تحت شعار: "لكل مريض أهميته" يدعو المكتب الإقليمي لشرق المتوسط هذا العام لتحديث التشريع الخاص بالإبلاغ عن حالات الإصابة بالسل كي يصبح بالإمكان اكتشاف كافة الحالات ومعالجتها.
وبمناسبة اليوم العالمي لمكافحة السل، تدعو منظمة الصحة العالمية وشركاؤها البلدان للإسراع بوتيرة التقدُّم نحو الهبوط بالوفيات الناجمة عن السل والعدوى به إلى الصفر وإنهاء المعاناة والوصمة الاجتماعية المتعلقة بهذا المرض. ومن الرسائل الأساسية التي يؤكِّد عليها هذا اليوم أن السل قابل للشفاء التام، ولكن ثمّة حاجةً لمزيد من الجهود من قِبَل كافة الأطراف المعنية لاكتشاف كل حالة إصابة بالمرضى وعلاجها وشفائها.
ويؤكِّد الدكتور علاء الدين العلوان، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط "أن بلداناً عديدة في الإقليم قد دشَّنَت برامج قوية لمكافحة السل تدعمها خطة عمل استراتيجية ملائمة. وقد طُبِّقت استراتيجية وقف السل بنجاح، وخلال السنوات الخمس الماضية حافَظ الإقليم على تحقيق معدلات معالجة ناجحة بين الحالات المكتشفة بلغت 88%. كما اكتشفت بلدان الإقليم على مدى السنوات العشر الماضية 4.2 مليون حالة إصابة بالسل من بينها 3 ملايين حالة تم علاجها بنجاح، وانخفضت الوفاة بالسل بنسبة 50% مقارنة بوفيات عام 1997".
فمن بين 9 ملايين شخص في العالم يصابون بالسل سنوياً، هناك ثلث هذا العدد - 3 ملايين – لا يتم إبلاغ نظم الصحة العمومية بهم. ويعيش الكثيرون من هؤلاء الملايين الثلاثة في أفقر مناطق العالم وأكثرها عرضة لخطر الإصابة بالمرض.
والوضع مشابه في إقليم شرق المتوسط، فمعدّل الاكتشاف لا يتجاوز 63% (حسب إحصاءات تقرير السل العالمي لعام 2013). ويعني ذلك أنه من بين 670 ألف حالة سلٍ قدَّر وقوعها عام 2012 فإن 250 ألف حالة لم يتم اكتشافها وإبلاغ النظم الصحية بها.
وفي الإقليم أيضاً، ظل ثلثا حالات الإصابة بالسل التي وقعت بين النساء عام 2013 غير مكتشَفة. ويعني ذلك أن فرص حصول النساء على خدمات التشخيص أقل منها بين الرجال.
ويهدف اليوم العالمي لمكافحة السل – الذي يُحتفَى به في 24 آذار/مارس من كل عام – إلى تعزيز الوعي العام بعبء مرض السل، ذلك المرض الذي يظل إلى اليوم متوطناً في أغلب مناطق العالم، وينجم عنه وفاة حوالي 1.5 مليون شخص سنوياً، أغلبهم من بلدان العالم النامي. وهو يوافق نفس اليوم من عام 1882 الذي فاجأ فيه الدكتور روبرت جوخ العالمَ بإعلان اكتشافه للجرثوم المسبِّب للسل.
ويتطلَّب ذلك من البلدان النهوض ببرامج مكافحة السل وتوفير فرص الوصول بخدمات الرعاية لجميع الحالات وشمولهم بها، ولاسيَّما المجموعات الأكثر عرضة لخطر الإصابة في المناطق التي تسمى بالنقاط الساخنة للسل؛ أي المناطق الأكثر تأثراً بالمرض.
غير أن الحاجة ملحّة لنقاش جاد حول العمل على الصعيد الوطني للوصول إلى إجماع بشأن تحديث قانون الصحة العمومية، بحيث يصبح الإبلاغ عن حالات السل فور اكتشافها أمراً ملزماً، والموافقة على الآليات والأدوات اللازمة لتنفيذه وكذلك تنفيذ حملات توعية ومؤتمرات وطنية وتدخلات إعلامية لحشد الدعم وتفهم الاحتياجات. فإن التحرُّك الذي لم يتم تنفيذه إلى الآن في الإقليم هو تحديث تشريع الصحة العمومية الذي يضمن إبلاغ النظام الصحي الوطني بكل حالات الإصابة بالسل فور تشخيصها. وهذا ما لاحظه الدكتور العلوان قائلاً: "لم تراجع بلدان كثيرة في الإقليم قوانين الصحة العمومية ذات العلاقة منذ مطلع القرن العشرين مع أن وجود بيئةٍ تشريعيةٍ داعمةٍ له أثرٌ فاعلٌ في ضمان مساهمة كل الشركاء في النظام الصحي".
والحاجة قائمة للاستثمار في البحوث الأساسية وتطوير أدوات تشخيصية جديدة – على مستوى المواد والأدوية واللقاحات – وذلك للوصول إلى الناس ومعالجتهم بوتيرة أسرع. وثَمّة حاجة لضمان أن يتم الإبلاغ عن الحالات في سرية تامة تحفظ خصوصية المرضَى ولا تحدّ من حقهم في اختيار من يعالجهم.