اتخذ المكتب القطري لمنظمة الصحة العالمية في الصومال خطوات استباقية للارتقاء بقدرات التأهب لحالات الطوارئ الصحية وقدرات الاستجابة في جميع مناطق الصومال من أجل تحسين معالجة العواقب الصحية الناجمة عن ظاهرة النينيو. وفي ضوء هذا، تتعاون منظمة الصحة العالمية عن كثب مع السلطات الصحية ووكالات الأمم المتحدة والشركاء الآخرين من أجل تنفيذ خطة الطوارئ الوطنية للتخفيف من أثر ظاهرة النينيو المناخية والاستجابة لأي حالات طوارئ صحية محتملة.
بعثة التقييم
أرسل "برنامج منظمة الصحة العالمية للجوائح والأوبئة" بعثةً لتقييم قدرات التأهب والاستجابة للكوليرا في الصومال، ولتعزيز التنسيق، وترصد الأمراض، وتعزيز أنشطة الاستجابة للكوليرا بين 27 كانون الثاني/يناير و 7 شباط/فبراير 2016 في غاروي ومقديشو في الصومال.
وأكدت البعثة على التزام منظمة الصحة العالمية بدعم جهود التأهب والاستجابة الطارئة والشاملة للآثار الصحية لظاهرة النينيو المناخية في الصومال. ودعت منظمة الصحة العالمية خلال الزيارة إلى تعزيز التدخلات متعددة القطاعات للاستجابة للكوليرا والوقاية منها واحتواء فاشيات الكوليرا، وهذا يشمل:
- آليه تنسيق فعالة من خلال المجموعة الصحية بهدف مواءمة تدخلات الاستجابة للكوليرا التي ينفذها شركاء المجموعة؛
- تعزيز ترصد الأمراض للكشف المبكر عنها والتأكد منها؛
- معالجة الحالات على نحو مناسب للحد من معدل الإماتة؛
- توفير إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة ومرافق الإصحاح المناسبة؛
- تعبئة اجتماعية مكثفة للنظافة؛
- توفير الإمدادات الطبية الكافية.
ولكن ينبغي على السلطات الصحية الصومالية ووكالات المعونة الإنسانية بذل المزيد من الجهود للوقاية من الكوليرا ومكافحتها في المناطق الساخنة، وعلى نحو رئيسي في مخيمات المشردين والأماكن السكنية المزدحمة في المراكز الحضرية الرئيسية.
ظاهرة النينيو المناخية
إن ظاهرة النينيو المناخية المستمرة حاليًا قد تفاقم خطر الكوليرا وغيرها من الأمراض المنقولة بالمياه في الصومال، وتؤدي إلى انتشار أوبئة الأمراض المعدية الرئيسية الأخرى. هذا وقد زادت ظاهرة النينيو بالفعل من هطول الأمطار الموسمية في المناطق الجنوبية والوسطى مع حدوث الفيضانات بدءًا من أيلول/سبتمبر إلى كانون الأول/ديسمبر 2015، في حين أن المناطق الشمالية من البلاد تشهد حاليًا جفافًا شديدًا، وندرة للمياه والمواد الغذائية مما قد يؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية والأمراض. وتشهد الصومال حالات طوارئ معقدة طال أمدها في السنوات 25 الماضية بسبب انعدام الأمن والصراعات المتكررة، والجفاف، والفيضانات، وانعدام الأمن الغذائي. ويتعرض آلاف الصوماليين حاليًا لأوبئة الأمراض المعدية والكوليرا وغيرها من الأمراض المنقولة بالمياه، وبخاصة بسبب قلة الحصول على مياه شرب النظيفة، وقلة خدمات الإصحاح والنظافة وخدمات الرعاية الصحية المناسبة.
وقد شهدت الصومال فاشيات الكوليرا الموسمية في السنوات الأخيرة، وهي إحدى الفاشيات المرضية الأكثر شيوعاً التي أبلغ عنها في الصومال على مدى العقدين الماضيين. وقد أبلغ عن أسوأ وباء للكوليرا في عام 2012 حيث وقعت أكثر 26 ألف حالة و 200 وفاة، وقد أبلغ عن 7000 حالة كوليرا سنويًا في المتوسط خلال السنوات اللاحقة. وفي عام 2015، تأكد وقوع أوبئة الكوليرا في كيسمايو، وبيدوا، وجوهر، ومواقع أخرى بطول النهرين الرئيسيين، وأبلغ عن أكثر من 5200 حالة و 84 وفاة (بمعدل إماتة للحالات بلغ 1.6%). وقد وقعت أكثر من 65 % من الحالات والوفيات بين الأطفال تحت سن الخامسة. وبرغم أن الاتجاه العام للوباء آخذٌ في التناقص خلال الشهرين الأولين من عام 2016، فقد أبلغ عن 500 حالة و 15 وفاة من مواقع مختلفة في مناطق "جنوب ووسط". وبالمثل، هناك تخوف من انتشار وباء الكوليرا الحالي إلى مناطق أخرى من البلد كما حدث في الوباء السابق. وعلاوة على ذلك، أدى الارتفاع غير المعتاد في هطول الأمطار والفيضانات اللاحقة لها إلى إثارة فاشيات كبرى للكوليرا في البلدان المجاورة ومنها إثيوبيا وكينيا، وأوغندا، وتنزانيا، وجنوب السودان، وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغيرهم.