يصادف 25 تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام، في جميع أنحاء العالم، بداية 16 يومًا لحملة نشطة ضد العنف الجنساني. وتهدف هذه الحملة العالمية إلى إحياء ذكرى ضحايا العنف الجنساني، والاحتفال بالناجيات منه، وإذكاء الوعي به، واتخاذ الإجراءات بشأن هذا الانتهاك المتفشي لحقوق الإنسان وهذه المشكلة الصحية العالمية.
ولكن عام 2020 ليس مثل سابق الأعوام؛ فقد غيّرت جائحة كوفيد-19 حياتنا للأبد.
ففي الوقت الذي مارس فيه العالم الإغلاق التام وعدم الخروج ضمن تدابير الرصد تصديًا للانتشار السريع للعدوى، بدأت المنظمات النسائية ووسائل الإعلام تبلغ عن زيادة مُقلقة للعنف المنزلي وإساءة معاملة النساء والأطفال. وفي إقليم شرق المتوسط الذي يشغل المرتبة الثانية على الصعيد العالمي في معدلات العنف الموجه للنساء (37.7%)، سُجِّلت زيادة قدرها 50-60% في الحالات بناءً على اتصال الناجيات على الخطوط الساخنة للمنظمات النسائية طلبًا للمساعدة. واقترنت هذه الزيادة بتحدي استمرار تقديم الخدمات الأساسية التي تحتاج إليها الناجيات.
"إن الاضطرابات [الناجمة عن الجائحة] أوجدت اهتمامات ومطالب جديدة، ... وزادت معدلات العنف المنزلي الموجه للنساء والأطفال بنسبة تصل إلى 60٪"
الدكتور أحمد المنظري، مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط
الارتباط بين جائحة كوفيد-19 وجائحة العنف الجنساني
إن للعنف آثارًا صحية وخيمة على النساء وأطفالهن، ولا سيما العنف من العشير والعنف المنزلي. ويمكن أن يؤدي العنف ضد النساء إلى إصابات وأضرار خطيرة في صحتهن البدنية والعقلية والجنسية والإنجابية.
ويُعَدُّ الدور الذي يؤدِّيه النظام الصحي في اتقاء العنف الجنساني والاستجابة له دورًا أساسيًا، ولا سيما في حالات الطوارئ الصحية. وأظهرت المسوحات التي أجرتها المجموعات الصحية في أفغانستان والعراق والصومال، بين نيسان / أبريل وأيار / مايو 2020، لقياس استخدام الخدمات الصحية من الناجيات من العنف الجنساني خلال كوفيد-19، زيادة بنسبة 45٪. واشتمل ذلك على الإفصاح عن العنف من العشير، والاستغلال والاعتداء الجنسيين، والتحرش، وسائر أشكال العنف الجنساني مقارنة بما كان عليه قبل جائحة كوفيد-19.
وفي العراق، سعت حوالي 47٪ من الناجيات من العنف الجنساني للحصول على الخدمات الصحية خلال جائحة كوفيد-19 للاستفادة من خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي. وترتبط الانتهاكات العقلية والعاطفية عادة بحوادث العنف من العشير. وفي الصومال، أبرزت نتائج المسح وجود زيادة لا تقتصر على العنف المنزلي، بل أيضًا العنف الجنسي ضد الفتيات، إلى جانب زيادة مقلقة في تشويه الأعضاء التناسلية للإناث. وفي أفغانستان، أبلغ شركاء الصحة الذين يقدمون خدمات خاصة بالعنف الجنساني عن زيادة في طلبات العلاج من الإصابات فضلًا عن الدعم النفسي نتيجة للعنف المنزلي.
"برغم نقص البيانات في أفغانستان، فإن البيّنات المستجدة مع أزمة كوفيد-19 تظهر زيادة عدد النساء والفتيات اللاتي يعانين من العنف، لا سيما العنف المنزلي، في جميع مقاطعات أفغانستان" (الإنذار الجنساني بشأن كوفيد-19 في أفغانستان، أيار/مايو 2020)
يمكن اتقاء العنف الجنساني واحتواء آثاره المدمرة
مع التسليم بأن النظم الصحية مثقلة بأعباء التصدي لكوفيد-19، وأنها تتعرض لضغوط هائلة، لكن من المهم أيضًا التأكيد على استمرار الخدمات الصحية في دعم الناجيات من العنف الجنساني من خلال ضمان استمرارية تقديم الخدمات المنقذة للحياة وتأسيس نظام للإحالة لربط الناجيات بسائر الخدمات المتاحة.
وقد اِتُخِذَت مبادرات على المستوى القطري لمراعاة استمرار الخدمات وحصول النساء والفتيات على الدعم الذي يحتجن إليه. كما تعيّن تكييف الخدمات الطبية لكي تُدار عن بعد حيثما أمكن.
وفي أفغانستان، صاغت منظمة الصحة العالمية مذكرة توجيهية لمراكز حماية النساء العاملة أثناء جائحة كوفيد-19، بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة. وعلاوة على ذلك، أُدمجت الاستجابة الصحية للعنف الجنساني خلال جائحة كوفيد-19 في التدريب الطارئ الذي تقدمه المنظمة لنحو 100 من مقدمي الرعاية الصحية من مختلف أنحاء البلد لضمان مراعاة هذه المسألة في ممارساتهم.
وفي العراق، أصدرت المنظمة توجيهات حول الخدمات المقدمة عن بعد والخدمات المباشرة للرعاية الصحية للنساء اللائي تعرضن للعنف. واشتملت على إعداد مسار مُحدَّث للإحالة لكل محافظة. كما أُجري تدريب على الإنترنت للعاملين في الخطوط الأمامية من وزارة الداخلية ووزارة الدفاع حول العنف الجنساني وكوفيد-19.
وفي لبنان، استمر الدعم المباشر للحالات عالية الخطورة في أثناء فترة الإغلاق، مع مراقبة جميع احتياطات السلامة المتعلقة بكوفيد-19. وقد أُعِدَ تدبير علاجي عن بعد للحالات بهدف إقامة خطوط اتصال آمنة وقوية ومرنة مع الناجيات اللائي يعشن في كنف المعتدين عليهن.
وفي باكستان، أدمجت المنظمة الارتباطات بين جائحة كوفيد-19 والعنف الجنساني في المنهج التدريبي لمكافحة العنف الجنساني وفي مواد الاتصال/والتوعية لتعزيز التدبير العلاجي السريري لهذا العنف، وخدمات الدعم النفسي الاجتماعي، وإحالة الناجيات والمحتاجات للمساعدة خلال التصدي للجائحة. ونُفِّذت أنشطة لبناء قدرات مقدِّمي الخدمات الصحية في المناطق ذات الخطورة العالية في باكستان، واشتمل ذلك على التدريب المتخصص لأطباء أمراض النساء من أجل دمج الاستجابة للعنف الجنساني إلى الخدمات التي يقدمونها خلال جائحة كوفيد-19. وعلاوة على ذلك، ومن أجل التأهب لاستجابة النظام الصحي للعنف الجنساني في الموجة الثانية لجائحة كوفيد-19، تدعم المنظمة مجال التطبيب عن بعد والخدمات الصحية، بالتعاون مع معهد الطب النفسي في بلوشستان.
بناء على هذه الخلفية ، يذكّرنا نشاط الحملة الذي يستمر 16 يومًا بالدور الأساسي للنظام الصحي والجهات الفاعلة الإنسانية والتزامهم بتوقي حدوث العنف والاستجابة للناجيات من العنف عن طريق توفير الرعاية الصحية المنقذة للحياة، حتى في أوقات الطوارئ الصحية مثل الجائحة الحالية لكوفيد-19.
"لا يوجد أبدًا أي عذر للعنف. نحن نمقت جميع ممارسات العنف بكل أنواعها وفي كل الأوقات"
الدكتور تيدروس أدهانوم، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية
#ENDViolence against women!
روابط مفيدة
16 يومًا من النشاط لمكافحة العنف الجنساني
إطار احترام النساء RESPECT لمنع العنف ضد النساء
مبادئ توجيهية مستحدثة حول العنف ضد النساء
المخطط البياني العراقي لتدفق الخدمات الصحية المتعلقة بالعنف الجنساني خلال كوفيد-19 نيسان/أبريل 2020
إرشادات لإيواء النساء في أفغانستان:
مذكرة إرشادية لمراكز حماية النساء العاملة أثناء جائحة كوفيد-19