في يوليو/ تموز 2020، تعاونت منظمة الصحة العالمية في العراق مع وزارة الصحة ووزارة الشباب والرياضة والشرطة المجتمعية، بالإضافة إلى شريكها المنفذ، الجمعية الطبية العراقية الموحدة، لإجراء حملات توعية مجتمعية بشأن مرض كوفيد-19. جاء ذلك بعد أدلة حصلت عليها المنظمة من وزارة الصحة أظهرت زيادة في حالات انتقال العدوى في المجتمع. وكان من المفترض في البداية أن تستمر الحملة لمدة شهر واحد في بغداد، لكن جرى تعميمها لاحقاً لتشمل خمس محافظات أخرى هي السليمانية والبصرة وواسط وذي قار وميسان على مدى شهرين، مستهدفة أكثر من 15 مليون نسمة في المحافظات الست.
وانطلقت الحملات التي حملت اسم "صحتك أمانة" في أقضية مختارة على مدى 3 أيام لكل قضاء. وشارك مائتان وخمسون متطوعاً في الحملة، حيث نظموا جلسات توعية وتثقيف مجتمعية مستخدمين الكبائن والشاشات الجوالة والعيادات الطبية المتنقلة مع عرض مقاطع فيديو تعليمية وإذاعة رسائل صحية صوتية حول مجموعة متنوعة من التدابير الوقائية للحماية من مرض كوفيد-19. كما وزع المتطوعون الكمامات ومعقمات الأيدي والمنشورات التوعوية وشرحوا للجمهور أهمية ارتداء الكمامات واستخدامها وضرورة ممارسة التباعد الاجتماعي وغسل اليدين بشكل متكرر. وشملت الكيانات / القيادات المجتمعية البارزة المشاركة في هذه الحملة جهات إعلامية وزعماء دينيين ورياضيين وفنانين وغيرهم من أصحاب المهن.
تعرض منظمة الصحة العالمية في العراق صوراً للمستفيدين من جهودها، وذلك خلال نشر الرسائل الصحية على المجتمعات المحلية لمساعدة المواطنين على البقاء آمنين من الإصابة بكوفيد-19.
مدينة الصدر
يتضمن عمل مصطفى عباس، وهو سائق سيارة أجرة يبلغ من العمر ثلاثين عاماً، إيصال الركاب إلى مناطق مختلفة من مدينة بغداد. مصطفى متزوج وله ولدان، وهو المعيل الأساسي لوالديه وإخوته. والدا مصطفى متقدمان في السن، ويعانيان من مشكلات صحية. يشعر مصطفى بقلق شديد من احتمال انتقال عدوى كوفيد-19 إليه خلال ممارسته لعمله، بالرغم من اتخاذه جميع التدابير الاحترازية، لأن بعض زملائه لا يلتزمون بإجراءات الوقاية الموصى بها. وفي إطار مسؤوليته الاجتماعية، يشارك مصطفى في المناقشات الصحية التي تعقد من وقت لآخر مع المجتمعات المحلية حول مخاطر كوفيد-19، مشجعاً زملاءه من السائقين وأفراد المجتمع على ارتداء الكمامات مع الالتزام بالتباعد الاجتماعي كتدبير وقائي من كوفيد-19.
ولكن، على الرغم من ذلك، يشعر مصطفى بالخوف، ليس على نفسه فحسب، ولكن على والديه والمجتمع على نطاق أوسع، لأن الناس، حسب قوله، مترددون لأنهم يعتقدون أن لهذا المرض دوافع سياسية وأنه مجرد خدعة. يقول مصطفى أن هذا الاعتقاد يعرض للخطر حياة من يعملون بجد لحماية أنفسهم من المرض، مرحباً بالجهود التي تبذلها منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة وشريكهما المنفذ في المجتمعات المحلية، مطالباً إياهم بتعزيز نشر الرسائل الوقائية كي يظل مجتمعه آمناً.
محافظة ميسان
تسعى منظمة الصحة العالمية جاهدة لضمان بقاء جميع السكان في العراق في مأمن من الإصابة بكوفيد-19 من خلال تزويدهم بالمعلومات حول كيفية البقاء سالمين. أحمد علي، البالغ من العمر عشر سنوات، هو أحد الأطفال الذين تعمل منظمة الصحة العالمية على حمايتهم خلال جائحة كوفيد-19. رغم صغر سنه، فإن أحمد هو المعيل الوحيد لأسرته. والده معاق وغير قادر على إعالة الأسرة، لذلك يعمل أحمد في مخبز لكسب بعض المال الذي يجلبه إلى المنزل لدعم احتياجات الأسرة الأساسية. توفر الأسرة جزءاً من هذا الدخل لتغطية احتياجات أخته التعليمية. وعلى الرغم من عمله الشاق، فإن أحمد خائف من هذا الفيروس القاتل. إنه قلق من التقاط العدوى أثناء اختلاطه من الناس في المخبز ونقل المرض إلى والديه. قامت الجمعية الطبية العراقية الموحدة، الشريك المنفذ لمنظمة الصحة العالمية، بتزويد أحمد وأسرته بكمامات ومعقمات اليدين لمساعدتهم على الوقاية من كوفيد-19، بالإضافة إلى تزويدهم بالمعلومات حول كيفية البقاء في أمان.
الزعفرانية
احنان أمينة أرملة تبلغ من العمر 32 عاماً، تعمل بائعة للألبان والأجبان. يقع عملها أمام مخبز مواجه لشارع مزدحم في بغداد. في مجال عملها، تتعامل حنان يومياً مع العديد من الأشخاص. ومع ذلك تقر بإن معلوماتها حول مرض كوفيد-19 محدودة "لأن هذه المعلومات لم تصلنا بعد". وعلى الرغم من أن المرض ينتشر في البلاد منذ عدة أشهر، تقول حنان: "لقد سمعت أن الناس يموتون بسبب مرض ما، لكن هذا كل ما أعرفه". وعندما زارتها فرق التوعية، لم تكن حنان ترتدي كمامة، ولم يكن لديها معقم لليدين أو أي شيء آخر لحماية نفسها من كوفيد-19. استمع المتطوعون إلى حنان وهي تشرح الأسباب التي تمنعها من اتخاذ إجراءات الوقاية الكافية، وأدركوا أن معرفتها بالجائحة محدودة، وبأنها كانت أكثر قلقاً بشأن كيفية إعالة أسرتها، حيث لم يكن لديها ما يكفي من المال لشراء الكمامات للأسرة بأكملها. ولكن، بفضل جهود منظمة الصحة العالمية وشريكها، حصلت حنان ليس فقط على المعلومات حول كيفية الحفاظ على سلامتها أثناء الجائحة، بل أيضاً على كمامات وقفازات ومعقمات لليدين لمساعدتها على البقاء بأمان.
مدينة واسط
فقد صباح توما، البالغ من العمر 38 عاماً، ثلاثة من جيرانه بسبب مرض كوفيد-19. وأثبتت الفحوصات أن 15 شخصاً آخر في الحي الذي يقطن فيه مصابون بالمرض، ومع ذلك فإن هذا لم يعق جهوده في تقديم قسائم الطعام للسكان في مجتمعه. تسلّم صباح، الذي كان يعمل سابقاً في متجر لبيع المواد المستعملة، أعمال والدته في قسائم الطعام لأنه أراد إبقاءها في المنزل بعيداً عن الجائحة. ومع ذلك، تمثل قلقه اليومي في الأشخاص الذين كانوا يزورون مقر عمله دون ارتداء الكمامات أو استخدام معقمات اليدين. ودفعه الخوف إلى وضع لافتات تحث الناس على ارتداء الكمامات والقفازات والتعقيم والحفاظ على التباعد الاجتماعي عند القدوم لأخذ القسائم. قال توما: "نظراً لالتزام السكان في الحي الذي أقطن فيه بالمعلومات التي شاركناهم إياها، بدأ عدد الحالات في الانخفاض في المنطقة. إنني ممتن لأن المتطوعين المدعومين من وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية والجمعية الطبية العراقية الموحدة ينتقلون من مجتمع إلى آخر لتوعيتنا بمخاطر هذا المرض وكيفية حماية أنفسنا لتجنب التقاط العدوى بالفيروس". وأضاف: "سنواصل الالتزام بجميع التدابير التي شرحوها لنا، بالإضافة إلى تعقيم مقابض الأبواب والمناطق التي نعمل فيها". إن مثل هذا الالتزام من جانب المجتمعات المحلية يعطي أملاً بمواجهة كوفيد-19 في حال اتبع الجميع الإرشادات المقدمة من السلطات الصحية.
مدينة الدورة
يتمثل التهديد الأكبر بالتقاط عدوى كوفيد-19 في الاختلاط بأشخاص لا تعلم على وجه اليقين إصابتهم بالمرض أو خلوهم منه. ويزداد الوضع سوءاً عندما لا يرتدي السكان وسائل وقائية مثل الكمامات والقفازات أو لا يقومون بتعقيم أيديهم أو غسلها بالماء وبالصابون. أبو عمار بائع للغاز يعاني من هذه المشكلة. كل يوم، ينتقل أبو عمار من منزل إلى آخر مع جرات الغاز. أما التحدي الأكبر الذي يواجهه، فهو القدرة على تحمل تكلفة الكمامات من وقت لآخر. ومع ذلك، ووسط كل هذه التحديات، وافق أبو عمار على إذاعة رسائل توعوية حول كوفيد-19 عبر مكبرات الصوت في سيارته، والتي يشغلها لجذب انتباه الزبائن إلى الغاز الذي يحمله. أبو عمار وأمثاله من المواطنين نماذج يحتذى بها لأنهم على استعداد لمشاركة مواردهم ووقتهم للتأكد من توعية المجتمعات بكيفية منع انتشار المرض.
محافظة البصرة
على الرغم من إحجام المجتمعات في بعض المناطق عن الالتزام بالإرشادات المتبعة للوقاية من كوفيد-19، إلا أن البعض الآخر جاد في اتباعها. انخفضت مبيعات خضير البالغ من العمر 55 عاماً بشكل كبير بعد أن بدأ الناس بتجنبه لعدم ارتداءه الكمامة عند بيع الألعاب، مصدر دخله. وبرر خضير ذلك بأنه كان يجهل إجراءات الوقاية من كوفيد-19. قال خضير محمد: "أنا حريص على معرفة المزيد حول كيفية إبقاء وأسرتي في مأمن من كوفيد-19 عند عملي لكسب قوت أسرتي". وأضاف: "لقد كلفني عدم ارتدائي للكمامة وافتقاري للمعقمات الكثير من الزبائن. ولكن، بعد حصولنا على المعلومات الوافية بشأن المرض من الفرق التي تنتقل في مجتمعاتنا، وبفضل الدعم الذي قدمته لنا من خلال توزيع الكمامات، أنوي حماية عملي. سأرتدي الكمامة للحفاظ على سلامتي، وسأعقم يدي والألعاب التي أبيعها. وأناشد أصحاب الأعمال الآخرين ارتداء الكمامات وتعقيم أيديهم على الدوام لأنها الطريقة الآمنة لتجنب الإصابة بعدوى كوفيد-19".
تواصل منظمة الصحة العالمية التواصل مع المجتمعات المحلية في المناطق الأكثر تضررًا من البلاد لضمان نشر المعلومات حول كوفيد-19 على نطاق واسع بالقدر الممكن باستخدام جميع وسائل الاتصال والأدوات الإعلامية المتاحة. وتشكر المنظمة المانحين، وهم حكومة دولة الكويت والاتحاد الأوروبي وحكومة المملكة المتحدة وحكومة فرنسا، لتمكينها من الوصول إلى المتضررين في المجتمعات المحلية النائية.