي المتغيرات لتحديد مدى الاختلاف في السلوكيات الخاصة بتناول الطعام للمشاركات والمشاهدات لبرامج التلفزيون، ومدى تأثيرها على اختيار المواد الغذائية وذلك باستخدام اختبار مربع كاي (chi-square) لدراسة العلاقة بين متغيرين هما: (أثر الإعلان التلفزيوني) كمتغير و(السلوك الغذائي) كمتغير تابع
نتائج الدراسة
أثبتت هذه الدراسة وجود علاقة ذات دلالة إحصائية مؤكدة تربط بين مدى التعرّض للإعلان التلفزيوني وبين السلوك الاستهلاكي والغذائي، مثال على ذلك كثرة تناول المشروبات الغازية، وتفضيل تناول نوعية معينة من الأطعمة وتفضيل الطعام خارج المنزل وبأماكن مفضلة لدى الفتيات الصغيرات حسب المشاهد الواردة في الإعلان وكذلك تناول الأطعمة والمشروبات (أمام التلفاز على سبيل المثال) وذلك حسب ما هو موضّح بجدول رقم 1 . حيث أوضحت الدلالة الإحصائية أقل من 0.05 (0.035) بين استهلاك الفتيات الأسبوعي للحلويات والسكريات وبين الاعتقاد بمدى التأثير السلبي للإعلام على نمطهن الغذائي نتيجة التعرّض للإعلان الغذائي. كما أن الفتيات اللاتي يعترفن بالتأثير السلبي للإعلان الغذائي على سلوكهن الغذائي نادراً ما يشاركن عائلاتهن في التسوّق لشراء المواد الغذائية ويمثلن نسبة (50.7٪) من المشاركات (بعدد 316) مقارنة باللاتي لا يعتقدن بهذا التأثير السلبي للإعلانات (دلالة إحصائية p =0.002)، إضافة إلى أن هناك علاقة كبيرة بين بعض الممارسات المتعلقة باتباع أنظمة غذائية وبين القوة المؤثرة للإعلانات عند التعرّض لها، فعلى سبيل المثال إن الفتيات اللاتي يعتقدن بالقوة المؤثرة للإعلانات التلفزيونية كن الأكثر التزاماً باتباع أنظمة غذائية لتخفيف الوزن بلغت نسبتهن 18٪ (بعدد 114) مقارنة مع زميلاتهن اللاتي لا يؤمن بهذا التأثير.
مناقشة النتائج والتوصيات
عند مناقشة النتائج الخاصة بهذه الدراسة وكذلك العوامل الشخصية والبيئية المختلفة والتي لها تأثير في السلوك الغذائي وكيفية تناول الطعام والسلوكيات الخاصة به (5)، وحسب ما أشار إليه تحليل المواد المعلن عنها بالقنوات الفضائية الأكثر مشاهدة (3) لنفس العينة من المشاركات بالدراسة الحالية تبين أن المراهقات في السعودية يعشن في وسط يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالإعلام والإعلان التجاري والذي يقدم من خلال وسائل مختلفة عبر القنوات الفضائية التلفزيونية باعتباره من أهم مصادر المعلومات الصحية والغذائية لديهن، وحسب ما أوضحته الدراسة التحليلية للإعلانات الغذائية2 من نتائج وجدنا أن نسبة 70٪ من الأغذية المعلن عنها ومن خلال تحليلها أن غالبيتها ضار صحياً (أي غنية بالدهون والسكريات والأملاح) مقارنة بالأطعمة الصحية المعلن عنها الأخرى وأشارت نفس الدراسة إلى أن أعلى نسبة من الإعلانات كانت مخصصة للحلويات والمشروبات والتي تمثل 18٪، في حين أن الإعلانات عن الحبوب المسكرة شكلت 12٪، علماً بأن تعرّض الفتيات لمثل هذا النوع من الإعلانات التلفزيونية يكون أطول لأن الوقت المخصص لعرضه على شاشة التلفزيون أطول (2)، وخاصة الإعلانات عن الوجبات السريعة حيث كان معدل الوقت الخاص بالإعلان عنها (33.8 8.3± ثانية) والمشروبات الغازية (27.1±6.7 ثانية) والحلويات والسكريات
(24.9 ±13.6 ثانية) مقارنة بمعدل الوقت المخصص للاعلان عن الفواكه والخضروات (16.3 6.5± ثانية) كما أن هذه الإعلانات تتكرر دورياً كبير مقارنة بالإعلان عن الأطعمة والمشروبات القليلة في بالدهون والسكريات والأملاح. كما أكدت الدراسة بأن المواد الغذائية والمشروبات المعلن تحمل بعض الرسائل ذات العلاقة بالصحة، وعلى سبيل المثال إضافة أو تدعيم المنتج بالفيتامينات والمعادن (37٪)، وتوفير المواد الغذائية الأساسية الطبيعية (25٪)، وإدراج رسائل صحية بسيطة (29٪) (15).
إضافة إلى تأكيد وجود علاقة ذات دلالة إحصائية مؤكدة تربط بين الوقت الذي تمضيه الفتيات المشاركات في مشاهدة التلفزيون والذي تم تحديده كوقت مستقطع كساعتين او أكثر وبين نوعية بعض الأطعمة غير الصحية التي تتناولها الفتيات مثل تناول المأكولات السريعة ومشاهدة التلفزيون لساعتين أو أكثر (دلالة إحصائية =
كما أن معظم هذه الإعلانات تعرض وتقدم بواسطة مراهقين مما يعطي دلالة واضحة بأنها موجهة مباشرة إلى هذه الفئة.
ومن ذلك اتضح لنا التأثير المباشر للإعلان التجاري الخاص بالأطعمة والمنتجات الغذائية على السلوك والنمط الغذائي للعديد من المشاهدين خاصة الفئة المستهدفة في الدراسة من المراهقات اللاتي تتراوح أعمارهن بين سن
(13–18) بالإضافة الى الأضرار الصحية الأخرى ذات العلاقة بالنمط الغذائي والتي تم الاستبانة عنها من خلال السؤال المباشر لهذه الفئة والخاص بمدى تأثير الإعلان الغذائي التجاري المروّج للمنتجات الغذائية وتأثيره على سلوكهن الغذائي من خلال مشاهدتهن له.
إن الأبحاث العلمية في هذا المجال خاصة في أوروبا بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية قامت بدراسات شاملة ومراجعة للأدلة على أثر الإعلان عن الأغذية في التأثير على سلوك الأطفال والمراهقين في اختيار بعض الأطعمة والمشروبات وتفضيلها. وكذلك، تحققت القليل من الدراسات السعودية وغيرها من دول الخليج العربي عن تأثير وسائل الإعلام على السلوكيات الخاصة بتناول الطعام لفئة المراهقين كما نجد أن بعضها قد تجاهل نسبياً مدى قدرة تأثير وسائل الإعلام على سلوكيات تناول الطعام والحالة التغذوية للمراهقين.
لقد أوضحت الأدلة والبراهين الحالية أن الترويج للأطعمة بالطرق الإعلانية المختلفة له تأثير كبير على كيفية اختيار الأغذية وعلى السلوك الاستهلاكي بل توفير هذه الأغذية وشرائها بواسطة الأطفال والمراهقين وبتسهيل طرق الحصول عليها حتى إيصالها لهم بالمنزل. وتتبع البلدان النامية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية نفس أساليب التسويق والترويج التي تستخدمها البلدان المتقدمة (16).
وقد أوصت دراسات تهدف إلى تقييم مدى أثر الإعلان في اختيار الأطعمة بواسطة المراهقين أن لا ينظر لهذا النوع من الدراسات بشكل منفصل وإنما ينظر أيضاً إلى تفاعل العوامل الأخرى ذات التأثير المباشر كالعوامل الشخصية والبيئية (17). لذلك ولمتابعة المشورة بين الخبراء، ولمقارنة النتائج التي توصلت إليها الدراسة الحالية، تم الاستفادة من نتائج دراسة تحليلية وصفية عن مدى المواد الغذائية المروجة وطبيعتها بالقنوات الفضائية الأكثر مشاهدة من الفتيات لنفس العينة (2) ودراسة أخرى مسحية وتضم سؤال الفتيات عن تصوراتهن حول تأثير وسائل الإعلام على اختيارهن لطعامهن ومن ثم تم استخدام المتغير المسحي والمتعلق بشؤون الإعلان "هل تعتقدين أن الإعلان التلفزيوني لديه تأثير على سلوكيات تناول الطعام الخاصة بك؟" وذلك لقياس ودراسة مدى الاختلاف في السلوكيات الغذائية للمشاركات للتعرّف على كيفية تأثير الإعلان على سلوكهن الغذائي (كمتغير تابع). وأظهرت الدراسة عدداً من العلاقات بوجود دلالات إحصائية تؤكد على تأثير التعرّض للإعلانات التجارية والاعتقاد بذلك التأثير على الاختيار والسلوك الغذائي من ضمنها التأثير على السلوكيات الخاصة باتباع الأنظمة الغذائية المختلفة. فالفتيات الأكثر اعتقادا بالإعلانات التلفزيونية الأكثر عرضة لمتابعة أنواع مختلفة من الأنظمة الغذائية الخاصة بالحمية وتخفيض الوزن وممارستها.
كذلك ارتبط الاعتقاد من قبل العينة بمدى تأثير الإعلان التلفزيوني ارتباطاً كبيراً باختيار نوعية الأغذية وتفضيل الفتيات للمشروبات الغازية (بدلالتين إحصائيتين 0.001 و0.02) على التوالي، حيث اتضح بأن الفتيات الأكثر تعرضاً للتلفزيون ولديهن نظرة إيجابية للإعلانات التلفزيونية هم الأكثر عرضة لتناول المشروبات الغازية. بالإضافة إلى تفضيلهن لتناول الطعام خارج المنزل، بل هن أيضاً الأكثر احتمالاً في المشاركة في شراء الأطعمة وزيادة استهلاك الحلويات والشوكولاتة، مقارنة بالفتيات اللاتي لا يعتقدن بتأثير الإعلانات. ولقد استعرضت العديد من الأدلة والبراهين مدى تأثير العروض الترويجية للغذاء الموجه للأطفال في كل من البلدان المتقدمة والنامية (17) وأشارت الأدلة بأن لوسائل الإعلام المروِّجة للغذاء الموجه للأطفال وجوداً ملحوظاً كما أن لها تأثيراً قوياً على السلوكيات والأنماط الغذائية للأطفال والمراهقين. إلا أنه من الممكن أن يلعب المروجون للإعلانات الغذائية المختلفة وصانعو الأغذية الموجه للأطفال دوراً مساعداً لمشاهدي التلفزيون من هذه الفئات العمرية وذلك بعرض مواد ورسائل صحية مصاحبة لعرض الإعلانات الترويجية كالتعريف بأهمية الرياضة والحركة في سن مبكرة وعرض أهمية تناول بعض الأطعمة والمشروبات الصحية باستخدام نفس الطرق الترويجية للأطعمة الأخرى من خلال الإعلان مما سيكون له أثر إيجابي على العديد من المشاهدين والحد من بعض العادات الغذائية غير الصحية (18).
الملخص والآثار والتوصيات
بالنظر للإعلام وطرق الإعلان الغذائي الموجّة للأطفال والمراهقين بالمملكة العربية السعودية ومدى تأثيره على النمط والسلوك الغذائيين لهذه الفئة العمرية فإنها لابد من وضع سياسات تنظّم المادة المعلنة للأطفال والمراهقين لعدم وجود توصيات أو إجراءات واضحة تحكم هذا الأمر أسوة ببعض الدول الأخرى، عليه فإنه لابد من الاستفادة من المبادئ التوجيهية الدولية بهذا الخصوص وذلك من أجل الانضمام إلى جهود المجتمع الدولي في معالجة المشاكل المرتبطة بالتغذية، إضافة إلى أهمية تضامن العديد من الإدارات المعنية بأمور الناشئة للقيام بعمل علمي وعملي شامل لإعادة التوازن في النظام الغذائي والحد من عبء الأمراض ذات الصلة بالنظام الغذائي بين المراهقين في المملكة العربية السعودية.
ومن وجهة النظر البحثية، فلابد من عمل دراسات للمتابعة والمراجعة المستمرة مما يساعد على التقييم المستمر لتطبيق سياسات وإجراءات متعلقة بمبادئ توجيهية ولوائح لإيجاد حلول علمية للمشاكل المتعلقة بالتغذية والوقاية من الأمراض ذات الصلة
ولتحقيق الأهداف، ينبغي العمل على تذليل بعض العقبات:
تلعب الحكومات دوراً كبيراً، بالتأثير على البيئة المادية التي بسببها توفر الأغذية للمراهقين، والعمل على تقنين واستحداث أنظمة تحدّ من تأثير الإعلان التجاري الغذائي على سلوك واختيار المراهقين للمواد الغذائية والمشروبات والحث على ضرورة زيادة النشاط البدني وتوفير وتهيئة الأماكن الخاصة له.
التوصيات
توصي الدراسة الحالية بالآتي:
وضع أسس ولوائح منظّمة لعملية الإعلان التجاري من حيث المادة المبثوثة والفئة المستهدفة وأوقات البث ووضع جهة رقابية لمتابعة عملية الإعلان التجاري وذلك للحد من الأضرار والسلبيات التي قد تنجم عنه.
إْدخال مادة الاعلام من ضمن المناهج الدراسية في المدارس حتى يطّلع الطلاب والطالبات البرامج المختلفة وأنواع الإعلانات وبخاصة على البرامج التجارية منها لمعرفة مدى تأثيرها والفائدة والضرر من الرسالة الإعلانية المرسلة عبر البرامج والإعلان.
التشجيع والمتابعة من الجهات المختصة للمعلنين على أن يتضمن الإعلان التجاري تثقيفاً صحىاً للمشاهدين ومتلقي الرسائل الإعلانية بأهمية اتباع السلوك الغذائي الصحيح وممارسة التمارين والأنشطة الرياضية وطرق وكيفية التمييز بين المواد الضارة أو ذات المنفعة الغذائية.
ضرورة المراقبة اللصيقة من قبل من يعرض المادة المشاهدة وتبصير وتعريف النشء بمدى فائدتها أو ضررها حتى لا يكونوا ضحية لبعض الإعلانات التجارية التي تروج لمنتجات تستهدفهم.
References
- Musaiger A, Al-Hazzaa HM. Prevalence and risk factors associated with nutrition-related noncommunicable diseases in the Eastern Mediterranean region. Int J Gen Med. 2012;5:199–217.
- Story M, French S. Food Advertising and Marketing Directed at Children and Adolescents in the US. Int J Behav Nutr Phys. 2008;1(3).
- Stearns N. Fat History: Bodies and Beauty in the Modern West. 2nd ed. New York: New York University press; 2002.
- Al Jaaly E. Food Advertising Watched by Adolescent Girls in Saudi Arabia. IJFNPH. 2012;5(2):249–63.
- Food Standard Agency. The Review of the Nutrient Profiling Model: Paper for Information; 2008.
- Al-Jaaly, E. Personal and Environmental Influences on Eating Behaviours of Adolescent Girls in Saudi Arabia. World Sustainable Development Outlook. 2015:1–11. (http://worldsustainable.org/index.php/component/docman/cat_view/210-world-sustainable-development-outlook/211-outlook-2015?Itemid=).
- US Department of Commerce and Department of Agriculture (DoA.) US Snack Foods - Saudi Arabia Marketing Research; 2011.
- Al-Shoshan A. Some Sociodemographic Factors Influencing the Nutritional Awareness of the Saudi Teens and Adults: Preliminary Observation. J R Soc Promot Health. 1990;110(6):213–16.
- Al-Sudairy A, Howard K. Dietary habits of technical and vocational students in Riyadh, Saudi Arabia. Part I. Meal skipping. J R Soc Health. 1992;112(5):217–18.
- Musaiger A, Zagzouk N, Almaaie M. The nutrition habits. Life style and obesity among adolescents in Jeddah city. Saudi Arabia (A comparison between governmental and private schools). The Second Conference of Obesity; Manama, Bahrain, T. S. C. O.(ed.), Conference paper; 2005.
- Al-Sheri SN. Health profile of Saudi adolescent school girls. Riyadh: Health Affairs Directorate, Presidency of Girls Education, Riyadh, Saudi Arabia, King Saud Library Book. PhD thesis; 1996.
- Al-Jaaly E, Lawson M, Hesketh T. Overweight and its determinants in adolescent girls in Jeddah City, Saudi Arabia. Int J Food Saf Nutr Publ Health. 2011; 4(2): p. 95-108.
- Hawkes. Marketing food to children : the global regulatory environment. WHO; 2004. Report No.:9241591579.
- Kraidy MM. Youth, Media and Culture in the Arab World. In Drotner K, Livilavengstone S. International handbook of children, media and culture. London: Sage;2008:330–40.
- Aljaaly E. Factors affecting nutritional status and eating behaviours of adolescent girls in Saudi Arabia. Published PhD thesis. University College London (University of London), 2012. (https://www.google.com.sa/search?tbo=p&tbm=bks&q=inauthor:"E.+A.+M.+Aljaaly).
- Arab Advisors group. 11 June, 2009. (http://www.arabadvisors.com/arabic/Pressers/presser-110609.htm).
- Cairns G, Angus K, Hastings G. The extent, nature and effects of food promotion to children: a review of the evidence to December 2008. Geneva: WHO. 2009.
- Livingstone S, Helsper E. Advertising foods to children: Understanding promotion in the context of children's daily lives. A review of the literature prepared for the Research Department of the Office of Communications (OFCOM). London: London School of Economics. 2004. (http://www.lse.ac.uk/collections/media@lse/).